للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاعْلَمْ أَنَّ مَكَانَ الطَّوَافِ دَاخِلَ الْمَسْجِدِ وَلَوْ وَرَاءَ زَمْزَمَ لَا خَارِجَهُ لِصَيْرُورَتِهِ طَائِفًا بِالْمَسْجِدِ لَا بِالْبَيْتِ وَلَوْ خَرَجَ مِنْهُ أَوْ مِنْ السَّعْيِ إلَى جِنَازَةٍ أَوْ مَكْتُوبَةٍ أَوْ تَجْدِيدِ وُضُوءٍ ثُمَّ عَادَ بَنَى وَجَازَ فِيهِمَا أَكْلٌ وَبَيْعٌ وَإِفْتَاءٌ وَقِرَاءَةٌ لَكِنَّ الذِّكْرَ أَفْضَلُ مِنْهَا وَفِي مَنْسَكِ النَّوَوِيِّ الذِّكْرُ الْمَأْثُورُ أَفْضَلُ وَأَمَّا غَيْرُ الْمَأْثُورِ فَالْقِرَاءَةُ أَفْضَلُ فَلْيُرَاجَعْ

ــ

[رد المحتار]

عَلَى التَّوْسِعَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْوَاجِبَ فِي حُكْمِ الرُّكْنِ لِأَنَّهُ فَرْضٌ عَمَلِيٌّ. اهـ.

(قَوْلُهُ مَكَانَ) بِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّهُ اسْمُ أَنَّ فَهُوَ اسْمُ مَكَان لَا ظَرْفُ مَكَان لِأَنَّ ظَرْفَ الْمَكَانِ لَا يَقَعُ اسْمَ إنَّ لِأَنَّ اسْمَهَا مُبْتَدَأٌ فِي الْأَصْلِ وَقَوْلُهُ: دَاخِلٌ بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُهَا وَقَوْلُهُ: لَا خَارِجَهُ عَطْفٌ عَلَيْهِ وَيَجُوزُ فِيهِمَا النَّصْبُ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ وَالْمُتَعَلِّقُ خَبَرُ إنَّ فَيَكُونُ مِنْ ظَرْفِيَّةِ الْأَخَصِّ فِي الْأَعَمِّ فَافْهَمْ. (قَوْلُهُ وَلَوْ وَرَاءَ زَمْزَمَ) أَوْ الْمَقَامِ أَوْ السَّوَارِيِّ أَوْ عَلَى سَطْحِهِ وَلَوْ مُرْتَفِعًا عَلَى الْبَيْتِ لُبَابٌ (قَوْلُهُ لَا بِالْبَيْتِ) لِأَنَّ حِيطَانَ الْمَسْجِدِ تَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ بَحْرٌ عَنْ الْمُحِيطِ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ الْحِيطَانُ مُتَهَدِّمَةً يَصِحُّ وَحَقَّقَ فِي الْفَتْحِ أَنَّ هَذَا الْمَفْهُومَ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ أَخْذًا مِنْ تَعْلِيلِ الْمَبْسُوطِ (قَوْلُهُ بَنَى) أَيْ عَلَى مَا كَانَ طَافَهُ، وَلَا يَلْزَمُهُ الِاسْتِقْبَالُ فَتْحٌ. قُلْت: ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ اسْتَقْبَلَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فَلَا يَلْزَمُهُ إتْمَامُ الْأَوَّلِ لِأَنَّ هَذَا الِاسْتِقْبَالَ لِلْإِكْمَالِ بِالْمُوَالَاةِ بَيْنَ الْأَشْوَاطِ، ثُمَّ رَأَيْت فِي اللُّبَابِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ حَيْثُ قَالَ فِي فَضْلِ مُسْتَحَبَّاتِ الطَّوَافِ: وَمِنْهَا اسْتِئْنَافُ الطَّوَافِ لَوْ قَطَعَهُ أَوْ فَعَلَهُ عَلَى وَجْهٍ مَكْرُوهٍ قَالَ شَارِحُهُ لَوْ قَطَعَهُ أَيْ وَلَوْ بِعُذْرٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مُقَيَّدٌ بِمَا قَبْلَ إتْيَانِ أَكْثَرِهِ اهـ بَقِيَ مَا إذَا حَضَرَتْ الْجِنَازَةُ أَوْ الْمَكْتُوبَةُ فِي أَثْنَاءِ الشَّوْطِ هَلْ يُتِمُّهُ أَوْ لَا؟ لَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِهِ عِنْدَنَا وَيَنْبَغِي عَدَمُ الْإِتْمَامِ إذَا خَافَ فَوْتَ الرَّكْعَةِ مَعَ الْإِمَامِ وَإِذَا عَادَ لِلْبِنَاءِ هَلْ يَبْنِي مِنْ مَحَلِّ انْصِرَافِهِ أَوْ يَبْتَدِئُ الشَّوْطَ مِنْ الْحَجَرِ؟ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ قِيَاسًا عَلَى مَنْ سَبَقَهُ الْحَدَثُ فِي الصَّلَاةِ ثُمَّ رَأَيْت بَعْضَهُمْ نَقَلَهُ عَنْ صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ التَّابِعِيِّ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ الْفَتْحِ بَنَى عَلَى مَا كَانَ طَافَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[تَنْبِيهٌ]

إذَا خَرَجَ لِغَيْرِ حَاجَةٍ كُرِهَ وَلَا يَبْطُلُ فَقَدْ قَالَ فِي اللُّبَابِ وَلَا مُفْسِدَ لِلطَّوَافِ وَعَدَّ مِنْ مَكْرُوهَاتِهِ تَفْرِيقَهُ أَيْ الْفَصْلَ بَيْنَ أَشْوَاطِهِ تَفْرِيقًا كَثِيرًا وَكَذَا قَالَ فِي السَّعْيِ بَلْ ذَكَرَ فِي مَنْسَكِهِ الْكَبِيرِ لَوْ فَرَّقَ السَّعْيَ تَفْرِيقًا كَثِيرًا كَأَنْ سَعَى كُلَّ يَوْمٍ شَوْطًا أَوْ أَقَلَّ لَمْ يَبْطُلْ سَعْيُهُ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَسْتَأْنِفَ (قَوْلُهُ وَجَازَ فِيهِمَا أَكْلٌ وَبَيْعٌ) الْمُصَرَّحُ بِهِ فِي اللُّبَابِ كَرَاهَةُ الْبَيْعِ فِيهِمَا وَكَرَاهَةُ الْأَكْلِ فِي الطَّوَافِ لَا السَّعْيِ، وَمِثْلُ الْبَيْعِ الشِّرَاءُ وَعَدَّ الشُّرْبَ فِيهِمَا مِنْ الْمُبَاحَاتِ (قَوْلُهُ لَكِنَّ الذِّكْرَ أَفْضَلُ مِنْهَا) أَيْ مِنْ الْقِرَاءَةِ فِي الطَّوَافِ، وَهَذَا مَا نَقَلَهُ فِي الْفَتْحِ عَنْ التَّجْنِيسِ وَقَالَ وَفِي الْكَافِي لِلْحَاكِمِ الَّذِي هُوَ جَمِيعَ كَلَامَ مُحَمَّدٍ يُكْرَهُ أَنْ يَرْفَعَ صَوْتَهُ بِالْقِرَاءَةِ فِيهِ وَلَا بَأْسَ بِقِرَاءَتِهِ فِي نَفْسِهِ، وَفِي الْمُنْتَقَى عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يَنْبَغِي لِلرَّجُلِ أَنْ يَقْرَأَ فِي طَوَافِهِ وَلَا بَأْسَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَا يَنْبُو مَا ذَكَرَهُ فِي التَّجْنِيسِ عَمَّا ذَكَرَهُ الْحَاكِمُ لِأَنَّ لَا بَأْسَ فِي الْأَكْثَرِ لِخِلَافِ الْأَوْلَى اهـ أَيْ وَمِنْ غَيْرِ الْأَكْثَرِ قَوْلُ الْمُنْتَقَى، وَلَا بَأْسَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى.

ثُمَّ قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَالْحَاصِلُ أَنَّ هَدْيَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هُوَ الْأَفْضَلُ، وَلَمْ يَثْبُتْ عَنْهُ فِي الطَّوَافِ قِرَاءَةٌ بَلْ الذِّكْرُ وَهُوَ الْمُتَوَارَثُ مِنْ السَّلَفِ وَالْمُجْمَعُ عَلَيْهِ فَكَانَ أَوْلَى. اهـ. (قَوْلُهُ فَلْيُرَاجَعْ) أَقُولُ: الْحَاصِلُ مِنْ هَذِهِ النُّقُولِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا آنِفًا أَنَّ الْقِرَاءَةَ خِلَافُ الْأَوْلَى وَأَنَّ الذِّكْرَ أَفْضَلُ مِنْهَا مَأْثُورًا أَوَّلًا كَمَا هُوَ مُقْتَضَى الْإِطْلَاقِ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِهِ الْكَامِلُ وَهُوَ الْمَأْثُورُ فَيُوَافِقُ مَا نَقَلَهُ الشَّارِحُ عَنْ النَّوَوِيِّ وَاسْتَحْسَنَهُ فِي شَرْحِ اللُّبَابِ، لَكِنَّ كَوْنَ الْقِرَاءَةِ أَفْضَلَ مِنْ غَيْرِ الْمَأْثُورِ يَنْبُو عَنْهُ قَوْلُ الْمُنْتَقَى: لَا يَنْبَغِي أَنْ يَقْرَأَ فِي طَوَافِهِ، فَإِنَّهُ يُشْعِرُ بِالْمَنْعِ عَنْ الْقِرَاءَةِ تَنْزِيهًا وَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْمَنْعِ عَنْ ذِكْرِ غَيْرِ مَأْثُورٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا أَسْلَفْنَاهُ عَنْ الْهِدَايَةِ مِنْ أَنَّ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَمْ يُعَيِّنْ فِي الْأَصْلِ لِمَشَاهِدِ الْحَجِّ شَيْئًا مِنْ الدَّعَوَاتِ لِأَنَّ التَّوْقِيتَ يَذْهَبُ بِالرِّقَّةِ وَإِنْ تَبَرَّكَ بِالْمَنْقُولِ مِنْهَا فَحَسَنٌ اهـ وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالذِّكْرِ هُنَا مُطْلَقُهُ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ عَلَى خِلَافِ مَا فَصَّلَهُ النَّوَوِيُّ فَلْيُتَأَمَّلْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>