قَالُوا وَيَمُرُّ بِجَمِيعِ بَدَنِهِ عَلَى جَمِيعِ الْحَجَرِ (جَاعِلًا) قَبْلَ شُرُوعِهِ (رِدَاءَهُ تَحْتَ إبْطِهِ الْيُمْنَى مُلْقِيًا طَرَفَهُ عَلَى كَتِفِهِ الْأَيْسَرِ) اسْتِنَانًا (وَرَاءَ الْحِطْمِ) وُجُوبًا لِأَنَّ مِنْهُ سِتَّةُ أَذْرُعٍ مِنْ الْبَيْتِ فَلَوْ طَافَ مِنْ الْفُرْجَةِ لَمْ يَجُزْ
ــ
[رد المحتار]
فِي الْوَاجِبَاتِ (قَوْلُهُ قَالُوا إلَخْ) قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَلَمَّا كَانَ الِابْتِدَاءُ مِنْ الْحَجَرِ وَاجِبًا كَانَ الِابْتِدَاءُ فِي الطَّوَافِ مِنْ الْجِهَةِ الَّتِي فِيهَا الرُّكْنُ الْيَمَانِيُّ قَرِيبًا مِنْ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ مُتَعَيِّنًا، لِيَكُونَ مَارًّا بِجَمِيعِ بَدَنِهِ عَلَى جَمِيعِ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ، وَكَثِيرٌ مِنْ الْعَوَامّ شَاهَدْنَاهُمْ يَبْتَدِئُونَ الطَّوَافَ وَبَعْضُ الْحَجَرِ خَارِجٌ عَنْ طَوَافِهِمْ فَاحْذَرْهُ اهـ.
قُلْت: قَدَّمْنَا هَذِهِ الْكَيْفِيَّةَ عَنْ اللُّبَابِ، وَأَنَّهَا مُسْتَحَبَّةٌ لَا مُتَعَيِّنَةٌ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ أَيْضًا قَائِلًا فِي تَعْلِيلِهِ وَتَبِعَهُ الْقَارِي فِي شَرْحِ اللُّبَابِ لِلْخُرُوجِ عَنْ خِلَافِ مَنْ يَشْتَرِطُ الْمُرُورَ عَلَى الْحَجَرِ بِجَمِيعِ بَدَنِهِ وَفِي الْكَرْمَانِيِّ أَنَّهُ الْأَكْمَلُ وَالْأَفْضَلُ، ثُمَّ قَالَ الْقَارِي وَإِلَّا فَلَوْ اسْتَقْبَلَ الْحَجَرَ مُطْلَقًا وَنَوَى الطَّوَافَ كَفَى عِنْدَنَا فِي أَصْلِ الْمَقْصُودِ الَّذِي هُوَ الِابْتِدَاءُ مِنْ الْحَجَرِ سَوَاءٌ قُلْنَا إنَّهُ سُنَّةٌ أَوْ وَاجِبٌ أَوْ فَرِيضَةٌ أَوْ شَرْطٌ. اهـ. وَفِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ بَعْدَمَا مَرَّ عَنْ الْبَحْرِ وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي قِيَامِهِ مُسَامِتًا لِلْحَجَرِ بِأَنْ وَقَفَ جِهَةَ الْمُلْتَزَمِ وَمَالَ بِبَعْضِ جَسَدِهِ لِيُقَبِّلَ الْحَجَرَ أَمَّا مَنْ قَامَ مُسَامِتًا بِجَسَدِهِ الْحَجَرَ فَقَدْ دَخَلَ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ مِنْ الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ لِأَنَّ الْحَجَرَ وَرُكْنَهُ لَا يَبْلُغُ عَرْضَ جَسَدِ الْمُسَامِتِ لَهُ وَبِهِ يَحْصُلُ الِابْتِدَاءُ مِنْ الْحَجَرِ. اهـ.
قُلْت: لَكِنْ لَا يَحْصُلُ بِهِ الْمُرُورُ بِجَمِيعِ الْبَدَنِ عَلَى جَمِيعِ الْحَجَرِ لَكِنْ قَدْ عَلِمْت أَنَّهُ غَيْرُ لَازِمٍ عِنْدَنَا، وَلَعَلَّ الشَّارِحَ أَشَارَ إلَى ضَعْفِهِ بِلَفْظِ قَالُوا لِمَا عَلِمْته فَافْهَمْ (قَوْلُهُ قَبْلَ شُرُوعِهِ) أَيْ مِنْ حِينِ تَجَرُّدِهِ لِلْإِحْرَامِ، بِنَاءً عَلَى مَا قَدَّمَهُ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلُبْسَ إزَارٍ أَوْ رِدَاءٍ إلَخْ لَكِنْ قَدَّمْنَا تَصْحِيحَ خِلَافِهِ وَلِذَا قَالَ فِي الْفَتْحِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَضْطَبِعَ قَبْلَ شُرُوعِهِ فِي الطَّوَافِ بِقَلِيلٍ اهـ فَلَوْ قَالَ الشَّارِحُ قُبَيْلَ شُرُوعِهِ لَكَانَ أَصْوَبَ فَافْهَمْ.
هَذَا، وَفِي شَرْحِ اللُّبَابِ: وَاعْلَمْ أَنَّ الِاضْطِبَاعَ سُنَّةٌ فِي جَمِيعِ أَشْوَاطِ الطَّوَافِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الضِّيَاءِ فَإِذَا فَرَغَ مِنْ الطَّوَافِ تَرَكَهُ حَتَّى إذَا صَلَّى رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ مُضْطَبِعًا يُكْرَهُ لِكَشْفِهِ مَنْكِبَهُ وَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى أَنَّهُ لَا اضْطِبَاعَ فِي السَّعْيِ. اهـ. (قَوْلُهُ اسْتِنَانًا) أَيْ فِي كُلِّ طَوَافٍ بَعْدَهُ سَعْيٌ كَطَوَافِ الْقُدُومِ وَالْعُمْرَةِ وَكَطَوَافِ الزِّيَارَةِ إنْ كَانَ آخِرَ السَّعْيِ وَلَمْ يَكُنْ لَابِسًا، بَقِيَ مَنْ لَبِسَ الْمَخِيطَ لِعُذْرٍ هَلْ يُسَنُّ لَهُ التَّشَبُّهُ بِهِ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ أَصْحَابُنَا وَقَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ يَتَعَذَّرُ فِي حَقِّهِ أَيْ عَلَى وَجْهِ الْكَمَالِ، فَلَا يُنَافِي مَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ يُشْرَعُ لَهُ وَإِنْ كَانَ الْمَنْكِبُ مَسْتُورًا بِالْمَخِيطِ لِلْعُذْرِ. قُلْت: وَالْأَظْهَرُ فِعْلُهُ شَرْحُ اللُّبَابِ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ وَرَاءَ الْحَطِيمِ) وَيُسَمَّى حَظِيرَةَ إسْمَاعِيلَ أَوْ هُوَ الْبُقْعَةُ الَّتِي تَحْتَ الْمِيزَابِ عَلَيْهَا حَاجِزٌ كَنِصْفِ دَائِرَةٍ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْبَيْتِ فُرْجَةٌ سُمِّيَ بِالْحَطِيمِ لِأَنَّهُ حُطِّمَ مِنْ الْبَيْتِ أَيْ كُسِرَ وَبِالْحِجْرِ لِأَنَّهُ حُجْرٌ مِنْهُ أَيْ مُنِعَ (قَوْلُهُ لِأَنَّ مِنْهُ سِتَّةَ أَذْرُعٍ مِنْ الْبَيْتِ) لَفْظَةُ مِنْهُ خَبَرُ أَنَّ مُقَدَّمٌ وَسِتَّةٌ اسْمُهَا مُؤَخَّرٌ وَمِنْ الْبَيْتِ صِفَةُ سِتَّةٍ وَالتَّقْدِيرُ لِأَنَّ سِتَّةَ أَذْرُعٍ كَائِنَةٌ مِنْ الْبَيْتِ ثَابِتَةٌ مِنْهُ أَوْ مِنْهُ حَالٌ مِنْ سِتَّةٍ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ وَمِنْ الْبَيْتِ خَبَرٌ وَهُوَ جَائِزٌ كَقَوْلِهِ
لَمِّيَّةَ مُوحِشًا طَلَلٌ
ط.
قُلْت: وَالثَّانِي أَظْهَرُ فَافْهَمْ قَالَ فِي الْفَتْحِ وَلَيْسَ الْحِجْرُ كُلُّهُ مِنْ الْبَيْتِ بَلْ سِتَّةُ أَذْرُعٍ مِنْهُ فَقَطْ لِحَدِيثِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «سِتَّةُ أَذْرُعٍ مِنْ الْحَجِّ مِنْ الْبَيْتِ وَمَا زَادَ لَيْسَ مِنْ الْبَيْتِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ (قَوْلُهُ لَمْ يَجُزْ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَضَمِّ ثَانِيهِ مِنْ الْجَوَازِ بِمَعْنَى الْحِلِّ لَا الصِّحَّةِ أَوْ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ ثَانِيَةِ مِنْ الْإِجْزَاءِ أَيْ عَلَى وَجْهِ الْكَمَالِ قَالَ الْقَارِي فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ: وَلَوْ طَافَ مِنْ الْفُرْجَةِ لَا يَجْزِيهِ فِي تَحْقِيقِ كَمَالِهِ، وَلَا بُدَّ مِنْ إعَادَةِ الطَّوَافِ كُلِّهِ لِتَحَقُّقِهِ، وَإِنْ أَعَادَ مِنْ الْحَطِيمِ وَحْدَهُ أَجْزَأَهُ بِأَنْ يَأْخُذَ عَلَى يَمِينِهِ خَارِجَ الْحِجْرِ، حَتَّى يَنْتَهِيَ إلَى آخِرِهِ ثُمَّ يَدْخُلَ الْحِجْرَ مِنْ الْفُرْجَةِ وَيَخْرُجَ مِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ أَوْ لَا يَدْخُلُ الْحِجْر، وَهُوَ أَفْضَلُ بِأَنْ يَرْجِعَ وَيَبْتَدِئَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute