فَإِنَّهُ يُورِثُ الْعَمَى، ثُمَّ يَغْسِلُهُ، وَإِلَّا فَيَسْتَاكُ الشَّيْطَانُ بِهِ، وَلَا يُزَادُ عَلَى الشِّبْرِ، وَإِلَّا فَالشَّيْطَانُ يَرْكَبُ عَلَيْهِ، وَلَا يَضَعُهُ بَلْ يَنْصِبُهُ، وَإِلَّا فَخَطَرُ الْجُنُونِ قُهُسْتَانِيٌّ. وَيُكْرَهُ بِمُؤْذٍ، وَيَحْرُمُ بِذِي سُمٍّ.
وَمِنْ مَنَافِعِهِ أَنَّهُ شِفَاءٌ لِمَا دُونَ الْمَوْتِ، وَمُذَكِّرٌ لِلشَّهَادَةِ عِنْدَهُ. وَعِنْدَ فَقْدِهِ أَوْ فَقْدِ أَسْنَانِهِ تَقُومُ الْخِرْقَةُ الْخَشِنَةُ أَوْ الْأُصْبُعُ مَقَامَهُ، كَمَا يَقُومُ الْعِلْكُ مَقَامَهُ لِلْمَرْأَةِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ.
(وَغَسْلُ الْفَمِ) أَيْ اسْتِيعَابُهُ، وَلِذَا عَبَّرَ بِالْغَسْلِ -
ــ
[رد المحتار]
الْحَكِيمُ التِّرْمِذِيُّ: وَابْلَعْ رِيقَك أَوَّلَ مَا تَسْتَاكُ؛ فَإِنَّهُ يَنْفَعُ الْجُذَامَ وَالْبَرَصَ وَكُلَّ دَاءٍ سِوَى الْمَوْتِ، وَلَا تَبْلَعْ بَعْدَهُ شَيْئًا؛ فَإِنَّهُ يُورِثُ الْوَسْوَسَةَ، يَرْوِيه زِيَادُ بْنُ عَلَاقَةَ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَضَعُهُ إلَخْ) أَيْ لَا يُلْقِيه عَرْضًا بَلْ يَنْصِبُهُ طُولًا. قَالَ الْقُهُسْتَانِيُّ: وَمَوْضِعُ سِوَاكِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ أُذُنِهِ مَوْضِعُ الْقَلَمِ مِنْ أُذُنِ الْكَاتِبِ، وَأَسْوِكَةُ أَصْحَابِهِ خَلَفَ آذَانِهِمْ، كَمَا قَالَ الْحَكِيمُ التِّرْمِذِيُّ، وَكَانَ بَعْضُهُمْ يَضَعُهُ فِي طَيِّ عِمَامَتِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَخَطَرُ الْجُنُونِ) فَإِنَّهُ يُرْوَى عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: مَنْ وَضَعَ سِوَاكَهُ بِالْأَرْضِ فَجُنَّ مِنْ ذَلِكَ فَلَا يَلُومَنَّ إلَّا نَفْسَهُ، حِلْيَةٌ عَنْ الْحَكِيمِ التِّرْمِذِيِّ.
(قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ بِمُؤْذٍ) قَالَ فِي الْحِلْيَةِ: وَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ كَرَاهَتُهُ بِقُضْبَانِ الرُّمَّانِ وَالرَّيْحَانِ. اهـ. وَفِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ لِلْعَيْنِيِّ: رَوَى الْحَارِثُ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ ضُمَيْرِ بْنِ حَبِيبٍ قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ السِّوَاكِ بِعُودِ الرَّيْحَانِ، وَقَالَ: إنَّهُ يُحَرِّكُ عِرْقَ الْجُذَامِ» وَفِي النَّهْرِ: وَيَسْتَاكُ بِكُلِّ عُودٍ إلَّا الرُّمَّانَ وَالْقَصَبَ. وَأَفْضَلُهُ الْأَرَاكُ ثُمَّ الزَّيْتُونُ. رَوَى الطَّبَرَانِيُّ «نِعْمَ السِّوَاكُ الزَّيْتُونُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ، وَهُوَ سِوَاكِي وَسِوَاكُ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِي» مَطْلَبٌ فِي مَنَافِعِ السِّوَاكِ (قَوْلُهُ: وَمِنْ مَنَافِعِهِ إلَخْ) فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ عَنْ حَاشِيَةِ صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ لِلْفَارِضِيِّ: أَنَّ مِنْهَا أَنَّهُ يُبْطِئُ بِالشَّيْبِ، وَيُحِدُّ الْبَصَرَ. وَأَحْسَنُهَا أَنَّهُ شِفَاءٌ لِمَا دُونَ الْمَوْتِ، وَأَنَّهُ يُسْرِعُ فِي الْمَشْيِ عَلَى الصِّرَاطِ. اهـ. وَمِنْهَا مَا فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ، وَمَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ، وَمَفْرَحَةٌ لِلْمَلَائِكَةِ، وَمَجْلَاةٌ لِلْبَصَرِ، وَيُذْهِبُ الْبَخَرَ وَالْحَفْرَ، وَيُبَيِّضُ الْأَسْنَانَ، وَيَشُدُّ اللِّثَةَ، وَيَهْضِمُ الطَّعَامَ، وَيَقْطَعُ الْبَلْغَمَ، وَيُضَاعِفُ الصَّلَاةَ، وَيُطَهِّرُ طَرِيقَ الْقُرْآنِ، وَيَزِيدُ فِي الْفَصَاحَةِ، وَيُقَوِّي الْمَعِدَةَ، وَيُسْخِطُ الشَّيْطَانَ، وَيَزِيدُ فِي الْحَسَنَاتِ، وَيَقْطَعُ الْمُرَّةَ، وَيُسَكِّنُ عُرُوقَ الرَّأْسِ، وَوَجَعَ الْأَسْنَانِ، وَيُطَيِّبُ النَّكْهَةَ، وَيُسَهِّلُ خُرُوجَ الرُّوحِ.
قَالَ فِي النَّهْرِ: وَمَنَافِعُهُ وَصَلَّتْ إلَى نَيِّفٍ وَثَلَاثِينَ مَنْفَعَةً، أَدْنَاهَا إمَاطَةُ الْأَذَى، وَأَعْلَاهَا تَذْكِيرُ الشَّهَادَةِ عِنْدَ الْمَوْتِ، رَزَقَنَا اللَّهُ بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ (قَوْلُهُ: عِنْدَهُ) أَيْ عِنْدَ الْمَوْتِ (قَوْلُهُ: أَوْ الْأُصْبُعُ) قَالَ فِي الْحِلْيَةِ: ثُمَّ بِأَيِّ أُصْبُعٍ اسْتَاكَ لَا بَأْسَ بِهِ. وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَسْتَاكَ بِالسِّبَابَتَيْنِ، يَبْدَأُ بِالسَّبَّابَةِ الْيُسْرَى ثُمَّ بِالْيُمْنَى، وَإِنْ شَاءَ اسْتَاكَ بِإِبْهَامِهِ الْيُمْنَى وَالسَّبَّابَةِ الْيُمْنَى، يَبْدَأُ بِالْإِبْهَامِ مِنْ الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ فَوْقَ وَتَحْتَ، ثُمَّ السَّبَّابَةُ مِنْ الْأَيْسَرِ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: كَمَا يَقُومُ الْعِلْكُ مَقَامَهُ) أَيْ فِي الثَّوَابِ إذَا وُجِدَتْ النِّيَّةُ، وَذَلِكَ أَنَّ الْمُوَاظَبَةَ عَلَيْهِ تُضْعِفُ أَسْنَانَهَا فَيُسْتَحَبُّ لَهَا فِعْلُهُ بَحْرٌ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَتَقَيَّدُ بِحَالِ الْمَضْمَضَةِ ط
(قَوْلُهُ: وَلِذَا عَبَّرَ بِالْغَسْلِ) أَفَادَ أَنَّ الِاسْتِيعَابَ يُفَادُ بِالْغَسْلِ دُونَ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ، وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّهُمَا كَذَلِكَ فَالْمَضْمَضَةُ اصْطِلَاحًا اسْتِيعَابُ الْمَاءِ جَمِيعَ الْفَمِ. وَفِي اللُّغَةِ التَّحْرِيكُ. وَالِاسْتِنْشَاقُ اصْطِلَاحًا إيصَالُ الْمَاءِ إلَى الْمَارِنِ. وَلُغَةً مِنْ النَّشْقِ، وَهُوَ جَذْبُ الْمَاءِ وَنَحْوِهِ بِرِيحِ الْأَنْفِ إلَى دَاخِلِهِ بَحْرٌ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ مَا قَالَهُ الزَّيْلَعِيُّ، وَهُوَ أَنَّ السُّنَّةَ فِيهِمَا الْمُبَالَغَةُ، وَالْغَسْلُ أَدَلُّ عَلَى ذَلِكَ.
وَأَوْرَدَ أَنَّ الْمُبَالَغَةَ الْمَذْكُورَةَ لَيْسَتْ نَفْسَ الِاسْتِيعَابِ، عَلَى أَنَّ الْمُبَالَغَةَ سُنَّةٌ أُخْرَى، فَالتَّعْبِيرُ عَنْهَا وَعَنْ أَصْلِهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute