للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِمَا مَرَّ (وَإِنْ بَانَ غِنَاهُ أَوْ كَوْنُهُ ذِمِّيًّا أَوْ أَنَّهُ أَبُوهُ أَوْ ابْنُهُ أَوْ امْرَأَتُهُ أَوْ هَاشِمِيٌّ لَا) يُعِيدُ لِأَنَّهُ أَتَى بِمَا فِي وُسْعِهِ، حَتَّى لَوْ دَفَعَ بِلَا تَحَرٍّ لَمْ يَجُزْ إنْ أَخْطَأَ.

(وَكُرِهَ إعْطَاءُ فَقِيرٍ نِصَابًا) أَوْ أَكْثَرَ (إلَّا إذَا كَانَ) الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ (مَدْيُونًا أَوْ) كَانَ (صَاحِبَ عِيَالٍ) بِحَيْثُ (لَوْ فَرَّقَهُ عَلَيْهِمْ لَا يَخُصُّ كُلًّا) أَوْ لَا يَفْضُلُ بَعْدَ دَيْنِهِ (نِصَابٌ) فَلَا يُكْرَهُ فَتْحٌ.

(وَ) كُرِهَ (نَقْلُهَا إلَّا إلَى قَرَابَةٍ) بَلْ فِي الظَّهِيرِيَّةِ لَا تُقْبَلُ صَدَقَةُ الرَّجُلِ وَقَرَابَتُهُ مَحَاوِيجُ حَتَّى يَبْدَأَ بِهِمْ فَيَسُدَّ حَاجَتَهُمْ (أَوْ أَحْوَجَ)

ــ

[رد المحتار]

قُلْت: وَكَذَا إطْلَاقُ الْهِدَايَةِ وَالْمُلْتَقَى الْكَافِرُ يَدُلُّ عَلَى الْجَوَازِ وَمَا نَقَلَهُ عَنْ الْأَقْطَعِ بَدَلٌ عَلَى أَنَّهُ قَوْلُ إمَامِ الْمَذْهَبِ فَحِكَايَةُ الْإِجْمَاعِ عَلَى خِلَافِهِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهَا (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ فَجَمِيعُ الصَّدَقَاتِ لَا تَجُوزُ لَهُ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ: أَوْ كَوْنُهُ ذِمِّيًّا) عَدَلَ عَنْ تَعْبِيرِ الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا بِالْكَافِرِ بِنَاءً عَلَى مَا مَرَّ (قَوْلُهُ: لَا يُعِيدُ) أَيْ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أَتَى بِمَا فِي وُسْعِهِ) أَيْ أَتَى بِالتَّمْلِيكِ الَّذِي هُوَ الرُّكْنُ عَلَى قَدْرِ وُسْعِهِ إذْ لَيْسَ مُكَلَّفًا إذَا دَفَعَ فِي ظُلْمَةٍ مَثَلًا بِأَنْ يَسْأَلَ عَنْ الْقَابِضِ مَنْ أَنْتَ، وَبِقَوْلِنَا أَتَى بِالتَّمْلِيكِ يَنْدَفِعُ مَا قَدْ يُقَالُ إنَّهُ لَوْ دَفَعَ إلَى عَبْدِهِ أَوْ مُكَاتَبِهِ يَكُونُ آتِيًا بِمَا فِي وُسْعِهِ لَكِنْ يُرَدُّ عَلَيْهِ الْحَرْبِيُّ لِحُصُولِ التَّمْلِيكِ وَهَذَا يُؤَيِّدُ مَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ وُجُوبِ الْإِعَادَةِ فِيهِ، وَالتَّعْلِيلُ بِعَدَمِ وُجُودِ صِفَةِ الْقُرْبَةِ مَحَلُّ نَظَرٍ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ دَفَعَ بِلَا تَحَرٍّ) أَيْ وَلَا شَكَّ كَمَا فِي الْفَتْحِ. وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ بِأَنْ لَمْ يَخْطِرْ بِبَالِهِ أَنَّهُ مَصْرِفٌ أَوْ لَا، وَقَوْلُهُ لَمْ يَجُزْ إنْ أَخْطَأَ أَيْ إنْ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ غَيْرُ مَصْرِفٍ فَلَوْ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ شَيْءٌ فَهُوَ عَلَى الْجَوَازِ وَقَدَّمْنَا مَا لَوْ شَكَّ فَلَمْ يَتَحَرَّ أَوْ تَحَرَّى وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ غَيْرُ مَصْرِفٍ.

[تَنْبِيهٌ] فِي الْقُهُسْتَانِيِّ عَنْ الزَّاهِدِيِّ: وَلَا يَسْتَرِدُّ مِنْهُ لَوْ ظَهَرَ أَنَّهُ عَبْدٌ أَوْ حَرْبِيٌّ وَفِي الْهَاشِمِيِّ رِوَايَتَانِ وَلَا يَسْتَرِدُّ فِي الْوَلَدِ وَالْغَنِيِّ وَهَلْ يَطِيبُ لَهُ؟ فِيهِ خِلَافٌ، وَإِذَا لَمْ يَطِبْ قِيلَ يَتَصَدَّقُ وَقِيلَ يُرَدُّ عَلَى الْمُعْطِي. اهـ. .

(قَوْلُهُ: وَكُرِهَ إعْطَاءُ فَقِيرٍ نِصَابًا أَوْ أَكْثَرَ) وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ لَا بَأْسَ بِإِعْطَاءِ قَدْرِ النِّصَابِ وَكُرِهَ الْأَكْثَرُ؛ لِأَنَّ جُزْءًا مِنْ النِّصَابِ مُسْتَحَقٌّ لِحَاجَتِهِ لِلْحَالِ وَالْبَاقِي دُونَهُ مِعْرَاجٌ وَبِهِ ظَهَرَ وَجْهُ مَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَغَيْرِهَا عَنْ هِشَامٍ قَالَ: سَأَلْت أَبَا يُوسُفَ عَنْ رَجُلٍ لَهُ مِائَةٌ وَتِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ دِرْهَمًا فَتَصَدَّقَ عَلَيْهِ بِدِرْهَمَيْنِ قَالَ: يَأْخُذُ وَاحِدًا وَيَرُدُّ وَاحِدًا اهـ فَمَا فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ هُنَا غَيْرُ مُحَرَّرٍ فَتَدَبَّرْ وَبِهِ ظَهَرَ أَيْضًا أَنَّ دَفْعَ مَا يُكَمِّلُ النِّصَابَ كَدَفْعِ النِّصَابِ. قَالَ فِي النَّهْرِ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ النِّصَابِ نَامِيًا أَوْ لَا حَتَّى لَوْ أَعْطَاهُ عُرُوضًا تَبْلُغُ نِصَابًا فَكَذَلِكَ وَلَا بَيْنَ كَوْنِهِ مِنْ النُّقُودِ أَوْ مِنْ الْحَيَوَانَاتِ حَتَّى لَوْ أَعْطَاهُ خَمْسًا مِنْ الْإِبِلِ لَمْ تَبْلُغْ قِيمَتُهَا نِصَابًا كُرِهَ لِمَا مَرَّ اهـ. وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ تَبْلُغُ بِدُونِ لَمْ وَالْأَنْسَبُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: بِحَيْثُ لَوْ فَرَّقَهُ عَلَيْهِمْ) أَيْ عَلَى الْعِيَالِ، فَهُوَ رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ أَوْ كَانَ صَاحِبَ عِيَالٍ قَالَ فِي الْمِعْرَاجِ؛ لِأَنَّ التَّصَدُّقَ عَلَيْهِ فِي الْمَعْنَى تَصَدُّقٌ عَلَى عِيَالِهِ وَقَوْلُهُ أَوْ لَا يَفْضُلُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ لَوْ فَرَّقَهُ وَهُوَ رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ مَدْيُونًا فَفِيهِ لَفٌّ وَنَشْرٌ غَيْرُ مُرَتَّبٍ وَقَوْلُهُ: نِصَابٌ تَنَازَعَ فِيهِ يَخُصُّ وَيَفْضُلُ فَافْهَمْ.

(قَوْلُهُ وَكُرِهَ نَقْلُهَا) أَيْ مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ آخَرَ؛ لِأَنَّ فِيهِ رِعَايَةَ حَقِّ الْجِوَارِ فَكَانَ أَوْلَى زَيْلَعِيٌّ وَالْمُتَبَادَرُ مِنْهُ أَنَّ الْكَرَاهَةَ تَنْزِيهِيَّةٌ تَأَمَّلْ، فَلَوْ نَقَلَهَا جَازَ؛ لِأَنَّ الْمَصْرِفَ مُطْلَقُ الْفُقَرَاءِ دُرَرٌ، وَيُعْتَبَرُ فِي الزَّكَاةِ مَكَانُ الْمَالِ فِي الرِّوَايَاتِ كُلِّهَا وَاخْتُلِفَ فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: بَلْ فِي الظَّهِيرِيَّةِ إلَخْ) إضْرَابٌ انْتِقَالِيٌّ عَنْ عَدَمِ كَرَاهَةِ نَقْلِهَا إلَى الْقَرَابَةِ إلَى تَعْيِينِ النَّقْلِ إلَيْهِمْ، وَهَذَا نَقَلَهُ فِي مَجْمَعِ الْفَوَائِدِ مَعْزِيًّا لِلْأَوْسَطِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ وَاَلَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَدَقَةً مِنْ رَجُلٍ وَلَهُ قَرَابَةٌ مُحْتَاجُونَ إلَى صِلَتِهِ وَيَصْرِفُهَا إلَى غَيْرِهِمْ وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يَنْظُرُ إلَيْهِ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» . اهـ. رَحْمَتِيٌّ وَالْمُرَادُ بِعَدَمِ الْقَبُولِ عَدَمُ الْإِثَابَةِ عَلَيْهَا وَإِنْ سَقَطَ بِهَا الْفَرْضُ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا سَدُّ خُلَّةِ الْمُحْتَاجِ وَفِي الْقَرِيبِ جَمَعَ بَيْنَ الصِّلَةِ وَالصَّدَقَةِ. وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ:

<<  <  ج: ص:  >  >>