للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَمِنْهُ الْمُبَاحُ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهِ لَا عِنْدَ عَدَمِهَا وَهُوَ مَحْمَلُ مَا فِي الْفَتْحِ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ فِي الْمَسْجِدِ، يَأْكُلُ الْحَسَنَاتِ كَمَا تَأْكُلُ النَّارُ الْحَطَبَ كَمَا حَقَّقَهُ فِي النَّهْرِ (كَقِرَاءَةِ قُرْآنٍ وَحَدِيثٍ وَعِلْمٍ) وَتَدْرِيسٍ فِي سِيَرِ الرَّسُولِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَقَصَصِ الْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمْ السَّلَامُ - وَحِكَايَاتِ الصَّالِحِينَ وَكِتَابَةِ أُمُورِ الدِّينِ.

(وَبَطَلَ بِوَطْءٍ فِي فَرْجٍ) أَنْزَلَ أَمْ لَا (وَلَوْ) كَانَ وَطْؤُهُ خَارِجَ الْمَسْجِدِ (لَيْلًا) أَوْ نَهَارًا عَامِدًا (أَوْ نَاسِيًا) فِي الْأَصَحِّ لِأَنَّ حَالَتَهُ مُذَكِّرَةٌ (وَ) بَطَلَ (بِإِنْزَالٍ بِقُبْلَةٍ أَوْ لَمْسٍ) أَوْ تَفْخِيذٍ وَلَوْ لَمْ يُنْزِلْ لَمْ يَبْطُلْ وَإِنْ حَرُمَ الْكُلُّ لِعَدَمِ الْحَرَجِ وَلَا يَبْطُلُ بِإِنْزَالٍ بِفِكْرٍ أَوْ نَظَرٍ، وَلَا بِسُكْرٍ لَيْلًا وَلَا بِأَكْلٍ نَاسِيًا لِبَقَاءِ الصَّوْمِ بِخِلَافِ أَكْلِهِ عَمْدًا وَرِدَّتِهِ وَكَذَا إغْمَاؤُهُ وَجُنُونُهُ إنْ دَامَا أَيَّامًا فَإِنْ دَامَ جُنُونُهُ سَنَةً قَضَاهُ اسْتِحْسَانًا

(وَلَزِمَهُ اللَّيَالِي بِنَذْرِهِ) بِلِسَانِهِ (اعْتِكَافُ أَيَّامٍ وِلَاءً) أَيْ مُتَتَابِعَةً وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ التَّتَابُعَ (كَعَكْسِهِ) لِأَنَّ ذِكْرَ أَحَدِ الْعَدَدَيْنِ بِلَفْظِ الْجَمْعِ وَكَذَا التَّثْنِيَةُ يَتَنَاوَلُ الْآخَرَ

ــ

[رد المحتار]

جَعْلُ الْجَارِّ مُتَعَلِّقًا بِمَحْذُوفٍ وَالِاسْتِثْنَاءِ مِنْ تَكَلُّمِ الْمَذْكُورِ.

وَالْمَعْنَى: وَكُرِهَ تَكَلُّمٌ إلَّا تَكَلُّمًا بِخَيْرٍ فَحُذِفَ الْمُتَعَلِّقُ الْخَاصُّ لِلْقَرِينَةِ، فَيَكُونُ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ كَلَامٍ تَامٍّ مُوجِبٍ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَمِنْهُ الْمُبَاحُ إلَخْ) أَيْ مِمَّا لَا إثْمَ فِيهِ وَهَذَا مَا اسْتَظْهَرَهُ فِي النَّهْرِ أَخْذًا مِنْ الْعِنَايَةِ وَبِهِ رُدَّ عَلَى مَا فِي الْبَحْرِ مِنْ أَنَّ الْأَوْلَى تَفْسِيرُ الْخَيْرِ بِمَا فِيهِ ثَوَابٌ فَيُكْرَهُ لِلْمُعْتَكِفِ التَّكَلُّمُ بِالْمُبَاحِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ أَيْ غَيْرِ الْمُعْتَكِفِ اهـ بِأَنَّهُ لَا شَكَّ فِي عَدَمِ اسْتِغْنَائِهِ عَنْ الْمُبَاحِ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهِ فَكَيْفَ يُكْرَهُ لَهُ مُطْلَقًا اهـ وَالْمُرَادُ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الْقُرْبَةَ وَإِلَّا فَفِيهِ ثَوَابٌ (قَوْلُهُ وَهُوَ) أَيْ الْمُبَاحُ عِنْدَ عَدَمِ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ ط (قَوْلُهُ إنَّهُ مَكْرُوهٌ) أَيْ إذَا جَلَسَ لَهُ كَمَا قَيَّدَهُ فِي الظَّهِيرِيَّةِ ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ قُبَيْلَ الْوِتْرِ.

وَفِي الْمِعْرَاجِ عَنْ شَرْحِ الْإِرْشَادِ: لَا بَأْسَ بِالْحَدِيثِ فِي الْمَسْجِدِ إذَا كَانَ قَلِيلًا فَأَمَّا أَنْ يُقْصَدَ الْمَسْجِدُ لِلْحَدِيثِ فِيهِ فَلَا اهـ وَظَاهِرُ الْوَعِيدِ أَنَّ الْكَرَاهَةَ فِيهِ تَحْرِيمِيَّةٌ.

