للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِجَمِيعِ مَا يُمْكِنُهُ إنْشَاءُ الصَّوْمِ فِيهِ عَلَى مَا مَرَّ (لَا) يَقْضِي مُطْلَقًا لِلْحَرَجِ

(وَلَوْ نَذَرَ صَوْمَ الْأَيَّامِ الْمَنْهِيَّةِ أَوْ) صَوْمَ هَذِهِ (السَّنَةِ صَحَّ) مُطْلَقًا عَلَى الْمُخْتَارِ، وَفَرَّقُوا بَيْنَ النَّذْرِ وَالشُّرُوعِ فِيهَا بِأَنَّ نَفْسَ الشُّرُوعِ مَعْصِيَةٌ، وَنَفْسَ النَّذْرِ طَاعَةٌ فَصَحَّ (وَ) لَكِنَّهُ (أَفْطَرَ) الْأَيَّامَ الْمَنْهِيَّةَ

ــ

[رد المحتار]

يَقْضِي الْآتِيَ ط (قَوْلُهُ لِجَمِيعِ مَا يُمْكِنُهُ إنْشَاءُ الصَّوْمِ فِيهِ) وَهُوَ مَا بَيْنَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إلَى نِصْفِ النَّهَارِ مِنْ كُلِّ يَوْمٍ فَالْإِفَاقَةُ بَعْدَ هَذَا الْوَقْتِ إلَى قُبَيْلِ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَلَوْ مِنْ كُلِّ يَوْمٍ لَا تُعْتَبَرُ ط أَيْ لِأَنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ وَقْتَ النِّيَّةِ لَكِنَّ إنْشَاءَ الصَّوْمِ بِالْفِعْلِ لَا يَصِحُّ فِي اللَّيْلِ، وَلَا بَعْدَ نِصْفِ النَّهَارِ ثُمَّ هَذَا خِلَافُ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ الِاسْتِيعَابَ، فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ أَفَاقَ سَاعَةً مِنْهُ وَلَوْ لَيْلًا أَوْ بَعْدَ نِصْفِ النَّهَارِ أَنَّهُ يَقْضِي وَإِلَّا فَلَا وَقَدَّمْنَا أَوَّلَ كِتَابِ الصَّوْمِ تَحْرِيرَ الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ وَأَنَّهُمَا قَوْلَانِ مُصَحَّحَانِ وَأَنَّ الْمُعْتَمَدَ الثَّانِي لِكَوْنِهِ ظَاهِرَ الرِّوَايَةِ وَالْمُتُونِ (قَوْلُهُ عَلَى مَا مَرَّ) أَيْ عِنْدَ قَوْلِهِ وَسَبَبُ صَوْمِ رَمَضَانَ شُهُودُ جُزْءٍ مِنْ الشَّهْرِ ح (قَوْلُهُ لَا يَقْضِي مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْجُنُونُ أَصْلِيًّا أَوْ عَارِضًا بَعْدَ الْبُلُوغِ، قِيلَ هَذَا ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ.

وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُ إذَا بَلَغَ مَجْنُونًا الْتَحَقَ بِالصَّبِيِّ فَانْعَدَمَ الْخِطَابُ، بِخِلَافِ مَا إذَا بَلَغَ عَاقِلًا فَجُنَّ، وَهَذَا مُخْتَارُ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ هِدَايَةٌ قَالَ فِي الْعِنَايَةِ مِنْهُمْ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْجُرْجَانِيُّ وَالْإِمَامُ الرُّسْتُغْفَنِيُّ وَالزَّاهِدُ الصَّفَارُ اهـ وَفِي الشُّرُنْبُلَالِيُّ عَنْ الْبُرْهَانِ عَنْ الْمَبْسُوطِ لَيْسَ عَلَى الْمَجْنُونِ الْأَصْلِيِّ قَضَاءُ مَا مَضَى فِي الْأَصَحِّ اهـ أَيْ مَا مَضَى مِنْ الْأَيَّامِ قَبْلَ إفَاقَتِهِ.

[تَنْبِيهٌ]

لَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا اسْتَوْعَبَ الْجُنُونُ الشَّهْرَ كُلَّهُ لَا يَقْضِي بِلَا خِلَافٍ مُطْلَقًا وَإِلَّا فَفِيهِ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ فَقَوْلُهُ مُطْلَقًا هُنَا تَبَعًا لِلدُّرَرِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ وَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَذْكُرَهُ عَقِبَ قَوْلِهِ إنْ لَمْ يَسْتَوْعِبْ قَضَى مَا مَضَى لِيَكُونَ إشَارَةً إلَى الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ فَتَنَبَّهْ.

مَطْلَبٌ فِي الْكَلَامِ عَلَى النَّذْرِ (قَوْلُهُ وَلَوْ نَذَرَ إلَخْ) شُرُوعٌ فِيمَا يُوجِبُهُ الْعَبْدُ عَلَى نَفْسِهِ بَعْدَ ذِكْرِ مَا أَوْجَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ.

قَالَ فِي شَرْحِ الْمُلْتَقَى وَالنَّذْرُ عَمَلُ اللِّسَانِ وَشَرْطُ صِحَّتِهِ أَنْ لَا يَكُونَ مَعْصِيَةً كَشُرْبِ الْخَمْرِ وَلَا وَاجِبًا عَلَيْهِ فِي الْحَالِ كَأَنْ نَذَرَ صَوْمًا أَوْ صَلَاةً وَجَبَتَا عَلَيْهِ وَلَا فِي الْمَآلِ كَصَوْمٍ وَصَلَاةٍ سَيَجِبَانِ عَلَيْهِ وَأَنْ يَكُونَ مِنْ جِنْسِهِ وَاجِبٌ لِعَيْنِهِ مَقْصُودٌ وَلَا مَدْخَلَ فِيهِ لِقَضَاءِ الْقَاضِي اهـ وَسَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى تَمَامُ الْكَلَامِ عَلَى ذَلِكَ مَعَ بَقِيَّةِ أَبْحَاثِ النَّذْرِ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ (قَوْلُهُ أَوْ صَوْمُ هَذِهِ السَّنَةِ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَذْكُرَ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ صَرِيحًا كَيَوْمِ النَّحْرِ مَثَلًا أَوْ تَبَعًا كَصَوْمِ غَدٍ فَإِذَا هُوَ يَوْمَ النَّحْرِ أَوْ هَذِهِ السَّنَةَ أَوْ سَنَةً مُتَتَابِعَةً أَوْ أَبَدًا كَمَا فِي ح عَنْ الْقُهُسْتَانِيِّ (قَوْلُهُ صَحَّ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ صَرَّحَ بِذِكْرِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ أَوْ لَا كَمَا فِي الْبَحْرِ، وَهُوَ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْقُهُسْتَانِيِّ، وَسَوَاءٌ قَصَدَ مَا تَلَفَّظَ بِهِ أَوْ لَا وَلِهَذَا قَالَ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: رَجُلٌ أَرَادَ أَنْ يَقُولَ لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ يَوْمٍ فَجَرَى عَلَى لِسَانِهِ صَوْمُ شَهْرٍ كَانَ عَلَيْهِ صَوْمُ شَهْرٍ بَحْرٌ. اهـ. ح، وَكَذَا لَوْ أَرَادَ أَنْ يَقُولَ كَلَامًا فَجَرَى عَلَى لِسَانِهِ النَّذْرُ لَزِمَهُ لِأَنَّ هَزْلَ النَّذْرِ كَالْجِدِّ كَالطَّلَاقِ فَتْحٌ (قَوْلُهُ عَلَى الْمُخْتَارِ) وَرَوَى الثَّانِي عَنْ الْإِمَامِ عَدَمَ الصِّحَّةِ وَبِهِ قَالَ زُفَرُ.

وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْهُ أَنَّهُ إنْ عَيَّنَ لَمْ يَصِحَّ وَإِنْ قَالَ غَدًا فَوَافَقَ يَوْمَ النَّحْرِ صَحَّ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ نَذَرَتْ يَوْمَ حَيْضِهَا حَيْثُ لَا يَصِحُّ فَلَوْ قَالَتْ غَدًا فَوَافَقَ يَوْمَ حَيْضِهَا صَحَّ، وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ ظَاهِرَ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُصَرِّحَ بِذِكْرِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ أَوْ لَا وَلَا تَنَافِيَ بَيْنَ الصِّحَّةِ لِيَظْهَرَ أَثَرُهَا فِي وُجُوبِ الْقَضَاءِ وَالْحُرْمَةِ لِلْإِعْرَاضِ عَنْ الضِّيَافَةِ نَهْرٌ (قَوْلُهُ بِأَنَّ نَفْسَ الشُّرُوعِ مَعْصِيَةٌ) لِأَنَّهُ يَصِيرُ صَائِمًا بِنَفْسِ الشُّرُوعِ كَمَا قَدَّمْنَا تَقْرِيرَهُ، فَيَجِبُ تَرْكُهُ لِكَوْنِهِ مَعْصِيَةً فَلَا يَجِبُ قَضَاؤُهُ، وَأَمَّا نَفْسُ النَّذْرِ فَهُوَ طَاعَةٌ (قَوْلُهُ فَصَحَّ) الْأَوْلَى فَلَزِمَ لِأَنَّ هَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>