للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَمَا يَفْعَلُهُ الْعَوَامُّ

(وَإِذَا دَخَلَ مَكَّةَ بَدَأَ بِالْمَسْجِدِ) الْحَرَامِ بَعْدَمَا يَأْمَنُ عَلَى أَمْتِعَتِهِ دَاخِلًا مِنْ بَابِ السَّلَامِ نَهَارًا نَدْبًا مُلَبِّيًا مُتَوَاضِعًا خَاشِعًا مُلَاحَظًا جَلَالَةَ الْبُقْعَةِ وَيُسَنُّ الْغُسْلُ لِدُخُولِهَا وَهُوَ لِلنَّظَافَةِ فَيَجُبُّ لِحَائِضٍ وَنُفَسَاءَ (وَحِينَ شَاهَدَ الْبَيْتَ كَبَّرَ) ثَلَاثًا وَمَعْنَاهُ اللَّهُ أَكْبَرُ مِنْ الْكَعْبَةِ (وَهَلَّلَ) لِئَلَّا يَقَعَ نَوْعُ شِرْكٍ (ثُمَّ) ابْتَدَأَ بِالطَّوَافِ لِأَنَّهُ تَحِيَّةُ الْبَيْتِ مَا لَمْ يَخَفْ

ــ

[رد المحتار]

مِنْهُمَا وَالْعَجُّ رَفْعُ الصَّوْتِ بِالتَّلْبِيَةِ وَالثَّجُّ إسَالَةُ الدَّمِ بِالْإِرَاقَةِ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ يَكُونُ جَهُورِيَّ الصَّوْتِ طَبْعًا فَيَحْصُلُ الرَّفْعُ الْعَالِي مَعَ عَدَمِ تَعَبِهِ بِهِ نَهْرٌ (قَوْلُهُ كَمَا يَفْعَلُهُ الْعَوَامُّ) تَمْثِيلٌ لِلْمَنْفِيِّ وَهُوَ الْجَهْدُ لَا لِلنَّفْيِ ح.

مَطْلَبٌ فِي دُخُولِ مَكَّةَ

(قَوْلُهُ وَإِذَا دَخَلَ مَكَّةَ) الْمُسْتَحَبُّ دُخُولُهَا نَهَارًا كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ مِنْ بَابِ الْمُعَلَّى لِيَكُونَ مُسْتَقْبِلًا فِي دُخُولِهِ بَابَ الْبَيْتِ تَعْظِيمًا وَإِذَا خَرَجَ فَمِنْ السُّفْلَى بَحْرٌ (قَوْلُهُ نَهَارًا) قَيْدٌ لِدُخُولِ مَكَّةَ كَمَا عَلِمْت لَكِنْ لَمَّا كَانَ دُخُولُ الْمَسْجِدِ عَقِبَ دُخُولِ مَكَّةَ صَحَّ كَوْنُهُ قَيْدًا لَهُ أَيْضًا (قَوْلُهُ مُلَبِّيًا) هُوَ قَيْدٌ لِدُخُولِ مَكَّةَ أَيْضًا قَالَ فِي اللُّبَابِ: وَيَكُونُ فِي دُخُولِهِ مُلَبِّيًا دَاعِيًا إلَى أَنْ يَصِلَ بَابَ السَّلَامِ فَيَبْدَأَ بِالْمَسْجِدِ (قَوْلُهُ لِدُخُولِهَا) أَيْ مَكَّةَ بِدَلِيلِ تَأْنِيثِ الضَّمِيرِ وَعِبَارَةُ الْبَحْرِ نَصٌّ فِي ذَلِكَ ح (قَوْلُهُ فَيُحَبُّ) بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ ح (قَوْلُهُ وَمَعْنَاهُ اللَّهُ أَكْبَرُ مِنْ الْكَعْبَةِ) كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَالْأَوْلَى مِنْ كُلِّ مَا سِوَاهُ بَحْرٌ، وَكَأَنَّ الشَّارِحَ رَجَّحَ الْأَوَّلَ لِاقْتِضَاءِ الْمَقَامِ لَهُ كَمَا أَنَّ الشَّارِعَ فِي شَيْءٍ إذَا سَمَّى اللَّهَ تَعَالَى يُلَاحِظُ التَّبَرُّكَ بِاسْمِهِ تَعَالَى فِيمَا شَرَعَ فِيهِ (قَوْلُهُ وَهَلَّلَ) عِبَارَةُ الْفَتْحِ كَبَّرَ وَهَلَّلَ ثَلَاثًا وَعِبَارَةُ ابْنِ الشَّلَبِيِّ: كَبَّرَ ثَلَاثًا وَهَلَّلَ ثَلَاثًا (قَوْلُهُ لِئَلَّا يَقَعَ نَوْعُ شِرْكٍ) أَيْ بِتَوَهُّمِ الْجَاهِلِ أَنَّ الْعِبَادَةَ لِلْبَيْتِ قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَلَمْ يُذْكَرْ فِي الْمُتُونِ الدُّعَاءُ عِنْدَ مُشَاهَدَةِ الْبَيْتِ، وَهِيَ غَفْلَةٌ عَمَّا لَا يُغْفَلُ عَنْهُ فَإِنَّهُ عِنْدَهَا مُسْتَجَابٌ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَمْ يُعَيِّنْ فِي الْأَصْلِ لِمَشَاهِدِ الْحَجِّ شَيْئًا مِنْ الدَّعَوَاتِ لِأَنَّ التَّوْقِيتَ يَذْهَبُ بِالرِّقَّةِ وَإِنْ تَبَرَّكَ بِالْمَنْقُولِ مِنْهَا فَحَسَنٌ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَفِي فَتْحٍ: وَمِنْ أَهَمِّ الْأَدْعِيَةِ طَلَبُ الْجَنَّةِ بِلَا حِسَابٍ وَالصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هُنَا مِنْ أَهَمِّ الْأَذْكَارِ كَمَا ذَكَرَهُ الْحَلَبِيُّ فِي مَنَاسِكِهِ. اهـ.

[تَنْبِيهٌ]

قَالَ فِي اللُّبَابِ وَلَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْبَيْتِ، وَقِيلَ يَرْفَعُ قَالَ الْقَارِي فِي شَرْحِهِ: أَيْ لَا يَرْفَعُ وَلَوْ حَالَ دُعَائِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يُذْكَرْ فِي الْمَشَاهِيرِ مِنْ كُتُبِ أَصْحَابِنَا بَلْ قَالَ السُّرُوجِيُّ الْمَذْهَبُ تَرْكُهُ وَصَرَّحَ الطَّحَاوِيُّ بِأَنَّهُ يُكْرَهُ عِنْدَ أَئِمَّتِنَا الثَّلَاثَةِ (قَوْلُهُ ثُمَّ ابْتَدَأَ بِالطَّوَافِ) فَإِنْ كَانَ حَلَالًا فَطَوَافُ التَّحِيَّةِ أَوْ مُحْرِمًا بِالْحَجِّ فَطَوَافُ الْقُدُومِ، وَهَذَا إذَا دَخَلَ قَبْلَ النَّحْرِ، فَإِنْ دَخَلَ فِيهِ أَغْنَى طَوَافُ الْفَرْضِ عَنْ التَّحِيَّةِ أَوْ بِالْعُمْرَةِ فَطَوَافُهَا وَلَا طَوَافَ قُدُومٍ لَهَا كَذَا فِي الْفَتْحِ نَهْرٌ، وَأَفَادَ إطْلَاقُهُ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ الطَّوَافُ فِي الْأَوْقَاتِ الَّتِي تُكْرَهُ فِيهَا الصَّلَاةُ. كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْفَتْحِ. قَالَ إلَّا أَنَّهُ لَا يُصَلِّي رَكْعَتَيْهِ فِيهَا بَلْ يَصْبِرُ إلَى أَنْ يَدْخُلَ مَا لَا كَرَاهَةَ فِيهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ تَحِيَّةُ الْبَيْتِ) أَيْ لِمَنْ أَرَادَ الطَّوَافَ، بِخِلَافِ مَنْ لَمْ يُرِدْهُ وَأَرَادَ أَنْ يَجْلِسَ فَلَا يَجْلِسُ حَتَّى يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَقْتُ مَكْرُوهًا لِلصَّلَاةِ شَرْحُ اللُّبَابِ لِلْقَارِي، وَفِي شَرْحِهِ عَلَى النُّقَايَةِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُحْرِمًا فَطَوَافُ تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَقْتُ مَكْرُوهًا وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّ مَنْ لَمْ يَطُفْ لَا يُصَلِّي تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ كَمَا فَهِمَهُ بَعْضُ الْعَوَامّ. اهـ.

قُلْت: لَكِنَّ قَوْلَهُمْ تَحِيَّةُ هَذَا الْمَسْجِدِ الطَّوَافُ يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ صَلَّى وَلَمْ يَطُفْ لَا يَحْصُلُ التَّحِيَّةُ إلَّا أَنْ يُخَصَّ بِتَرْكِ الطَّوَافِ بِلَا عُذْرٍ فَمَعَ الْعُذْرِ تَحْصُلُ التَّحِيَّةُ بِالصَّلَاةِ ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ اللُّبَابِ أَيْضًا مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ حَيْثُ قَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ إنَّ تَحِيَّةَ هَذَا الْمَسْجِدِ بِخُصُوصِهِ هُوَ الطَّوَافُ إلَّا إذَا كَانَ لَهُ مَانِعٌ فَيُصَلِّي تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ إنْ لَمْ يَكُنْ وَقْتَ كَرَاهَةٍ. اهـ. (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَخَفْ إلَخْ) أَيْ فَيُقَدِّمُ كُلَّ ذَلِكَ عَلَى الطَّوَافِ أَيْ طَوَافِ التَّحِيَّةِ وَغَيْرِهَا لُبَابٌ وَشَرْحُهُ، ثُمَّ يَطُوفُ

<<  <  ج: ص:  >  >>