للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنْ أَرَادَ السَّعْيَ (وَاسْتَلَمَ الْحَجَرَ وَكَبَّرَ وَهَلَّلَ وَخَرَجَ) مِنْ بَابِ الصَّفَا نَدْبًا (فَصَعِدَ الصَّفَا) بِحَيْثُ يَرَى الْكَعْبَةَ مِنْ الْبَابِ (وَاسْتَقْبَلَ الْبَيْتَ وَكَبَّرَ وَهَلَّلَ وَصَلَّى عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) بِصَوْتٍ مُرْتَفِعٍ خَانِيَّةٌ (وَرَفَعَ يَدَيْهِ) نَحْوَ السَّمَاءِ (وَدَعَا) لِخَتْمِهِ الْعِبَادَةَ (بِمَا شَاءَ) لِأَنَّ مُحَمَّدًا لَمْ يُعَيِّنْ شَيْئًا لِأَنَّهُ يَذْهَبُ بِرِقَّةِ الْقَلْبِ

ــ

[رد المحتار]

ذَكَرَهُ السُّرُوجِيُّ اهـ وَالثَّانِي هُوَ الْأَسْهَلُ وَالْأَفْضَلُ وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ شَرْحُ اللُّبَابِ، وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مُخَالِفٌ لِلْقَوْلَيْنِ ظَاهِرًا لَكِنَّ الْوَاوَ لَا تَقْتَضِي التَّرْتِيبَ فَيُحْمَلُ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَقَدْ ذَكَرَ فِي شَرْحِ اللُّبَابِ فِي طَوَافِ الصَّدْرِ أَنَّهُ هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الرِّوَايَاتِ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْكَرْمَانِيُّ وَالزَّيْلَعِيُّ اهـ وَقَالَ هُنَا وَلَمْ يُذْكَرْ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْكُتُبِ إتْيَانُ زَمْزَمَ وَالْمُلْتَزَمِ فِيمَا بَيْنَ الصَّلَاةِ إلَى الصَّفَا وَلَعَلَّهُ لِعَدَمِ تَأَكُّدِهِ.

مَطْلَبٌ فِي السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ

(قَوْلُهُ إنَّ أَرَادَ السَّعْيَ) أَفَادَ أَنَّ الْعَوْدَ إلَى الْحَجَرِ إنَّمَا يُسْتَحَبُّ لِمَنْ أَرَادَ السَّعْيَ بَعْدَهُ وَإِلَّا فَلَا كَمَا فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ، وَكَذَا الرَّمَلُ وَالِاضْطِبَاعُ تَابِعًا لِطَوَافٍ بَعْدَهُ سَعْيٌ كَمَا قَدَّمْنَاهُ، وَأَشَارَ إلَى مَا فِي النَّهْرِ مِنْ أَنَّ السَّعْيَ بَعْدَ طَوَافِ الْقُدُومِ رُخْصَةٌ لِاشْتِغَالِهِ يَوْمَ النَّحْرِ بِطَوَافِ الْفَرْضِ وَالذَّبْحِ وَالرَّمْيِ وَإِلَّا فَالْأَفْضَلُ تَأْخِيرُهُ إلَى مَا بَعْدَ طَوَافِ الْفَرْضِ، لِأَنَّهُ وَاجِبٌ، فَجَعْلُهُ تَبَعًا لِلْفَرْضِ أَوْلَى كَذَا فِي التُّحْفَةِ وَغَيْرِهَا اهـ لَكِنْ ذَكَرَ فِي اللُّبَابِ خِلَافًا فِي الْأَفْضَلِيَّةِ ثُمَّ قَالَ: وَالْخِلَافُ فِي غَيْرِ الْقَارِنِ أَمَّا الْقَارِنُ فَالْأَفْضَلُ لَهُ تَقْدِيمُ السَّعْيِ أَوْ يُسَنُّ اهـ وَأَشَارَ أَيْضًا إلَى أَنَّ السَّعْيَ بَعْدَ الطَّوَافِ فَلَوْ عَكَسَ أَعَادَ السَّعْيَ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لَهُ، وَصَرَّحَ فِي الْمُحِيطِ بِأَنَّ تَقْدِيمَ الطَّوَافِ شَرْطٌ لِصِحَّةِ السَّعْيِ، وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ تَأْخِيرَ السَّعْيِ وَاجِبٌ وَإِلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ بَعْدَهُ فَوْرًا وَالسُّنَّةُ الِاتِّصَالُ بِهِ بَحْرٌ، فَإِنْ أَخَّرَ لِعُذْرٍ أَوْ لِيَسْتَرِيحَ مِنْ تَعَبِهِ، فَلَا بَأْسَ وَإِلَّا فَقَدْ أَسَاءَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لُبَابٌ (قَوْلُهُ مِنْ بَابِ الصَّفَا نَدْبًا) كَذَا فِي السِّرَاجِ لِخُرُوجِهِ مِنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -. وَفِي الْهِدَايَةِ: أَنَّ خُرُوجَهُ مِنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِأَنَّهُ كَانَ أَقْرَبَ الْأَبْوَابِ إلَى الصَّفَا لَا أَنَّهُ سُنَّةٌ (قَوْلُهُ فَصَعِدَ الصَّفَا إلَخْ) هَذَا الصُّعُودُ وَمَا بَعْدَهُ سُنَّةٌ، فَيُكْرَهُ أَنْ لَا يَصْعَدَ عَلَيْهِمَا بَحْرٌ عَنْ الْمُحِيطِ أَيْ إذَا كَانَ مَاشِيًا بِخِلَافِ الرَّاكِبِ كَمَا فِي شَرْحِ الْمُرْشِدِيِّ.

وَاعْلَمْ أَنَّ كَثِيرًا مِنْ دَرَجَاتِ الصَّفَا دُفِنَتْ تَحْتَ الْأَرْضِ بِارْتِفَاعِهَا حَتَّى إنَّ مَنْ وَقَفَ عَلَى أَوَّلِ دَرَجَةٍ مِنْ دَرَجَاتِهَا الْمَوْجُودَةِ أَمْكَنَهُ أَنْ يَرَى الْبَيْتَ، فَلَا يَحْتَاجُ إلَى الصُّعُودِ وَمَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ أَهْلِ الْبِدْعَةِ وَالْجَهَلَةِ مِنْ الصُّعُودِ حَتَّى يَلْتَصِقُوا بِالْجِدَارِ، فَخِلَافُ طَرِيقَةِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ شَرْحُ اللُّبَابِ (قَوْلُهُ وَكَبَّرَ إلَخْ) فِي اللُّبَابِ فَيَحْمَدُ اللَّهَ تَعَالَى وَيُثْنِي عَلَيْهِ، وَيُكَبِّرُ ثَلَاثًا وَيُهَلَّلُ، وَيُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ يَدْعُو لِلْمُسْلِمِينَ وَلِنَفْسِهِ بِمَا شَاءَ وَيُكَرِّرُ الذِّكْرَ مَعَ التَّكْبِيرِ ثَلَاثًا وَيُطِيلُ الْمُقَامَ عَلَيْهِ. اهـ. أَيْ: قَدْرَ مَا يَقْرَأُ سُورَةً مِنْ الْمُفَصَّلِ كَمَا فِي شَرْحِهِ عَنْ الْعِدَّةِ لِصَاحِبِ الْهِدَايَةِ (قَوْلُهُ بِصَوْتٍ مُرْتَفِعٍ) اقْتَصَرَ فِي الْخَانِيَّةِ عَلَى ذِكْرِ التَّكْبِيرِ وَالتَّهْلِيلِ وَقَالَ يَرْفَعُ صَوْتَهُ بِهِمَا اهـ وَأَمَّا الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَدْ قَدَّمْنَا فِي دُعَاءِ التَّلْبِيَةِ أَنَّهُ يَخْفِضُ صَوْتَهُ بِهَا فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ هُنَا كَذَلِكَ تَأَمَّلْ.

[تَنْبِيهٌ]

فِي اللُّبَابِ: وَيُلَبِّي فِي السَّعْيِ الْحَاجُّ لَا الْمُعْتَمِرُ زَادَ شَارِحُهُ وَلَا اضْطِبَاعَ فِيهِ مُطْلَقًا عِنْدَنَا كَمَا حَقَقْنَاهُ فِي رِسَالَةٍ خِلَافًا لِلشَّافِعِيَّةِ (قَوْلُهُ وَرَفَعَ يَدَيْهِ) أَيْ حِذَاءَ مَنْكِبَيْهِ لُبَابٌ وَبَحْرٌ (قَوْلُهُ لِخَتْمِهِ الْعِبَادَةَ) قَالَ فِي السِّرَاجِ: وَإِنَّمَا ذَكَرَ الدُّعَاءَ هَاهُنَا وَلَمْ يَذْكُرْهُ عِنْدَ اسْتِلَامِ الْحَجَرِ لِأَنَّ الِاسْتِلَامَ حَالَةَ ابْتِدَاءِ الْعِبَادَةِ، وَهَذَا حَالَةَ خَتْمِهَا لِأَنَّ خَتْمَ الطَّوَافِ بِالسَّعْيِ وَالدُّعَاءِ يَكُونُ عِنْدَ الْفَرَاغِ مِنْهَا لَا عِنْدَ ابْتِدَائِهَا كَمَا فِي الصَّلَاةِ اهـ وَفِيهِ أَنَّ هَذَا ابْتِدَاءُ السَّعْيِ لَا خَتْمُ الطَّوْفِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ السَّعْيَ إنَّمَا يَتَحَقَّقُ عِنْدَ النُّزُولِ عَنْ الصَّفَا، أَمَّا الصُّعُودُ عَلَيْهَا فَقَدْ تَحَقَّقَ عِنْدَهُ خَتْمُ الطَّوَافِ لِقَصْدِهِ الِانْتِقَالَ عَنْهُ إلَى عِبَادَةٍ أُخْرَى تَابِعَةٍ لَهُ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يَذْهَبُ بِرِقَّةِ الْقَلْبِ) أَيْ لِأَنَّهُ بِسَبَبِ حِفْظِهِ لَهُ يَجْرِي عَلَى لِسَانِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>