للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَ (تَبَرَّعَ وَلِيُّهُ بِهِ جَازَ) إنْ شَاءَ اللَّهُ وَيَكُونُ الثَّوَابُ لِلْوَلِيِّ اخْتِيَارٌ (وَإِنْ صَامَ أَوْ صَلَّى عَنْهُ) الْوَلِيُّ (لَا) لِحَدِيثِ النَّسَائِيّ «لَا يَصُومُ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ وَلَا يُصَلِّي أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ وَلَكِنْ يُطْعِمُ عَنْهُ وَلِيُّهُ» (وَكَذَا) يَجُوزُ (لَوْ تَبَرَّعَ عَنْهُ) وَلِيُّهُ (بِكَفَّارَةِ يَمِينٍ أَوْ قَتْلٍ) بِإِطْعَامٍ أَوْ كِسْوَةٍ (بِغَيْرِ إعْتَاقٍ) .

ــ

[رد المحتار]

الْوَارِثِ، فَحَيْثُ لَا وَارِثَ فَلَا مَنْعَ كَمَا لَوْ كَانَ وَأَجَازَ وَكَذَا لَوْ كَانَ لَهُ وَارِثٌ مِمَّنْ لَا يَرُدُّ عَلَيْهِ كَأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ، فَتَنْفُذُ الزِّيَادَةُ عَلَى الثُّلُثِ بَعْدَ أَخْذِ الْوَارِثِ فَرْضَهُ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ آخِرَ الْكِتَابِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى (قَوْلُهُ جَازَ) إنْ أُرِيدَ بِالْجَوَازِ أَنَّهَا صَدَقَةٌ وَاقِعَةٌ مَوْقِعَهَا فَحَسَنٌ، وَإِنْ أُرِيدَ سُقُوطُ وَاجِبِ الْإِيصَاءِ عَنْ الْمَيِّتِ مَعَ مَوْتِهِ مُصِرًّا عَلَى التَّقْصِيرِ فَلَا وَجْهَ لَهُ وَالْأَخْبَارُ الْوَارِدَةُ فِيهِ مُؤَوَّلَةٌ إسْمَاعِيلُ عَنْ الْمُجْتَبَى.

أَقُولُ: لَا مَانِعَ مِنْ كَوْنِ الْمُرَادِ بِهِ سُقُوطُ الْمُطَالَبَةِ عَنْ الْمَيِّتِ بِالصَّوْمِ فِي الْآخِرَةِ وَإِنْ بَقِيَ عَلَيْهِ إثْمُ التَّأْخِيرِ كَمَا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنُ عَبْدٍ وَمَاطَلَهُ بِهِ حَتَّى مَاتَ فَأَوْفَاهُ عَنْهُ وَصِيُّهُ أَوْ غَيْرُهُ وَيُؤَيِّدُهُ تَعْلِيقُ الْجَوَازِ بِالْمَشِيئَةِ كَمَا نُقَرِّرُهُ وَكَذَا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ كَغَيْرِهِ وَإِنْ صَامَ أَوْ صَلَّى عَنْهُ فَإِنَّ مَعْنَاهُ لَا يَجُوزُ قَضَاءٌ عَمَّا عَلَى الْمَيِّتِ، وَإِلَّا فَلَوْ جَعَلَ لَهُ ثَوَابَ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ يَجُوزُ كَمَا نَذْكُرُهُ، فَعُلِمَ أَنَّ قَوْلَهُ جَازَ أَيْ عَمَّا عَلَى الْمَيِّتِ لِتَحْسُنَ الْمُقَابَلَةُ (قَوْلُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ) قَبْلَ الْمَشِيئَةِ لَا تَرْجِعُ لِلْجَوَازِ بَلْ لِلْقَبُولِ كَسَائِرِ الْعِبَادَاتِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَقَدْ جَزَمَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي فِدْيَةِ الشَّيْخِ الْكَبِيرِ وَعَلَّقَ بِالْمَشِيئَةِ فِيمَنْ أُلْحِقَ بِهِ كَمَنْ أَفْطَرَ بِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ حَتَّى صَارَ فَانِيًا، وَكَذَا مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ قَضَاءُ رَمَضَانَ وَقَدْ أَفْطَرَ بِعُذْرٍ إلَّا أَنَّهُ فَرَّطَ فِي الْقَضَاءِ وَإِنَّمَا عَلَّقَ لِأَنَّ النَّصَّ لَمْ يَرِدْ بِهَذَا كَمَا قَالَهُ الْأَتْقَانِيُّ، وَكَذَا عَلَّقَ فِي فِدْيَةِ الصَّلَاةِ لِذَلِكَ، قَالَ فِي الْفَتْحِ وَالصَّلَاةُ كَالصَّوْمِ بِاسْتِحْسَانِ الْمَشَايِخِ.

وَجْهُهُ أَنَّ الْمُمَاثَلَةَ قَدْ ثَبَتَتْ شَرْعًا بَيْنَ الصَّوْمِ وَالْإِطْعَامِ وَالْمُمَاثَلَةُ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ ثَابِتَةٌ وَمِثْلُ مِثْلِ الشَّيْءِ جَازَ أَنْ يَكُونَ مِثْلًا لِذَلِكَ الشَّيْءِ وَعَلَى تَقْدِيرِ ذَلِكَ يَجِبُ الْإِطْعَامُ وَعَلَى تَقْدِيرِ عَدَمِهَا لَا يَجِبُ فَالِاحْتِيَاطُ فِي الْإِيجَابِ فَإِنْ كَانَ الْوَاقِعُ ثُبُوتَ الْمُمَاثَلَةِ حَصَلَ الْمَقْصُودُ الَّذِي هُوَ السُّقُوطُ وَإِلَّا كَانَ بِرًّا مُبْتَدَأً يَصْلُحُ مَاحِيًا لِلسَّيِّئَاتِ، وَلِذَا قَالَ مُحَمَّدٌ فِيهِ يُجْزِيهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ غَيْرِ جَزْمٍ كَمَا قَالَ فِي تَبَرُّعِ الْوَارِثِ بِالْإِطْعَامِ بِخِلَافِ إيصَائِهِ بِهِ عَنْ الصَّوْمِ فَإِنَّهُ جَزَمَ بِالْإِجْزَاءِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَيَكُونُ الثَّوَابُ لِلْوَلِيِّ اخْتِيَارٌ) أَقُولُ: الَّذِي رَأَيْته فِي الِاخْتِيَارِ هَكَذَا وَإِنْ لَمْ يُوصِ لَا يَجِبُ عَلَى الْوَرَثَةِ الْإِطْعَامُ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ فَلَا تُؤَدَّى إلَّا بِأَمْرِهِ إنْ فَعَلُوا ذَلِكَ جَازَ وَيَكُونُ لَهُ ثَوَابٌ. اهـ.

وَلَا شُبْهَةَ فِي أَنَّ الضَّمِيرَ فِي لَهُ لِلْمَيِّتِ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ لِأَنَّ الْوَصِيَّ إنَّمَا تَصَدَّقَ عَنْ الْمَيِّتِ لَا عَنْ نَفْسِهِ فَيَكُونُ الثَّوَابُ لِلْمَيِّتِ لِمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ مِنْ أَنَّ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَجْعَلَ ثَوَابَ عَمَلِهِ لِغَيْرِهِ صَلَاةً أَوْ صَوْمًا أَوْ صَدَقَةً أَوْ غَيْرَهَا كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ الْحَجِّ عَنْ الْغَيْرِ وَقَدَّمْنَا الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ فِي الْجَنَائِزِ قُبَيْلَ بَابِ الشَّهِيدِ فَتَذَكَّرْهُ بِالْمُرَاجَعَةِ نَعَمْ ذَكَرْنَا هُنَاكَ أَنَّهُ لَوْ تَصَدَّقَ عَنْ غَيْرِهِ لَا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِهِ شَيْءٌ (قَوْلُهُ لِحَدِيثِ النَّسَائِيّ إلَخْ) هُوَ مَوْقُوفٌ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَمَّا مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا أَنَّهُ قَالَ «جَاءَ رَجُلٌ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ إنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ شَهْرٍ أَفَأَقْضِيهِ عَنْهَا؟ فَقَالَ: لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّك دَيْنٌ أَكُنْت قَاضِيَهُ عَنْهَا؟ قَالَ نَعَمْ، قَالَ: فَدَيْنُ اللَّهِ أَحَقُّ» فَهُوَ مَنْسُوخٌ لِأَنَّ فَتْوَى الرَّاوِي عَلَى خِلَافِ مَرْوِيِّهِ بِمَنْزِلَةِ رِوَايَتِهِ لِلنَّاسِخِ وَقَالَ مَالِكٌ: وَلَمْ أَسْمَعْ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَلَا مِنْ التَّابِعِينَ بِالْمَدِينَةِ أَنَّ أَحَدًا مِنْهُمْ أَمَرَ أَحَدًا يَصُومُ عَنْ أَحَدٍ، وَهَذَا مِمَّا يُؤَيِّدُ النَّسْخَ وَأَنَّهُ الْأَمْرُ الَّذِي اسْتَقَرَّ الشَّرْعُ عَلَيْهِ، وَتَمَامُهُ فِي الْفَتْحِ وَشَرْحِ النُّقَايَةِ لِلْقَارِيِّ (قَوْلُهُ بِكَفَّارَةِ يَمِينٍ أَوْ قَتْلٍ إلَخْ) كَذَا فِي الزَّيْلَعِيِّ وَالدُّرَرِ وَالْبَحْرِ وَالنَّهْرِ.

قَالَ فِي الشُّرُنْبُلَالِيُّ أَقُولُ: لَا يَصِحُّ تَبَرُّعُ الْوَارِثِ فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ بِشَيْءٍ لِأَنَّ الْوَاجِبَ فِيهَا ابْتِدَاءُ عِتْقِ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَلَا يَصِحُّ إعْتَاقُ الْوَارِثِ عَنْهُ كَمَا ذَكَرَهُ وَالصَّوْمُ فِيهَا بَدَلٌ عَنْ الْإِعْتَاقِ لَا تَصِحُّ فِيهِ الْفِدْيَةُ كَمَا سَيَأْتِي وَلَيْسَ

<<  <  ج: ص:  >  >>