للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْحَيِّ الْفَقِيرِ فَيَجُوزُ لَوْ بِأَمْرِهِ، وَلَوْ أَذِنَ فَمَاتَ فَإِطْلَاقُ الْكِتَابِ يُفِيدُ عَدَمَ الْجَوَازِ وَهُوَ الْوَجْهُ نَهْرٌ (وَ) لَا إلَى (ثَمَنِ مَا) أَيْ قِنٍّ (يُعْتَقُ) لِعَدَمِ التَّمْلِيكِ وَهُوَ الرُّكْنُ.

وَقَدَّمْنَا لِأَنَّ الْحِيلَةَ أَنْ يَتَصَدَّقَ عَلَى الْفَقِيرِ ثُمَّ يَأْمُرَهُ بِفِعْلِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ وَهَلْ لَهُ أَنْ يُخَالِفَ أَمْرَهُ؟ لَمْ أَرَهُ وَالظَّاهِرُ نَعَمْ

ــ

[رد المحتار]

دَيْنِ الْحَيِّ لَا يَقْتَضِي التَّمْلِيكَ مِنْ الدُّيُونِ، بِدَلِيلِ أَنَّهُمَا لَوْ تَصَادَقَا أَيْ الدَّائِنُ وَالْمَدْيُونُ عَلَى أَنْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ يَسْتَرِدُّهُ الدَّافِعُ، وَلَيْسَ لِلْمَدْيُونِ أَنْ يَأْخُذَهُ زَيْلَعِيٌّ أَيْ وَقَضَاءُ دَيْنِ الْمَيِّتِ بِالْأَوْلَى، وَإِنَّمَا يَسْتَرِدُّ الدَّافِعُ مَا دَفَعَهُ فِي مَسْأَلَةِ التَّصَادُقِ؛ لِأَنَّهُ ظَهَرَ بِهِ أَنْ لَا دَيْنَ لِلدَّائِنِ فَقَدْ قَبَضَ مَا لَا حَقَّ لَهُ؛ لِأَنَّهُ قَبَضَهُ عَنْ ذِمَّةِ مَدْيُونِهِ، وَقَوْلُهُ وَلَيْسَ لِلْمَدْيُونِ أَنْ يَأْخُذَهُ أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْهُ أَيْضًا، وَقَيَّدَهُ فِي الْبَحْرِ بِمَا إذَا كَانَ الدَّفْعُ بِغَيْرِ أَمْرِ الْمَدْيُونِ فَلَوْ يَأْمُرُهُ فَهُوَ تَمْلِيكٌ مِنْ الْمَدْيُونِ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ لَا عَلَى الدَّائِنِ اهـ أَيْ؛ لِأَنَّ مَنْ قَضَى دَيْنَ غَيْرِهِ بِأَمْرِهِ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ بِلَا شَرْطِ الرُّجُوعِ فِي الصَّحِيحِ فَيَكُونُ تَمْلِيكًا مِنْ الْمَدْيُونِ عَلَى سَبِيلِ الْقَرْضِ، ثُمَّ هَذَا إذَا لَمْ يَنْوِ بِالدَّفْعِ الزَّكَاةَ عَلَى الْمَدْيُونِ وَإِلَّا فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى أَحَدٍ كَمَا نَذْكُرُ قَرِيبًا فَافْهَمْ.

(قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ لَوْ بِأَمْرِهِ) أَيْ يَجُوزُ عَنْ الزَّكَاةِ عَلَى أَنَّهُ تَمْلِيكٌ مِنْهُ وَالدَّائِنُ يَقْبِضُهُ بِحُكْمِ النِّيَابَةِ عَنْهُ ثُمَّ يَصِيرُ قَابِضًا لِنَفْسِهِ فَتْحٌ (قَوْلُهُ: فَإِطْلَاقُ الْكِتَابِ) يَعْنِي الْهِدَايَةَ أَوْ الْقُدُورِيَّ حَيْثُ أَطْلَقَا دَيْنَ الْمَيِّتِ عَنْ التَّقْيِيدِ بِالْأَمْرِ وَأَصْلُ الْبَحْثِ لِابْنِ الْهُمَامِ فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ حَيْثُ قَالَ وَفِي الْغَايَةِ عَنْ الْمُحِيطِ وَالْمُفِيدِ لَوْ قُضِيَ بِهَا دَيْنُ حَيٍّ أَوْ مَيِّتٍ بِأَمْرِهِ جَازَ وَظَاهِرُ الْخَانِيَّةِ يُوَافِقُهُ، لَكِنَّ ظَاهِرَ إطْلَاقِ الْكِتَابِ يُفِيدُ عَدَمَ الْجَوَازِ فِي الْمَيِّتِ مُطْلَقًا، وَهُوَ ظَاهِرُ الْخُلَاصَةِ أَيْضًا حَيْثُ قَالَ لَوْ قُضِيَ دَيْنُ حَيٍّ أَوْ مَيِّتٍ بِغَيْرِ إذْنِ الْحَيِّ لَا يَجُوزُ فَقَيَّدَ الْحَيَّ وَأَطْلَقَ الْمَيِّتَ. اهـ.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ الْوَجْهُ) ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِ تَمْلِيكًا وَهُوَ لَا يَقَعُ عِنْدَ أَمْرِهِ بَلْ عِنْدَ أَدَاءِ الْمَأْمُورِ وَقَبْضِ النَّائِبِ، وَحِينَئِذٍ لَمْ يَكُنْ الْمَدْيُونُ أَهْلًا لِلتَّمْلِيكِ لِمَوْتِهِ وَعَلَى هَذَا فَإِطْلَاقُ مَسْأَلَةِ التَّصَادُقِ السَّابِقَةِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْوَفَاءُ بِغَيْرِ أَمْرِ الْمَدْيُونِ.

أَمَّا لَوْ كَانَ بِأَمْرِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمَدْيُونِ إذْ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ مَلَكَ فَقِيرًا عَلَى ظَنِّ أَنَّهُ مَدْيُونٌ وَظُهُورُ عَدَمِهِ لَا يُؤَثِّرُ عَدَمَ التَّمْلِيكِ بَعْدَ وُقُوعِهِ لِلَّهِ تَعَالَى كَذَا فِي النَّهْرِ وَهُوَ مُلَخَّصٌ مِنْ كَلَامِ الْفَتْحِ، لَكِنَّ قَوْلَهُ: فَيَنْبَغِي أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمَدْيُونِ لَيْسَ فِي عِبَارَةِ الْفَتْحِ وَهُوَ سَبْقُ قَلَمٍ؛ لِأَنَّ هَذَا فِيمَا إذَا لَمْ يَنْوِ بِالدَّفْعِ الزَّكَاةَ كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَالْكَلَامُ الْآنَ فِيمَا إذَا نَوَاهَا بِدَلِيلِ التَّعْلِيلِ وَحِينَئِذٍ لَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى أَحَدٍ لِوُقُوعِهِ زَكَاةً، نَعَمْ يَنْبَغِي أَنْ يَرْجِعَ بِهِ الْمَدْيُونُ عَلَى دَائِنِهِ؛ لِأَنَّ الدَّائِنَ قَبَضَهُ نِيَابَةً عَنْهُ ثُمَّ لِنَفْسِهِ وَقَدْ تَبَيَّنَ بِالتَّصَادُقِ عَدَمُ صِحَّةِ قَبْضِهِ لِنَفْسِهِ فَبَقِيَ عَلَى مِلْكِ الْمَدْيُونِ، ثُمَّ رَأَيْت الْعَلَّامَةَ الْمَقْدِسِيَّ اعْتَرَضَ مَا بَحَثَهُ فِي الْفَتْحِ بِأَنَّ الدَّفْعَ وَقَعَ نِيَابَةً عَنْ الْمَدْيُونِ لِوَفَاءِ دَيْنِهِ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ دَيْنٌ لَمْ يُعْتَبَرْ ذَلِكَ التَّوْكِيلُ الضِّمْنِيُّ فِي الْقَبْضِ؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ ضَرُورَةً لِلدَّيْنِ، وَلَا دَيْنَ فَلَا قَبْضَ فَلَا مِلْكَ لِلْفَقِيرِ. اهـ.

قُلْت: وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ أَمْرَهُ بِالدَّفْعِ إلَى دَائِنِهِ لَمْ يَبْطُلْ بِظُهُورِ عَدَمِ الدَّيْنِ كَمَا لَوْ أَمَرَهُ بِالدَّفْعِ إلَى أَجْنَبِيٍّ فَيَكُونُ وَكِيلًا بِالْقَبْضِ قَصْدًا لَا ضِمْنًا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: يُعْتَقُ) أَيْ يُعْتِقُهُ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِزَكَاةِ مَالِهِ أَوْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ بِأَنْ اشْتَرَى بِهَا أَبَاهُ مَثَلًا (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ التَّمْلِيكِ) عِلَّةٌ لِلْجَمِيعِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الرُّكْنُ) أَيْ رُكْنُ الزَّكَاةِ بِالْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ؛ لِأَنَّهَا كَمَا مَرَّ تَمْلِيكُ الْمَالِ مِنْ فَقِيرٍ مُسْلِمٍ إلَخْ، وَتَسْمِيَتُهُ رُكْنًا تَبَعًا لِلْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا ظَاهِرٌ بِخِلَافِ مَا فِي الدُّرَرِ مِنْ تَسْمِيَتِهِ شَرْطًا (قَوْلُهُ: وَقَدَّمْنَا) أَيْ قُبَيْلَ قَوْلِهِ وَافْتِرَاضُهَا عُمْرِيٌّ (قَوْلُهُ: أَنَّ الْحِيلَةَ) أَيْ فِي الدَّفْعِ إلَى هَذِهِ الْأَشْيَاءِ مَعَ صِحَّةِ الزَّكَاةِ.

(قَوْلُهُ ثُمَّ يَأْمُرُهُ إلَخْ) وَيَكُونُ لَهُ ثَوَابُ الزَّكَاةِ وَلِلْفَقِيرِ ثَوَابُ هَذِهِ الْقُرَبِ بَحْرٌ وَفِي التَّعْبِيرِ بِثُمَّ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَوْ أَمَرَهُ أَوَّلًا لَا يُجْزِئُ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ وَكِيلًا عَنْهُ فِي ذَلِكَ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ نِيَّةُ الدَّافِعِ وَلِذَا جَازَتْ وَإِنْ سَمَّاهَا قَرْضًا أَوْ هِبَةً فِي الْأَصَحِّ كَمَا قَدَّمْنَاهُ فَافْهَمْ.

(قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ نَعَمْ) الْبَحْثُ لِصَاحِبِ النَّهْرِ وَقَالَ؛ لِأَنَّهُ مُقْتَضَى صِحَّةِ التَّمْلِيكِ قَالَ الرَّحْمَتِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا شُبْهَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>