(ثُمَّ سَكَنَ بِمَكَّةَ مُحْرِمًا) بِالْحَجِّ وَلَا يَجُوزُ فَسْخُ الْحَجِّ بِالْعُمْرَةِ عِنْدَنَا (وَطَافَ بِالْبَيْتِ نَفْلًا مَاشِيًا) بِلَا رَمَلٍ وَسَعْيٍ وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ الصَّلَاةِ نَافِلَةً لِلْآفَاقِيِّ وَقَلْبُهُ لِلْمَكِّيِّ. وَفِي الْبَحْرِ: يَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِزَمَنِ الْمَوْسِمِ وَإِلَّا فَالطَّوَافُ أَفْضَلُ مِنْ الصَّلَاةِ مُطْلَقًا
(وَخَطَبَ الْإِمَامُ) أُولَى خُطَبِ الْحَجِّ الثَّلَاثِ (سَابِعَ ذِي الْحِجَّةِ بَعْدَ الزَّوَالِ وَ) بَعْدَ (صَلَاةِ الظُّهْرِ)
ــ
[رد المحتار]
بَيْنَ يَدَيْهِ صُفُوفٌ مِنْ الْمُصَلِّينَ اهـ وَقَالَ ثُمَّ رَأَيْت فِي الْبَحْرِ الْعَمِيقِ حَكَى عِزُّ الدِّينِ بْنُ جَمَاعَةَ عَنْ مُشْكِلَاتِ الْآثَارِ لِلطَّحَاوِيِّ أَنَّ الْمُرُورَ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي بِحَضْرَةِ الْكَعْبَةِ يَجُوزُ. اهـ.
قُلْت: وَهَذَا فَرْعٌ غَرِيبٌ فَلْيُحْفَظْ (قَوْلُهُ ثُمَّ سَكَنَ بِمَكَّةَ مُحْرِمًا) إنَّمَا عَبَّرَ بِالسُّكْنَى دُونَ الْإِقَامَةِ لِإِيهَامِهَا الْإِقَامَةَ الشَّرْعِيَّةَ، وَهِيَ لَا تَصِحُّ لِمَا فِي الْبَحْرِ مِنْ بَابِ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ إذَا دَخَلَ الْحَاجُّ مَكَّةَ فِي أَيَّامِ الْعَشْرِ وَنَوَى الْإِقَامَةَ نِصْفَ شَهْرٍ لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ الْخُرُوجِ إلَى عَرَفَاتٍ فَلَا يَتَحَقَّقُ اتِّحَادُ الْمَوْضِعِ الَّذِي هُوَ شَرْطُ صِحَّةِ نِيَّةِ الْإِقَامَةِ ط (قَوْلُهُ بِالْحَجِّ) إنَّمَا ذَكَرَهُ وَإِنْ كَانَ الْقَارِنُ وَالْمُتَمَتِّعُ الَّذِي سَاقَ الْهَدْيَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْبَابَ مَعْقُودٌ لِلْمُفْرِدِ ط (قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ إلَخْ) الْأَوْلَى التَّفْرِيعُ بِالْفَاءِ عَلَى قَوْلِهِ مُحْرِمًا بِالْحَجِّ كَمَا فَعَلَ فِي الْبَحْرِ: أَيْ لَا يَجُوزُ أَنْ يَفْسَخَ نِيَّةَ الْحَجِّ بَعْدَمَا أَحْرَمَ بِهِ، وَيَقْطَعُ أَفْعَالَهُ وَيَجْعَلُ إحْرَامَهُ وَأَفْعَالَهُ لِلْعُمْرَةِ لُبَابٌ، وَأَمَّا أَمْرُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بِذَلِكَ أَصْحَابَهُ إلَّا مَنْ سَاقَ الْهَدْيَ فَمَخْصُوصٌ بِهِمْ أَوْ مَنْسُوخٌ نَهْرٌ، وَقَدْ أَوْضَحَ الْمَقَامَ الْمُحَقِّقُ ابْنُ الْهُمَامِ (قَوْلُهُ بِلَا رَمَلٍ وَسَعْيٍ) لِأَنَّ الرَّمَلَ وَكَذَا الِاضْطِبَاعُ تَابِعَانِ لِطَوَافٍ بَعْدَهُ سَعْيٌ مِنْ وَاجِبَاتِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةُ فَقَطْ، وَهَذَا الطَّوَافُ تَطَوُّعٌ فَلَا سَعْيَ بَعْدَهُ قَالَ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ عَنْ الْكَافِي لِأَنَّ التَّنَفُّلَ بِالسَّعْيِ غَيْرُ مَشْرُوعٍ (قَوْلُهُ وَهُوَ) أَيْ الطَّوَافُ (قَوْلُهُ يَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ) أَيْ تَقْيِيدُ كَوْنِ الصَّلَاةِ النَّافِلَةِ أَفْضَلَ مِنْ طَوَافِ التَّطَوُّعِ فِي حَقِّ الْمَكِّيِّ بِزَمَنِ الْمَوْسِمِ لِأَجْلِ التَّوْسِعَةِ عَلَى الْغُرَبَاءِ وَقَوْلُهُ مُطْلَقًا أَيْ لِلْمَكِّيِّ وَالْآفَاقِيِّ فِي غَيْرِ الْمَوْسِمِ، وَقَدْ أَقَرَّهُ عَلَى هَذَا الْبَحْثِ فِي النَّهْرِ
قُلْت: لَكِنْ يُخَالِفُهُ مَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ وَنَصُّهُ الصَّلَاةُ بِمَكَّةَ أَفْضَلُ لِأَهْلِهَا مِنْ الطَّوَافِ وَلِلْغُرَبَاءِ الطَّوَافُ أَفْضَلُ لِأَنَّ الصَّلَاةَ فِي نَفْسِهَا أَفْضَلُ مِنْ الطَّوَافِ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَبَّهَ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ بِالصَّلَاةِ لَكِنَّ الْغُرَبَاءَ لَوْ اشْتَغَلُوا بِهَا لَفَاتَهُمْ الطَّوَافُ مِنْ غَيْرِ إمْكَانِ التَّدَارُكِ فَكَانَ الِاشْتِغَالُ بِمَا لَا يُمْكِنُ تَدَارُكُهُ أَوْلَى. اهـ.
مَطْلَبٌ الصَّلَاةُ أَفْضَلُ مِنْ الطَّوَافِ وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ الْعُمْرَةِ [تَنْبِيهٌ]
فِي شَرْحِ الْمُرْشِدِيِّ عَلَى الْكَنْزِ قَوْلُهُمْ إنَّ الصَّلَاةَ أَفْضَلُ مِنْ الطَّوَافِ لَيْسَ مُرَادُهُمْ بِهِ أَنَّ صَلَاةَ رَكْعَتَيْنِ مَثَلًا أَفْضَلُ مِنْ أَدَاءِ أُسْبُوعٍ لِأَنَّ الْأُسْبُوعَ مُشْتَمِلٌ عَلَى رَكْعَتَيْنِ مَعَ زِيَادَةٍ بَلْ مُرَادُهُمْ بِهِ أَنَّ الزَّمَنَ الَّذِي يُؤَدِّي فِيهِ أُسْبُوعًا هَلْ الْأَفْضَلُ فِيهِ أَنْ يَصْرِفَهُ لِلطَّوَافِ أَمْ يَشْغَلُهُ بِالصَّلَاةِ اهـ وَنَظِيرُهُ مَا أَجَابَ بِهِ الْعَلَّامَةُ الْقَاضِي إبْرَاهِيمُ بْنُ ظَهِيرَةَ الْمَكِّيُّ حَيْثُ سُئِلَ هَلْ الْأَفْضَلُ الطَّوَافُ أَوْ الْعُمْرَةُ مِنْ أَنَّ الْأَرْجَحَ تَفْضِيلُ الطَّوَافِ عَلَى الْعُمْرَةِ إذَا شَغَلَ بِهِ مِقْدَارَ زَمَنِ الْعُمْرَةِ إلَّا إذَا قِيلَ إنَّهَا لَا تَقَعُ إلَّا فَرْضَ كِفَايَةٍ فَلَا يَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ.
[تَتِمَّةٌ]
سَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْ دُخُولِ الْبَيْتِ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ مَنْدُوبٌ إذَا لَمْ يَشْتَمِلْ عَلَى إيذَاءِ نَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ وَهَذَا مَعَ الزَّحْمَةِ قَلَّمَا يَكُونُ نَهْرٌ.
مَطْلَبٌ فِي دُخُولِ الْبَيْتِ الشَّرِيفِ
قُلْت: وَكَذَا إذَا لَمْ يَشْتَمِلْ عَلَى دَفْعِ الرِّشْوَةِ الَّتِي يَأْخُذُهَا الْحَجَبَةُ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ مُنْلَا عَلِيٌّ وَسَيَأْتِي تَمَامُ الْكَلَامِ عَلَى الدُّخُولِ عِنْدَ ذِكْرِ الشَّارِحِ لَهُ فِي الْفُرُوعِ آخِرَ الْحَجِّ
(قَوْلُهُ أُولَى خُطَبِ الْحَجِّ الثَّلَاثِ) ثَانِيهَا بِعَرَفَةَ قَبْلَ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ ثَالِثُهَا بِمِنًى فِي الْيَوْمِ الْحَادِيَ عَشَرَ، فَيَفْصِلُ بَيْنَ كُلِّ خُطْبَةٍ بِيَوْمٍ وَكُلُّهَا خُطْبَةٌ وَاحِدَةٌ بِلَا جِلْسَةٍ فِي وَسَطِهَا