للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(فَلَوْ أَحْرَمَ صَبِيٌّ عَاقِلٌ أَوْ أَحْرَمَ عَنْهُ أَبُوهُ صَارَ مُحْرِمًا) وَيَنْبَغِي أَنْ يُجَرِّدَهُ قَبْلَهُ وَيُلْبِسَهُ إزَارًا وَرِدَاءً مَبْسُوطَيْنِ وَظَاهِرٌ أَنَّ إحْرَامَهُ عَنْهُ مَعَ عَقْلِهِ صَحِيحٌ فَمَعَ عَدَمِهِ أَوْلَى (فَبَلَغَ أَوْ عَبْدٌ فَعَتَقَ) قَبْلَ الْوُقُوفِ (فَمَضَى) كُلٌّ عَلَى إحْرَامِهِ (لَمْ يَسْقُطْ فَرْضُهُمَا) لِانْعِقَادِهِ نَفْلًا فَلَوْ جَدَّدَ الصَّبِيُّ الْإِحْرَامَ قَبْلَ وُقُوفِهِ بِعَرَفَةَ وَنَوَى حَجَّةَ الْإِسْلَامِ أَجْزَأَهُ (وَلَوْ فَعَلَ) الْعَبْدُ (الْمُعْتَقُ ذَلِكَ) التَّجْدِيدَ الْمَذْكُورَ (لَمْ تُجْزِهِ) لِانْعِقَادِهِ لَازِمًا بِخِلَافِ الصَّبِيِّ وَالْكَافِرِ وَالْمَجْنُونِ.

(وَ) الْحَجُّ (فَرْضُهُ) ثَلَاثَةٌ (الْإِحْرَامُ) وَهُوَ شَرْطُ ابْتِدَاءٍ، وَلَهُ حُكْمُ الرُّكْنِ انْتِهَاءً حَتَّى لَمْ يَجُزْ لِفَائِتِ الْحَجِّ اسْتِدَامَتُهُ لِيَقْضِيَ بِهِ مِنْ قَابِلٍ (وَالْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ) فِي أَوَانِهِ سُمِّيَتْ بِهِ لِأَنَّ آدَمَ وَحَوَّاءَ تَعَارَفَا فِيهَا (وَ) مُعْظَمُ (طَوَافِ الزِّيَارَةِ) وَهُمَا رُكْنَانِ

ــ

[رد المحتار]

وَذَكَرَ شَارِحُ اللُّبَابِ أَنَّ مِنْهَا أَنْ يَتَمَكَّنَ مِنْ أَدَاءِ الْمَكْتُوبَاتِ فِي أَوْقَاتِهَا قَالَ الْكَرْمَانِيُّ: لِأَنَّهُ لَا يَلِيقُ بِالْحِكْمَةِ إيجَابُ فَرْضٍ عَلَى وَجْهٍ يَفُوتُ بِهِ فَرْضٌ آخَرُ اهـ وَتَمَامُهُ هُنَاكَ.

(قَوْلُهُ فَلَوْ أَحْرَمَ صَبِيٌّ إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى اشْتِرَاطِ الْبُلُوغِ وَالْحُرِّيَّةِ (قَوْلُهُ أَوْ أَحْرَمَ عَنْهُ أَبُوهُ) الْمُرَادُ مَنْ كَانَ أَقْرَبَ إلَيْهِ بِالنَّسَبِ فَلَوْ اجْتَمَعَ وَالِدٌ وَأَخٌ يُحْرِمُ الْوَالِدُ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ شَرْطُ الْأَوْلَوِيَّةِ لُبَابٌ وَشَرْحُهُ (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي إلَخْ) قَالَ فِي اللُّبَابِ وَشَرْحه: وَيَنْبَغِي لِوَلِيِّهِ أَنْ يُجَنِّبَهُ مِنْ مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ كَلُبْسِ الْمِخْيَطِ وَالطِّيبِ وَإِنْ ارْتَكَبَهَا الصَّبِيُّ لَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا (قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ) أَيْ ظَاهِرُ قَوْلِ الْمَبْسُوطِ أَوْ أَحْرَمَ عَنْهُ أَبُوهُ بِإِعَادَةِ الضَّمِيرِ إلَى الصَّبِيِّ الْعَاقِلِ لَكِنْ تَأَمَّلْهُ مَعَ قَوْلِ اللُّبَابِ، وَكُلُّ مَا قَدَرَ الصَّبِيُّ عَلَيْهِ بِنَفْسِهِ لَا تَجُوزُ فِيهِ النِّيَابَةُ اهـ وَكَذَا مَا فِي جَامِعِ الْأُسْرُوشَنِيِّ عَنْ الذَّخِيرَةِ قَالَ مُحَمَّدٌ فِي الْأَصْلِ وَالصَّبِيُّ الَّذِي يَحُجُّ لَهُ أَبُوهُ يَقْضِي الْمَنَاسِكَ وَيَرْمِي الْجِمَارَ وَأَنَّهُ عَلَى وَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ إذَا كَانَ صَبِيًّا لَا يَعْقِلُ الْأَدَاءَ بِنَفْسِهِ، وَفِي هَذَا الْوَجْهِ إذَا أَحْرَمَ عَنْهُ أَبُوهُ جَازَ وَإِنْ كَانَ يَعْقِلُ الْأَدَاءَ بِنَفْسِهِ يَقْضِي الْمَنَاسِكَ كُلَّهَا يَفْعَلُ مِثْلَ مَا يَفْعَلُهُ الْبَالِغُ اهـ فَهُوَ كَالصَّرِيحِ فِي أَنَّ إحْرَامَهُ عَنْهُ إنَّمَا يَصِحُّ إذَا كَانَ لَا يَعْقِلُ (قَوْلُهُ قَبْلَ الْوُقُوفِ) وَكَذَا بَعْدَهُ بِالْأَوْلَى وَهُوَ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ بَلَغَ وَعَتَقَ (قَوْلُهُ لِانْعِقَادِهِ نَفْلًا) وَكَانَ الْقِيَاسُ أَنْ يَصِحَّ فَرْضًا لَوْ نَوَى حَجَّةَ الْإِسْلَامِ حَالَ وُقُوفِهِ لِأَنَّ الْإِحْرَامَ شَرْطٌ كَمَا أَنَّ الصَّبِيَّ إذَا تَطَهَّرَ ثُمَّ بَلَغَ فَإِنَّهُ يَصِحُّ أَدَاءُ فَرْضِهِ بِتِلْكَ الطَّهَارَةِ إلَّا أَنَّ الْإِحْرَامَ لَهُ شَبَهٌ بِالرُّكْنِ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى النِّيَّةِ فَحَيْثُ لَمْ يُعِدْهُ لَمْ يَصِحَّ كَمَا لَوْ شَرَعَ فِي صَلَاةٍ ثُمَّ بَلَغَ بِالسِّنِّ فَإِنْ جَدَّدَ إحْرَامَهَا وَنَوَى بِهَا الْفَرْضَ يَقَعُ عَنْهُ وَإِلَّا فَلَا شَرْحُ اللُّبَابِ (قَوْلُهُ فَلَوْ جَدَّدَ إلَخْ) بِأَنْ يَرْجِعَ إلَى مِيقَاتٍ مِنْ الْمَوَاقِيتِ وَيُجَدِّدَ التَّلْبِيَةَ بِالْحَجِّ كَمَا فِي شَرْحِ الْمُلْتَقَى.

قُلْت: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الرُّجُوعَ لَيْسَ بِلَازِمٍ لِأَنَّ إنْشَاءَ الْإِحْرَامِ مِنْ الْمِيقَاتِ وَاجِبٌ فَقَطْ كَمَا يَأْتِي ط (قَوْلُهُ قَبْلَ وُقُوفِهِ بِعَرَفَةَ) قِيلَ عِبَارَةُ الْمُبْتَغَى: وَلَوْ أَحْرَمَ الصَّبِيُّ أَوْ الْمَجْنُونُ أَوْ الْكَافِرُ ثُمَّ بَلَغَ أَوْ أَفَاقَ وَوَقْتُ الْحَجِّ بَاقٍ فَإِنْ جَدَّدُوا الْإِحْرَامَ يُجْزِيهِمْ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ اهـ مُقْتَضَاهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِمَا قَبْلَ الْوُقُوفِ قَبْلَ فَوْتِ وَقْتِهِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ مُنْلَا عَلَى الْقَارِي فِي شَرْحِهِ عَلَى الْوِقَايَةِ وَاللُّبَابِ، لَكِنْ نَقَلَ الْقَاضِي عِيدٍ فِي شَرْحِهِ عَلَى اللُّبَابِ عَنْ شَيْخِهِ الْعَلَّامَةِ الشَّيْخِ حَسَنِ الْعَجِيمِيِّ الْمَكِّيِّ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْكَيْنُونَةُ بِعَرَفَةَ حَتَّى لَوْ وَقَفَ بِهَا بَعْدَ الزَّوَالِ لَحْظَةً فَبَلَغَ لَيْسَ لَهُ التَّجْدِيدُ، وَإِنْ بَقِيَ وَقْتُ الْوُقُوفِ وَأَيَّدَهُ الشَّيْخُ عَبْدُ اللَّهِ الْعَفِيفُ فِي شَرْحِ مَنْسَكِهِ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ سَاعَةً مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ» وَقَالَ وَقَدْ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي زَمَانِنَا فَمِنْهُمْ مَنْ أَفْتَى بِصِحَّةِ تَجْدِيدِهِ الْإِحْرَامَ بَعْدَ ابْتِدَاءِ الْوُقُوفِ وَمِنْهُمْ مَنْ أَفْتَى بِعَدَمِهَا وَلَمْ نَرَ فِيهَا نَصًّا صَرِيحًا اهـ مُلَخَّصًا.

قُلْت: وَظَاهِرُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ تَبَعًا لِلدُّرَرِ قَبْلَ وُقُوفِهِ أَنَّ الْمُرَادَ حَقِيقَةُ الْوُقُوفِ لَا وَقْتُهُ فَهُوَ مُؤَيِّدٌ لِكَلَامِ الْعَجِيمِيِّ (قَوْلُهُ لَمْ تُجْزِهِ) أَيْ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ ط (قَوْلُهُ لِانْعِقَادِهِ) أَيْ إحْرَامِ الْعَبْدِ نَفْلًا لَازِمًا فَلَا يُمْكِنُهُ الْخُرُوجُ عَنْهُ بَحْرٌ ط (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الصَّبِيِّ) لِأَنَّ إحْرَامَهُ غَيْرُ لَازِمٍ لِعَدَمِ أَهْلِيَّةِ اللُّزُومِ عَلَيْهِ وَلِذَا لَوْ أُحْصِرَ وَتَحَلَّلَ لَا دَمَ عَلَيْهِ وَلَا قَضَاءَ وَلَا جَزَاءَ عَلَيْهِ لِارْتِكَابِ الْمَحْظُورَاتِ فَتْحٌ (قَوْلُهُ وَالْكَافِرُ) أَيْ لَوْ أَحْرَمَ فَأَسْلَمَ فَجَدَّدَ الْإِحْرَامَ لِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ أَجْزَأَهُ لِعَدَمِ انْعِقَادِ إحْرَامِهِ الْأَوَّلِ لِعَدَمِ الْأَهْلِيَّةِ ط عَنْ الْبَدَائِعِ (قَوْلُهُ وَالْمَجْنُونُ) أَيْ لَوْ أَحْرَمَ عَنْهُ وَلِيُّهُ، ثُمَّ أَفَاقَ فَجَدَّدَ الْإِحْرَامَ قَبْلَ الْوُقُوفِ أَجْزَأَهُ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ شَرْحُ اللُّبَابِ، وَفِي الذَّخِيرَةِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَكُلُّ جَوَابٍ عَرَّفَتْهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>