للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جَمْعٌ عَظِيمٌ يَقَعُ الْعِلْمُ) الشَّرْعِيُّ وَهُوَ غَلَبَةُ الظَّنِّ (بِخَبَرِهِمْ وَهُوَ مُفَوَّضٌ إلَى رَأْيِ الْإِمَامِ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرٍ بِعَدَدٍ) عَلَى الْمَذْهَبِ وَعَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ يُكْتَفَى بِشَاهِدَيْنِ وَاخْتَارَهُ فِي الْبَحْرِ وَصَحَّحَ فِي الْأَقْضِيَةِ الِاكْتِفَاءَ بِوَاحِدٍ إنْ جَاءَ مِنْ خَارِجِ الْبَلَدِ أَوْ كَانَ عَلَى مَكَان مُرْتَفِعٍ،

ــ

[رد المحتار]

أَيْ إنَّ شَرْطَ الْقَبُولِ عِنْدَ عَدَمِ عِلَّةٍ فِي السَّمَاءِ لِهِلَالِ الصَّوْمِ أَوْ الْفِطْرِ أَوْ غَيْرِهِمَا كَمَا فِي الْإِمْدَادِ وَسَيَأْتِي تَمَامُ الْكَلَامِ عَلَيْهِ إخْبَارُ جَمْعٍ عَظِيمٍ فَلَا يُقْبَلُ خَبَرُ الْوَاحِدِ؛ لِأَنَّ التَّفَرُّدَ مِنْ بَيْنِ الْجَمِّ الْغَفِيرِ بِالرُّؤْيَةِ مَعَ تَوَجُّهِهِمْ طَالِبِينَ لِمَا تَوَجَّهَ هُوَ إلَيْهِ مَعَ فَرْضِ عَدَمِ الْمَانِعِ، وَسَلَامَةِ الْإِبْصَارِ وَإِنْ تَفَاوَتَتْ فِي الْحِدَّةِ ظَاهِرٌ فِي غَلَطِهِ بَحْرٌ قَالَ ح: وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِمْ الْإِسْلَامُ وَلَا الْعَدَالَةُ كَمَا فِي إمْدَادِ الْفَتَّاحِ وَلَا الْحُرِّيَّةُ وَلَا الدَّعْوَى كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ. اهـ.

قُلْت: مَا عَزَاهُ إلَى الْإِمْدَادِ لَمْ أَرَهُ فِيهِ وَفِي عَدَمِ اشْتِرَاطِ الْإِسْلَامِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ هُنَا بِالْجَمْعِ الْعَظِيمِ مَا يَبْلُغُ مَبْلَغَ التَّوَاتُرِ الْمُوجِبِ لِلْعِلْمِ الْقَطْعِيِّ، حَتَّى لَا يُشْتَرَطَ لَهُ ذَلِكَ بَلْ مَا يُوجِبُ غَلَبَةَ الظَّنِّ كَمَا يَأْتِي، وَعَدَمُ اشْتِرَاطِ الْإِسْلَامِ لَهُ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ نَقْلٍ صَرِيحٍ (قَوْلُهُ: يَقَعُ الْعِلْمُ الشَّرْعِيُّ) أَيْ الْمُصْطَلَحُ عَلَيْهِ فِي الْأُصُولِ فَيَشْمَلُ غَالِبَ الظَّنِّ، وَإِلَّا فَالْعِلْمُ فِي فَنِّ التَّوْحِيدِ أَيْضًا شَرْعِيٌّ وَلَا عِبْرَةَ بِالظَّنِّ هُنَاكَ ح (قَوْلُهُ: وَهُوَ غَلَبَةُ الظَّنِّ) ؛ لِأَنَّهُ الْعِلْمُ الْمُوجِبُ لِلْعَمَلِ لَا الْعِلْمُ بِمَعْنَى الْيَقِينِ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْمَنَافِعِ وَغَايَةِ الْبَيَانِ ابْنُ كَمَالٍ وَمِثْلُهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْفَتْحِ وَكَذَا فِي الْمِعْرَاجِ وَقَالَ الْقُهُسْتَانِيُّ: فَلَا يُشْتَرَطُ خَبَرُ الْيَقِينِ النَّاشِئِ مِنْ التَّوَاتُرِ كَمَا أُشِيرَ بِهِ فِي الْمُضْمَرَاتِ لَكِنَّ كَلَامَ الشَّرْحِ مُشِيرٌ إلَيْهِ اهـ وَمُرَادُهُ شَرْحُ صَدْرِ الشَّرِيعَةِ فَإِنَّهُ قَالَ الْجَمْعُ الْعَظِيمُ جَمْعٌ يَقَعُ الْعِلْمُ بِخَبَرِهِمْ وَيْحُكُمْ الْعَقْلُ بِعَدَمِ تَوَاطُئِهِمْ عَلَى الْكَذِبِ اهـ وَتَبِعَهُ فِي الدُّرَرِ وَرَدَّهُ ابْنُ كَمَالٍ حَيْثُ ذَكَرَ فِي مَنْهِيَّاتِهِ أَخْطَأَ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ حَيْثُ زَعَمَ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ هَاهُنَا الْعِلْمُ بِمَعْنَى الْيَقِينِ (قَوْلُهُ وَهُوَ مُفَوَّضٌ إلَخْ) قَالَ فِي السِّرَاجِ لَمْ يُقَدَّرْ لِهَذَا الْجَمْعِ تَقْدِيرٌ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ خَمْسُونَ رَجُلًا كَالْقَسَامَةِ وَقِيلَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ وَقِيلَ مِنْ كُلِّ مَسْجِدٍ وَاحِدٌ أَوْ اثْنَانِ.

وَقَالَ خَلَفُ بْنُ أَيُّوبَ خَمْسُمِائَةٍ بِبَلْخٍ قَلِيلٌ وَالصَّحِيحُ مِنْ هَذَا كُلُّهُ أَنَّهُ مُفَوَّضٌ إلَى رَأْيِ الْإِمَامِ إنْ وَقَعَ فِي قَلْبِهِ صِحَّةُ مَا شَهِدُوا بِهِ وَكَثُرَتْ الشُّهُودُ أَمَرَ بِالصَّوْمِ اهـ وَكَذَا صَحَّحَهُ فِي الْمَوَاهِبِ وَتَبِعَهُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ وَفِي الْبَحْرِ عَنْ الْفَتْحِ وَالْحَقُّ مَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ وَأَبِي يُوسُفَ أَيْضًا أَنَّ الْعِبْرَةَ بِمَجِيءِ الْخَبَرِ وَتَوَاتُرِهِ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ اهـ وَفِي النَّهْرِ أَنَّهُ مُوَافِقٌ لِمَا صَحَّحَهُ فِي السِّرَاجِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَاخْتَارَهُ فِي الْبَحْرِ) حَيْثُ قَالَ وَيَنْبَغِي الْعَمَلُ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ فِي زَمَانِنَا؛ لِأَنَّ النَّاسَ تَكَاسَلَتْ عَنْ تَرَائِي الْأَهِلَّةِ فَانْتَفَى قَوْلُهُمْ مَعَ تَوَجُّهِهِمْ طَالِبِينَ لِمَا تَوَجَّهَ هُوَ إلَيْهِ، فَكَانَ التَّفَرُّدُ غَيْرَ ظَاهِرٍ فِي الْغَلَطِ، ثُمَّ أَيَّدَ ذَلِكَ بِأَنَّ ظَاهِرَ الْوَلْوَالِجيَّةِ وَالظَّهِيرِيَّةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ظَاهِرَ الرِّوَايَةِ هُوَ اشْتِرَاطُ الْعَدَدِ لَا الْجَمْعِ الْعَظِيمِ، وَالْعَدَدُ يَصْدُقُ بِاثْنَيْنِ اهـ وَأَقَرَّهُ فِي النَّهْرِ وَالْمِنَحِ وَنَازَعَهُ مُحَشِّيهِ الرَّمْلِيُّ بِأَنَّ ظَاهِرَ الْمَذْهَبِ اشْتِرَاطُ الْجَمْعِ الْعَظِيمِ، فَيَتَعَيَّنُ الْعَمَلُ بِهِ لِغَلَبَةِ الْفِسْقِ وَالِافْتِرَاءِ عَلَى الشَّهْرِ إلَخْ.

أَقُولُ: أَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ كَثِيرًا مِنْ الْأَحْكَامِ تَغَيَّرَتْ لِتَغَيُّرِ الْأَزْمَانِ، وَلَوْ اشْتَرَطَ فِي زَمَانِنَا الْجَمْعَ الْعَظِيمَ لَزِمَ أَنْ لَا يَصُومَ النَّاسُ إلَّا بَعْدَ لَيْلَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ لِمَا هُوَ مُشَاهَدٌ مِنْ تَكَاسُلِ النَّاسِ، بَلْ كَثِيرًا مَا رَأَيْنَاهُمْ يَشْتُمُونَ مَنْ يَشْهَدُ بِالشَّهْرِ وَيُؤْذُونَهُ وَحِينَئِذٍ فَلَيْسَ فِي شَهَادَةِ الِاثْنَيْنِ تَفَرُّدٌ مِنْ بَيْنِ الْجَمْعِ الْغَفِيرِ حَتَّى يَظْهَرَ غَلَطُ الشَّاهِدِ، فَانْتَفَتْ عِلَّةُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ فَتَعَيَّنَ الْإِفْتَاءُ بِالرِّوَايَةِ الْأُخْرَى (قَوْلُهُ: وَصَحَّحَ فِي الْأَقْضِيَةِ إلَخْ) هُوَ اسْمُ كِتَابٍ وَاعْتَمَدَهُ فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى أَيْضًا وَهُوَ قَوْلُ الطَّحَاوِيِّ، وَأَشَارَ إلَيْهِ الْإِمَامُ مُحَمَّدٌ فِي كِتَابِ الِاسْتِحْسَانِ مِنْ الْأَصْلِ، لَكِنْ فِي الْخُلَاصَةِ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمِصْرِ وَخَارِجِهِ مِعْرَاجٌ وَغَيْرُهُ.

قُلْت: لَكِنْ قَالَ فِي النِّهَايَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ: وَمَنْ رَأَى هِلَالَ رَمَضَانَ وَحْدَهُ صَامَ إلَخْ وَفِي الْمَبْسُوطِ وَإِنَّمَا يَرُدُّ الْإِمَامُ شَهَادَتَهُ إذَا كَانَتْ السَّمَاءُ مُصْحِيَةً، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْمِصْرِ فَأَمَّا إذَا كَانَتْ مُتَغَيِّمَةً أَوْ جَاءَ مِنْ خَارِجِ الْمِصْرِ أَوْ كَانَ فِي مَوْضِعٍ مُرْتَفِعٍ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ عِنْدَنَا. اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>