للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمِنْهُ مَا لَوْ كَانَ مَالُهُ مُؤَجَّلًا أَوْ عَلَى غَائِبٍ أَوْ مُعْسِرٍ أَوْ جَاحِدٍ وَلَوْ لَهُ بَيِّنَةٌ فِي الْأَصَحِّ.

(يُصْرَفُ) الْمُزَكَّى (إلَى كُلِّهِمْ أَوْ إلَى بَعْضِهِمْ) وَلَوْ وَاحِدٌ مِنْ أَيِّ صِنْفٍ كَانَ؛ لِأَنَّ أَلْ الْجِنْسِيَّةَ تُبْطِلُ الْجَمْعِيَّةَ، وَشَرَطَ الشَّافِعِيُّ ثَلَاثَةً مِنْ كُلِّ صِنْفٍ.

وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الصَّرْفُ (تَمْلِيكًا) لَا إبَاحَةً كَمَا مَرَّ (لَا) يُصْرَفُ (إلَى بِنَاءِ) نَحْوِ (مَسْجِدٍ وَ) لَا إلَى (كَفَنِ مَيِّتٍ وَقَضَاءِ دَيْنِهِ) أَمَّا دَيْنُ

ــ

[رد المحتار]

بِمَا فَضَلَ فِي يَدِهِ عِنْدَ قُدْرَتِهِ عَلَى مَالِهِ كَالْفَقِيرِ إذَا اسْتَغْنَى وَالْمُكَاتَبِ إذَا عَجَزَ. وَعِنْدَهُمَا مِنْ مَالِ الزَّكَاةِ لَا يَلْزَمُهَا التَّصَدُّقُ اهـ.

قُلْت: وَهَذَا بِخِلَافِ الْفَقِيرِ فَإِنَّهُ يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ أَكْثَرَ مِنْ حَاجَتِهِ وَبِهَذَا فَارَقَ ابْنَ السَّبِيلِ كَمَا أَفَادَهُ فِي الذَّخِيرَةِ (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ مَا لَوْ كَانَ مَالُهُ مُؤَجَّلًا) أَيْ إذَا احْتَاجَ إلَى النَّفَقَةِ لَهُ أَخْذُ الزَّكَاةِ قَدْرَ كِفَايَتِهِ إلَى حُلُولِ الْأَجَلِ نَهْرٌ عَنْ الْخَانِيَّةِ (قَوْلُهُ أَوْ عَلَى غَائِبٍ) أَيْ وَلَوْ كَانَ حَالًّا لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِ مِنْ أَخْذِهِ ط (قَوْلُهُ: أَوْ مُعْسِرًا) فَيَجُوزُ لَهُ الْأَخْذُ فِي أَصَحِّ الْأَقَاوِيلِ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ ابْنِ السَّبِيلِ، وَلَوْ مُوسِرًا مُعْتَرِفًا لَا يَجُوزُ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَفِي الْفَتْحِ دَفَعَ إلَى فَقِيرَةٍ لَهَا مَهْرٌ دَيْنٌ عَلَى زَوْجِهَا يَبْلُغُ نِصَابًا وَهُوَ مُوسِرٌ بِحَيْثُ لَوْ طَلَبَتْ أَعْطَاهَا لَا يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ لَا يُعْطِي لَوْ طَلَبَتْ جَازَ.

قَالَ فِي الْبَحْرِ: الْمُرَادُ مِنْ الْمَهْرِ مَا تُعُورِفَ تَعْجِيلُهُ وَإِلَّا فَهُوَ دَيْنٌ مُؤَجَّلٌ لَا يَمْنَعُ وَهَذَا مُقَيِّدٌ لِعُمُومِ مَا فِي الْخَانِيَّةِ وَيَكُونُ عَدَمُ إعْطَائِهِ بِمَنْزِلَةِ إعْسَارِهِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَائِرِ الدُّيُونِ بِأَنْ رَفَعَ الزَّوْجُ لِلْقَاضِي مِمَّا لَا يَنْبَغِي لِلْمَرْأَةِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ، لَكِنْ فِي الْبَزَّازِيَّةِ إنْ مُوسِرًا وَالْمُعَجَّلُ قَدْرُ النِّصَابِ لَا يَجُوزُ عِنْدَهُمَا وَبِهِ يُفْتَى احْتِيَاطًا وَعِنْدَ الْإِمَامِ يَجُوزُ مُطْلَقًا. اهـ.

قَالَ فِي السِّرَاجِ: وَالْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمَهْرَ فِي الذِّمَّةِ لَيْسَ بِنِصَابٍ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا نِصَابٌ. اهـ. نَهْرٌ.

قُلْت: وَلَعَلَّ وَجْهَ الْأَوَّلِ كَوْنُ دَيْنِ الْمَهْرِ دَيْنًا ضَعِيفًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بَدَلَ مَالٍ وَلِهَذَا لَا تَجِبُ زَكَاتُهُ حَتَّى يَقْبِضَ وَيَحُولَ عَلَيْهِ حَوْلٌ جَدِيدٌ فَهُوَ قَبْلَ الْقَبْضِ لَمْ يَنْعَقِدْ نِصَابًا فِي حَقِّ الْوُجُوبِ فَكَذَا فِي حَقِّ جَوَازِ الْأَخْذِ لَكِنْ يَلْزَمُهُ مِنْ هَذَا عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ مُعَجَّلِهِ وَمُؤَجَّلِهِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لَهُ بَيِّنَةٌ فِي الْأَصَحِّ) نُقِلَ فِي النَّهْرِ عَنْ الْخَانِيَّةِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ جَاحِدًا وَلِلدَّائِنِ بَيِّنَةٌ عَادِلَةٌ لَا يَحِلُّ لَهُ أَخْذُ الزَّكَاةِ، وَكَذَا إنْ لَمْ تَكُنْ الْبَيِّنَةُ عَادِلَةً مَا لَمْ يُحَلِّفْهُ الْقَاضِي، ثُمَّ قَالَ وَلَمْ يَجْعَلْ فِي الْأَصْلِ الدَّيْنَ الْمَجْحُودَ نِصَابًا، وَلَمْ يَفْصِلْ بَيْنَ مَا إذَا كَانَ لَهُ بَيِّنَةٌ عَادِلَةٌ أَوْ لَا. قَالَ السَّرَخْسِيُّ: وَالصَّحِيحُ جَوَابُ الْكِتَابِ أَيْ الْأَصْلُ إذْ لَيْسَ كُلُّ قَاضٍ يَعْدِلُ، وَلَا كُلُّ بَيِّنَةٍ تُقْبَلُ، وَالْجُثُوُّ بَيْنَ يَدَيْ الْقَاضِي ذُلٌّ وَكُلُّ أَحَدٍ لَا يَخْتَارُ ذَلِكَ وَيَنْبَغِي أَنْ يُعَوَّلَ عَلَى هَذَا كَمَا فِي عَقْدِ الْفَرَائِدِ. اهـ.

قُلْت: وَقَدَّمْنَا أَوَّلَ الزَّكَاةِ اخْتِلَافَ التَّصْحِيحِ فِيهِ، وَمَالَ الرَّحْمَتِيُّ إلَى هَذَا وَقَالَ بَلْ فِي زَمَانِنَا يُقِرُّ الْمَدْيُونُ بِالدَّيْنِ وَبِمَلَاءَتِهِ وَلَا يَقْدِرُ الدَّائِنُ عَلَى تَخْلِيصِهِ مِنْهُ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْعَدَمِ.

(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ أَلْ الْجِنْسِيَّةَ) أَيْ الدَّالَّةَ عَلَى الْجِنْسِ أَيْ الْحَقِيقَةَ قَالَ ح: وَهَذَا تَعْلِيلٌ لِجَوَازِ الِاقْتِصَارِ عَلَى فَرْدٍ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ مِنْ الْأَصْنَافِ السَّبْعَةِ، وَأَمَّا جَوَازُ الِاقْتِصَارِ عَلَى بَعْضِ الْأَصْنَافِ فَعِلَّتُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْآيَةِ بَيَانُ الْأَصْنَافِ الَّتِي يَجُوزُ الدَّفْعُ إلَيْهِمْ لَا تَعْيِينُ الدَّفْعِ لَهُمْ بَحْرٌ. اهـ.

ط، وَبَيَانُ الِاسْتِدْلَالِ عَلَى ذَلِكَ مَبْسُوطٌ فِي الْفَتْحِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: تَمْلِيكًا) فَلَا يَكْفِي فِيهَا الْإِطْعَامُ إلَّا بِطَرِيقِ التَّمْلِيكِ وَلَوْ أَطْعَمَهُ عِنْدَهُ نَاوِيًا الزَّكَاةَ لَا تَكْفِي ط وَفِي التَّمْلِيكِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا يُصْرَفُ إلَى مَجْنُونٍ وَصَبِيٍّ غَيْرِ مُرَاهِقٍ إلَّا إذَا قَبَضَ لَهُمَا مَنْ يَجُوزُ لَهُ قَبْضُهُ كَالْأَبِ وَالْوَصِيِّ وَغَيْرِهِمَا وَيُصْرَفُ إلَى مُرَاهِقٍ يَعْقِلُ الْأَخْذَ كَمَا فِي الْمُحِيطِ قُهُسْتَانِيٌّ وَتَقَدَّمَ تَمَامُ الْكَلَامِ عَلَى ذَلِكَ أَوَّلَ الزَّكَاةِ.

(قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الزَّكَاةِ ط (قَوْلُهُ: نَحْوُ مَسْجِدٍ) كَبِنَاءِ الْقَنَاطِرِ وَالسِّقَايَاتِ وَإِصْلَاحِ الطُّرُقَاتِ وَكَرْيِ الْأَنْهَارِ وَالْحَجِّ وَالْجِهَادِ وَكُلِّ مَا لَا تَمْلِيكَ فِيهِ زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ: وَلَا إلَى كَفَنِ مَيِّتٍ) لِعَدَمِ صِحَّةِ التَّمْلِيكِ مِنْهُ؛ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ افْتَرَسَهُ سَبُعٌ كَانَ الْكَفَنُ لِلْمُتَبَرِّعِ لَا لِلْوَرَثَةِ نَهْرٌ (قَوْلُهُ: وَقَضَاءِ دَيْنِهِ) ؛ لِأَنَّ قَضَاءَ

<<  <  ج: ص:  >  >>