الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ أَوْ نَائِبُهُ وَإِلَّا صَلَّوْا وُحْدَانًا (وَالْإِحْرَامُ) بِالْحَجِّ (فِيهِمَا) أَيْ الصَّلَاتَيْنِ (فَلَا تَجُوزُ الْعَصْرُ لِلْمُنْفَرِدِ فِي إحْدَاهُمَا) فَلَوْ صَلَّى وَحْدَهُ لَمْ يُصَلِّ الْعَصْرَ مَعَ الْإِمَامِ (وَلَا) يَجُوزُ الْعَصْرُ (لِمَنْ صَلَّى الظُّهْرَ بِجَمَاعَةٍ) قَبْلَ إحْرَامِ الْحَجِّ (ثُمَّ أَحْرَمَ إلَّا فِي وَقْتِهِ) وَقَالَا لَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْعَصْرِ الْإِحْرَامُ وَبِهِ قَالَتْ الثَّلَاثَةُ،
ــ
[رد المحتار]
تَنْبِيهٌ]
اقْتَصَرَ مِنْ الشُّرُوطِ عَلَى الْإِمَامِ وَالْإِحْرَامِ وَزَادَ فِي اللُّبَابِ تَقْدِيمَ الظُّهْرِ عَلَى الْعَصْرِ، حَتَّى لَوْ تَبَيَّنَ لِلْإِمَامِ وُقُوعُ الظُّهْرِ قَبْلَ الزَّوَالِ أَوْ بِغَيْرِ وُضُوءٍ وَالْعَصْرِ بَعْدَهُ أَوْ بِوُضُوءٍ أَعَادَهُمَا جَمِيعًا، وَالزَّمَانَ وَهُوَ يَوْمُ عَرَفَةَ وَالْمَكَانَ وَهُوَ عَرَفَةُ وَمَا قَرُبَ مِنْهَا وَالْجَمَاعَةَ فَالشُّرُوطُ سِتَّةٌ.
قُلْت: لَكِنَّ الْأَخِيرَ دَاخِلٌ فِي الْأَوَّلِ فَإِنَّ مَعْنَى اشْتِرَاطِ الْإِمَامِ اشْتِرَاطُ صَلَاتِهِ بِهِمْ لَا وُجُودُهُ فِيهِمْ عَلَى أَنَّهُ فِي الْبَحْرِ قَالَ إنَّ الْجَمَاعَةَ غَيْرُ شَرْطٍ، حَتَّى لَوْ لَحِقَ النَّاسَ فَزَعٌ فَصَلَّى الْإِمَامُ وَحْدَهُ الصَّلَاتَيْنِ جَازَ بِالْإِجْمَاعِ عَلَى الصَّحِيحِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ، ثُمَّ نَقَلَ عَنْ الْبَدَائِعِ أَنَّ الْجَمَاعَةَ شَرْطُ الْجَمْعِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، لَكِنْ فِي حَقِّ غَيْرِ الْإِمَامِ لَا فِي حَقِّ الْإِمَامِ ثُمَّ قَالَ فَمَا فِي النُّقَايَةِ وَالْجَوْهَرَةِ وَالْمَجْمَعِ مِنْ اشْتِرَاطِ الْجَمَاعَةِ ضَعِيفٌ، وَاعْتَرَضَهُ فِي النَّهْرِ بِأَنَّهُ نَقَلَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ وَصَحَّحَهُ الْإِسْبِيجَابِيُّ، وَبِأَنَّ الْجَوَازَ فِي مَسْأَلَةِ الْفَزَعِ لِلضَّرُورَةِ. اهـ.
قُلْت: مَا مَرَّ عَنْ الْبَدَائِعِ يَصْلُحُ تَوْفِيقًا بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ وَالتَّصْحِيحَيْنِ فَتَدَبَّرْ، ثُمَّ يَكْفِي إدْرَاكُ جُزْءٍ مِنْ الصَّلَاتَيْنِ مَعَ الْإِمَامِ، حَتَّى لَوْ أَدْرَكَ بَعْضَ الظُّهْرِ ثُمَّ قَامَ يَقْضِي مَا فَاتَهُ ثُمَّ أَدْرَكَ جُزْءًا مِنْ الْعَصْرِ مَعَهُ يَكْفِي كَمَا أَفَادَهُ فِي الْبَحْرِ وَاللُّبَابِ (قَوْلُهُ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ) أَيْ الْخَلِيفَةُ بَحْرٌ، وَقَوْلُهُ: أَوْ نَائِبُهُ أَيْ وَلَوْ بَعْدَ مَوْتِ الْإِمَامِ فَإِنَّهُ يَجْمَعُ نَائِبُهُ أَوْ صَاحِبُ شُرَطِهِ لِأَنَّ النُّوَّابَ لَا يَنْعَزِلُونَ بِمَوْتِ الْخَلِيفَةِ بَحْرٌ، وَأَطْلَقَ الْإِمَامَ فَشَمِلَ الْمُقِيمَ وَالْمُسَافِرَ لَكِنْ لَوْ كَانَ مُقِيمًا كَإِمَامِ مَكَّةَ صَلَّى بِهِمْ صَلَاةَ الْمُقِيمِينَ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ الْقَصْرُ وَلَا لِلْحُجَّاجِ الِاقْتِدَاءُ بِهِ قَالَ الْإِمَامُ الْحَلْوَانِيُّ: كَانَ الْإِمَامُ النَّسَفِيُّ يَقُولُ الْعَجَبُ مِنْ أَهْلِ الْمَوْقِفِ يُتَابِعُونَ إمَامَ مَكَّةَ فِي الْقَصْرِ فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لَهُمْ أَوْ يُرْجَى لَهُمْ الْخَيْرُ وَصَلَاتُهُمْ غَيْرُ جَائِزَةٍ. قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ: كُنْت مَعَ أَهْلِ الْمَوْقِفِ فَاعْتَزَلْت، وَصَلَّيْت كُلَّ صَلَاةٍ فِي وَقْتِهَا وَأَوْصَيْت بِذَلِكَ أَصْحَابِي، وَقَدْ سَمِعْنَا أَنَّهُ يَتَكَلَّفُ وَيَخْرُجُ مَسِيرَةَ سَفَرٍ ثُمَّ يَأْتِي عَرَفَاتٍ، فَلَوْ كَانَ هَكَذَا فَالْقَصْرُ جَائِزٌ وَإِلَّا فَيَجِبُ الِاحْتِيَاطُ اهـ مُلَخَّصًا مِنْ التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الْمُحِيطِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا صَلَّوْا وُحْدَانًا) يُوهِمُ جَوَازَ صَلَاةِ الْعَصْرِ فِي وَقْتِ الظُّهْرِ، وَعَدَمَ جَوَازِ الْجَمَاعَةِ لَوْ صُلِّيَتْ الْعَصْرُ فِي وَقْتِهَا وَلَيْسَ بِمُرَادٍ، فَالْأَصْوَبُ قَوْلُ الزَّيْلَعِيِّ صَلَّوْا كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا فِي وَقْتِهَا أَفَادَهُ ح.
وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ وُحْدَانًا حَالٌ مِنْ الْمَفْعُولِ صَلَّوْا لَا مِنْ فَاعِلِهِ أَيْ صَلَّوْا صَلَاتَيْنِ وُحْدَانًا أَيْ غَيْرَ مَجْمُوعَاتٍ بَلْ كُلُّ وَاحِدَةٍ فِي وَقْتِهَا غَايَتُهُ أَنَّ فِيهِ إطْلَاقَ الْجَمْعِ عَلَى مَا فَوْقَ الْوَاحِدِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَالْإِحْرَامُ بِالْحَجِّ فِيهِمَا) احْتَرَزَ بِهِ عَمَّا لَوْ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ فَلَا يَجُوزُ الْجَمْعُ، وَلَوْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ قَبْلَ صَلَاةِ الْعَصْرِ كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ مُحْرِمًا، وَأَشَارَ إلَى أَنَّ الشَّرْطَ حُصُولُهُ عِنْدَ أَدَاءِ الصَّلَاتَيْنِ، وَلَوْ أَحْرَمَ بَعْدَ الزَّوَالِ فِي الْأَصَحِّ وَفِي رِوَايَةٍ لَا بُدَّ مِنْ وُجُودِهِ قَبْلَ الزَّوَالِ كَمَا فِي النَّهْرِ، وَقَوْلُهُ: فِيهِمَا مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ الْإِمَامُ وَقَوْلُهُ الْإِحْرَامُ، وَلِذَا فَرَّعَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ فَلَا تَجُوزُ وَقَوْلُهُ وَلَا لِمَنْ صَلَّى إلَخْ عَلَى طَرِيقِ اللَّفِّ وَالنَّشْرِ الْمُرَتَّبِ (قَوْلُهُ لَمْ يُصَلِّ الْعَصْرَ مَعَ الْإِمَامِ) أَيْ بَلْ يُصَلِّيهَا فِي وَقْتِهَا وَمِثْلُهُ مَا لَوْ صَلَّى الظُّهْرَ فَقَطْ مَعَ الْإِمَامِ لَا يُصَلِّي الْعَصْرَ إلَّا فِي وَقْتِهَا ح (قَوْلُهُ قَبْلَ إحْرَامِ الْحَجِّ) بِأَنْ لَمْ يُحْرِمْ أَصْلًا أَوْ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ فَقَطْ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ ثُمَّ أَحْرَمَ) أَيْ بِالْحَجِّ قَبْلَ أَدَاءِ الْعَصْرِ ح (قَوْلُهُ إلَّا فِي وَقْتِهِ) أَيْ الْعَصْرِ ط (قَوْلُهُ إلَّا الْإِحْرَامَ) فَهُوَ شَرْطٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ عِنْدَنَا وَالْحَصْرُ بِالْإِضَافَةِ إلَى الْمَذْكُورِ هُنَا أَيْ فَلَا يُشْتَرَطُ عِنْدَهُمَا الِاقْتِدَاءُ بِالْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ وَإِلَّا فَاشْتِرَاطُ الزَّمَانِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute