لِمَا فِيهِ مِنْ إلْزَامِ الْوَلَاءِ لِلْمَيِّتِ بِلَا رِضَاهُ
(وَفِدْيَةُ كُلِّ صَلَاةٍ وَلَوْ وِتْرًا) كَمَا مَرَّ فِي قَضَاءِ الْفَوَائِتِ (كَصَوْمِ يَوْمٍ) عَلَى الْمَذْهَبِ وَكَذَا الْفِطْرَةُ وَالِاعْتِكَافُ الْوَاجِبُ يُطْعِمُ عَنْهُ لِكُلِّ يَوْمٍ كَالْفِطْرَةِ وَالْوَلْوَالِجِيَّة.
ــ
[رد المحتار]
فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ إطْعَامٌ وَلَا كِسْوَةٌ فَجَعْلُهَا مُشَارِكَةً لِكَفَّارَةِ الْيَمِينِ فِيهِمَا سَهْوٌ. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي الْعَزْمِيَّةِ.
وَأَجَابَ الْعَلَّامَةُ الْأَقْصِرَائِيُّ كَمَا نَقَلَهُ أَبُو السُّعُودِ فِي حَاشِيَةِ مِسْكِينٍ بِأَنَّ مُرَادَهُمْ بِالْقَتْلِ قَتْلُ الصَّيْدِ لَا قَتْلُ النَّفْسِ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إطْعَامٌ. اهـ. قُلْت: وَيَرُدُّ عَلَيْهِ أَيْضًا أَنَّ الصَّوْمَ فِي قَتْلِ الصَّيْدِ لَيْسَ أَصْلًا بَلْ هُوَ بَدَلٌ لِأَنَّ الْوَاجِبَ فِيهِ أَنْ يُشْتَرَى بِقِيمَتِهِ هَدْيٌ يُذْبَحُ فِي الْحَرَمِ أَوْ طَعَامٌ يُتَصَدَّقُ بِهِ عَلَى كُلِّ فَقِيرٍ نِصْفُ صَاعٍ أَوْ يَصُومُ عَنْ كُلِّ نِصْفِ صَاعٍ يَوْمًا فَافْهَمْ. قُلْت: وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْفِدْيَةِ فِي الْحَيَاةِ وَبَعْدَ الْمَوْتِ بِدَلِيلِ مَا فِي الْكَافِي النَّسَفِيِّ عَلَى مُعْسِرٍ كَفَّارَةُ يَمِينٍ أَوْ قَتْلٍ وَعَجَزَ عَنْ الصَّوْمِ لَمْ تَجُزْ الْفِدْيَةُ كَمُتَمَتِّعٍ عَجَزَ عَنْ الدَّمِ وَالصَّوْمِ لِأَنَّ الصَّوْمَ هُنَا بَدَلٌ وَلَا بَدَلَ لِلْبَدَلِ، فَإِنْ مَاتَ وَأَوْصَى بِالتَّكْفِيرِ صَحَّ مِنْ ثُلُثِهِ، وَصَحَّ التَّبَرُّعُ فِي الْكِسْوَةِ وَالْإِطْعَامِ، لِأَنَّ الْإِعْتَاقَ بِلَا إيصَاءٍ إلْزَامُ الْوَلَاءِ عَلَى الْمَيِّتِ وَلَا إلْزَامَ فِي الْكِسْوَةِ وَالْإِطْعَامِ اهـ.
فَقَوْلُهُ فَإِنْ مَاتَ وَأَوْصَى بِالتَّكْفِيرِ صَحَّ ظَاهِرٌ فِي الْفَرْقِ الْمَذْكُورِ، وَبِهِ يُتَخَصَّصُ مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّهُ لَا تَصِحُّ الْفِدْيَةُ عَنْ صَوْمٍ هُوَ بَدَلٌ مِنْ غَيْرِهِ. ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ وَأَوْصَى بِالتَّكْفِيرِ شَامِلٌ لِكَفَّارَةِ الْيَمِينِ وَالْقَتْلِ لِصِحَّةِ الْوَصِيَّةِ بِالْإِعْتَاقِ بِخِلَافِ التَّبَرُّعِ بِهِ، وَلِذَا قَيَّدَ صِحَّةَ التَّبَرُّعِ بِالْكِسْوَةِ وَالْإِطْعَامِ وَصَرَّحَ بِعَدَمِ صِحَّةِ الْإِعْتَاقِ فِيهِ وَهَذَا قَرِينَةٌ ظَاهِرَةٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ التَّبَرُّعُ بِكَفَّارَةِ الْيَمِينِ فَقَطْ لِأَنَّ كَفَّارَةَ الْقَتْلِ لَيْسَ فِيهَا كِسْوَةٌ وَلَا إطْعَامٌ.
