بِخِلَافِ وَلَدِهِ الْكَبِيرِ وَأَبِيهِ وَامْرَأَتِهِ الْفُقَرَاءِ وَطِفْلِ الْغَنِيَّةِ فَيَجُوزُ لِانْتِفَاءِ الْمَانِعِ.
(وَ) لَا إلَى (بَنِي هَاشِمٍ) إلَّا مَنْ أَبْطَلَ النَّصُّ قَرَابَتَهُ وَهُمْ بَنُو لَهَبٍ، فَتَحِلُّ لِمَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ كَمَا تَحِلُّ لِبَنِي الْمُطَّلِبِ. ثُمَّ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ إطْلَاقُ الْمَنْعِ، وَقَوْلُ الْعَيْنِيِّ وَالْهَاشِمِيِّ: يَجُوزُ لَهُ دَفْعُ زَكَاتِهِ لِمِثْلِهِ صَوَابُهُ لَا يَجُوزُ نَهْرٌ (وَ) لَا إلَى (مَوَالِيهِمْ) أَيْ عُتَقَائِهِمْ فَأَرِقَّاؤُهُمْ أَوْلَى لِحَدِيثِ «مَوْلَى الْقَوْمِ مِنْهُمْ»
ــ
[رد المحتار]
أَبِيهِ أَوَّلًا عَلَى الْأَصَحِّ لِمَا عِنْدَهُ أَنَّهُ يُعَدُّ غَنِيًّا بِغِنَاهُ نَهْرٌ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ وَلَدِهِ الْكَبِيرِ) أَيْ الْبَالِغِ كَمَا مَرَّ وَلَوْ زَمِنًا قَبْلَ فَرْضِ نَفَقَتِهِ إجْمَاعًا وَبَعْدَهُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ خِلَافًا لِلثَّانِي، وَعَلَى هَذَا بَقِيَّةُ الْأَقَارِبِ، وَفِي بِنْتِ الْغَنِيِّ ذَاتِ الزَّوْجِ خِلَافٌ. وَالْأَصَحُّ الْجَوَازُ وَهُوَ قَوْلُهُمَا وَرِوَايَةٌ عَنْ الثَّانِي نَهْرٌ (قَوْلُهُ: وَطِفْلِ الْغَنِيَّةِ) أَيْ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَبٌ بَحْرٌ عَنْ الْقُنْيَةِ (قَوْلُهُ: لِانْتِفَاءِ الْمَانِعِ) عِلَّةٌ لِلْجَمِيعِ وَالْمَانِعُ أَنَّ الطِّفْلَ يُعَدُّ غَنِيًّا بِغِنَى أَبِيهِ بِخِلَافِ الْكَبِيرِ فَإِنَّهُ لَا يُعَدُّ غَنِيًّا بِغِنَى أَبِيهِ وَلَا الْأَبُ بِغِنَى ابْنِهِ وَلَا الزَّوْجَةُ بِغِنَى زَوْجِهَا وَلَا الطِّفْلُ بِغِنَى أُمِّهِ ح فِي الْبَحْرِ.
(قَوْلُهُ: وَبَنِي هَاشِمٍ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ عَبْدَ مَنَافٍ وَهُوَ الْأَبُ الرَّابِعُ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَعْقَبَ أَرْبَعَةً وَهُمْ: هَاشِمٌ وَالْمُطَّلِبُ وَنَوْفَلٌ وَعَبْدُ شَمْسٍ، ثُمَّ هَاشِمٌ أَعْقَبَ أَرْبَعَةً انْقَطَعَ نَسْلُ الْكُلِّ إلَّا عَبْدُ الْمُطَّلِبِ فَإِنَّهُ أَعْقَبَ اثْنَيْ عَشَرَ تُصْرَفُ الزَّكَاةُ إلَى أَوْلَادِ كُلٍّ إذَا كَانُوا مُسْلِمِينَ فُقَرَاءَ إلَّا أَوْلَادَ عَبَّاسٍ وَحَارِثٍ وَأَوْلَادَ أَبِي طَالِبٍ مِنْ عَلِيٍّ وَجَعْفَرٍ وَعُقَيْلٍ قُهُسْتَانِيٌّ، وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ إطْلَاقَ بَنِي هَاشِمٍ مِمَّا لَا يَنْبَغِي إذْ لَا تَحْرُمُ عَلَيْهِمْ كُلِّهِمْ بَلْ عَلَى بَعْضِهِمْ وَلِهَذَا قَالَ فِي الْحَوَاشِي السَّعْدِيَّةِ: إنَّ آلَ أَبِي لَهَبٍ يُنْسَبُونَ أَيْضًا إلَى هَاشِمٍ وَتَحِلُّ لَهُمْ الصَّدَقَةُ. اهـ.
وَأَجَابَ فِي النَّهْرِ بِقَوْلِهِ وَأَقُولُ قَالَ فِي النَّافِعِ بَعْدَ ذِكْرِ بَنِي هَاشِمٍ إلَّا مَنْ أَبْطَلَ النَّصُّ قَرَابَتَهُ يَعْنِي بِهِ قَوْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا قَرَابَةَ بَيْنِي وَبَيْنَ أَبِي لَهَبٍ فَإِنَّهُ آثَرَ عَلَيْنَا الْأَفْجَرِينَ» وَهَذَا صَرِيحٌ فِي انْقِطَاعِ نِسْبَتِهِ عَنْ هَاشِمٍ، وَبِهِ ظَهَرَ أَنَّ فِي اقْتِصَارِ الْمُصَنِّفِ عَلَى بَنِي هَاشِمٍ كِفَايَةً، فَإِنَّ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ أَوْلَادِ أَبِي لَهَبٍ غَيْرُ دَاخِلٍ لِعَدَمِ قَرَابَتِهِ وَهَذَا حَسَنٌ جِدًّا لَمْ أَرَ مَنْ نَحَا نَحْوَهُ فَتَدَبَّرْهُ. اهـ. (قَوْلُهُ: بَنُو لَهَبٍ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ: بَنُو أَبِي لَهَبٍ وَهِيَ أَصْوَبُ (قَوْلُهُ: فَتَحِلُّ لَهُمْ) هَذَا مَا جَرَى عَلَيْهِ جُمْهُورُ الشَّارِحِينَ خِلَافًا لِمَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ (قَوْلُهُ: لِبَنِي الْمُطَّلِبِ) أَيْ لِمَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ وَهُوَ أَخُو هَاشِمٍ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: إطْلَاقُ الْمَنْعِ إلَخْ) يَعْنِي سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ كُلُّ الْأَزْمَانِ وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ دَفْعُ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ وَدَفْعُ غَيْرِهِمْ لَهُمْ. وَرَوَى أَبُو عِصْمَةَ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ يَجُوزُ الدَّفْعُ إلَى بَنِي هَاشِمٍ فِي زَمَانِهِ؛ لِأَنَّ عِوَضَهَا وَهُوَ خُمُسُ الْخُمُسِ لَمْ يَصِلْ إلَيْهِمْ لِإِهْمَالِ النَّاسِ أَمْرَ الْغَنَائِمِ وَإِيصَالِهَا إلَى مُسْتَحِقِّيهَا. وَإِذَا لَمْ يَصِلْ إلَيْهِمْ الْعِوَضُ عَادُوا إلَى الْمُعَوَّضِ كَذَا فِي الْبَحْرِ.
وَقَالَ فِي النَّهْرِ: وَجَوَّزَ أَبُو يُوسُفَ دَفْعَ بَعْضِهِمْ إلَى بَعْضٍ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ الْإِمَامِ، وَقَوْلُ الْعَيْنِيِّ وَالْهَاشِمِيِّ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَدْفَعَ زَكَاتَهُ إلَى هَاشِمِيٍّ مِثْلِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ صَوَابُهُ لَا يُجْزِئُ وَلَا يَصِحُّ حَمْلُهُ عَلَى اخْتِيَارِ الرِّوَايَةِ السَّابِقَةِ عَنْ الْإِمَامِ لِمَنْ تَأَمَّلَ اهـ وَوَجْهُهُ أَنَّهُ لَوْ اخْتَارَ تِلْكَ الرِّوَايَةَ مَا صَحَّ قَوْلُهُ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ لِمَا عَلِمْت مِنْ أَنَّهُ مُوَافِقٌ لَهَا وَفِي اخْتِصَارِ الشَّارِحِ بَعْضُ إيهَامٍ. اهـ. ح (قَوْلُهُ: فَأَرِقَّاؤُهُمْ أَوْلَى) أَيْ بِالْمَنْعِ؛ لِأَنَّ تَمْلِيكَ الرَّقِيقِ يَقَعُ لِمَوْلَاهُ بِخِلَافِ الْعَتِيقِ. قَالَ فِي النَّهْرِ: قُيِّدَ بِمَوَالِيهِمْ؛ لِأَنَّ مَوْلَى الْغَنِيِّ يَجُوزُ الدَّفْعُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: لِحَدِيثِ «مَوْلَى الْقَوْمِ مِنْهُمْ» ) رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ بِلَفْظِ «مَوْلَى الْقَوْمِ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَإِنَّا لَا تَحِلُّ لَنَا الصَّدَقَةُ» قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَكَذَا صَحَّحَهُ الْحَاكِمُ فَتْحٌ وَهَذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute