للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

القول؛ لأن الحاصلَ بعدَ الطلب أعزُّ من المنساقِ بلا تعب، ولا يخفى أن ما ذكره القوم متحقق في هذا الحديث، بل هو أحسنُ من المثال الذي أورده بكثير، وهو قول الشاعر:

ثَلاثةٌ (١) تُشْرِقُ الدُّنْيَا بِبَهْجَتِهَا ... شَمْسُ الضُّحَى وَأَبُو إِسْحَاقَ وَالقَمَرُ

وفيه السجعُ، والمطابقة.

ولقد أحسنَ البخاريُّ - رحمه الله - حيثُ افتتحَ كتابَه بحديث: "إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ"؛ إشعاراً لنفِسه بالإخلاص في جمعِ هذا الكتاب، وخَتَمَه بما يقتضي أن أعمالَ العبدِ وأقوالَه توزَنُ؛ رجاءَ أن يكون تأليفُه هذا من الحسنات التي توضَعُ في ميزانه، حَقَّقَ اللهُ رجاءَهُ، ونفعَنا بما فيه، ورزقَنا عِلْمَه والعملَ به على أحسنِ الوجوه وأكملِها، والحمدُ لله وحدَه، وسبحانَ اللهِ وبحمدِه، سبحانَ اللهِ العظيم، وليكنْ هذا آخرَ تعليقِ المصابيح، ومنتهى ما رَوَّحْنا به القلوبَ من فوائدِ هذا الكتاب، فحَبَّذَا هو من جامع، وحَبَّذا هي من تراويح على أَنَّا انتهينا إلى هذا الموضع، وفؤادُ المصابيح بالتلهُّب على بَسْطِ العبارة محدود، ولسانُها يتلو في جوابه هذا الجامع سورة النور، ويدُ الإسراع تدفع في صدر التأني، وتمنعُ أقدامَ الآمالِ أن تسلكَ ما تشاء من خلق التمني، والآلام قد ألمَّت بالجسد من كل مكان، وأَجْلَبَتْ فيه بَخْيلِها ورَجِلِها بحسب الإمكان، والله المسؤول أن يطوي شُقَّةَ البَيْن، ويُرينا بعدَ أهوال البحر ما تَقَرُّ به العينُ، بمنِّه وكرمِه.


(١) في "م" و"ج": "ثلاثٌ"، والصواب ما أثبت.

<<  <  ج: ص:  >  >>