أَيْ فِي ذَلِكَ الْعُذْرِ (فَلَا تَجِبُ) عَلَيْهِمْ (الْوَصِيَّةُ بِالْفِدْيَةِ) لِعَدَمِ إدْرَاكِهِمْ عِدَّةً مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ (وَلَوْ مَاتُوا بَعْدَ زَوَالِ الْعُذْرِ وَجَبَتْ) الْوَصِيَّةُ بِقَدْرِ إدْرَاكِهِمْ عِدَّةً مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ، وَأَمَّا مَنْ أَفْطَرَ عَمْدًا فَوُجُوبُهَا عَلَيْهِ بِالْأَوْلَى (وَفَدَى) لُزُومًا (عَنْهُ) أَيْ عَنْ الْمَيِّتِ (وَلِيُّهُ) الَّذِي يَتَصَرَّفُ فِي مَالِهِ (كَالْفِطْرَةِ) قَدْرًا (بَعْدَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى قَضَاءِ الصَّوْمِ (وَفَوْتِهِ) أَيْ فَوْتِ الْقَضَاءِ بِالْمَوْتِ فَلَوْ فَاتَهُ عَشْرَةُ أَيَّامٍ فَقَدَرَ عَلَى خَمْسَةٍ فَدَاهَا فَقَطْ (بِوَصِيَّتِهِ مِنْ الثُّلُثِ) مُتَعَلِّقٌ بِفَدَى وَهَذَا لَوْ لَهُ وَارِثٌ وَإِلَّا فَمِنْ الْكُلِّ قُهُسْتَانِيٌّ (وَإِنْ) لَمْ يُوصِ
ــ
[رد المحتار]
صَنِيعِ غَيْرِهِ مِنْ الْمُتُونِ اخْتِصَاصُ هَذَا الْحُكْمِ بِالْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ. وَقَالَ فِي الْبَحْرِ: وَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِأَنَّ الْحَامِلَ وَالْمُرْضِعَ كَذَلِكَ، لَكِنْ يَتَنَاوَلُهُمَا عُمُومُ قَوْلِهِ فِي الْبَدَائِعِ مِنْ شَرَائِطِ الْقَضَاءِ الْقُدْرَةُ عَلَى الْقَضَاءِ فَعَلَى هَذَا إذَا زَالَ الْخَوْفُ أَيَّامًا لَزِمَهُمَا بِقَدْرِهِ بَلْ وَلَا خُصُوصِيَّةَ فَإِنَّ كُلَّ مَنْ أَفْطَرَ بِعُذْرٍ وَمَاتَ قَبْلَ زَوَالِهِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ فَيَدْخُلُ الْمُكْرَهُ وَالْأَقْسَامُ الثَّمَانِيَةُ. اهـ.
مُلَخَّصًا مِنْ الرَّحْمَتِيِّ (قَوْلُهُ أَيْ فِي ذَلِكَ الْعُذْرِ) عَلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ أَيْ فِي مُدَّتِهِ (قَوْلُهُ لِعَدَمِ إدْرَاكِهِمْ إلَخْ) أَيْ فَلَمْ يَلْزَمْهُمْ الْقَضَاءُ وَوُجُوبُ الْوَصِيَّةِ فَرْعُ لُزُومِ الْقَضَاءِ وَإِنَّمَا تَجِبُ الْوَصِيَّةُ إذَا كَانَ لَهُ مَالٌ فِي شَرْحِ الْمُلْتَقَى ط (قَوْلُهُ بِقَدْرِ إدْرَاكِهِمْ إلَخْ) يَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى الْأَيَّامَ الْمَنْهِيَّةَ لِمَا سَيَأْتِي أَنَّ أَدَاءَ الْوَاجِبِ لَمْ يَجُزْ فِيهَا قُهُسْتَانِيٌّ.
وَقَدْ يُقَالُ لَا حَاجَةَ إلَى الِاسْتِثْنَاءِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِقَادِرٍ فِيهَا عَلَى الْقَضَاءِ شَرْعًا بَلْ هُوَ أَعْجَزُ فِيهَا مِنْ أَيَّامِ السَّفَرِ وَالْمَرَضِ لِأَنَّهُ لَوْ صَامَ فِيهَا أَجْزَأَهُ وَلَوْ صَامَ فِي الْأَيَّامِ الْمَنْهِيَّةِ لَمْ يُجْزِهِ رَحْمَتِيٌّ (قَوْلُهُ فَوُجُوبُهَا عَلَيْهِ بِالْأَوْلَى) رَدٌّ لِمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ مِنْ أَنَّ التَّقْيِيدَ بِالْعُذْرِ يُفِيدُ عَدَمَ الْإِجْزَاءِ، لَكِنْ ذَكَرَ بَعْدَهُ أَنَّ فِي دِيبَاجَةِ الْمُسْتَصْفَى دَلَالَةً عَلَى الْإِجْزَاءِ.
قُلْت: وَوَجْهُ الْأَوْلَوِيَّةِ أَنَّهُ إذَا أَفْطَرَ لِعُذْرٍ وَقَدْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْوَصِيَّةُ وَلَمْ يَتْرُكْ هَمْلًا فَوُجُوبُهَا عِنْدَ عَدَمِ الْعُذْرِ أَوْلَى فَافْهَمْ. قَالَ الرَّحْمَتِيُّ وَلَا يُشْتَرَطُ لَهُ إدْرَاكُ زَمَانٍ يَقْضِي فِيهِ لِأَنَّهُ كَانَ يُمْكِنُهُ الْأَدَاءُ وَقَدْ فَوَّتَهُ بِدُونِ عُذْرٍ (قَوْلُهُ وَفَدَى عَنْهُ وَلِيُّهُ) لَمْ يَقُلْ عَنْهُمْ وَلِيُّهُمْ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ السِّيَاقِ إشَارَةً إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ: فَإِنْ مَاتُوا مَوْتَ أَحَدِهِمْ أَيًّا كَانَ لَا مَوْتُهُمْ جُمْلَةً (قَوْلُهُ لُزُومًا) أَيْ فِدَاءً لَازِمًا فَهُوَ مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ أَيْ يَلْزَمُ الْوَلِيَّ الْفِدَاءُ عَنْهُ مِنْ الثُّلُثِ إذَا أَوْصَى وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُ بَلْ يَجُوزُ قَالَ فِي السِّرَاجِ: وَعَلَى هَذَا الزَّكَاةُ لَا يَلْزَمُ الْوَارِثَ إخْرَاجُهَا عَنْهُ إلَّا إذَا أَوْصَى إلَّا أَنْ يَتَبَرَّعَ الْوَارِثُ بِإِخْرَاجِهَا (قَوْلُهُ الَّذِي يَتَصَرَّفُ فِي مَالِهِ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْوَلِيِّ مَا يَشْمَلُ الْوَصِيَّ كَمَا فِي الْبَحْرِ ح (قَوْلُهُ قَدَرًا) أَيْ التَّشْبِيهُ بِالْفِطْرَةِ مِنْ حَيْثُ الْقَدَرُ إذْ لَا يُشْتَرَطُ التَّمْلِيكُ هُنَا بَلْ تَكْفِي الْإِبَاحَةُ بِخِلَافِ الْفِطْرَةِ وَكَذَا هِيَ مِثْلُ الْفِطْرَةِ مِنْ حَيْثُ الْجِنْسُ وَجَوَازُ أَدَاءِ الْقِيمَةِ.
وَقَالَ الْقُهُسْتَانِيُّ: وَإِطْلَاقُ كَلَامِهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَوْ دَفَعَ إلَى فَقِيرٍ جُمْلَةً جَازَ وَلَمْ يُشْتَرَطْ الْعَدَدُ وَلَا الْمِقْدَارُ، لَكِنْ لَوْ دَفَعَ إلَيْهِ أَقَلَّ مِنْ نِصْفِ صَاعٍ لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ وَبِهِ يُفْتَى اهـ أَيْ بِخِلَافِ الْفِطْرَةِ عَلَى قَوْلٍ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ بَعْدَ قُدْرَتِهِ) أَيْ الْمَيِّتِ وَقَوْلُهُ وَفَوْتِهِ مَصْدَرٌ مَعْطُوفٌ عَلَى قُدْرَتِهِ، وَالظَّرْفُ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ وَفَدَى. وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إنَّمَا يَلْزَمُهُ الْفِدَاءُ إذَا مَاتَ بَعْدَ قُدْرَتِهِ عَلَى الْقَضَاءِ وَفَوْتِهِ بِالْمَوْتِ (قَوْلُهُ فَلَوْ فَاتَهُ إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ بِقَدْرِ إدْرَاكِهِمْ أَوْ عَلَى قَوْلِهِ بَعْدَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يُشِيرُ إلَى أَنَّهُ إنَّمَا يَفْدِي عَمَّا أَدْرَكَهُ وَفَوَّتَهُ دُونَ مَا لَمْ يُدْرِكْهُ وَأَشَارَ بِهِ إلَى رَدِّ قَوْلِ الطَّحَاوِيِّ أَنَّ هَذَا قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَعِنْدَهُمَا تَجِبُ الْوَصِيَّةُ وَالْفِدَاءُ عَنْ جَمِيعِ الشَّهْرِ بِالْقُدْرَةِ عَلَى يَوْمٍ، فَإِنَّ الْخِلَافَ فِي النَّذْرِ فَقَطْ كَمَا يَأْتِي بَيَانُهُ آخِرَ الْبَابِ، أَمَّا هُنَا فَلَا خِلَافَ فِي أَنَّ الْوُجُوبَ بِقَدْرِ الْقُدْرَةِ فَقَطْ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا (قَوْلُهُ مِنْ الثُّلُثِ) أَيْ ثُلُثِ مَالِهِ بَعْدَ تَجْهِيزِهِ وَإِيفَاءِ دُيُونِ الْعِبَادِ، فَلَوْ زَادَتْ الْفِدْيَةُ عَلَى الثُّلُثِ لَا يَجِبُ الزَّائِدُ إلَّا بِإِجَازَةِ الْوَارِثِ (قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ إخْرَاجُهَا مِنْ الثُّلُثِ فَقَطْ لَوْ لَهُ وَارِثٌ لَمْ يَرْضَ بِالزَّائِدِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ فَتَخْرُجُ مِنْ الْكُلِّ: أَيْ لَوْ بَلَغَتْ كُلَّ الْمَالِ تَخْرُجُ مِنْ الْكُلِّ؛ لِأَنَّ مَنْعَ الزِّيَادَةِ لِحَقِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute