كَاسْتِقْبَالِهِ احْتِيَاطًا وَبِهِ قَبْرُ إسْمَاعِيلَ وَهَاجَرَ (سَبْعَةَ أَشْوَاطٍ) فَقَطْ (فَلَوْ طَافَ ثَامِنًا مِنْ عَمَلِهِ بِهِ) فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ (يَلْزَمُهُ إتْمَامُ الْأُسْبُوعِ لِلشُّرُوعِ) أَيْ لِأَنَّهُ شَرَعَ فِيهِ مُلْتَزِمًا بِخِلَافِ مَا لَوْ ظَنَّ أَنَّهُ سَابِعٌ لِشُرُوعِهِ مُسْقِطًا لَا مُسْتَلْزِمًا بِخِلَافِ الْحَجِّ.
ــ
[رد المحتار]
مِنْ أَوَّلِ الْحَجَر هَكَذَا يَفْعَلُ سَبْعَ مَرَّاتٍ وَيَقْضِي صِفَتَهُ مِنْ رَمَلٍ وَغَيْرِهِ وَلَوْ لَمْ يَعُدْ صَحَّ طَوَافُهُ وَوَجَبَ عَلَيْهِ دَمٌ. اهـ. (قَوْلُهُ كَاسْتِقْبَالِهِ) أَيْ فَإِنَّهُ إذَا اسْتَقْبَلَهُ الْمُصَلِّي لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ لِأَنَّ فَرْضِيَّةَ اسْتِقْبَالِ الْكَعْبَةِ ثَبَتَتْ بِالنَّصِّ الْقَطْعِيِّ وَكَوْنُ الْحَطِيمِ مِنْ الْكَعْبَةِ ثَبَتَ بِالْآحَادِ فَصَارَ كَأَنَّهُ مِنْ الْكَعْبَةِ مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ فَكَانَ الِاحْتِيَاطُ فِي وُجُوبِ الطَّوَافِ وَرَاءَهُ وَفِي عَدَمِ صِحَّةِ اسْتِقْبَالِهِ وَالتَّشْبِيهُ يُمْكِنُ تَصْحِيحُهُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَاهُمَا فِي قَوْلِهِ لَمْ يَجُزْ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْمَفْهُومِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَبِهِ قَبْرُ إسْمَاعِيلَ وَهَاجَرَ) عَزَاهُ فِي الْبَحْرِ إلَى غَايَةِ الْبَيَانِ. وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ ابْنَ الْجَوْزِيِّ أَوْرَدَ أَنَّ قَبْرَ إسْمَاعِيلَ فِيمَا بَيْنَ الْمِيزَابِ إلَى بَابِ الْحِجْرِ الْغَرْبِيِّ.
[تَنْبِيهٌ]
لَمْ يَذْكُرْ الشَّاذَرْوَانَ وَهُوَ الْإِفْرِيزُ الْمُسَنَّمُ الْخَارِجُ عَنْ عُرْضِ جِدَارِ الْبَيْتِ قَدْرَ ثُلُثَيْ ذِرَاعٍ، قِيلَ إنَّهُ مِنْ الْبَيْتِ بَقِيَ مِنْهُ حِينَ عَمَّرَتْهُ قُرَيْشٌ كَالْحَطِيمِ، وَهُوَ لَيْسَ مِنْهُ عِنْدَنَا لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ طَوَافُهُ وَرَاءَهُ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ كَمَا فِي الْفَتْحِ وَاللُّبَابِ وَغَيْرِهِمَا (قَوْلُهُ سَبْعَةَ أَشْوَاطٍ) مِنْ الْحَجَرِ إلَى الْحَجَرِ شَوْطٌ خَانِيَّةٌ وَهَذَا بَيَانٌ لِلْوَاجِبِ لَا لِلْفَرْضِ فِي الطَّوَافِ فِي لِمَا مَرَّ أَنَّ أَقَلَّ الْأَشْوَاطِ السَّبْعَةِ وَاجِبَةٌ تُجْبَرُ بِالدَّمِ، فَالرُّكْنُ أَكْثَرُهَا بَحْرٌ لَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ هَذَا فِي الْفَرْضِ وَالْوَاجِبِ فَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ لَوْ تَرَكَ أَكْثَرَ أَشْوَاطِ الصَّدْرِ لَزِمَهُ دَمٌ وَفِي الْأَقَلِّ لِكُلِّ شَوْطٍ صَدَقَةٌ.
مَطْلَبٌ فِي طَوَافِ الْقُدُومِ
وَأَمَّا الْقُدُومُ فَلَمْ يُصَرِّحُوا بِمَا يَلْزَمُهُ لَوْ تَرَكَهُ بَعْدَ الشُّرُوعِ، وَبَحَثَ السِّنْدِيُّ فِي مَنْسَكِهِ الْكَبِيرِ أَنَّهُ كَالصَّدْرِ وَنَازَعَهُ فِي شَرْحِ اللُّبَابِ بِأَنَّ الصَّدْرَ وَاجِبٌ بِأَصْلِهِ فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِ مَا يَجِبُ بِشُرُوعِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ بِتَرْكِهِ شَيْءٌ سِوَى التَّوْبَةِ كَصَلَاةِ النَّفْلِ اهـ مُلَخَّصًا. وَقَدْ يُقَالُ وُجُوبُهُ بِالشُّرُوعِ بِمَعْنَى وُجُوبِ إكْمَالِهِ وَقَضَائِهِ بِإِهْمَالِهِ وَيَلْزَمُ مِنْهُ وُجُوبُ الْإِتْيَانِ بِوَاجِبَاتِهِ كَصَلَاةِ النَّافِلَةِ، حَتَّى لَوْ تَرَكَ مِنْهَا وَاجِبًا وَجَبَ إعَادَتُهَا أَوْ الْإِتْيَانُ بِمَا يَجْبُرُ مَا تَرَكَهُ مِنْهَا كَالصَّلَاةِ الْوَاجِبَةِ ابْتِدَاءً، وَهُنَا كَذَلِكَ لَوْ تَرَكَ أَقَلَّهُ تَجِبُ فِيهِ صَدَقَةٌ وَلَوْ تَرَكَ أَكْثَرَهُ يَجِبُ فِيهِ دَمٌ لِأَنَّهُ الْجَابِرُ لِتَرْكِ الْوَاجِبِ فِي الطَّوَافِ كَسُجُودِ السَّهْوِ فِي تَرْكِ الْوَاجِبِ فِي النَّافِلَةِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (قَوْلُهُ مَعَ عِلْمِهِ بِهِ) أَيْ بِأَنَّهُ ثَامِنٌ لَكِنْ فَعَلَهُ بِنَاءً عَلَى الْوَهْمِ أَوْ الْوَسْوَسَةِ لَا عَلَى قَصْدِ دُخُولِ طَوَافٍ آخَرَ، فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يَلْزَمُ اتِّفَاقًا شَرْحُ اللُّبَابِ. قُلْت: لَكِنَّ التَّعْلِيلَ يُفِيدُ أَنَّ الْخِلَافَ فِيمَا لَوْ قَصَدَ الدُّخُولَ فِي طَوَافٍ آخَرَ أَيْضًا (قَوْلُهُ لِشُرُوعِهِ مُسْقِطًا لَا مُلْزِمًا) أَيْ لِأَنَّهُ شَرَعَ فِيهِ لِإِسْقَاطِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ وَهُوَ إتْمَامُ السَّبْعَةِ لَا مُلْزِمًا نَفْسَهُ بِشَوْطٍ مُسْتَأْنَفٍ حَتَّى يَجِبَ عَلَيْهِ إكْمَالُهُ لَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ ثَامِنٌ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْحَجِّ) فَإِنَّهُ إذَا شَرَعَ فِيهِ مُسْقِطًا يَلْزَمُهُ إتْمَامُهُ بِخِلَافِ بَقِيَّةِ الْعِبَادَاتِ بَحْرٌ.
وَالْحَاصِلُ: أَنَّ الطَّوَافَ كَغَيْرِهِ مِنْ الْعِبَادَاتِ مِثْلِ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ لَوْ شَرَعَ فِيهِ عَلَى وَجْهِ الْإِسْقَاطِ بِأَنْ ظَنَّ أَنَّهُ عَلَيْهِ ثُمَّ تَبَيَّنَ خِلَافُهُ لَا يَلْزَمُهُ إتْمَامُهُ إلَّا الْحَجَّ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ إتْمَامُهُ مُطْلَقًا كَمَا مَرَّ أَوَّلَ الْفَصْلِ.
لَوْ شَكَّ فِي عَدَدِ الْأَشْوَاطِ فِي طَوَافِ الرُّكْنِ أَعَادَهُ وَلَا يَبْنِي عَلَى غَالِبِ ظَنِّهِ، بِخِلَافِ الصَّلَاةِ، وَقِيلَ إذَا كَانَ يُكْثِرَ ذَلِكَ يَتَحَرَّى، وَلَوْ أَخْبَرَهُ عَدْلٌ بِعَدَدٍ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَأْخُذَ بِقَوْلِهِ، وَلَوْ أَخْبَرَهُ عَدْلَانِ وَجَبَ الْعَمَلُ بِقَوْلِهِمَا لُبَابٌ قَالَ شَارِحُهُ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ شَكَّ فِي أَشْوَاطِ غَيْرِ الرُّكْنِ لَا يُعِيدُهُ بَلْ يَبْنِي عَلَى غَلَبَةِ ظَنِّهِ لِأَنَّ غَيْرَ الْفَرْضِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute