كَمَا فِي الْمُجْتَبَى وَالنَّهْرِ عَنْ الدِّرَايَةِ وَصَحَّحَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ وَهُوَ الْحَقُّ كَمَا فِي الْغَايَةِ. .
(وَهُوَ) أَقْسَامٌ ثَمَانِيَةٌ: (فَرْضٌ) وَهُوَ نَوْعَانِ: مُعَيَّنٌ (كَصَوْمِ رَمَضَانَ أَدَاءً وَ) غَيْرُ مُعَيَّنٍ كَصَوْمِهِ (قَضَاءً وَ) صَوْمُ (الْكَفَّارَاتِ) لَكِنَّهُ فَرْضٌ عَمَلًا لَا اعْتِقَادًا وَلِذَا لَا يَكْفُرُ جَاحِدُهُ قَالَ الْبَهْنَسِيُّ تَبَعًا لِابْنِ الْكَمَالِ.
(وَوَاجِبٌ) وَهُوَ نَوْعَانِ: مُعَيَّنٌ (كَالنَّذْرِ الْمُعَيَّنِ، وَ) غَيْرُ مُعَيَّنٍ كَالنَّذْرِ (الْمُطْلَقِ) وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى - {وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ} [الحج: ٢٩]-
ــ
[رد المحتار]
الزَّوَالِ مِنْ يَوْمٍ مِنْهُ وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ التَّحْرِيرِ.
وَفِي نُورِ الْإِيضَاحِ، وَلَا يَلْزَمُهُ قَضَاؤُهُ بِإِفَاقَتِهِ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا بَعْدَ فَوَاتِ وَقْتِ النِّيَّةِ فِي الصَّحِيحِ. قُلْت: وَلَعَلَّ التَّقْيِيدَ بِآخِرِ يَوْمٍ مِنْهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْإِفَاقَةُ الَّتِي لَمْ يَعْقُبْهَا جُنُونٌ فَإِنَّهَا إذَا كَانَتْ فِي وَسَطِهِ لَا شَكَّ فِي وُجُوبِ الْقَضَاءِ وَالْمُرَادُ بَعْدَ الزَّوَالِ مَا بَعْدَ نِصْفِ النَّهَارِ الشَّرْعِيِّ أَيْ مَا بَعْدَ الضَّحْوَةِ الْكُبْرَى كَمَا مَرَّ آنِفًا أَوْ هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِ الْقُدُورِيِّ كَمَا يَأْتِي فِي تَحْرِيرِهِ فَافْهَمْ.
[تَنْبِيهٌ] تَفْرِيعُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ مِنْ الِاخْتِلَافِ فِي السَّبَبِ يُخَالِفُهُ مَا فِي الْهِدَايَةِ حَيْثُ جَمَعَ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ بِأَنَّهُ لَا مُنَافَاةَ، فَشُهُودُ جُزْءٍ مِنْهُ سَبَبٌ لِكُلِّهِ ثُمَّ كُلُّ يَوْمٍ سَبَبُ وُجُوبِ أَدَائِهِ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ إذَا تَكَرَّرَ سَبَبُ وُجُوبِ صَوْمِ الْيَوْمِ بِاعْتِبَارِ خُصُوصِهِ وَدُخُولِهِ فِي ضِمْنِ غَيْرِهِ كَمَا فِي الْفَتْحِ وَيُؤَيِّدُ مَا قُلْنَاهُ قَوْلُ ابْنُ نَجِيمٍ فِي شَرْحِ الْمَنَارِ وَلَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَ لِهَذَا الْخِلَافِ ثَمَرَةً فِي الْفُرُوعِ اهـ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْمُجْتَبَى) وَنَصُّهُ وَلَوْ أَفَاقَ أَوَّلَ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ ثُمَّ أَصْبَحَ مَجْنُونًا وَاسْتَوْعَبَ كُلَّ الشَّهْرِ اخْتَلَفَ أَئِمَّةُ بُخَارَى فِيهِ وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ؛ لِأَنَّ اللَّيْلَةَ لَا يُصَامُ فِيهَا وَكَذَا إنْ أَفَاقَ فِي لَيْلَةٍ مِنْ وَسَطِهِ أَوْ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ بَعْدَ الزَّوَالِ، وَقَبْلَ الزَّوَالِ يَلْزَمُهُ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَصَحَّحَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ) كَصَاحِبِ النِّهَايَةِ وَالظَّهِيرِيَّةِ بَحْرٌ وَقَاضِي خَانَ وَالْعِنَايَةُ شُرُنْبُلَالِيَّةٌ وَمَشَى عَلَيْهِ الْإِسْبِيجَابِيُّ وَحَمِيدُ الدِّينِ الضَّرِيرُ مِنْ غَيْرِ حِكَايَةِ خِلَافِ شَرْحِ التَّحْرِيرِ وَمَشَى عَلَيْهِ فِي نُورِ الْإِيضَاحِ.
قُلْت: وَكَذَا نُقِلَ تَصْحِيحُهُ فِي الذَّخِيرَةِ لَكِنْ نُقِلَ أَيْضًا تَصْحِيحُ لُزُومِ الْقَضَاءِ وَمَشَى عَلَيْهِ فِي الْفَتْحِ قَائِلًا لَا فَرْقَ بَيْنَ إفَاقَتِهِ وَقْتَ النِّيَّةِ أَوْ بَعْدَهُ وَفِي شَرْحِ الْمُلْتَقَى لِلْبَهْنَسِيِّ أَنَّهُ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ.
قُلْت: وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ التَّحْرِيرِ عَنْ الْكَشْفِ وَعَزَاهُ فِي الْبَدَائِعِ إلَى أَصْحَابِنَا وَلَمْ يَحْكِ غَيْرَهُ وَكَذَا فِي السِّرَاجِ وَجَزَمَ بِهِ الزَّيْلَعِيُّ وَهُوَ ظَاهِرُ الْقُدُورِيِّ وَالْكَنْزِ وَالْهِدَايَةِ حَيْثُ أَطْلَقُوا لُزُومَ الْقَضَاءِ بِإِفَاقَةِ بَعْضِ الشَّهْرِ وَكَذَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ قَالَ: وَإِنْ أَفَاقَ شَيْئًا مِنْهُ قَضَاهُ وَعَبَّرَ فِي الْمُلْتَقَى بِإِفَاقَةِ سَاعَةٍ وَفِي الْمِعْرَاجِ لَوْ كَانَ مُفِيقًا فِي أَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْهُ ثُمَّ جُنَّ وَأَصْبَحَ مَجْنُونًا إلَى آخِرِ الشَّهْرِ قَضَاهُ كُلَّهُ بِالِاتِّفَاقِ غَيْرَ يَوْمِ تِلْكَ اللَّيْلَةِ ثُمَّ نَقَلَ عِبَارَةَ الْمُجْتَبَى الْمَارَّةِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُمَا قَوْلَانِ مُصَحَّحَانِ وَأَنَّ الْمُعْتَمَدَ الثَّانِي لِكَوْنِهِ ظَاهِرَ الرِّوَايَةِ وَالْمُتُونِ.
(قَوْلُهُ وَهُوَ أَقْسَامٌ ثَمَانِيَةٌ) فَرْضٌ مُعَيَّنٌ وَغَيْرُ مُعَيَّنٍ وَوَاجِبٌ كَذَلِكَ، وَنَفْلٌ مَسْنُونٌ أَوْ مُسْتَحَبٌّ وَمَكْرُوهٌ تَنْزِيهًا أَوْ تَحْرِيمًا (قَوْلُهُ: مُعَيَّنٌ) أَيْ لَهُ وَقْتٌ خَاصٌّ (قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ) أَيْ صَوْمُ الْكَفَّارَاتِ (قَوْلُهُ: تَبَعًا لِابْنِ الْكَمَالِ) حَيْثُ قَالَ فِي إيضَاحِ الْإِصْلَاحِ وَصَوْمُ النَّذْرِ وَالْكَفَّارَةِ وَاجِبٌ لَمْ يَنْعَقِدْ الْإِجْمَاعُ عَلَى فَرْضِيَّةِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَلْ عَلَى وُجُوبِهِ: أَيْ ثُبُوتِهِ عَمَلًا لَا عِلْمًا وَلِهَذَا لَا يَكْفُرُ جَاحِدُهُ. اهـ.
وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ وَإِنْ ثَبَتَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَمَلًا بِالْكِتَابِ وَالْإِجْمَاعِ لَكِنْ لَمْ يَثْبُتْ لُزُومُهُمَا عِلْمًا بِحَيْثُ يَكْفُرْ جَاحِدُ فَرْضِيَّتِهِمَا كَمَا هُوَ شَأْنُ الْفُرُوضِ الْقَطْعِيَّةِ كَرَمَضَانَ وَنَحْوِهِ وَعَلَى هَذَا فَكَانَ الْمُنَاسِبُ ذِكْرَ الْكَفَّارَاتِ فِي قِسْمِ الْوَاجِبِ كَمَا فَعَلَ ابْنُ الْكَمَالِ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ الْعَمَلِيَّ الَّذِي هُوَ أَعْلَى قِسْمَيْ الْوَاجِبِ مَا يَفُوتُ الْجَوَازُ بِفَوْتِهِ كَالْوَتْرِ وَهَذَا لَيْسَ مِنْهُ (قَوْلُهُ: كَالنَّذْرِ الْمُعَيَّنِ) أَيْ بِوَقْتٍ خَاصٍّ كَنَذْرِ صَوْمِ يَوْمِ الْخَمِيسِ مَثَلًا وَغَيْرِ الْمُعَيَّنِ كَنَذْرِ صَوْمِ يَوْمٍ مَثَلًا وَمِنْ الْوَاجِبِ صَوْمُ التَّطَوُّعِ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِيهِ وَصَوْمُ قَضَائِهِ عِنْدَ الْإِفْسَادِ وَصَوْمُ الِاعْتِكَافِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى إلَخْ)