للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنَّهُ يُكَفِّرُ، وَلَوْ نَوَى الصَّائِمُ الْفِطْرَ لَمْ يَكُنْ مُفْطِرًا كَمَا مَرَّ (كَمَا لَوْ نَوَى التَّكَلُّمَ فِي صَلَاتِهِ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ) شَرْحُ الْوَهْبَانِيَّةِ قَالَ وَفِيهِ خِلَافُ الشَّافِعِيِّ (وَقَضَى أَيَّامَ إغْمَائِهِ وَلَوْ) كَانَ الْإِغْمَاءُ (مُسْتَغْرِقًا لِلشَّهْرِ) لِنُدْرَةِ امْتِدَادِهِ (سِوَى يَوْمٍ حَدَثَ الْإِغْمَاءُ فِيهِ أَوْ فِي لَيْلَتِهِ) فَلَا يَقْضِيهِ إلَّا إذَا عَلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَنْوِهِ (وَفِي الْجُنُونِ إنْ لَمْ يَسْتَوْعِبْ) الشَّهْرَ (قَضَى) مَا مَضَى (وَإِنْ اسْتَوْعَبَ)

ــ

[رد المحتار]

مَطْلَبٌ يُقَدَّمُ هُنَا الْقِيَاسُ عَلَى الِاسْتِحْسَانِ

(قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يُكَفِّرُ) أَيْ قِيَاسًا لِأَنَّهُ مُقِيمٌ عِنْدَ الْأَكْلِ حَيْثُ رَفَضَ سَفَرَهُ بِالْعَوْدِ إلَى مَنْزِلِهِ وَبِالْقِيَاسِ نَأْخُذُ اهـ خَانِيَّةٌ فَتُزَادُ هَذِهِ عَلَى الْمَسَائِلِ الَّتِي قَدَّمَ فِيهَا الْقِيَاسَ عَلَى الِاسْتِحْسَانِ حَمَوِيٌّ وَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ لَوْ أَكَلَ الْمُقِيمُ ثُمَّ سَافَرَ أَوْ سُوفِرَ بِهِ مُكْرَهًا لَا تَسْقُطُ الْكَفَّارَةُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ أَكَلَ بَعْدَ مَا جَاوَزَ بُيُوتَ مِصْرِهِ ثُمَّ رَجَعَ فَأَكَلَ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ وَإِنْ عَزَمَ عَلَى عَدَمِ السَّفَرِ أَصْلًا بَعْدَ أَكْلِهِ لِأَنَّ أَكْلَهُ وَقَعَ فِي مَوْضِعِ التَّرَخُّصِ نَعَمْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِمْسَاكُ.

هَذَا وَفِي الْبَدَائِعِ مِنْ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ: لَوْ أَحْدَثَ فِي صَلَاتِهِ فَلَمْ يَجِدْ الْمَاءَ فَنَوَى أَنْ يَدْخُلَ مِصْرَهُ وَهُوَ قَرِيبٌ صَارَ مُقِيمًا مِنْ سَاعَتِهِ وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ فَلَوْ وَجَدَ مَاءً قَبْلَ دُخُولِهِ صَلَّى أَرْبَعًا لِأَنَّهُ بِالنِّيَّةِ صَارَ مُقِيمًا. اهـ.

قُلْت: وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ أَفْطَرَ بَعْدَ النِّيَّةِ قَبْلَ الدُّخُولِ يُكَفِّرُ أَيْضًا تَأَمَّلْ.

[تَنْبِيهٌ]

الْمُسَافِرُ إذَا نَوَى الْإِقَامَةَ فِي مِصْرٍ أَقَلَّ مِنْ نِصْفِ شَهْرٍ هَلْ يَحِلُّ لَهُ الْفِطْرُ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ كَمَا يَحِلُّ لَهُ قَصْرُ الصَّلَاةِ سَأَلْت عَنْهُ، وَلَمْ أَرَهُ صَرِيحًا وَإِنَّمَا رَأَيْت فِي الْبَدَائِعِ وَغَيْرِهَا: لَوْ أَرَادَ الْمُسَافِرُ دُخُولَ مِصْرِهِ أَوْ مِصْرٍ آخَرَ يَنْوِي فِيهِ الْإِقَامَةَ يُكْرَهُ لَهُ أَنْ يُفْطِرَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ وَإِنْ كَانَ مُسَافِرًا فِي أَوَّلِهِ لِأَنَّهُ اجْتَمَعَ الْمُحَرِّمُ لِلْفِطْرِ، وَهُوَ الْإِقَامَةُ وَالْمُبِيحُ أَوْ الْمُرَخِّصُ وَهُوَ السَّفَرُ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ فَكَانَ التَّرْجِيحُ لَلْمُحَرِّمِ احْتِيَاطًا، وَإِنْ كَانَ أَكْبَرُ رَأْيِهِ أَنَّهُ لَا يَتَّفِقُ دُخُولُهُ الْمِصْرَ حَتَّى تَغِيبَ الشَّمْسُ فَلَا بَأْسَ بِالْفِطْرِ فِيهِ اهـ فَتَقْيِيدُهُ بِنِيَّةِ الْإِقَامَةِ يُفْهِمُ أَنَّهُ بِدُونِهَا يُبَاحُ لَهُ الْفِطْرُ فِي يَوْمِ دُخُولِهِ وَلَوْ كَانَ أَوَّلَ النَّهَارِ لِعَدَمِ الْمُحَرِّمِ وَهُوَ الْإِقَامَةُ الشَّرْعِيَّةُ وَكَذَا فِي الْيَوْمِ الثَّانِي مَثَلًا.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ مُقْتَضَى الْقَوَاعِدِ الْجَوَازُ مَا لَمْ يُوجَدْ نَقْلٌ صَرِيحٌ بِخِلَافِهِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) أَيْ قُبَيْلَ قَوْلِهِ: وَلَا يُصَامُ يَوْمُ الشَّكِّ إلَّا تَطَوُّعًا ح (قَوْلُهُ قَالَ وَفِيهِ خِلَافُ الشَّافِعِيِّ) ضَمِيرُ قَالَ لِابْنِ الشِّحْنَةِ.