فَتَلَخَّصَ مِنْ كَلَامِ الْكَافِي أَنَّ الْعَاجِزَ عَنْ صَوْمٍ هُوَ بَدَلٌ عَنْ غَيْرِهِ كَمَا فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ وَالْقَتْلِ لَوْ فَدَى عَنْ نَفْسِهِ فِي حَيَاتِهِ بِأَنْ كَانَ شَيْخًا فَانِيًا لَا يَصِحُّ فِي الْكَفَّارَتَيْنِ، وَلَوْ أَوْصَى بِالْفِدْيَةِ يَصِحُّ فِيهِمَا، وَلَوْ تَبَرَّعَ عَنْهُ وَلِيُّهُ لَا يَصِحُّ فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ لِأَنَّ الْوَاجِبَ فِيهَا الْعِتْقُ وَلَا يَصِحُّ التَّبَرُّعُ بِهِ وَيَصِحُّ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ لَكِنْ فِي الْكِسْوَةِ وَالْإِطْعَامِ دُونَ الْإِعْتَاقِ لِمَا قُلْنَا هَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُفْهَمَ هَذَا الْمَقَامُ فَاغْتَنِمْهُ فَقَدْ زَلَّتْ فِيهِ أَقْدَامُ الْأَفْهَامِ (قَوْلُهُ لِمَا فِيهِ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ «الْوَلَاءَ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ» عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ نَفْعًا مَحْضًا لِأَنَّ الْمَوْلَى يَصِيرُ عَاقِلَةَ عَتِيقِهِ وَكَذَا عَصَبَاتُهُ بَعْدُ مَوْتِهِ.
وَلَا يَرُدُّ مَا مَرَّ عَنْ الْهِدَايَةِ مِنْ أَنَّ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَجْعَلَ ثَوَابَ عَمَلِهِ لِغَيْرِهِ وَهُوَ شَامِلٌ لِلْعِتْقِ لِأَنَّ الْمُرَادَ هُنَا إعْتَاقُهُ عَلَى وَجْهِ النِّيَابَةِ عَنْ الْمَيِّتِ بَدَلًا عَنْ صِيَامِهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ وَجَعَلَ ثَوَابَهُ لِلْمَيِّتِ فَإِنَّ الْإِعْتَاقَ يَقَعُ عَنْ نَفْسِهِ أَصَالَةً وَيَكُونُ الْوَلَاءُ لَهُ، وَإِنَّمَا جُعِلَ الثَّوَابُ لِلْمَيِّتِ وَبِخِلَافِ التَّبَرُّعِ عَنْهُ بِالْكِسْوَةِ وَالْإِطْعَامِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ بِطَرِيقِ النِّيَابَةِ لِعَدَمِ الْإِلْزَامِ.
(قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ إلَخْ) تَقَدَّمَ هُنَاكَ بَيَانُ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ مَالٌ أَوْ كَانَ الثُّلُثُ لَا يَفِي بِمَا عَلَيْهِ مَعَ بَيَانِ كَيْفِيَّةِ فِعْلِهَا (قَوْلُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ) وَمَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُقَاتِلٍ أَوَّلًا مِنْ أَنَّهُ يُطْعِمُ عَنْهُ لِصَلَوَاتِ كُلِّ يَوْمٍ نِصْفَ صَاعٍ كَصَوْمِهِ رَجَعَ عَنْهُ وَقَالَ كُلُّ صَلَاةٍ فَرْضٍ كَصَوْمِ يَوْمٍ وَهُوَ الصَّحِيحُ سِرَاجٌ (قَوْلُهُ وَكَذَا الْفِطْرَةُ) أَيْ فِطْرَةُ الشَّهْرِ بِتَمَامِهِ كَفِدْيَةِ صَوْمِ يَوْمٍ وَفِيهِ أَنَّ هَذَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ أَوَّلًا كَالْفِطْرَةِ، وَيُمْكِنُ عَوْدُ التَّشْبِيهِ إلَى مَسْأَلَةِ التَّبَرُّعِ وَقَالَ ح: قَوْلُهُ وَكَذَا الْفِطْرَةُ أَيْ يُخْرِجُهَا الْوَلِيُّ بِوَصِيَّتِهِ (قَوْلُهُ يُطْعِمُ عَنْهُ) أَيْ مِنْ الثُّلُثِ لُزُومًا إنْ أَوْصَى وَإِلَّا جَوَازًا وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ أَنَّ الزَّكَاةَ وَالْحَجَّ وَالْكَفَّارَةَ مِنْ الْوَارِثِ تُجْزِيهِ بِلَا خِلَافٍ اهـ أَيْ وَلَوْ بِدُونِ وَصِيَّتِهِ كَمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute