للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(فَلَوْ نَوَى فِي) نَذَرَ (الْأَيَّامِ النَّهَارَ خَاصَّةً صَحَّتْ نِيَّتُهُ) لِنِيَّتِهِ الْحَقِيقَةِ (وَإِنْ نَوَى بِهَا) أَيْ بِالْأَيَّامِ (اللَّيَالِيَ لَا) بَلْ يَلْزَمُهُ كِلَاهُمَا

ــ

[رد المحتار]

لَا يَقْضِي كَمَا فِي صَوْمِ رَمَضَانَ. وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ: أَنَّ سُقُوطَ الْقَضَاءِ فِي صَوْمِ رَمَضَانَ إنَّمَا كَانَ لِدَفْعِ الْحَرَجِ لِأَنَّ الْجُنُونَ إذَا طَالَ قَلَّمَا يَزُولُ فَيَتَكَرَّرُ عَلَيْهِ صَوْمُ رَمَضَانَ فَيَخْرُجُ فِي قَضَائِهِ وَهَذَا الْمَعْنَى لَا يَتَحَقَّقُ فِي الِاعْتِكَافِ فَتْحٌ.

(قَوْلُهُ وَلَزِمَهُ اللَّيَالِي) أَيْ اعْتِكَافُهَا مَعَ الْأَيَّامِ (قَوْلُهُ بِلِسَانِهِ) فَلَا يَكْفِي مُجَرَّدُ نِيَّةِ الْقَلْبِ فَتْحٌ وَقَدْ مَرَّ (قَوْلُهُ اعْتِكَافُ أَيَّامٍ) كَعَشْرَةٍ مَثَلًا (قَوْلُهُ وِلَاءً) حَالٌ مِنْ اللَّيَالِي وَالْأَصْلُ أَنَّهُ مَتَى دَخَلَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ فِي اعْتِكَافِهِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ مُتَتَابِعًا وَلَا يُجْزِيهِ لَوْ فَرَّقَ بَحْرٌ وَكَذَا لَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَ شَهْرٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ لَزِمَهُ اعْتِكَافُ شَهْرٍ أَيِّ شَهْرٍ كَانَ مُتَتَابِعًا فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، بِخِلَافِ مَا إذَا نَذَرَ صَوْمَ شَهْرٍ وَلَمْ يَذْكُرْ التَّتَابُعَ وَلَا نَوَاهُ فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ إنْ شَاءَ فَرَّقَ لِأَنَّ الِاعْتِكَافَ عِبَادَةٌ دَائِمَةٌ وَمَبْنَاهَا عَلَى الِاتِّصَالِ لِأَنَّهُ لَبْثٌ وَإِقَامَةٌ وَاللَّيَالِي قَابِلَةٌ لِذَلِكَ بِخِلَافِ الصَّوْمِ وَتَمَامُهُ فِي الْبَدَائِعِ (قَوْلُهُ كَعَكْسِهِ) وَهُوَ نَذَرَ اعْتِكَافَ اللَّيَالِيِ فَتَلْزَمُهُ الْأَيَّامُ ط (قَوْلُهُ بِلَفْظِ الْجَمْعِ) كَثَلَاثِينَ يَوْمًا أَوْ لَيْلَةً وَكَذَا ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ فَإِنَّهُ فِي حُكْمِ الْجَمْعِ، وَلِذَا يُتْبَعُ بِهِ الْجَمْعُ كَرِجَالٍ ثَلَاثَةٍ، وَإِنْ أَرَادَ بِالْعَدَدَيْنِ الْمَعْدُودَيْنِ يَكُونُ التَّمْيِيزُ فِي الْمِثَالِ الْأَوَّلِ فِي حُكْمِ الْجَمْعِ لِوُقُوعِهِ تَمْيِيزًا وَبَيَانًا لِذَاتِ الْجَمْعِ أَعْنِي الثَّلَاثِينَ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَكَذَا التَّثْنِيَةُ) فَإِنَّهَا فِي حُكْمِ الْجَمْعِ فَيَلْزَمُهُ اعْتِكَافُ يَوْمَيْنِ بِلَيْلَتِهِمَا، وَهَذَا عِنْدَهُمَا.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: لَا تَدْخُلُ اللَّيْلَةُ الْأُولَى بَدَائِعُ. وَأَفَادَ أَنَّ الْمُفْرَدَ لَا تَدْخُلُ فِي اللَّيْلَةِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ يَتَنَاوَلُ الْآخَرَ) أَيْ بِحُكْمِ الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ تَقُولُ كُنَّا عِنْدَ فُلَانٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَتُرِيدُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَمَا بِإِزَائِهَا مِنْ اللَّيَالِيِ وَقَالَ تَعَالَى - {ثَلاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا} [مريم: ١٠]- وَ - {ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلا رَمْزًا} [آل عمران: ٤١]- فَعَبَّرَ فِي مَوْضِعٍ بِاسْمِ اللَّيَالِي وَفِي مَوْضِعٍ بِاسْمِ الْأَيَّامِ وَالْقِصَّةُ وَاحِدَةٌ، فَالْمُرَادُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا هُوَ بِإِزَاءِ صَاحِبِهِ حَتَّى إنَّهُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي لَمْ تَكُنْ الْأَيَّامُ فِيهِ عَلَى عَدَدِ اللَّيَالِيِ أَفْرَدَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالذِّكْرِ كَقَوْلِهِ - {سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا} [الحاقة: ٧]- كَمَا فِي الْبَدَائِعِ.