وَاسْتَشْكَلَ بِأَنَّ الْكَلَامَ نَاسِيًا لَا يُفْسِدُ الصَّلَاةَ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ، فَكَيْفَ يُفْسِدُهَا مُجَرَّدُ نِيَّةِ الْكَلَامِ قُلْت: فَرْقٌ بَيْنَ الْكَلَامِ نَاسِيًا وَنِيَّةِ الْكَلَامِ الْعَمْدِ فَإِنَّ الْعَمْدَ قَاطِعٌ لِلصَّلَاةِ.

ثُمَّ رَأَيْت ط أَجَابَ بِمَا ذَكَرَتْهُ مِنْ الْفَرْقِ ثُمَّ قَالَ: وَالْمُعْتَمَدُ مِنْ مَذْهَبِهِ عَدَمُ الْفَسَادِ (قَوْلُهُ لِنُدْرَةِ امْتِدَادِهِ) لِأَنَّ بَقَاءَ الْحَيَاةِ عِنْدَ امْتِدَادِهِ طَوِيلًا بِلَا أَكْلٍ وَلَا شُرْبٍ نَادِرٌ وَلَا حَرَجَ فِي النَّوَادِرِ كَمَا فِي الزَّيْلَعِيِّ (قَوْلُهُ فَلَا يَقْضِيهِ) لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِهِ أَنْ يَنْوِيَ الصَّوْمَ لَيْلًا حَمْلًا عَلَى الْأَكْلِ، وَلَوْ حَدَثَ لَهُ ذَلِكَ نَهَارًا أَمْكَنَ حَمْلُهُ كَذَلِكَ بِالْأَوْلَى، حَتَّى لَوْ كَانَ مُتَهَتِّكًا يَعْتَادُ الْأَكْلَ فِي رَمَضَانَ أَوْ مُسَافِرًا قَضَى الْكُلَّ كَذَا قَالُوا وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ بِمُسَافِرٍ يَضُرُّهُ الصَّوْمُ، أَمَّا مَنْ لَا يَضُرُّهُ فَلَا يَقْضِي ذَلِكَ الْيَوْمَ حَمْلًا لِأَمْرِهِ عَلَى الصَّلَاحِ لِمَا مَرَّ أَنَّ صَوْمَهُ أَفْضَلُ وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ إنَّ قَصْدَ صَوْمِ الْغَدِ فِي اللَّيَالِيِ مِنْ الْمُسَافِرِ لَيْسَ بِظَاهِرٍ مَمْنُوعٌ فِيمَا إذَا كَانَ لَا يَضُرُّهُ نَهْرٌ.

قُلْت: هَذَا الْمَنْعُ غَيْرُ ظَاهِرٍ خُصُوصًا فِيمَنْ كَانَ يُفْطِرُ فِي سَفَرِهِ قَبْلَ حُدُوثِ الْإِغْمَاءِ نَعَمْ هُوَ ظَاهِرٌ فِيمَنْ كَانَ يَصُومُ قَبْلَهُ أَوْ كَانَ عَادَتُهُ فِي أَسْفَارِهِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ إلَّا إذَا عَلِمَ إلَخْ) قَالَ الشُّمُنِّيُّ: وَهَذَا إذَا لَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ نَوَى أَوْ لَا إذَا عَلِمَ أَنَّهُ نَوَى فَلَا شَكَّ فِي الصِّحَّةِ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَنْوِ فَلَا شَكَّ فِي عَدَمِهَا، وَكَلَامُهُ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ فِي رَمَضَانَ فَلَوْ حَدَثَ لَهُ ذَلِكَ فِي شَعْبَانَ وَقَضَى الْكُلَّ نَهْرٌ أَيْ لِأَنَّ شَعْبَانَ لَا تَصِحُّ عَنْهُ نِيَّةُ رَمَضَانَ (قَوْلُهُ وَفِي الْجُنُونِ) مُتَعَلِّقٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>