كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ، وَأَقَرَّهُ الْمُصَنِّفُ قَائِلًا وَبِهِ يَظْهَرُ ضَعْفُ مَا فِي الْوَهْبَانِيَّةِ وَشَرْحِهَا مِنْ أَنَّهُ تَحِلُّ لَهُ الزَّكَاةُ وَتَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ. اهـ. لَكِنْ اعْتَمَدَ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ مَا فِي الْوَهْبَانِيَّةِ وَحَرَّرَ وَجَزَمَ بِأَنَّ مَا فِي الْبَحْرِ وَهْمٌ (وَ) لَا إلَى (مَمْلُوكِهِ)
ــ
[رد المحتار]
كَانُوا يَعْنِي: الصَّحَابَةَ يُعْطُونَ مِنْ الزَّكَاةِ لِمَنْ يَمْلِكُ عَشَرَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ مِنْ السِّلَاحِ وَالْفَرَسِ وَالدَّارِ وَالْخَدَمِ، وَهَذَا؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ مِنْ الْحَوَائِجِ اللَّازِمَةِ الَّتِي لَا بُدَّ لِلْإِنْسَانِ مِنْهَا.
وَذُكِرَ فِي الْفَتَاوَى فِيمَنْ لَهُ حَوَانِيتُ وَدُورٌ لِلْغَلَّةِ لَكِنَّ غَلَّتَهَا لَا تَكْفِيهِ وَعِيَالَهُ أَنَّهُ فَقِيرٌ وَيَحِلُّ لَهُ أَخْذُ الصَّدَقَةِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا يَحِلُّ وَكَذَا لَوْ لَهُ كَرْمٌ لَا تَكْفِيهِ غَلَّتُهُ؛ وَلَوْ عِنْدَهُ طَعَامٌ لِلْقُوتِ يُسَاوِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ، فَإِنْ كَانَ كِفَايَةَ شَهْرٍ يَحِلُّ أَوْ كِفَايَةَ سَنَةٍ، قِيلَ لَا تَحِلُّ، وَقِيلَ يَحِلُّ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ الصَّرْفَ إلَى الْكِفَايَةِ فَيُلْحَقُ بِالْعَدَمِ، وَقَدْ ادَّخَرَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِنِسَائِهِ قُوتَ سَنَةٍ، وَلَوْ لَهُ كِسْوَةُ الشِّتَاءِ وَهُوَ لَا يَحْتَاجُ إلَيْهَا فِي الصَّيْفِ يَحِلُّ ذِكْرُ هَذِهِ الْجُمْلَةِ فِي الْفَتَاوَى. اهـ.
وَظَاهِرُ تَعْلِيلِهِ لِلْقَوْلِ الثَّانِي فِي مَسْأَلَةِ الطَّعَامِ اعْتِمَادُهُ.
وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ التَّهْذِيبِ أَنَّهُ الصَّحِيحُ وَفِيهَا عَنْ الصُّغْرَى لَهُ دَارٌ يَسْكُنُهَا لَكِنْ تَزِيدُ عَلَى حَاجَتِهِ بِأَنْ لَا يَسْكُنَ الْكُلَّ يَحِلُّ لَهُ أَخْذُ الصَّدَقَةِ فِي الصَّحِيحِ وَفِيهَا سُئِلَ مُحَمَّدٌ عَمَّنْ لَهُ أَرْضٌ يَزْرَعُهَا أَوْ حَانُوتٌ يَسْتَغِلُّهَا أَوْ دَارٌ غَلَّتُهَا ثَلَاثُ آلَافٍ وَلَا تَكْفِي لِنَفَقَتِهِ وَنَفَقَةِ عِيَالِهِ سَنَةً؟ يَحِلُّ لَهُ أَخْذُ الزَّكَاةِ وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا تَبْلُغُ أُلُوفًا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَعِنْدَهُمَا لَا يَحِلُّ اهـ مُلَخَّصًا.
مَطْلَبٌ فِي جِهَازِ الْمَرْأَةِ هَلْ تَصِيرُ بِهِ غَنِيَّةً
قُلْت: وَسَأَلْت عَنْ الْمَرْأَةِ هَلْ تَصِيرُ غَنِيَّةً بِالْجِهَازِ الَّذِي تُزَفُّ بِهِ إلَى بَيْتِ زَوْجِهَا؟ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ مِمَّا مَرَّ أَنَّ مَا كَانَ مِنْ أَثَاثِ الْمَنْزِلِ وَثِيَابِ الْبَدَنِ وَأَوَانِي الِاسْتِعْمَالِ مِمَّا لَا بُدَّ لِأَمْثَالِهَا مِنْهُ فَهُوَ مِنْ الْحَاجَةِ الْأَصْلِيَّةِ وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ مِنْ الْحُلِيِّ وَالْأَوَانِي وَالْأَمْتِعَةِ الَّتِي يُقْصَدُ بِهَا الزِّينَةُ إذَا بَلَغَ نِصَابًا تَصِيرُ بِهِ غَنِيَّةً، ثُمَّ رَأَيْت فِي التَّتَارْخَانِيَّة فِي بَابِ صَدَقَةِ الْفِطْرِ: سُئِلَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ عَمَّنْ لَهَا جَوَاهِرُ وَلَآلِي تَلْبَسُهَا فِي الْأَعْيَادِ وَتَتَزَيَّنُ بِهَا لِلزَّوْجِ وَلَيْسَتْ لِلتِّجَارَةِ هَلْ عَلَيْهَا صَدَقَةُ الْفِطْرِ؟ قَالَ: نَعَمْ إذَا بَلَغَتْ نِصَابًا.
وَسُئِلَ عَنْهَا عُمَرُ الْحَافِظُ فَقَالَ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا شَيْءٌ. اهـ.
مَطْلَبٌ فِي الْحَوَائِجِ الْأَصْلِيَّةِ، وَحَاصِلُهُ ثُبُوتُ الْخِلَافِ فِي أَنَّ الْحُلِيَّ غَيْرُ النَّقْدَيْنِ مِنْ الْحَوَائِجِ الْأَصْلِيَّةِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ (قَوْلُهُ: كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْبَحْرِ) حَيْثُ قَالَ: وَدَخَلَ تَحْتَ النِّصَابِ النَّامِي الْخُمُسُ مِنْ الْإِبِلِ فَإِنْ مَلَكَهَا أَوْ نِصَابًا مِنْ السَّوَائِمِ مِنْ أَيِّ مَالٍ كَانَ لَا يَجُوزُ دَفْعُ الزَّكَاةِ لَهُ سَوَاءٌ كَانَ يُسَاوِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ أَوْ لَا، وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ شُرَّاحُ الْهِدَايَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ مِنْ أَيِّ مَالٍ كَانَ. اهـ.
(قَوْلُهُ: مَا فِي الْوَهْبَانِيَّةِ) أَيْ فِي آخِرِهَا عِنْدَ ذِكْرِ الْأَلْغَازِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ اعْتَمَدَ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ إلَخْ) حَيْثُ قَالَ: وَمَا وَقَعَ فِي الْبَحْرِ خِلَافُ هَذَا فَهُوَ وَهْمٌ فَلْيَتَنَبَّهْ لَهُ، وَقَدْ ذُكِرَ خِلَافُهُ فِي أَلْغَازِ الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ فَقَدْ نَاقَضَ نَفْسَهُ، وَلَمْ أَرَ أَحَدًا مِنْ شُرَّاحِ الْهِدَايَةِ صَرَّحَ بِمَا ادَّعَاهُ بَلْ عِبَارَتُهُمْ تُفِيدُ خِلَافَهُ حَيْثُ إنَّهُ قَالَ فِي الْعِنَايَةِ: وَلَا يَجُوزُ دَفْعُ الزَّكَاةِ إلَى مَنْ مَلَك نِصَابًا سَوَاءٌ كَانَ مِنْ النُّقُودِ أَوْ السَّوَائِمِ أَوْ الْعُرُوضِ اهـ فَأَوْهَمَ مَا فِي الْبَحْرِ وَهُوَ مَدْفُوعٌ؛ لِأَنَّ قَوْلَ الْعِنَايَةِ سَوَاءٌ كَانَ إلَخْ مُفِيدٌ تَقْدِيرَ النِّصَابِ بِالْقِيمَةِ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ الْعُرُوضِ أَوْ السَّوَائِمِ لِمَا أَنَّ الْعُرُوضَ لَيْسَ نِصَابُهَا إلَّا مَا يَبْلُغُ قِيمَتُهُ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ، وَقَدْ صَرَّحَ بِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ مِقْدَارُ النِّصَابِ فِي التَّبْيِينِ وَغَيْرِهِ، وَاسْتَدَلَّ لَهُ مَا فِي الْكَافِي بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ سَأَلَ وَلَهُ مَا يُغْنِيهِ فَقَدْ سَأَلَ النَّاسَ إلْحَافًا، قِيلَ: وَمَا الَّذِي يُغْنِيهِ؟ قَالَ: مِائَتَا دِرْهَمٍ أَوْ عَدْلُهَا» . اهـ.
فَقَدْ شَمِلَ الْحَدِيثُ اعْتِبَارَ السَّائِمَةِ بِالْقِيمَةِ لِإِطْلَاقِهِ، وَقَدْ نَصَّ عَلَى اعْتِبَارِ قِيمَةِ السَّوَائِمِ فِي عِدَّةِ كُتُبٍ مِنْ غَيْرِ