للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(خُطْبَتَيْنِ كَالْجُمُعَةِ وَعَلَّمَ فِيهَا الْمَنَاسِكَ وَ) بَعْدَ الْخُطْبَةِ (صَلَّى بِهِمْ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ بِأَذَانٍ وَإِقَامَتَيْنِ) وَقِرَاءَةٍ سَرِيَّةٍ، وَلَمْ يُصَلِّ بَيْنَهُمَا شَيْئًا عَلَى الْمَذْهَبِ وَلَا بَعْدَ أَدَاءِ الْعَصْرِ فِي وَقْتِ الظُّهْرِ.

(وَشُرِطَ) لِصِحَّةِ هَذَا الْجَمْعِ

ــ

[رد المحتار]

عَرَفَةَ وَمَكَثَ بِهَا دَاعِيًا مُصَلِّيًا ذَاكِرًا مُلَبِّيًا، فَإِذَا زَالَتْ الشَّمْسُ اغْتَسَلَ أَوْ تَوَضَّأَ وَالْغُسْلُ أَفْضَلُ، ثُمَّ سَارَ إلَى الْمَسْجِدِ أَيْ مَسْجِدِ نَمِرَةَ بِلَا تَأْخِيرٍ، فَإِذَا بَلَغَهُ صَعِدَ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ أَوْ نَائِبُهُ الْمِنْبَرَ، وَيَجْلِسُ عَلَيْهِ وَيُؤَذِّنُ الْمُؤَذِّنُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَإِذَا فَرَغَ قَامَ الْإِمَامُ فَخَطَبَ خُطْبَتَيْنِ، فَيَحْمَدُ اللَّهَ تَعَالَى، وَيُثْنِي عَلَيْهِ، وَيُلَبِّي، وَيُهَلَّلُ وَيُكَبِّرُ، وَيُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيَعِظُ النَّاسَ، وَيَأْمُرُهُمْ وَيَنْهَاهُمْ وَيُعَلِّمُهُمْ الْمَنَاسِكَ كَالْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَالْمُزْدَلِفَةَ وَالْجَمْعِ بِهِمَا وَالرَّمْيِ وَالذَّبْحِ وَالْحَلْقِ وَالطَّوَافِ، وَسَائِرِ الْمَنَاسِكِ الَّتِي إلَى الْخُطْبَةِ الثَّالِثَةِ، ثُمَّ يَدْعُو اللَّهَ تَعَالَى، وَيَنْزِلُ لُبَابٌ، فَإِنْ تَرَكَ الْخُطْبَةَ أَوْ خَطَبَ قَبْلَ الزَّوَالِ أَجْزَأَهُ وَقَدْ أَسَاءَ جَوْهَرَةٌ وَقَوْلُ الزَّيْلَعِيِّ جَازَ أَيْ صَحَّ مَعَ الْكَرَاهَةِ شُرُنْبُلَالِيَّةٌ.

(قَوْلُهُ وَبَعْدَ الْخُطْبَةِ صَلَّى بِهِمْ) ظَاهِرُهُ عَدَمُ تَأْخِيرِ الصَّلَاةِ، وَهُوَ صَرِيحُ قَوْلِ الْبَدَائِعِ، فَإِذَا زَالَتْ الشَّمْسُ صَعِدَ الْإِمَامُ الْمِنْبَرَ، فَإِذَا فَرَغَ مِنْ الْخُطْبَةِ أَقَامَ الْمُؤَذِّنُونَ وَيُصَلِّي الْإِمَامُ إلَخْ وَنَحْوُهُ فِي اللُّبَابِ وَفِي الْبَحْرِ عَنْ الْمِعْرَاجِ: أَنَّهُ يُؤَخِّرُ هَذَا الْجَمْعَ آخِرَ وَقْتِ الظُّهْرِ وَنَحْوِهِ فِي شَرْحِ قَاضِي خَانْ عَلَى الْجَامِعِ الصَّغِيرِ قَالَ فِي شَرْحِ اللُّبَابِ: وَفِيهِ أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ تَأْخِيرُ الْوُقُوفِ، وَيُنَافِي حَدِيثَ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - حَتَّى إذَا زَاغَتْ الشَّمْسُ، فَإِنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ الْخُطْبَةَ كَانَتْ فِي أَوَّلِ الزَّوَالِ فَلَا تَقَعُ الصَّلَاةُ فِي آخِرِهِ (قَوْلُهُ بِأَذَانٍ) أَيْ وَاحِدٍ لِأَنَّهُ لِلْإِعْلَامِ بِدُخُولِ الْوَقْتِ، وَهُوَ وَاحِدٌ وَقَوْلُهُ: وَإِقَامَتَيْنِ أَيْ يُقِيمُ لِلظُّهْرِ ثُمَّ يُصَلِّيهَا ثُمَّ يُقِيمُ لِلْعَصْرِ لِأَنَّ الْإِقَامَةَ لِبَيَانِ الشُّرُوعِ فِي الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ وَقِرَاءَةٍ سَرِيَّةٍ) لِأَنَّهُمَا صَلَاتَا نَهَارٍ كَسَائِرِ الْأَيَّامِ سِرَاجٌ (قَوْلُهُ وَلَمْ يُصَلِّ بَيْنَهُمَا شَيْئًا) أَيْ وَلَا السُّنَّةَ الرَّاتِبَةَ قَالَ فِي اللُّبَابِ: وَإِنْ أَخَّرَ الْإِمَامُ صَلَاةَ الْعَصْرِ لَا يُكْرَهُ لِلْمَأْمُومِ التَّطَوُّعُ بَيْنَهُمَا إلَى أَنْ يَدْخُلَ الْإِمَامُ فِي الْعَصْرِ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ) وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ شُرُنْبُلَالِيَّةٌ، وَهُوَ الصَّحِيحُ فَلَوْ فَعَلَ كُرِهَ وَأَعَادَ الْأَذَانَ لِلْعَصْرِ لِانْقِطَاعِ فَوْرِهِ فَصَارَ كَالِاشْتِغَالِ بَيْنَهُمَا بِفِعْلٍ آخَرَ بَحْرٌ: أَيْ كَأَكْلٍ وَشُرْبٍ فَإِنَّهُ يُعِيدُ الْأَذَانَ سِرَاجٌ وَمَا فِي الذَّخِيرَةِ وَالْمُحِيطِ وَالْكَافِي مِنْ اسْتِثْنَاءِ سُنَّةِ الظُّهْرِ فَخِلَافُ الْحَدِيثِ وَإِطْلَاقِ الْمَشَايِخِ فَتْحٌ.

[تَنْبِيهٌ]

أُخِذَ مِنْ الْعَلَّامَةِ السَّيِّدِ مُحَمَّدِ صَادِقِ بْنِ أَحْمَدَ بَادْشَاهْ أَنَّهُ يَتْرُكُ تَكْبِيرَ التَّشْرِيقِ هُنَا، وَفِي الْمُزْدَلِفَةِ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ لِمُرَاعَاةِ الْفَوْرِيَّةِ الْوَارِدَةِ فِي الْحَدِيثِ، كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُ الْكَازَرُونِيُّ فِي فَتَاوَاهُ.

قُلْت: وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الْوَارِدَ فِي الْحَدِيثِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الْعَصْرَ وَلَمْ يُصَلِّ بَيْنَهُمَا شَيْئًا» فَفِيهِ التَّصْرِيحُ بِتَرْكِ الصَّلَاةِ بَيْنَهُمَا وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ تَرْكُ التَّكْبِيرِ وَلَا يُقَاسُ عَلَى الصَّلَاةِ لِوُجُوبِهِ دُونَهَا وَلِأَنَّ مُدَّتَهُ يَسِيرَةٌ حَتَّى لَمْ يُعَدَّ فَاصِلًا بَيْنَ الْفَرِيضَةِ وَالرَّاتِبَةِ.

وَالْحَاصِلُ: أَنَّ التَّكْبِيرَ بَعْدَ ثُبُوتِ وُجُوبِهِ عِنْدَنَا لَا يَسْقُطُ هُنَا إلَّا بِدَلِيلٍ وَمَا ذُكِرَ لَا يَصْلُحُ لِلدَّلَالَةِ كَمَا عَلِمْته هَذَا مَا ظَهَرَ لِي وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ (قَوْلُهُ وَلَا بَعْدَ أَدَاءِ الْعَصْرِ فِي وَقْتِ الظُّهْرِ) سَقَطَتْ هَذِهِ الْجُمْلَةُ مِنْ بَعْضِ النُّسَخِ وَعَزَاهَا فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ إلَى شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ لِابْنِ الشِّحْنَةِ.

مَطْلَبٌ فِي شُرُوطِ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ بِعَرَفَةَ

(قَوْلُهُ وَشُرِطَ لِصِحَّةِ هَذَا الْجَمْعِ إلَخْ) اُخْتُلِفَ فِي هَذَا الْجَمْعِ هَلْ هُوَ سُنَّةٌ أَوْ مُسْتَحَبٌّ وَمَا قِيلَ إنَّ تَقْدِيمَ الْعَصْرِ عِنْدَ الْإِمَامِ وَاجِبٌ لِصِيَانَةِ الْجَمَاعَةِ يَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى مَعْنًى ثَبَتَ شَرْحُ اللُّبَابِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>