الْمَشْهُورُ نَعَمْ، وَاعْتَمَدَهُ الْكَمَالُ
(وَلَزِمَ نَفْلٌ شُرِعَ فِيهِ قَصْدًا) كَمَا فِي الصَّلَاةِ، فَلَوْ شَرَعَ ظَنَّا فَأَفْطَرَ أَيْ فَوْرًا فَلَا قَضَاءَ أَمَّا لَوْ مَضَى سَاعَةٌ لَزِمَهُ الْقَضَاءُ لِأَنَّهُ بِمُضِيِّهَا صَارَ كَأَنَّهُ نَوَى الْمُضِيَّ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ السَّاعَةِ تَجْنِيسٌ وَمُجْتَبًى (أَدَاءً وَقَضَاءً) أَيْ يَجِبُ إتْمَامُهُ فَإِنْ فَسَدَ وَلَوْ بِعُرُوضِ حَيْضٍ فِي الْأَصَحِّ وَجَبَ الْقَضَاءُ (إلَّا فِي الْعِيدَيْنِ وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ) فَلَا يَلْزَمُ لِصَيْرُورَتِهِ صَائِمًا بِنَفْسِ الشُّرُوعِ فَيَصِيرُ مُرْتَكِبًا لِلنَّهْيِ.
أَمَّا بِالصَّلَاةِ فَلَا يَكُونُ مُصَلِّيًا مَا لَمْ يَسْجُدْ بِدَلِيلِ مَسْأَلَةِ الْيَمِينِ (وَلَا يُفْطِرُ) الشَّارِعُ فِي نَفْلٍ (بِلَا عُذْرٍ فِي رِوَايَةٍ)
ــ
[رد المحتار]
أَيْ فِي الصَّوْمِ أَيْ كَوْنُ الْفِدْيَةِ خَلَفًا عَنْهُ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَإِنَّمَا قَيَّدْنَا بِالصَّوْمِ لِيَخْرُجَ الْمُتَيَمِّمُ إذَا قَدَرَ عَلَى الْمَاءِ لَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ الْمُؤَدَّاةُ بِالتَّيَمُّمِ لِأَنَّ خَلَفِيَّةَ التَّيَمُّمِ مَشْرُوطَةٌ بِمُجَرَّدِ الْعَجْزِ عَنْ الْمَاءِ لَا بِقَيْدِ دَوَامِهِ وَكَذَا خَلَفِيَّةُ الْأَشْهُرِ عَنْ الْأَقْرَاءِ فِي الِاعْتِدَادِ مَشْرُوطَةٌ بِانْقِطَاعِ الدَّمِ مَعَ سِنِّ الْيَأْسِ لَا بِشَرْطِ دَوَامِهِ، حَتَّى لَا تَبْطُلَ الْأَنْكِحَةُ الْمَاضِيَةُ بِعَوْدِ الدَّمِ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ فِي الْحَيْضِ (قَوْلُهُ الْمَشْهُورُ نَعَمْ) فَإِنَّ مَا وَرَدَ بِلَفْظِ الْإِطْعَامِ جَازَ فِيهِ الْإِبَاحَةُ وَالتَّمْلِيكُ بِخِلَافِ مَا بِلَفْظِ الْأَدَاءِ وَالْإِيتَاءِ فَإِنَّهُ لِلتَّمْلِيكِ كَمَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَغَيْرِهِ قُهُسْتَانِيٌّ.
(قَوْلُهُ فَلَا قَضَاءَ) يَرُدُّ عَلَيْهِ مَا لَوْ نَوَى صَوْمَ الْقَضَاءِ نَهَارًا فَإِنَّهُ يَصِيرُ مُتَنَفِّلًا وَإِنْ أَفْطَرَ يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ كَمَا إذَا نَوَى الصَّوْمَ ابْتِدَاءً وَقَدَّمَ جَوَابَهُ قُبَيْلَ قَوْلِ الْمَتْنِ وَلَا يُصَامُ يَوْمُ الشَّكِّ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ تَجْنِيسٌ) نَصُّ عِبَارَتِهِ إذَا دَخَلَ الرَّجُلُ فِي الصَّوْمِ عَلَى ظَنِّ أَنَّهُ عَلَيْهِ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ فَلَمْ يُفْطِرْ، وَلَكِنْ مَضَى عَلَيْهِ سَاعَةٌ، ثُمَّ أَفْطَرَ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ لِأَنَّهُ لَمَّا مَضَى عَلَيْهِ سَاعَةٌ صَارَ كَأَنَّهُ نَوَى فِي هَذِهِ السَّاعَةِ فَإِذَا كَانَ قَبْلَ الزَّوَالِ صَارَ شَارِعًا فِي صَوْمِ التَّطَوُّعِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ. اهـ.
