للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ تَبَرَّكَ بِالْمَأْثُورِ فَحَسَنٌ (ثُمَّ مَشَى نَحْوَ الْمَرْوَةِ سَاعِيًا بَيْنَ الْمِيلَيْنِ الْأَخْضَرَيْنِ) الْمُتَّخَذَيْنِ فِي جِدَارِ الْمَسْجِدِ (وَصَعِدَ عَلَيْهَا وَفَعَلَ مَا فَعَلَهُ عَلَى الصَّفَا يَفْعَلُ هَكَذَا سَبْعًا يَبْدَأُ بِالصَّفَا وَيَخْتِمُ) الشَّوْطَ السَّابِعَ (بِالْمَرْوَةِ) فَلَوْ بَدَأَ بِالْمَرْوَةِ لَمْ يَعْتَدَّ بِالْأَوَّلِ هُوَ الْأَصَحُّ وَنُدِبَ خَتْمُهُ بِرَكْعَتَيْنِ فِي الْمَسْجِدِ كَخَتْمِ الطَّوَافِ

ــ

[رد المحتار]

بِلَا حُضُورِ قَلْبٍ وَهَذَا بِخِلَافِ الدُّعَاءِ فِي الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ يَنْبَغِي الدُّعَاءُ فِيهَا بِمَا يَحْفَظُهُ لِئَلَّا يَجْرِيَ عَلَى لِسَانِهِ مَا يُشْبِهُ كَلَامَ النَّاسِ فَتَفْسُدَ صَلَاتُهُ كَمَا نَقَلَهُ ط عَنْ الْوَلْوَالِجيَّةِ (قَوْلُهُ وَإِنْ تَبَرَّكَ بِالْمَأْثُورِ فَحَسَنٌ) أَيْ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ وَغَيْرِهِ مِنْ مَنَاسِكِ الْحَجِّ، وَقَدْ ذَكَرْت ذَلِكَ فِي رِسَالَتِي بُغْيَةُ النَّاسِكِ فِي أَدْعِيَةِ الْمَنَاسِكِ (قَوْلُهُ ثُمَّ مَشَى نَحْوَ الْمَرْوَةِ) قَالَ فِي اللُّبَابِ: ثُمَّ يَهْبِطُ نَحْوَ الْمَرْوَةِ سَاعِيًا ذَاكِرًا مَاشِيًا عَلَى هِينَتِهِ، حَتَّى إذَا كَانَ دُونَ الْمِيلِ الْمُعَلَّقِ فِي رُكْنِ الْمَسْجِدِ قِيلَ بِنَحْوِ سِتَّةِ أَذْرُعٍ سَعَى سَعْيًا شَدِيدًا فِي بَطْنِ الْوَادِي حَتَّى يُجَاوِزَ الْمِيلَيْنِ ثُمَّ يَمْشِي عَلَى هِينَتِهِ حَتَّى يَأْتِيَ الْمَرْوَةَ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ السَّعْيُ بَيْنَ الْمِيلَيْنِ فَوْقَ الرَّمَلِ دُونَ الْعَدْوِ، وَهُوَ فِي كُلِّ شَوْطٍ أَيْ بِخِلَافِ الرَّمَلِ فِي الطَّوَافِ فَإِنَّهُ مُخْتَصٌّ بِالثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ خِلَافًا لِمَنْ جَعَلَهُ مِثْلَهُ، فَلَوْ تَرَكَهُ أَوْ هَرْوَلَ فِي جَمِيعِ السَّعْيِ فَقَدْ أَسَاءَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ عَجَزَ عَنْهُ صَبَرَ حَتَّى يَجِدَ فُرْجَةً وَإِلَّا تَشَبَّهَ بِالسَّاعِي فِي حَرَكَتِهِ وَإِنْ كَانَ عَلَى دَابَّةٍ حَرَّكَهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يُؤْذِيَ أَحَدًا اهـ وَقَوْلُهُ قِيلَ بِنَحْوِ سِتَّةِ أَذْرُعٍ قَالَ شَارِحُهُ هُوَ مَنْسُوبٌ لِلشَّافِعِيِّ وَذُكِرَ أَيْضًا فِي بَعْضِ الْمَنَاسِكِ لِأَصْحَابِنَا. اهـ.

قُلْت: وَنَقَلَهُ فِي الْمِعْرَاجِ عَنْ شَرْحِ الْوَجِيزِ وَقَالَ إنَّ الْمِيلَ كَانَ عَلَى مَتْنِ الطَّرِيقِ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يُبْتَدَأُ مِنْهُ السَّعْيُ، فَكَانَ يَهْدِمُهُ السَّيْلُ فَرَفَعُوهُ إلَى أَعْلَى رُكْنِ الْمَسْجِدِ، وَلِذَا سُمِّيَ مُعَلَّقًا فَوَقَعَ مُتَأَخِّرًا عَنْ ابْتِدَاءِ السَّعْيِ بِسِتَّةِ أَذْرُعٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَوْضِعٌ أَلِيقُ مِنْهُ وَالْمِيلُ الثَّانِي مُتَّصِلٌ بِدَارِ الْعَبَّاسِ اهـ وَنَقَلَهُ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ أَيْضًا وَأَقَرَّهُ، وَنَقَلَهُ بَعْضُ الْمُحَشِّينَ عَنْ مَنْسَكِ ابْنِ الْعَجَمِيِّ وَالطَّرَابُلُسِيِّ وَالْبَحْرِ الْعَمِيقِ وَغَيْرِهِمْ.

قُلْت: وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُ الْمُتُونِ سَاعِيًا بَيْنَ الْمِيلَيْنِ لِأَنَّهُ بِاعْتِبَارِ الْأَصْلِ (قَوْلُهُ الْمُتَّخَذَيْنِ) فِي نُسْخَةٍ الْمَنْحُوتَيْنِ (قَوْلُهُ وَصَعِدَ عَلَيْهَا) أَيْ بِاعْتِبَارِ الزَّمَنِ الْأَوَّلِ أَمَّا الْآنَ فَمَنْ وَقَفَ عَلَى الدَّرَجَةِ الْأُولَى، بَلْ عَلَى أَرْضِهَا يَصْدُقُ أَنَّهُ طَلَعَ عَلَيْهَا شَرْحُ اللُّبَابِ (قَوْلُهُ وَفَعَلَ مَا فَعَلَهُ عَلَى الصَّفَا) أَيْ مِنْ الِاسْتِقْبَالِ بِأَنْ يَمِيلَ إلَى يَمِينِهِ أَدْنَى مَيْلٍ لِيَتَوَجَّهَ إلَى الْبَيْتِ، وَإِلَّا فَالْبَيْتُ لَا يَبْدُو الْيَوْمَ لِحَجْبِهِ بِالْبُنْيَانِ، وَمِنْ التَّكْبِيرِ وَالذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى الصَّلَاةِ وَالثَّنَاءِ شَرْحُ اللُّبَابِ (قَوْلُهُ يَبْدَأُ بِالصَّفَا إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الذَّهَابَ إلَى الْمَرْوَةِ شَوْطٌ وَالْعَوْدَ مِنْهَا إلَى الصَّفَا شَوْطٌ، وَهُوَ الصَّحِيحُ وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ: إنَّ الذَّهَابَ وَالْعَوْدَ شَوْطٌ وَاحِدٌ كَالطَّوَافِ فَإِنَّهُ مِنْ الْحَجَرِ إلَى الْحَجَرِ شَوْطٌ وَتَمَامُهُ فِي الْفَتْحِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ فَلَوْ بَدَأَ بِالْمَرْوَةِ إلَخْ) قَدَّمْنَا الْكَلَامَ عَلَيْهِ فِي الْوَاجِبَاتِ (قَوْلُهُ وَنُدِبَ إلَخْ) ذَكَرَهُ فِي الْخَانِيَّةِ وَغَيْرِهَا، وَقَوْلُهُ كَخَتْمِ الطَّوَافِ لِيَكُونَ خَتْمُ السَّعْيِ كَخَتْمِ الطَّوَافِ كَمَا أَنَّ مَبْدَأَهُمَا بِالِاسْتِلَامِ قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَلَا حَاجَةَ إلَى هَذَا الْقِيَاسِ إذْ فِيهِ نَصٌّ وَهُوَ مَا رَوَى «الْمُطَّلِبُ بْنُ أَبِي وَدَاعَةَ قَالَ رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَسَلَّمَ حِينَ فَرَغَ مِنْ سَعْيِهِ جَاءَ حَتَّى إذَا حَاذَى الرُّكْنَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ فِي حَاشِيَةِ الْمَطَافِ وَلَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الطَّائِفِينَ أَحَدٌ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ حِبَّانَ وَقَالَ فِي رِوَايَتِهِ «رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي حَذْوَ الرُّكْنِ الْأَسْوَدِ وَالرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ يَمُرُّونَ بَيْنَ يَدَيْهِ مَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ سُتْرَةٌ.» وَتَمَامُهُ فِيهِ.

مَطْلَبٌ فِي عَدَمِ مَنْعِ الْمَارِّ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي عِنْدَ الْكَعْبَةِ.

[تَنْبِيهٌ]

قَالَ الْعَلَّامَةُ قُطْبُ الدِّينِ فِي مَنْسَكِهِ رَأَيْت بِخَطِّ بَعْضِ تَلَامِذَةِ الْكَمَالِ بْنِ الْهُمَامِ فِي حَاشِيَةِ الْفَتْحِ إذَا صَلَّى فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَمْنَعَ الْمَارَّ لِهَذَا الْحَدِيثِ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الطَّائِفِينَ لِأَنَّ الطَّوَافَ صَلَاةٌ فَصَارَ كَمَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>