(قَوْلُهُ فِي فَرْجٍ) أَيْ قُبُلٍ أَوْ دُبُرٍ (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ وَطْؤُهُ خَارِجَ الْمَسْجِدِ) عَمَّمَهُ تَبَعًا لِلدُّرَرِ إشَارَةً إلَى رَدِّ مَا فِي الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ أَنَّ الْمُعْتَكِفَ إنَّمَا يَكُونُ فِي الْمَسْجِدِ، فَلَا يَتَهَيَّأُ لَهُ الْوَطْءُ ثُمَّ قَالَ: وَأَوَّلُوهُ بِأَنَّهُ جَازَ لَهُ الْخُرُوجُ لِلْحَاجَةِ الْإِنْسَانِيَّةِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ يَحْرُمُ عَلَيْهِ الْوَطْءُ وَذَكَرَ فِي شَرْحِ التَّأْوِيلَاتِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَخْرُجُونَ وَيَقْضُونَ حَاجَتَهُمْ فِي الْجِمَاعِ ثُمَّ يَغْتَسِلُونَ فَيَرْجِعُونَ إلَى مُعْتَكَفِهِمْ فَنَزَلَ قَوْله تَعَالَى - {وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: ١٨٧]- اهـ قَالَ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ وَفِيهِ نَظَرٌ لِإِمْكَانِ الْوَطْءِ فِي الْمَسْجِدِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ حُرْمَةٌ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى وَهِيَ حُلُولُ الْجُنُبِ فِيهِ عَلَى أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ الزَّوْجَةُ مُعْتَكِفَةً فِي مَسْجِدِ بَيْتِهَا فَيَأْتِيَهَا فِيهِ زَوْجُهَا فَيَبْطُلَ اعْتِكَافُهَا اهـ

(قَوْلُهُ فِي الْأَصَحِّ) قَالَ فِي الشُّرُنْبُلَالِيُّ: وَلَمْ يُفْسِدْهُ الشَّافِعِيُّ بِالْوَطْءِ نَاسِيًا، وَهُوَ رِوَايَةُ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ أَصْحَابِنَا اعْتِبَارًا لَهُ بِالصَّوْمِ كَذَا فِي الْبُرْهَانِ. اهـ. (قَوْلُهُ لِأَنَّ حَالَتَهُ مُذَكِّرَةٌ) تَعْلِيلٌ لِلْأَصَحِّ بِبَيَانِ الْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّوْمِ بِأَنَّ الْمُعْتَكِفَ لَهُ حَالَةٌ تُذَكِّرُهُ، فَلَا يُغْتَفَرُ نِسْيَانُهُ كَالْمُحْرِمِ وَالْمُصَلِّي بِخِلَافِ الصَّائِمِ (قَوْلُهُ وَبَطَلَ بِإِنْزَالٍ إلَخْ) لِأَنَّهُ بِالْإِنْزَالِ صَارَ فِي مَعْنَى الْجِمَاعِ نَهْرٌ (قَوْلُهُ لَمْ يَبْطُلْ لِعَدَمِ مَعْنَى الْجِمَاعِ) وَلِذَا لَمْ يَفْسُدْ بِهِ الصَّوْمُ (قَوْلُهُ وَإِنْ حَرُمَ الْكُلُّ) أَيْ كُلُّ مَا ذُكِرَ مِنْ دَوَاعِي الْوَطْءِ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ الْبُطْلَانِ بِهَا حِلُّهَا لِعَدَمِ الْحَرَجِ.

قَالَ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ: فَإِنْ قُلْت: لِمَ لَمْ تُحَرَّمْ الدَّوَاعِي فِي الصَّوْمِ وَحَالَةِ الْحَيْضِ كَمَا حُرِّمَ الْوَطْءُ؟ قُلْت: لِأَنَّ الصَّوْمَ وَالْحَيْضَ يَكْثُرُ وُجُودُهُمَا فَلَوْ حُرِّمَ الدَّوَاعِي فِيهِمَا لَوَقَعُوا فِي الْحَرَجِ وَذَلِكَ مَدْفُوعٌ شَرْعًا (قَوْلُهُ وَلَا بِأَكْلٍ نَاسِيًا إلَخْ) وَالْأَصْلُ أَنَّ مَا كَانَ مِنْ مَحْظُورَاتِ الِاعْتِكَافِ وَهُوَ مَا مُنِعَ مِنْهُ لِأَجْلِ الِاعْتِكَافِ لَا لِأَجْلِ الصَّوْمِ لَا يَخْتَلِفُ فِيهِ الْعَمْدُ وَالسَّهْوُ وَالنَّهَارُ وَاللَّيْلُ؛ كَالْجِمَاعِ وَالْخُرُوجِ مِنْ الْمَسْجِدِ وَمَا كَانَ مِنْ مَحْظُورَاتِ الصَّوْمِ وَهُوَ مَا مُنِعَ مِنْهُ لِأَجْلِ الصَّوْمِ يَخْتَلِفُ فِيهِ الْعَمْدُ وَالسَّهْوُ وَاللَّيْلُ وَالنَّهَارُ كَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ بَدَائِعُ (قَوْلُهُ وَرِدَّتُهُ) وَإِذَا بَطَلَ بِهَا لَمْ يَجِبْ قَضَاؤُهُ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ إنْ دَامَا أَيَّامًا) الْمُرَادُ بِالْأَيَّامِ أَنْ يَفُوتَهُ صَوْمٌ بِسَبَبِ عَدَمِ إمْكَانِ النِّيَّةِ ح وَيَقْضِيهِ فِي الْإِغْمَاءِ كَالْجُنُونِ ط (قَوْلُهُ سَنَةً) عِبَارَةُ الْبَدَائِعِ وَغَيْرِهَا سِنِينَ وَالْمُرَادُ الْمُبَالَغَةُ فَيَقْضِي فِي الْأَقَلِّ بِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ اسْتِحْسَانًا) وَالْقِيَاسُ

<<  <  ج: ص:  >  >>