(قَوْلُهُ فَلَوْ نَوَى إلَخْ) لَمَا ذَكَرَ لُزُومَ اللَّيَالِيِ تَبَعًا لِلْأَيَّامِ وَلَوْ يُقَيَّدُ ذَلِكَ بِنِيَّتِهِمَا أَوْ عَدَمِهَا عُلِمَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ، ثُمَّ فَرَّعَ عَلَيْهِ مَا لَوْ نَوَى أَحَدُهُمَا خَاصَّةً حَيْثُ كَانَ فِي الْكَلَامِ السَّابِقِ إشَارَةٌ إلَى مُخَالَفَةِ حُكْمِهِ لَهُ فَصَحَّ التَّفْرِيعُ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ النَّهَارُ) أَيْ جِنْسُهُ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ النُّهُرُ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ وَقِيلَ لَا يُجْمَعُ كَالْعَذَابِ وَالسَّرَابِ كَمَا فِي الْقَامُوسِ (قَوْلُهُ صَحَّتْ نِيَّتُهُ) فَيَلْزَمُهُ الْأَيَّامُ بِغَيْرِ لَيْلٍ، وَلَهُ خِيَارُ التَّفْرِيقِ لِأَنَّ الْقُرْبَةَ تَعَلَّقَتْ بِالْأَيَّامِ، وَهِيَ مُتَفَرِّقَةٌ، فَلَا يَلْزَمُهُ التَّتَابُعُ إلَّا بِالشَّرْطِ كَمَا فِي الصَّوْمِ وَيَدْخُلُ الْمَسْجِدَ كُلَّ يَوْمٍ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ، وَيَخْرُجُ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ بَدَائِعُ (قَوْلُهُ لِنِيَّتِهِ الْحَقِيقَةِ) أَيْ اللُّغَوِيَّةِ أَمَّا الْعُرْفِيَّةُ، فَتَشْمَلُ اللَّيَالِيَ كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَإِذَا كَانَ لِلَّفْظِ حَقِيقَةٌ لُغَوِيَّةٌ وَحَقِيقَةٌ عُرْفِيَّةٌ يَنْصَرِفُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ عِنْدَ أَهْلِ الْعُرْفِ إلَى الْعُرْفِيَّةِ كَمَا نَصُّوا عَلَيْهِ فَلِذَا احْتَاجَ إلَى النِّيَّةِ إذَا أُرِيدَ بِهِ الْحَقِيقَةُ اللُّغَوِيَّةُ، وَبِهِ انْدَفَعَ مَا أَوْرَدَ مِنْ أَنَّ الْحَقِيقَةَ لَا تَحْتَاجُ إلَى قَرِينَةٍ وَنِيَّةٍ، وَأَفَادَ فِي الْبَدَائِعِ أَنَّ الْعُرْفَ أَيْضًا فِي اسْتِعْمَالِ اللُّغَوِيَّةِ بَاقٍ فَصَحَّتْ نِيَّتُهُ اهـ فَكَانَ الْعُرْفُ مُشْتَرَكًا وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْأَكْثَرَ اسْتِعْمَالُ خِلَافِ اللُّغَوِيِّ، فَلِذَا انْصَرَفَ إلَيْهِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَاحْتَاجَ اللُّغَوِيُّ إلَى النِّيَّةِ (قَوْلُهُ لَا) أَيْ لَا تَصِحُّ نِيَّتُهُ لِأَنَّهُ نَوَى مَا لَا يَحْتَمِلُهُ كَلَامُهُ بَحْرٌ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إمَّا أَنْ يَأْتِيَ بِلَفْظِ الْمُفْرَدِ أَوْ الْمُثَنَّى أَوْ الْمَجْمُوعِ، وَكُلٌّ مِنْ الثَّلَاثَةِ إمَّا أَنْ يَكُونَ الْيَوْمَ أَوْ اللَّيْلَ وَكُلٌّ مِنْ السِّتَّةِ إمَّا أَنْ يَنْوِيَ الْحَقِيقَةَ أَوْ الْمَجَازَ أَوْ يَنْوِيَهُمَا أَوْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَهِيَ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ وَعَلِمْت حُكْمَ الْمُثَنَّى وَالْمَجْمُوعِ بِأَقْسَامِهِمَا بَقِيَ الْمُفْرَدُ فَلَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَ يَوْمٍ لَزِمَهُ فَقَطْ نَوَاهُ أَوْ لَمْ يَنْوِ وَإِنْ نَوَى اللَّيْلَةَ مَعَهُ لَزِمَاهُ، وَلَوْ نَذَرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>