للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وُجُوبًا) تَحَامِيًا عَنْ الْمَعْصِيَةِ (وَقَضَاهَا) إسْقَاطًا لِلْوَاجِبِ (وَإِنْ صَامَهَا خَرَجَ عَنْ الْعُهْدَةِ) مَعَ الْحُرْمَةِ، وَهَذَا إذَا نَذَرَ قَبْلَ الْأَيَّامِ الْمَنْهِيَّةِ فَلَوْ بَعْدَهَا لَمْ يَنْقُضْ شَيْئًا.

وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ بَاقِي السَّنَةِ عَلَى مَا هُوَ الصَّوَابُ وَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ نَكَّرَ السَّنَةَ أَوْ شَرَطَ التَّتَابُعَ فَيُفْطِرُهَا لَكِنَّهُ يَقْضِيهَا هُنَا مُتَتَابِعَةً، وَيُعِيدُ لَوْ أَفْطَرَ يَوْمًا بِخِلَافِ الْمُعَيَّنَةِ، وَلَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ التَّتَابُعَ يَقْضِي خَمْسَةً وَثَلَاثِينَ وَلَا يُجْزِيهِ صَوْمُ الْخَمْسَةِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ.

وَاعْلَمْ أَنَّ صِيغَةَ النَّذْرِ تَحْتَمِلُ الْيَمِينَ فَلِذَا كَانَتْ سِتَّ صُوَرٍ ذَكَرَهَا بِقَوْلِهِ (فَإِنْ لَمْ يَنْوِ) بِنَذْرِهِ الصَّوْمَ (شَيْئًا أَوْ نَوَى النَّذْرَ فَقَطْ) دُونَ الْيَمِينِ (أَوْ نَوَى) (النَّذْرَ وَنَوَى أَنْ لَا يَكُونَ يَمِينًا كَانَ) فِي هَذِهِ الثَّلَاثِ صُوَرٍ (نَذْرًا فَقَطْ) إجْمَاعًا

ــ

[رد المحتار]

الْفَرْقَ بَيْنَ لُزُومِهِ بِالنَّذْرِ، وَعَدَمَ لُزُومِهِ بِالشُّرُوعِ، أَمَّا نَفْسُ الصِّحَّةِ فَهِيَ ثَابِتَةٌ فِيهِمَا وَلِذَا لَوْ صَامَهُ فِيهِمَا أَجْزَأَهُ وَلَوْ لَمْ يَصِحَّ لَمْ يُجْزِهِ أَفَادَهُ الرَّحْمَتِيُّ (قَوْلُهُ وُجُوبًا) وَقَوْلُهُ فِي النِّهَايَةِ الْأَفْضَلُ الْفِطْرُ تَسَاهُلٌ بَحْرٌ (قَوْلُهُ تَحَامِيًا عَنْ الْمَعْصِيَةِ) أَيْ الْمُجَاوَرَةِ وَهِيَ الْإِعْرَاضُ عَنْ إجَابَةِ دَعْوَةِ اللَّهِ تَعَالَى ط (قَوْلُهُ وَقَضَاهَا إلَخْ) رَوَى مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ زِيَادِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إلَى ابْنِ عُمَرَ فَقَالَ: إنِّي نَذَرْت أَنْ أَصُومَ يَوْمًا فَوَافَقَ يَوْمَ أَضْحًى أَوْ فِطْرٍ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: أَمَرَ اللَّهُ بِوَفَاءِ النَّذْرِ، وَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ صِيَامِ هَذَا الْيَوْمِ.

وَالْمَعْنَى: أَنَّهُ يُمْكِنُ قَضَاؤُهُ فَيَخْرُجُ بِهِ عَنْ عُهْدَةِ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ شَرْحُ الْوِقَايَةِ لِلْقَارِي (قَوْلُهُ خَرَجَ عَنْ الْعُهْدَةِ) لِأَنَّهُ أَدَّاهُ كَمَا الْتَزَمَ بَحْرٌ (قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ قَضَاءُ الْأَيَّامِ الْمَنْهِيَّةِ فِي صُورَةِ نَذَرَ صَوْمِ السَّنَةِ الْمُعَيَّنَةِ ط (قَوْلُهُ فَلَوْ بَعْدَهَا) بِأَنْ وَقَعَ النَّذْرُ مِنْهُ لَيْلَةَ الرَّابِعَ عَشَرَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ مَثَلًا فَافْهَمْ (قَوْلُهُ بَاقِيَ السَّنَةِ) وَهُوَ تَمَامُ ذِي الْحِجَّةِ (قَوْلُهُ عَلَى مَا هُوَ الصَّوَابُ) وَهُوَ الَّذِي حَقَّقَهُ فِي الْفَتْحِ، فَإِنَّ صَاحِبَ الْغَايَةِ لَمَّا قَالَ يَلْزَمُهُ مَا بَقِيَ قَالَ الزَّيْلَعِيُّ هَذَا سَهْوٌ لِأَنَّ هَذِهِ السَّنَةَ عِبَارَةٌ عَنْ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا مِنْ وَقْتِ النَّذْرِ إلَى وَقْتِ النَّذْرِ.

وَرَدَّهُ فِي الْفَتْحِ بِأَنَّهُ هُوَ السَّهْوُ لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ كَمَا فِي الْغَايَةِ مَنْقُولَةٌ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْخَانِيَّةِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ وَهَذَا الشَّهْرُ وَهَذَا لِأَنَّ كُلَّ سَنَةٍ عَرَبِيَّةٍ مُعَيَّنَةٍ عِبَارَةٌ عَنْ مُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ فَإِذَا قَالَ هَذِهِ فَإِنَّمَا تُفِيدُ الْإِشَارَةَ إلَى الَّتِي هُوَ فِيهَا، فَحَقِيقَةُ كَلَامِهِ أَنَّهُ نَذَرَ الْمُدَّةَ الْمَاضِيَةَ، وَالْمُسْتَقْبِلَةَ فَيَلْغُو فِي حَقِّ الْمَاضِي، كَمَا يَلْوِ فِي قَوْلِهِ: لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ أَمْسِ كَذَا فِي النَّهْرِ ح (قَوْلُهُ وَكَذَا الْحُكْمُ) الْإِشَارَةُ إلَى مَا فِي الْمَتْنِ مِنْ حُكْمِ السَّنَةِ الْمُعَيَّنَةِ (قَوْلُهُ فَيُفْطِرُهَا) أَيْ الْأَيَّامَ الْمَنْهِيَّةَ قَالَ ح: وَإِنْ صَامَهَا خَرَجَ عَنْ الْعُهْدَةِ لِأَنَّهُ أَدَّاهَا كَمَا الْتَزَمَهَا (قَوْلُهُ لَكِنَّهُ يَقْضِيهَا هُنَا مُتَتَابِعَةً) أَيْ مَوْصُولَةً بِآخِرِ السَّنَةِ مِنْ غَيْرِ فَاصِلٍ تَحْقِيقًا لِلتَّتَابُعِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ ح عَنْ الْبَحْرِ، وَأَشَارَ إلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ قَضَاءُ شَهْرٍ عَنْ رَمَضَانَ كَمَا لَا يَجِبُ فِي الْمُعَيَّنَةِ لِأَنَّهُ لَمَّا أَدْرَكَهُ لَمْ يَصِحَّ نَذْرُهُ إذْ هُوَ مُسْتَحَقٌّ عَلَيْهِ بِإِيجَابِ اللَّهِ تَعَالَى فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى صَرْفِهِ إلَى غَيْرِهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا أَوْجَبَهُ وَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَهُ حَيْثُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُوصِيَ بِإِطْعَامِ شَهْرٍ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يُدْرِكْهُ صَارَ كَإِيجَابِ شَهْرٍ غَيْرِهِ سِرَاجٌ (قَوْلُهُ وَيُعِيدُ لَوْ أَفْطَرَ يَوْمًا) أَيْ يُعِيدُ الْأَيَّامَ الَّتِي صَامَهَا قَبْلَ الْيَوْمِ الَّذِي أَفْطَرَ فِيهِ ح: أَيْ وَلَوْ كَانَ آخِرَ الْأَيَّامِ ط (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْمُعَيَّنَةِ) أَيْ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ قَضَاءُ الْأَيَّامِ الْمَنْهِيَّةِ فِيهَا مُتَتَابِعَةً لِأَنَّ التَّتَابُعَ فِيهَا ضَرُورَةَ تَعَيُّنِ الْوَقْتِ ح وَلِذَا لَوْ أَفْطَرَ يَوْمًا فِيهَا لَا يَلْزَمُهُ إلَّا قَضَاؤُهُ ط (قَوْلُهُ وَلَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ) أَيْ فِي الْمُنَكَّرَةِ (قَوْلُهُ يَقْضِي خَمْسَةً وَثَلَاثِينَ) هِيَ رَمَضَانُ وَالْخَمْسَةُ الْمَنْهِيَّةُ ح أَيْ لِأَنَّ صَوْمَهُ فِي الْخَمْسَةِ نَاقِصٌ فَلَا يُجْزِيهِ عَنْ الْكَامِلِ وَشَهْرُ رَمَضَانَ لَا يَكُونُ إلَّا عَنْهُ، فَيَجِبُ الْقَضَاءُ بِقَدْرِهِ.

وَيَنْبَغِي أَنْ يَصِلَ ذَلِكَ بِمَا مَضَى وَإِنْ لَمْ يَصِلْ يَخْرُجُ عَنْ الْعُهْدَةِ عَلَى الصَّحِيحِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ) أَيْ بِخِلَافِ الْمُعَيَّنَةِ أَوْ الْمُنَكَّرَةِ الْمَشْرُوطِ فِيهَا التَّتَابُعُ لِأَنَّهَا لَا تَخْلُو عَنْ الْأَيَّامِ الْخَمْسَةِ فَيَكُونُ نَاذِرًا صَوْمَهَا أَمَّا الْمُنَكَّرَةُ بِلَا شَرْطِ تَتَابُعٍ فَإِنَّهَا اسْمٌ لِأَيَّامٍ مَعْدُودَةٍ وَيُمْكِنُ فَصْلُ الْمَعْدُودَةِ عَنْ رَمَضَانَ وَعَنْ تِلْكَ الْأَيَّامِ كَمَا أَفَادَهُ فِي السِّرَاجِ.

(قَوْلُهُ تَحْتَمِلُ الْيَمِينَ) أَيْ مُصَاحِبَةً لِلنَّذْرِ وَمُنْفَرِدَةً عَنْهُ ط (قَوْلُهُ بِنَذْرِهِ) أَيْ بِالصِّيغَةِ الدَّالَّةِ عَلَيْهِ ط (قَوْلُهُ فَقَطْ) أَيْ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِلْيَمِينِ نَفْيًا وَإِثْبَاتًا وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ دُونَ الْيَمِينِ بِخِلَافِ

<<  <  ج: ص:  >  >>