وَالظَّاهِرُ أَنَّ ضَمِيرَ مُضِيِّ لِلصَّائِمِ وَضَمِيرَ عَلَيْهِ لِلصَّوْمِ وَأَنَّ سَاعَةَ مَنْصُوبٌ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ: أَيْ إذَا تَذَكَّرَ وَمَضَى هُوَ عَلَى صَوْمِهِ سَاعَةً بِأَنْ لَمْ يَتَنَاوَلْ مُفْطِرًا وَلَا عَزَمَ عَلَى الْفِطْرِ صَارَ كَأَنَّهُ نَوَى الصَّوْمَ فَيَصِيرُ شَارِعًا إذَا كَانَ ذَلِكَ فِي وَقْتِ النِّيَّةِ، وَلَوْ كَانَ سَاعَةٌ بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ فَاعِلُ مَضَى كَمَا هُوَ ظَاهِرُ تَقْرِيرِ الشَّارِحِ يَلْزَمُ أَنَّهُ لَوْ مَضَتْ السَّاعَةُ يَصِيرُ شَارِعًا وَإِنْ عَزَمَ وَقْتَ التَّذَكُّرِ عَلَى الْفِطْرِ مَعَ أَنَّ عَزْمَهُ عَلَى الْفِطْرِ يُنَافِي كَوْنَهُ فِي مَعْنَى النَّاوِي لِلصَّوْمِ وَإِنْ كَانَ لَا يُنَافِي الصَّوْمَ لِأَنَّ الصَّائِمَ إذَا نَوَى الْفِطْرَ لَا يُفْطِرُ لَكِنَّ الْكَلَامَ فِي جَعْلِهِ شَارِعًا فِي صَوْمٍ مُبْتَدَإٍ لَا فِي إبْقَائِهِ عَلَى صَوْمِهِ السَّابِقِ وَلِذَا اُشْتُرِطَ كَوْنُ ذَلِكَ فِي وَقْتِ النِّيَّةِ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ أَيْ يَجِبُ إتْمَامُهُ) تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ لَزِمَ وَلِقَوْلِهِ أَدَاءً ط (قَوْلُهُ وَلَوْ بِعُرُوضِ حَيْضٍ) أَيْ لَا فَرْقَ فِي وُجُوبِ الْقَضَاءِ بَيْنَ مَا إذَا أَفْسَدَهُ قَصْدًا وَلَا خِلَافَ فِيهِ أَوْ بِلَا قَصْدٍ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ كَمَا فِي النِّهَايَةِ وَهَذَا يُعَكِّرُ عَلَى مَا فِي الْفَتْحِ مِنْ نَقْلِهِ عَدَمَ الْخِلَافِ فِيهِ (قَوْلُهُ وَجَبَ الْقَضَاءُ) أَيْ فِي غَيْرِ الْأَيَّامِ الْخَمْسَةِ الْآتِيَةِ، وَهَذَا رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ قَضَاءً ط (قَوْلُهُ فَلَا يَلْزَمُ) أَيْ لَا أَدَاءً وَلَا قَضَاءً إذَا أَفْسَدَهُ (قَوْلُهُ فَيَصِيرُ مُرْتَكِبًا لِلنَّهْيِ) فَلَا تَجِبُ صِيَانَتُهُ بَلْ يَجِبُ إبْطَالُهُ وَوُجُوبُ الْقَضَاءِ يَنْبَنِي عَلَى وُجُوبِ الصِّيَانَةِ فَلَمْ يَجِبْ قَضَاءً كَمَا لَمْ يَجِبْ أَدَاءً، بِخِلَافِ مَا إذَا نَذَرَ صِيَامَ هَذِهِ الْأَيَّامِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ وَيَقْضِيهِ فِي غَيْرِهَا لِأَنَّهُ لَمْ يَصِرْ بِنَفْسِ النَّذْرِ مُرْتَكِبًا لِلنَّهْيِ وَإِنَّمَا الْتَزَمَ طَاعَةَ اللَّهِ تَعَالَى وَالْمَعْصِيَةَ بِالْفِعْلِ فَكَانَتْ مِنْ ضَرُورَاتِ الْمُبَاشَرَةِ لَا مِنْ ضَرُورَاتِ إيجَابِ الْمُبَاشَرَةِ مِنَحٌ مَعَ زِيَادَةٍ ط (قَوْلُهُ أَمَّا الصَّلَاةُ) جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ.
حَاصِلُهُ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ لَا تَجِبَ الصَّلَاةُ بِالشُّرُوعِ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ كَمَا لَا يَجِبُ الصَّوْمُ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ. وَحَاصِلُ الْجَوَابِ: أَنَّا لَا نُسَلِّمُ هَذَا الْقِيَاسَ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ مُبَاشِرًا لِلْمَعْصِيَةِ بِمُجَرَّدِ الشُّرُوعِ فِيهَا بَلْ إلَى أَنْ يَسْجُدَ بِدَلِيلِ مَنْ حَلَفَ أَنَّهُ لَا يُصَلِّي فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ مَا لَمْ يَسْجُدْ بِخِلَافِ الصَّوْمِ فِي تِلْكَ الْأَيَّامِ فَيُبَاشِرُ الْمَعْصِيَةَ بِمُجَرَّدِ الشُّرُوعِ فِيهَا مِنَحٌ وَفِيهِ أَنَّهُمْ عَدَّوْهُ شَارِعًا فِيهَا بِمُجَرَّدِ الْإِحْرَامِ، حَتَّى لَوْ أَفْسَدَهُ حِينَئِذٍ وَجَبَ قَضَاؤُهُ فَقَدْ تَحَقَّقَتْ بِمُجَرَّدِ الشُّرُوعِ وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الْيَمِينِ فَهِيَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْعُرْفِ ط.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute