للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَمَدْيُونٌ لَا يَمْلِكُ نِصَابًا فَاضِلًا عَنْ دَيْنِهِ) وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ: الدَّفْعُ لِلْمَدْيُونِ أَوْلَى مِنْهُ لِلْفَقِيرِ.

(وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَهُوَ مُنْقَطِعُ الْغُزَاةِ) وَقِيلَ الْحَاجُّ وَقِيلَ طَلَبَةُ الْعِلْمِ، وَفَسَّرَهُ فِي الْبَدَائِعِ بِجَمِيعِ الْقُرَبِ وَثَمَرَةُ الِاخْتِلَافِ فِي نَحْوِ الْأَوْقَافِ

(وَابْنُ السَّبِيلِ وَهُوَ) كُلُّ (مَنْ لَهُ مَالُهُ لَا مَعَهُ)

ــ

[رد المحتار]

الْجِهَةِ تَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ وَمَدْيُونٌ) هُوَ الْمُرَادُ بِالْغَارِمِ فِي الْآيَةِ وَذَكَرَ فِي الْفَتْحِ مَا يَقْتَضِي أَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى رَبِّ الدَّيْنِ أَيْضًا فَإِنَّهُ قَالَ وَالْغَارِمُ مَنْ لَزِمَهُ دَيْنٌ أَوْ لَهُ دَيْنٌ عَلَى النَّاسِ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهِ وَلَيْسَ عِنْدَهُ نِصَابٌ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِمَا قَالَ الْقُتَبِيُّ الْغَارِمُ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ وَلَا يَجِدُ وَفَاءً، وَأَمَّا فِي الصِّحَاحِ مِنْ أَنَّ الْغَرِيمَ قَدْ يُطْلَقُ عَلَى رَبِّ الدَّيْنِ فَلَيْسَ مِمَّا الْكَلَامُ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْغَارِمِ الْأَخَصِّ لَا فِي الْغَرِيمِ.

وَأَمَّا مَا زَادَهُ فِي الْفَتْحِ فَإِنَّمَا جَازَ الدَّفْعُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ فَقِيرٌ يَدًا كَابْنِ السَّبِيلِ كَمَا عَلَّلَ بِهِ فِي الْمُحِيطِ لَا؛ لِأَنَّهُ غَارِمٌ.

وَأَمَّا قَوْلُ الزَّيْلَعِيِّ: وَالْغَارِمُ مَنْ لَزِمَهُ دَيْنٌ، وَلَا يَمْلِكُ نِصَابًا فَاضِلًا عَنْ دَيْنِهِ أَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ عَلَى النَّاسِ وَلَا يُمْكِنُهُ أَخْذُهُ اهـ فَلَيْسَ فِيهِ إطْلَاقُ الْغَارِمِ عَلَى رَبِّ الدَّيْنِ كَمَا لَا يَخْفَى؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ أَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَلَا يَمْلِكُ نِصَابًا فَافْهَمْ وَكَلَامُ النَّهْرِ هُنَا غَيْرُ مُحَرَّرٍ فَتَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ: لَا يَمْلِكُ نِصَابًا) قُيِّدَ بِهِ؛ لِأَنَّ الْفَقْرَ شَرْطٌ فِي الْأَصْنَافِ كُلِّهَا إلَّا الْعَامِلُ وَابْنُ السَّبِيلِ إذَا كَانَ لَهُ فِي وَطَنِهِ مَالٌ بِمَنْزِلَةِ الْفَقِيرِ بَحْرٌ، وَنَقَلَ ط عَنْ الْحَمَوِيِّ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ هَاشِمِيًّا (قَوْلُهُ: أَوْلَى مِنْهُ لِلْفَقِيرِ) أَيْ أَوْلَى مِنْ الدَّفْعِ لِلْفَقِيرِ الْغَيْرِ الْمَدْيُونِ لِزِيَادَةِ احْتِيَاجِهِ.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ مُنْقَطِعُ الْغُزَاةِ) أَيْ الَّذِينَ عَجَزُوا عَنْ اللُّحُوقِ بِجَيْشِ الْإِسْلَامِ لِفَقْرِهِمْ بِهَلَاكِ النَّفَقَةِ أَوْ الدَّابَّةِ أَوْ غَيْرِهِمَا فَتَحِلُّ لَهُمْ الصَّدَقَةُ وَإِنْ كَانُوا كَاسِبِينَ إذًا الْكَسْبُ يُقْعِدُهُمْ عَنْ الْجِهَادِ قُهُسْتَانِيٌّ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ الْحَاجُّ) أَيْ مُنْقَطِعُ الْحَاجِّ. قَالَ فِي الْمُغْرِبِ: الْحَاجُّ بِمَعْنَى الْحُجَّاجِ كَالسَّامِرِ بِمَعْنَى السُّمَّارِ فِي قَوْله تَعَالَى {سَامِرًا تَهْجُرُونَ} [المؤمنون: ٦٧] وَهَذَا قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَالْأَوَّلُ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِلْكَنْزِ. قَالَ فِي النَّهْرِ: وَفِي غَايَةِ الْبَيَانِ أَنَّهُ الْأَظْهَرُ وَفِي الْإِسْبِيجَابِيِّ أَنَّهُ الصَّحِيحُ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ طَلَبَةُ الْعِلْمِ) كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ والمرغيناني وَاسْتَبْعَدَهُ السُّرُوجِيُّ بِأَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ وَلَيْسَ هُنَاكَ قَوْمٌ يُقَالُ لَهُمْ طَلَبَةُ عِلْمٍ قَالَ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ: وَاسْتِبْعَادُهُ بَعِيدٌ؛ لِأَنَّ طَلَبَ الْعِلْمِ لَيْسَ إلَّا اسْتِفَادَةَ الْأَحْكَامِ وَهَلْ يَبْلُغُ طَالِبٌ رُتْبَةَ مَنْ لَازَمَ صُحْبَةَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِتَلَقِّي الْأَحْكَامِ عَنْهُ كَأَصْحَابِ الصُّفَّةِ، فَالتَّفْسِيرُ بِطَالِبِ الْعِلْمِ وَجِيهٌ خُصُوصًا وَقَدْ قَالَ فِي الْبَدَائِعِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ جَمِيعُ الْقُرَبِ فَيَدْخُلُ فِيهِ كُلُّ مَنْ سَعَى فِي طَاعَةِ اللَّهِ وَسَبِيلِ الْخَيْرَاتِ إذَا كَانَ مُحْتَاجًا. اهـ. (قَوْلُهُ: وَثَمَرَةُ الِاخْتِلَافِ إلَخْ) يُشِيرُ إلَى أَنَّ هَذَا الِاخْتِلَافَ إنَّمَا هُوَ تَفْسِيرُ الْمُرَادِ بِالْآيَةِ فِي الْحُكْمِ، وَلِذَا قَالَ فِي النَّهْرِ وَالْخِلَافُ لَفْظِيٌّ لِلِاتِّفَاقِ، عَلَى أَنَّ الْأَصْنَافَ كُلَّهُمْ سِوَى الْعَامِلِ يُعْطَوْنَ بِشَرْطِ الْفَقْرِ فَمُنْقَطِعُ الْحَاجِّ أَيْ وَكَذَا مَنْ ذُكِرَ بَعْدَهُ يُعْطَى اتِّفَاقًا وَعَنْ هَذَا قَالَ فِي السِّرَاجِ وَغَيْرِهِ: فَائِدَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِي الْوَصِيَّةِ يَعْنِي وَنَحْوِهَا كَالْأَوْقَافِ وَالنُّذُورِ عَلَى مَا مَرَّ اهـ أَيْ تَظْهَرُ فِيمَا لَوْ قَالَ الْمُوصِي وَنَحْوُهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَفِي الْبَحْرِ عَنْ النِّهَايَةِ، فَإِنْ قُلْت: مُنْقَطِعُ الْغُزَاةِ أَوْ الْحَجِّ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي وَطَنِهِ مَالٌ فَهُوَ فَقِيرٌ وَإِلَّا فَهُوَ ابْنُ السَّبِيلِ فَكَيْفَ تَكُونُ الْأَقْسَامُ سَبْعَةً قُلْت: هُوَ فَقِيرٌ إلَّا أَنَّهُ زَادَ عَلَيْهِ بِالِانْقِطَاعِ فِي عِبَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى فَكَانَ مُغَايِرًا لِلْفَقِيرِ الْمُطْلَقِ الْخَالِي عَنْ هَذَا الْقَيْدِ.

(قَوْلُهُ: وَابْنُ السَّبِيلِ) هُوَ الْمُسَافِرُ سُمِّيَ بِهِ لِلُزُومِهِ الطَّرِيقَ زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ: مَنْ لَهُ مَالٌ لَا مَعَهُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ هُوَ فِي غَيْرِ وَطَنِهِ أَوْ فِي وَطَنِهِ وَلَهُ دُيُونٌ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهَا كَمَا فِي النَّهْرِ عَنْ النُّقَايَةِ لَكِنَّ الزَّيْلَعِيَّ جَعَلَ الثَّانِيَ مُلْحَقًا بِهِ حَيْثُ قَالَ: وَأُلْحِقَ بِهِ كُلُّ مَنْ هُوَ غَائِبٌ عَنْ مَالِهِ وَإِنْ كَانَ فِي بَلَدِهِ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ هِيَ الْمُعْتَبَرَةُ وَقَدْ وُجِدَتْ؛ لِأَنَّهُ فَقِيرٌ يَدًا وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا ظَاهِرًا. اهـ.

وَتَبِعَهُ فِي الدُّرَرِ وَالْفَتْحِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ وَقَالَ فِي الْفَتْحِ أَيْضًا: وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَيْ لِابْنِ السَّبِيلِ أَنْ يَأْخُذَ أَكْثَرَ مِنْ حَاجَتِهِ وَالْأَوْلَى لَهُ أَنْ يَسْتَقْرِضَ إنْ قَدَرَ وَلَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ لِجَوَازِ عَجْزِهِ عَنْ الْأَدَاءِ وَلَا يَلْزَمُهُ التَّصَدُّقُ

<<  <  ج: ص:  >  >>