الْأَوْلَى نَعَمْ قُهُسْتَانِيٌّ.
(وَتَخْلِيلُ اللِّحْيَةِ) لِغَيْرِ الْمُحْرِمِ بَعْدَ التَّثْلِيثِ، وَيَجْعَلُ ظَهْرَ كَفِّهِ إلَى عُنُقِهِ
(وَ) تَخْلِيلُ (الْأَصَابِعِ) الْيَدَيْنِ بِالتَّشْبِيكِ وَالرِّجْلَيْنِ
ــ
[رد المحتار]
وَإِنْ فَاتَهُ التَّرْتِيبُ، تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: الْأَوْلَى نَعَمْ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ تَسَوَّكَ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَتَحَلَّلَ مِنْ أَجْزَاءِ السِّوَاكِ شَيْءٌ أَوْ يَبْقَى أَثَرُ طَعَامٍ لَا يُخْرِجُهُ السِّوَاكُ، وَلْيُحَرَّرْ ط.
(قَوْلُهُ:: وَتَخْلِيلُ اللِّحْيَةِ) هُوَ تَفْرِيقُ شَعْرِهَا مِنْ أَسْفَلَ إلَى فَوْقَ، بَحْرٌ، وَهُوَ سُنَّةٌ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ يُفَضِّلَانِهِ وَرَجَّحَ فِي الْمَبْسُوطِ قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ شُرُنْبُلَالِيَّةٌ. وَفِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ: وَالْأَدِلَّةُ تُرَجِّحُهُ وَهُوَ الصَّحِيحُ. اهـ. قَالَ فِي الْحِلْيَةِ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا كُلَّهُ فِي الْكَثَّةِ، أَمَّا الْخَفِيفَةُ فَيَجِبُ إيصَالُ الْمَاءِ إلَى مَا تَحْتَهَا. اهـ. وَجَزَمَ بِهِ الشُّرُنْبُلَالِيُّ فِي مَتْنِهِ (قَوْلُهُ: لِغَيْرِ الْمُحْرِمِ) أَمَّا الْمُحْرِمُ فَمَكْرُوهٌ نَهْرٌ (قَوْلُهُ: بَعْدَ التَّثْلِيثِ) أَيْ تَثْلِيثِ غَسْلِ الْوَجْهِ إمْدَادٌ.
(قَوْلُهُ: وَيَجْعَلُ ظَهْرَ كَفِّهِ إلَى عُنُقِهِ) نَقَلَهُ الْعَلَّامَةُ نُوحٌ أَفَنْدِي عَنْ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ بِلَفْظٍ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَجْعَلَ إلَخْ. وَكَتَبَ فِي الْهَامِشِ إنَّهُ الْفَاضِلُ الْبُرْجَنْدِيُّ.
وَقَالَ فِي الْمِنَحِ: وَكَيْفِيَّتُهُ عَلَى وَجْهِ السُّنَّةِ أَنْ يُدْخِلَ أَصَابِعَ الْيَدِ فِي فُرُوجِهَا الَّتِي بَيْنَ شَعَرَاتِهَا مِنْ أَسْفَلَ إلَى فَوْقَ بِحَيْثُ يَكُونُ كَفُّ الْيَدِ الْخَارِجِ وَظُهْرُهَا إلَى الْمُتَوَضِّئِ. اهـ.
أَقُولُ: لَكِنْ رَوَى أَبُو دَاوُد عَنْ أَنَسٍ «كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا تَوَضَّأَ أَخَذَ كَفًّا مِنْ مَاءٍ تَحْتَ حَنَكِهِ فَخَلَّلَ بِهِ لِحْيَتَهُ، وَقَالَ بِهَذَا أَمَرَنِي رَبِّي» ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ، وَالْمُتَبَادَرُ مِنْهُ إدْخَالُ الْيَدِ مِنْ أَسْفَلَ بِحَيْثُ يَكُونُ كَفُّ الْيَدِ لِدَاخِلٍ مِنْ جِهَةِ الْعُنُقِ وَظُهْرُهَا إلَى الْخَارِجِ، لِيُمْكِنَ إدْخَالُ الْمَاءِ الْمَأْخُوذِ فِي خِلَالِ الشَّعْرِ، وَلَا يُمْكِنُ ذَلِكَ عَلَى الْكَيْفِيَّةِ الْمَارَّةِ فَلَا يَبْقَى لِأَخْذِهِ فَائِدَةٌ، فَلِيُتَأَمَّلْ. وَمَا فِي الْمِنَحِ عَزَاهُ إلَى الْكِفَايَةِ. وَاَلَّذِي رَأَيْته فِي الْكِفَايَةِ هَكَذَا، وَكَيْفِيَّتُهُ: أَنْ يُخَلِّلَ بَعْدَ التَّثْلِيثِ مِنْ حَيْثُ الْأَسْفَلُ إلَى فَوْقَ. اهـ.
ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ هَذَا التَّخْلِيلَ بِالْيَدِ الْيُمْنَى كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْحِلْيَةِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ. وَقَالَ فِي الدُّرَرِ: إنَّهُ يُدْخِلُ أَصَابِعَ يَدَيْهِ مِنْ خِلَالِ لِحْيَتِهِ، وَهُوَ خِلَافُ مَا مَرَّ فَتَدَبَّرْ
(قَوْلُهُ: وَتَخْلِيلُ الْأَصَابِعِ) هُوَ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ اتِّفَاقًا سِرَاجٌ، وَمَا فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ مِنْ ذِكْرِ الْخِلَافِ إنَّمَا ذَكَرَهُ فِي تَخْلِيلِ اللِّحْيَةِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ فَافْهَمْ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَقَيَّدَهُ فِي السِّرَاجِ: أَيْ التَّخْلِيلَ بِأَنْ يَكُونَ بِمَاءٍ مُتَقَاطَرٍ فِي تَخْلِيلِ الْأَصَابِعِ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ فِي تَخْلِيلِ اللِّحْيَةِ. اهـ.
أَقُولُ: قَدْ عَلِمْت مِنْ الْحَدِيثِ الْمَارِّ التَّقْيِيدَ فِي تَخْلِيلِ اللِّحْيَةِ بِأَخْذِ كَفٍّ مِنْ مَاءٍ. وَفِي الْبَحْرِ وَيَقُومُ مَقَامَهُ: أَيْ تَخْلِيلِ الْأَصَابِعِ الْإِدْخَالُ فِي الْمَاءِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ جَارِيًا. وَفِيهِ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ أَنَّ التَّخْلِيلَ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ التَّثْلِيثِ لِأَنَّهُ سُنَّةُ التَّثْلِيثِ اهـ.
قُلْت: لَكِنْ ذَكَرَ فِي الْحِلْيَةِ عِنْدَ ذِكْرِهِ اسْتِيعَابَ الْأَعْضَاءِ بِالْغَسْلِ فِي كُلِّ مَرَّةٍ أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ اسْتِنَانُ تَثْلِيثِهِ ثُمَّ رُوِيَ عَنْ الدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيِّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ جَيِّدٍ «عَنْ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ تَوَضَّأَ فَخَلَّلَ بَيْنَ أَصَابِعِ قَدَمَيْهِ ثَلَاثًا. وَقَالَ: رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَعَلَ كَمَا فَعَلْت» (قَوْلُهُ: الْيَدَيْنِ) أَيْ أَصَابِعِ الْيَدَيْنِ ط (قَوْلُهُ: بِالتَّشْبِيكِ) نَقَلَهُ فِي الْبَحْرِ بِصِيغَةِ قِيلَ. وَكَيْفِيَّتُهُ كَمَا قَالَ الرَّحْمَتِيُّ: أَنْ يَجْعَلَ ظَهْرَ الْبَطْنِ لِئَلَّا يَكُونَ أَشْبَهَ بِاللَّعِبِ (قَوْلُهُ: وَالرِّجْلَيْنِ إلَخْ) ذَكَرَ هَذِهِ الْكَيْفِيَّةَ فِي الْمِعْرَاجِ وَغَيْرِهِ، وَقَالَ بِذَلِكَ وَرَدَ الْخَبَرُ، وَكَذَا ذَكَرَهَا الْقُدُورِيُّ مَرْوِيَّةً مَعَ تَقْيِيدِ التَّخْلِيلِ بِكَوْنِهِ مِنْ أَسْفَلَ.
وَتَعَقَّبَ فِي الْفَتْحِ وُرُودَ هَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ بِقَوْلِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِهِ، وَمِثْلُهُ فِيمَا يَظْهَرُ أَمْرٌ اتِّفَاقِيٌّ لَا سُنَّةٌ مَقْصُودَةٌ. قَالَ تِلْمِيذُهُ ابْنُ أَمِيرِ حَاجٍّ الْحَلَبِيُّ فِي الْحِلْيَةِ شَرْحِ الْمُنْيَةِ: لَكِنَّ الَّذِي فِي سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ عَنْ «الْمُسْتَوْرِدِ بْنِ شَدَّادٍ قَالَ: رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَوَضَّأَ فَخَلَّلَ أَصَابِعَ رِجْلَيْهِ بِخِنْصَرِهِ.» وَأَمَّا كَوْنُهُ بِخِنْصَرِ يَدِهِ الْيُسْرَى