قَوْلَانِ وَلَيْسَ عَبْدُهَا بِمَحْرَمٍ لَهَا وَلَيْسَ لِزَوْجِهَا مَنْعُهَا عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَلَوْ حَجَّتْ بِلَا مَحْرَمٍ جَازَ مَعَ الْكَرَاهَةِ (وَ) مَعَ (عَدَمِ عِدَّةٍ عَلَيْهَا مُطْلَقًا) أَيَّةَ عِدَّةٍ كَانَتْ ابْنُ مَالِكٍ (وَالْعِبْرَةُ لِوُجُوبِهَا) أَيْ الْعِدَّةِ الْمَانِعَةِ مِنْ سَفَرِهَا (وَقْتَ خُرُوجِ أَهْلِ بَلَدِهَا) وَكَذَا سَائِرُ الشُّرُوطِ بَحْرٌ.
ــ
[رد المحتار]
وَأَبِي يُوسُفَ كَرَاهَةُ خُرُوجِهَا وَحْدَهَا مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَاحِدٍ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْفَتْوَى عَلَيْهِ لِفَسَادِ الزَّمَانِ شَرْحُ اللُّبَابِ وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ الصَّحِيحَيْنِ «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تُسَافِرَ مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ إلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ عَلَيْهَا» وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ «مَسِيرَةَ لَيْلَةٍ» وَفِي لَفْظٍ «يَوْمٌ» " لَكِنْ قَالَ فِي الْفَتْحِ: ثُمَّ إذَا كَانَ الْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ فَلَيْسَ لِلزَّوْجِ مَنْعُهَا إذَا كَانَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَكَّةَ أَقَلُّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ (قَوْلُهُ قَوْلَانِ) هُمَا مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّ وُجُودَ الزَّوْجِ أَوْ الْمَحْرَمِ شَرْطُ وُجُوبٍ أَمْ شَرْطُ وُجُوبِ أَدَاءً وَاَلَّذِي اخْتَارَهُ فِي الْفَتْحِ أَنَّهُ مَعَ الصِّحَّةِ وَأَمْنِ الطَّرِيقِ شَرْطُ وُجُوبِ الْأَدَاءِ فَيَجِبُ الْإِيصَاءُ إنْ مَنَعَ الْمَرَضُ، وَخَوْفُ الطَّرِيقِ أَوْ لَمْ يُوجَدْ زَوْجٌ، وَلَا مُحْرِمٌ، وَيَجِبُ عَلَيْهَا التَّزَوُّجُ عِنْدَ فَقْدِ الْمَحْرَمِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَا يَجِبُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَفِي النَّهْرِ وَصَحَّحَ الْأَوَّلَ فِي الْبَدَائِعِ وَرَجَّحَ الثَّانِيَ فِي النِّهَايَةِ تَبَعًا لِقَاضِي خَانْ وَاخْتَارَهُ فِي الْفَتْحِ. اهـ.
قُلْت: لَكِنْ جَزَمَ فِي اللُّبَابِ بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا التَّزَوُّجُ مَعَ أَنَّهُ مَشَى عَلَى جَعْلِ الْمَحْرَمِ أَوْ الزَّوْجِ شَرْطَ أَدَاءً وَرَجَّحَ هَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ وَابْنُ أَمِيرْ حَاجّْ فِي الْمَنَاسِكِ كَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ فِي مِنَحِهِ قَالَ: وَوَجْهُهُ أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ غَرَضُهَا بِالتَّزَوُّجِ لِأَنَّ الزَّوْجَ لَهُ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ الْخُرُوجِ مَعَهَا، بَعْدَ أَنْ يَمْلِكَهَا، وَلَا تَقْدِرُ عَلَى الْخَلَاصِ مِنْهُ وَرُبَّمَا لَا يُوَافِقُهَا فَتَتَضَرَّرُ مِنْهُ بِخِلَافِ الْمَحْرَمِ، فَإِنَّهُ إنْ وَافَقَهَا أَنْفَقَتْ عَلَيْهِ وَإِنْ امْتَنَعَ أَمْسَكَتْ نَفَقَتَهَا وَتَرَكَتْ الْحَجَّ اهـ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ عَبْدُهَا بِمَحْرَمٍ لَهَا) أَيْ وَلَوْ مَجْبُوبًا أَوْ خَصِيًّا لِأَنَّهُ لَا يَحْرُمُ نِكَاحُهَا عَلَيْهِ عَلَى التَّأْبِيدِ بَلْ مَا دَامَ مَمْلُوكًا لَهَا (قَوْلُهُ وَلَيْسَ لِزَوْجِهَا مَنْعُهَا) أَيْ إذَا كَانَ مَعَهَا مَحْرَمٌ وَإِلَّا فَلَهُ مَنْعُهَا كَمَا يَمْنَعُهَا عَنْ غَيْرِ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ، وَلَوْ وَاجِبَةً بِصُنْعِهَا كَالْمَنْذُورَةِ، وَاَلَّتِي أَحْرَمَتْ بِهَا فَفَاتَتْهَا وَتَحَلَّلَتْ مِنْهَا بِعُمْرَةٍ فَلَا تَقْضِيهَا إلَّا بِإِذْنِهِ وَكَذَا لَوْ دَخَلَتْ مَكَّةَ بَعْدَ مُجَاوَزَةِ الْمِيقَاتِ غَيْرَ مُحْرِمَةٍ لِأَنَّ حَقَّ الزَّوْجِ لَا تَقْدِرُ عَلَى مَنْعِهِ بِفِعْلِهَا بَلْ بِإِيجَابِ اللَّهِ تَعَالَى فِي حَجَّةِ الْإِسْلَامِ رَحْمَتِيٌّ، وَإِذَا مَنَعَهَا زَوْجُهَا فِيمَا يَمْلِكُهُ تَصِيرُ مُحْصَرَةً كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى (قَوْلُهُ مَعَ الْكَرَاهَةِ) أَيْ التَّحْرِيمِيَّةِ لِلنَّهْيِ فِي حَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ «لَا تُسَافِرْ امْرَأَةٌ ثَلَاثًا إلَّا وَمَعَهَا مَحْرَمٌ» زَادَ مُسْلِمٌ فِي رِوَايَةٍ «أَوْ زَوْجٌ» " ط (قَوْلُهُ وَمَعَ عَدَمِ عِدَّةٍ إلَخْ) أَيْ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهَا الْحَجُّ إذَا وَجَدَتْ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ وَاللُّبَابِ قَالَ شَارِحُهُ وَهُوَ مُشْعِرٌ بِأَنَّهُ شَرْطُ الْوُجُوبِ، وَذَكَرَ ابْنُ أَمِيرْ حَاجّْ أَنَّهُ شَرْطُ الْأَدَاءِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ (قَوْلُهُ أَيَّةَ عِدَّةٍ كَانَتْ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ عِدَّةَ وَفَاةٍ أَوْ طَلَاقٍ بَائِنٍ أَوْ رَجْعِيٍّ ح (قَوْلُهُ الْمَانِعَةُ مِنْ سَفَرِهَا) أَمَّا الْوَاقِعَةُ فِي السَّفَرِ فَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا لَا يُفَارِقُهَا زَوْجُهَا أَوْ بَائِنًا، فَإِنْ كَانَ إلَى كُلٍّ مِنْ بَلَدِهَا وَمَكَّةَ أَقَلُّ مِنْ مُدَّةِ السَّفَرِ تَخَيَّرَتْ أَوْ إلَى أَحَدِهِمَا سَفَرٌ دُونَ الْآخَرِ تَعَيَّنَ أَنْ تَصِيرَ إلَى الْآخَرِ أَوْ كُلٌّ مِنْهُمَا سَفَرٌ، فَإِنْ كَانَتْ فِي مِصْرٍ قَرَّتْ فِيهِ إلَى أَنْ تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا، وَلَا تَخْرُجُ وَإِنْ وَجَدَتْ مَحْرَمًا خِلَافًا لَهُمَا وَإِنْ كَانَتْ فِي قَرْيَةٍ أَوْ مَفَازَةٍ لَا تَأْمَنُ عَلَى نَفْسِهَا فَلَهَا أَنْ تَمْضِيَ إلَى مَوْضِعِ أَمْنٍ، وَلَا تَخْرُجُ مِنْهُ حَتَّى تَمْضِيَ عِدَّتَهَا وَإِنْ وَجَدَتْ مَحْرَمًا عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ (قَوْلُهُ وَقْتَ) ظَرْفٌ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفِ خَبَرِ الْعِبْرَةِ أَيْ ثَابِتَةٌ وَقْتَ خُرُوجِ أَهْلِ بَلَدِهَا، وَلَوْ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ لِبُعْدِ الْمَسَافَةِ ط (قَوْلُهُ وَكَذَا سَائِرُ الشَّرَائِطِ) أَيْ يُعْتَبَرُ وُجُودُهَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ.
[تَتِمَّةٌ]
ذَكَرَ صَاحِبُ اللُّبَابِ فِي مَنْسَكِهِ الْكَبِيرِ أَنَّ مِنْ الشَّرَائِطِ إمْكَانُ السَّيْرِ وَهُوَ أَنْ يَبْقَى وَقْتٌ يُمْكِنُهُ الذَّهَابُ فِيهِ إلَى الْحَجِّ عَلَى السَّيْرِ الْمُعْتَادِ فَإِنْ احْتَاجَ إلَى أَنْ يَقْطَعَ كُلَّ يَوْمٍ أَوْ فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ أَكْثَرَ مِنْ مَرْحَلَةٍ لَا يَجِبُ الْحَجُّ اهـ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute