للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَى جَوْفِهِ وَدِمَاغِهِ.

(أَوْ ابْتَلَعَ حَصَاةً) وَنَحْوَهَا مِمَّا لَا يَأْكُلُهُ الْإِنْسَانُ أَوْ يَعَافُهُ أَوْ يَسْتَقْذِرُهُ وَنَظَمَهُ ابْنُ الشِّحْنَةِ فَقَالَ:

وَمُسْتَقْذَرٌ مَعَ غَيْرِ مَأْكُولِ مِثْلِنَا ... فَفِي أَكْلِهِ التَّكْفِيرُ يُلْغَى وَيُهْجَرُ.

(أَوْ لَمْ يَنْوِ فِي رَمَضَانَ كُلِّهِ صَوْمًا وَلَا فِطْرًا) مَعَ الْإِمْسَاكِ لِشُبْهَةِ خِلَافِ زُفَرَ (أَوْ أَصْبَحَ غَيْرَ نَاوٍ لِلصَّوْمِ فَأَكَلَ عَمْدًا) وَلَوْ بَعْدَ النِّيَّةِ قَبْلَ الزَّوَالِ لِشُبْهَةِ خِلَافِ الشَّافِعِيِّ: وَمُفَادُهُ أَنَّ الصَّوْمَ بِمُطْلَقِ النِّيَّةِ كَذَلِكَ.

(أَوْ دَخَلَ حَلْقَهُ مَطَرٌ أَوْ ثَلْجٌ) بِنَفْسِهِ لِإِمْكَانِ التَّحَرُّزِ عَنْهُ بِضَمِّ فَمِهِ بِخِلَافِ نَحْوِ الْغُبَارِ وَالْقَطْرَتَيْنِ مِنْ دُمُوعِهِ أَوْ عَرَقِهِ وَأَمَّا فِي الْأَكْثَرِ -

ــ

[رد المحتار]

قَوْلُهُ: إلَى جَوْفِهِ وَدِمَاغِهِ) لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ بَيْنَ جَوْفِ الرَّأْسِ وَجَوْفِ الْمَعِدَةِ مَنْفَذًا أَصْلِيًّا فَمَا وَصَلَ إلَى جَوْفِ الرَّأْسِ يَصِلُ إلَى جَوْفِ الْبَطْنِ. اهـ. ط.

(قَوْلُهُ: أَوْ ابْتَلَعَ حَصَاةً إلَخْ) أَيْ فَيَجِبُ الْقَضَاءُ لِوُجُودِ صُورَةِ الْفِطْرِ وَلَا كَفَّارَةَ لِعَدَمِ وُجُودِ مَعْنَاهُ وَهُوَ إيصَالُ مَا فِيهِ نَفْعُ الْبَدَنِ إلَى الْجَوْفِ سَوَاءٌ كَانَ مِمَّا يَتَغَذَّى بِهِ أَوْ يَتَدَاوَى فَقَصُرَتْ الْجِنَايَةُ فَانْتَفَتْ الْكَفَّارَةُ وَتَمَامُهُ فِي النَّهْرِ وَسَيَأْتِي الْخِلَافُ فِي مَعْنَى التَّغَذِّي (قَوْلُهُ: أَوْ يَسْتَقْذِرُهُ) الِاسْتِقْذَارُ سَبَبُ الْإِعَاقَةِ فَمَآلُهُمَا وَاحِدٌ، وَلِذَا اقْتَصَرَ فِي النَّظْمِ عَلَى الْمُسْتَقْذَرِ ط وَمِنْهُ أَكْلُ اللُّقْمَةِ بَعْدَ إخْرَاجِهَا عَلَى مَا هُوَ الْأَصَحُّ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: فَفِي) الْفَاءُ زَائِدَةٌ وَالْجَارُ وَالْمَجْرُورُ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: يَهْجُرُ وَالتَّكْفِيرُ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ الْجُمْلَةُ بَعْدَهُ، وَالْجُمْلَةُ خَبَرُ الْمُبْتَدَأِ الَّذِي هُوَ مُسْتَقْذَرٌ وَجَازَ الِابْتِدَاءُ بِهِ مَعَ أَنَّهُ نَكِرَةٌ لِقَصْدِ التَّعْمِيمِ وَيُهْجَرُ مُرَادِفٌ لِيُلْغَى أَيْ لَا تَجِبُ فِيهِ كَفَّارَةٌ ط.

(قَوْلُهُ: مَعَ الْإِمْسَاكِ) قَيَّدَ بِهِ لِيُغَايِرَ الْمَسْأَلَةَ الَّتِي بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: لِشُبْهَةِ خِلَافِ زُفَرَ) فَإِنَّ الصَّوْمَ عِنْدَهُ يَتَأَدَّى مِنْ الصَّحِيحِ الْمُقِيمِ بِمُجَرَّدِ الْإِمْسَاكِ، وَلَوْ بِلَا نِيَّةٍ حَتَّى لَوْ أَفْطَرَ مُتَعَمِّدًا لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ عِنْدَهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْبَدَائِعِ، وَأَمَّا عِنْدَنَا فَلَا بُدَّ مِنْ النِّيَّةِ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ الْإِمْسَاكُ بِجِهَةِ الْعِبَادَةِ، وَلَا عِبَادَةَ بِدُونِ نِيَّةٍ فَلَوْ أَمْسَكَ بِدُونِهَا لَا يَكُونُ صَائِمًا وَيَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ دُونَ الْكَفَّارَةِ.

أَمَّا لُزُومُ الْقَضَاءِ فَلِعَدَمِ تَحَقُّقِ الصَّوْمِ لِفَقْدِ شَرْطِهِ، وَأَمَّا عَدَمُ الْكَفَّارَةِ فَلِأَنَّهُ عِنْدَ زُفَرَ صَائِمٌ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ مَا يُفْطِرُ فَتَسْقُطُ عَنْهُ الْكَفَّارَةُ لِشُبْهَةِ الْخِلَافِ وَإِنْ كَانَ عِنْدَنَا يُسَمَّى مُفْطِرًا شَرْعًا وَالْأَوْلَى التَّعْلِيلُ بِعَدَمِ تَحَقُّقِ الصَّوْمِ؛ لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ إنَّمَا تَجِبُ عَلَى مَنْ أَفْسَدَ صَوْمَهُ وَالصَّوْمُ هُنَا مَعْدُومٌ وَإِفْسَادُ الْمَعْدُومِ مُسْتَحِيلٌ، وَإِنَّمَا يَحْسُنُ التَّمَسُّكُ لِلشُّبْهَةِ بَعْدَ تَحَقُّقِ الْأَصْلِ كَمَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ بَلْ الْأَوْلَى عَدَمُ التَّعَرُّضِ لِلْكَفَّارَةِ أَصْلًا وَلِذَا اقْتَصَرَ فِي الْكَنْزِ وَغَيْرِهِ عَلَى بَيَانِ وُجُوبِ الْقَضَاءِ كَالْإِغْمَاءِ وَالْجُنُونِ الْغَيْرِ الْمُمْتَدِّ.

هَذَا وَقَدْ اسْتَشْكَلَ بَعْضُ شُرَّاحِ الْهِدَايَةِ وُجُوبَ الْقَضَاءِ هُنَا بِأَنَّ الْمُغْمَى عَلَيْهِ لَا يَقْضِي الْيَوْمَ الَّذِي حَدَثَ الْإِغْمَاءُ فِي لَيْلَتِهِ لِوُجُودِ النِّيَّةِ مِنْهُ ظَاهِرًا فَلَا بُدَّ مِنْ التَّقْيِيدِ هُنَا بِأَنْ يَكُونَ مَرِيضًا أَوْ مُسَافِرًا لَا يَنْوِي شَيْئًا أَوْ مُتَهَتِّكًا اعْتَادَ الْأَكْلَ فِي رَمَضَانَ فَلَمْ يَكُنْ حَالُهُ دَلِيلًا عَلَى عَزِيمَةِ الصَّوْمِ وَرَدَّهُ فِي الْفَتْحِ بِأَنَّهُ تَكَلُّفٌ مُسْتَغْنَى عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ عِنْدَ عَدَمِ النِّيَّةِ ابْتِدَاءً لَا بِأَمْرٍ يُوجِبُ النِّسْيَانَ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ أَدْرَى بِحَالِهِ بِخِلَافِ مِنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ فَإِنَّ الْإِغْمَاءَ قَدْ يُوجِبُ نِسْيَانَهُ حَالَ نَفْسِهِ بَعْدَ الْإِفَاقَةِ فَبَنَى الْأَمْرَ فِيهِ عَلَى الظَّاهِرِ مِنْ حَالِهِ وَهُوَ وُجُودُ النِّيَّةِ (قَوْلُهُ: قَبْلَ الزَّوَالِ) هَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا كَذَلِكَ إنْ أَكَلَ بَعْدَ الزَّوَالِ وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الزَّوَالِ تَجِبُ الْكَفَّارَةُ؛ لِأَنَّهُ فَوَّتَ إمْكَانَ التَّحْصِيلِ فَصَارَ كَغَاصِبِ الْغَاصِبِ بَحْرٌ أَيْ؛ لِأَنَّهُ قَبْلَ الزَّوَالِ كَانَ يُمْكِنُهُ إنْشَاءُ النِّيَّةِ وَقَدْ فَوَّتَهُ بِالْأَكْلِ بِخِلَافِ مَا بَعْدَ الزَّوَالِ وَالْأَوَّلُ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ ثُمَّ الْمُرَادُ بِالزَّوَالِ نِصْفُ النَّهَارِ الشَّرْعِيِّ وَهُوَ الضَّحْوَةُ الْكُبْرَى أَوْ هُوَ عَلَى الْقَوْلِ الضَّعِيفِ مِنْ اعْتِبَارِ الزَّوَالِ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ (قَوْلُهُ: لِشُبْهَةِ خِلَافِ الشَّافِعِيِّ) فَإِنَّ الصَّوْمَ لَا يَصِحُّ عِنْدَهُ بِنِيَّةِ النَّهَارِ كَمَا لَا يَصِحُّ بِمُطْلَقِ النِّيَّةِ اهـ ح.

وَهَذَا تَعْلِيلٌ لِوُجُوبِ الْقَضَاءِ دُونَ الْكَفَّارَةِ إذَا أَكَلَ بَعْدَ النِّيَّةِ أَمَّا لَوْ أَكَلَ قَبْلَهَا فَالْكَلَامُ فِيهِ مَا عَلِمْته فِي الْمَسْأَلَةِ الْمَارَّةِ (قَوْلُهُ: وَمُفَادُهُ إلَخْ) نَقَلَهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ بِلَفْظٍ يَنْبَغِي أَنْ لَا تَلْزَمَهُ الْكَفَّارَةُ لِمَكَانِ الشُّبْهَةِ وَمِثْلُ مَا ذُكِرَ إذَا نَوَى نِيَّةً مُخَالِفَةً فِيمَا يَظْهَرُ ط.

(قَوْلُهُ: مَطَرٌ أَوْ ثَلْجٌ) فَيَفْسُدُ فِي الصَّحِيحِ وَلَوْ بِقَطْرَةٍ وَقِيلَ لَا يَفْسُدُ فِي الْمَطَرِ وَيَفْسُدُ فِي الثَّلْجِ وَقِيلَ بِالْعَكْسِ بَزَّازِيَّةٌ (قَوْلُهُ: بِنَفْسِهِ) أَيْ بِأَنْ سَبَقَ إلَى حَلْقِهِ بِذَاتِهِ وَلَمْ يَبْتَلِعْهُ بِصُنْعِهِ إمْدَادٌ (قَوْلُهُ: وَالْقَطْرَتَيْنِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>