للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لكن بإهماله في الجواب عن إبداء الباعث على التخصيص يصير الجواب طائحًا بلا شك.

وقد ذكرت في تعليقي المشار إليه: أن المرجِّحَ هو كونُ التخفيف في الخطبة مطلوبًا، والبخاري لم يورده على أنه كما ترجم الباب له، وإنما أورده مورد الخطبة -على ما قاله ابن بطال-، فاقتضت المناسبة ذكره بالطريق التي وقع فيها مختصرًا، ومن هذا أخذ المعترض كلامه، وأورده، لكنه لا يصح اعتراضًا على ما قلناه، والله الموفق.

* * *

* المكان الثاني: قول عائشة - رضي الله عنها -: "ولقد رأيتُه ينزلُ عليه الوحيُ في اليوم الشديدِ البردِ، فيفصِمُ عنهُ وإنَّ جبينَه لَيَتَفَصَّدُ عَرَقًا".

وقع في تعليقي: أن الواو حالية، والجملة المُنتَظِمة من هذا مع ما بعده حال، إمَّا من ضمير الرفع أو الجر في قولها: "فيفصم عنه" (١).

قال مقلد خطباء الهند: هذا بعيد؛ إذ يصير المعنى على الأول: فيفصم الوحي حالَ كونِ جبينِ الوحيِ متفصِّدًا، وهو -كما يرى- قليلُ الجدوى.

وأقول: ليس في جعل الحال من الضمير العائد إلى الوحي ما يقتضي أن يكون الضمير المضاف إليه الجبين عائدًا إلى الوحي حتى يعترض بهذا الكلام، وإنما يلزم ذلك أن لو كان كل جملة حالية لا بدَّ من اشتمالها على ضمير ذي الحال، وليس كذلك؛ بدليل الجملة المقترنة بالواو، اسمية كانت؛ نحو: جاء زيد والشمسُ طالعة، أو فعلية؛ نحو: خرج بكر وقد ركب الأمير، والحال هنا جملة اسمية مقرونة بالواو، فلا يحتاج أن يكون فيها ضمير


(١) انظر: "مصابيح الجامع" (١/ ٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>