للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهِيَ الصَّحِيحَةُ وَفِي أُخْرَى يَحِلُّ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ مِنْ نِيَّتِهِ الْقَضَاءِ وَاخْتَارَهَا الْكَمَالُ وَتَاجُ الشَّرِيعَةِ وَصَدْرُهَا فِي الْوِقَايَةِ وَشَرْحِهَا

(وَالضِّيَافَةُ عُذْرٌ) لِلضَّيْفِ وَالْمُضِيفِ (إنْ كَانَ صَاحِبُهَا مِمَّنْ لَا يَرْضَى بِمُجَرَّدِ حُضُورِهِ وَيَتَأَذَّى بِتَرْكِ الْإِفْطَارِ) فَيُفْطِرُ (وَإِلَّا لَا) هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ ظَهِيرِيَّةٌ.

ــ

[رد المحتار]

قُلْت: صِحَّةُ الشُّرُوعِ لَا تَسْتَلْزِمُ تَحَقُّقَ الْحَقِيقَةِ الْمُرَكَّبَةِ مِنْ عِدَّةِ أَشْيَاءَ فَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الْمَرْكَبَ قَدْ يَكُونُ جُزْؤُهُ كَالْكُلِّ فِي الِاسْمِ كَالْمَاءِ وَقَدْ لَا يَكُونُ كَالْحَيَوَانِ وَالصَّوْمُ مِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ مُرَكَّبٌ مِنْ إمْسَاكَاتٍ مُتَّفِقَةِ الْحَقِيقَةِ كُلٌّ مِنْهَا صَوْمٌ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ فَإِنَّ أَبْعَاضَهَا مِنْ الْقِيَامِ وَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَالْقُعُودِ لَا تُسَمَّى صَلَاةً مَا لَمْ تَجْتَمِعْ وَذَلِكَ بِأَنْ يَسْجُدَ لَهَا فَمَا انْعَقَدَ قَبْلَ ذَلِكَ طَاعَةً مَحْضَةً وَمَا بَعْدَهُ لَهُ جِهَتَانِ، وَتَمَامُ تَقْرِيرِ هَذَا الْمَحِلِّ يُطْلَبُ مِنْ التَّلْوِيحِ فِي أَوَّلِ فَصْلِ النَّهْيِ، وَأَمَّا بِنَاءُ مَسْأَلَةِ الْيَمِينِ عَلَى الْعُرْفِ فَيَحْتَاجُ إلَى إثْبَاتِ الْعُرْفِ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَهِيَ الصَّحِيحَةُ) وَهِيَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ كَمَا فِي الْمِنَحِ وَغَيْرِهَا فَلَا يَحْسُنُ أَنْ يُعَبِّرَ عَنْهَا بِرِوَايَةٍ بِالتَّنْكِيرِ لِإِشْعَارِهِ بِجَهَالَتِهَا، وَكَانَ حَقُّ الْعِبَارَةِ أَنْ يَقُولَ إلَّا فِي رِوَايَةٍ فَيُقَرِّرَ ظَاهِرَ الرِّوَايَةِ ثُمَّ يَحْكِيَ غَيْرَهُ بِلَفْظِ التَّنْكِيرِ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُ الْكَنْزِ وَلِلْمُتَطَوِّعِ الْفِطْرُ بِغَيْرِ عُذْرٍ فِي رِوَايَةٍ فَأَفَادَ أَنَّ ظَاهِرَ الرِّوَايَةِ غَيْرُهَا رَحْمَتِيٌّ (قَوْلُهُ وَاخْتَارَهَا الْكَمَالُ) وَقَالَ إنَّ الْأَدِلَّةَ تَظَافَرَتْ عَلَيْهَا وَهِيَ أَوْجَهُ (قَوْلُهُ وَتَاجُ الشَّرِيعَةِ) هُوَ جَدُّ صَدْرِ الشَّرِيعَةِ وَقَوْلُهُ: وَصَدْرُهَا أَيْ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ مَعْطُوفٌ عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ فِي الْوِقَايَةِ وَشَرْحِهَا لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ لِأَنَّ الْوِقَايَةَ لِتَاجِ الشَّرِيعَةِ وَاخْتَصَرَهَا صَدْرُ الشَّرِيعَةِ وَسَمَّاهُ [نُقَايَةُ الْوِقَايَةِ] ثُمَّ شَرَحَهُ فَالْوِقَايَةُ لِجَدِّهِ لَا لَهُ فَافْهَمْ وَالشَّرْحُ وَإِنْ كَانَ لِلنُّقَايَةِ لَكِنْ لَمَّا كَانَتْ مُخْتَصَرَةً مِنْ الْوِقَايَةِ صَحَّ جَعْلُهُ شَرْحًا لَهَا ثُمَّ إنَّ الشَّارِحَ قَدْ تَابَعَ فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ صَاحِبَ النَّهْرِ. وَقَدْ أَوْرَدَ عَلَيْهِ أَنَّ مَا نَسَبَهُ إلَى الْوِقَايَةِ وَشَرْحِهَا لَمْ يُوجَدْ فِيهِمَا فَإِنَّ الَّذِي فِي الْوِقَايَةِ وَلَا يُفْطِرُ بِلَا عُذْرٍ فِي رِوَايَةٍ وَقَالَ فِي شَرْحِهَا أَيْ إذَا شَرَعَ فِي صَوْمِ التَّطَوُّعِ لَا يَجُوزُ لَهُ الْإِفْطَارُ بِلَا عُذْرٍ لِأَنَّهُ إبْطَالُ الْعَمَلِ، وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى يَجُوزُ لِأَنَّ الْقَضَاءَ خَلَفُهُ. اهـ.

قُلْت: وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ قَوْلَهُ فِي رِوَايَةٍ يُفْهِمُ أَنَّ مُعْظَمَ الرِّوَايَاتِ عَلَى خِلَافِهَا وَأَنَّهَا رِوَايَةٌ شَاذَّةٌ وَأَنَّ مُخْتَارَهُ خِلَافَهَا لِإِشْعَارِ هَذَا اللَّفْظِ بِمَا ذَكَرْنَا، وَلَوْ كَانَتْ هِيَ مُخْتَارَةً لَهُ لَجَزَمَ بِهَا وَلَمْ يَقُلْ فِي رِوَايَةٍ وَلِمَا تَبِعَهُ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ فِي النُّقَايَةِ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا وَقَرَّرَ كَلَامَهُ فِي الشَّرْحِ، وَلَمْ يَتَعَقَّبْهُ بِشَيْءٍ عُلِمَ أَنَّهُ اخْتَارَهَا أَيْضًا.

(قَوْلُهُ وَالضِّيَافَةُ عُذْرٌ) بَيَانٌ لِبَعْضِ مَا دَخَلَ فِي قَوْلِهِ وَلَا يُفْطِرُ الشَّارِعُ فِي نَفْلٍ بِلَا عُذْرٍ، وَأَفَادَ تَقْيِيدُهُ بِالنَّفْلِ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِعُذْرٍ فِي الْفَرْضِ وَالْوَاجِبِ (قَوْلُهُ لِلضَّيْفِ وَالْمُضِيفِ) كَذَا فِي الْبَحْرِ عَنْ شَرْحِ الْوِقَايَةِ وَنَقَلَهُ عَنْهُ الْقُهُسْتَانِيُّ أَيْضًا ثُمَّ قَالَ: لَكِنْ لَمْ تُوجَدْ رِوَايَةُ الْمُضِيفِ.

قُلْت: لَكِنْ جَزَمَ بِهَا فِي الدُّرَرِ أَيْضًا وَيَشْهَدُ لَهَا قِصَّةُ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَالضَّيْفُ فِي الْأَصْلِ مَصْدَرُ ضِفْته أُضِيفُهُ ضَيْفًا وَضِيَافَةً وَالْمُضِيفُ بِضَمِّ الْمِيمِ مَنْ أَضَافَ غَيْرَهُ أَوْ بِفَتْحِهَا وَأَصْلُهُ مَضْيُوفٌ (قَوْلُهُ إنْ كَانَ صَاحِبُهَا) أَيْ صَاحِبُ الضِّيَافَةِ وَكَذَا إذَا كَانَ الضَّيْفُ لَا يَرْضَى إلَّا بِأَكْلِهِ مَعَهُ وَيَتَأَذَّى بِتَقْدِيمِ الطَّعَامِ إلَيْهِ وَحْدَهُ رَحْمَتِيٌّ (قَوْلُهُ هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ) وَقِيلَ هِيَ عُذْرٌ قَبْلَ الزَّوَالِ لَا بَعْدَهُ وَقِيلَ عُذْرٌ إنْ وَثِقَ مِنْ نَفْسِهِ بِالْقَضَاءِ دَفْعًا لِلْأَذَى عَنْ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ وَإِلَّا فَلَا. قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ: وَهُوَ أَحْسَنُ مَا قِيلَ فِي هَذَا الْبَابِ، وَفِي الْمَسْأَلَةِ الْيَمِينُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ. اهـ. بَحْرٌ.

قُلْت: وَيَتَعَيَّنُ تَقْيِيدُ الْقَوْلِ الصَّحِيحِ بِهَذَا الْأَخِيرِ إذْ لَا شَكَّ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَثِقْ مِنْ نَفْسِهِ بِالْقَضَاءِ يَكُونُ مَنَعَ نَفْسَهُ عَنْ الْوُقُوعِ فِي الْإِثْمِ أَوْلَى مِنْ مُرَاعَاةِ جَانِبِ صَاحِبِهِ، وَأَفَادَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ الْآتِي هَذَا إذَا كَانَ قَبْلَ الزَّوَالِ إلَخْ تَقْيِيدُ

<<  <  ج: ص:  >  >>