للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهُوَ الْأَظْهَرُ شُرُنْبُلَالِيَّةٌ عَنْ الْبُرْهَانِ (ثُمَّ ذَهَبَ إلَى الْمَوْقِفِ بِغُسْلٍ سُنَّ)

(وَوَقَفَ الْإِمَامُ عَلَى نَاقَتِهِ بِقُرْبِ جَبَلِ الرَّحْمَةِ) عِنْدَ الصَّخَرَاتِ الْكِبَارِ (مُسْتَقْبِلًا) الْقِبْلَةَ (وَالْقِيَامُ وَالنِّيَّةُ فِيهِ) أَيْ الْوُقُوفِ (لَيْسَتْ بِشَرْطٍ وَلَا وَاجِبٍ فَلَوْ كَانَ جَالِسًا جَازَ حَجُّهُ وَ) ذَلِكَ لِأَنَّ (الشَّرْطَ الْكَيْنُونَةُ فِيهِ) فَصَحَّ وُقُوفُ مُجْتَازٍ وَهَارِبٍ وَطَالِبِ غَرِيمٍ وَنَائِمٍ وَمَجْنُونٍ وَسَكْرَانَ

ــ

[رد المحتار]

وَالْمَكَانِ وَتَقْدِيمُ الظُّهْرِ عَلَى الْعَصْرِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ عِنْدَنَا كَمَا أَفَادَهُ فِي شَرْحِ اللُّبَابِ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْأَظْهَرُ) لَعَلَّهُ مِنْ جِهَةِ الدَّلِيلِ، وَإِلَّا فَالْمُتُونُ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ وَصَحَّحَهُ فِي الْبَدَائِعِ وَغَيْرِهَا، وَنَقَلَ تَصْحِيحَهُ الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ عَنْ الْإِسْبِيجَابِيِّ وَقَالَ وَاعْتَمَدَهُ بُرْهَانُ الشَّرِيعَةِ وَالنَّسَفِيُّ.

(قَوْلُهُ ثُمَّ ذَهَبَ) أَيْ الْإِمَامُ مَعَ الْقَوْمِ مِنْ مَسْجِدِ نَمِرَةَ إلَى الْمَوْقِفِ أَيْ مَكَانِ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ (قَوْلُهُ بِغُسْلٍ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: صَلَّى، وَقَوْلُهُ ذَهَبَ قَالَ الْقُهُسْتَانِيُّ: أَيْ جَمَعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ وَذَهَبَ إلَيْهِ حَالَ كَوْنِهِ مُغْتَسِلًا فِي وَقْتِ الْجَمْعِ وَالذَّهَابِ، فَيَكُونُ حَالًا مِنْ فَاعِلِ جَمَعَ وَذَهَبَ وَالْأَوَّلُ فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَالثَّانِي فِي الْكَافِي. اهـ. وَقَوْلُهُ سُنَّ بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ صِفَةُ غُسْلٍ

(قَوْلُهُ وَوَقَفَ الْإِمَامُ عَلَى نَاقَتِهِ) فِي الْخَانِيَّةِ وَالْأَفْضَلُ لِلْإِمَامِ أَنْ يَقِفَ رَاكِبًا وَلِغَيْرِهِ أَنْ يَقِفَ عِنْدَهُ. اهـ. وَظَاهِرُهُ أَنَّ الرُّكُوبَ لِلْإِمَامِ فَقَطْ، وَهُوَ مَفْهُومُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَالْهِدَايَةِ وَالْبَدَائِعِ وَغَيْرِهَا، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ السِّرَاجِ لِأَنَّهُ يَدْعُو وَيَدْعُو النَّاسُ بِدُعَائِهِ، فَإِنْ كَانَ عَلَى رَاحِلَتِهِ فَهُوَ أَبْلَغُ فِي مُشَاهَدَتِهِمْ لَهُ اهـ لَكِنْ فِي الْقُهُسْتَانِيِّ: الْأَفْضَلُ أَنْ يَكُونَ رَاكِبًا قَرِيبًا مِنْ الْإِمَامِ اهـ وَمِثْلُهُ فِي مَتْنِ الْمُلْتَقَى وَنَقَلَ بَعْضُهُمْ عَنْ السِّرَاجِ عَنْ مَنْسَكِ ابْنِ الْعَجَمِيِّ يُكْرَهُ الْوُقُوفُ عَلَى ظَهْرِ الدَّابَّةِ إلَّا فِي حَالِ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ بَلْ هُوَ الْأَفْضَلُ لِلْإِمَامِ وَغَيْرِهِ اهـ وَلَمْ أَرَهُ فِي السِّرَاجِ (قَوْلُهُ بِقُرْبِ جَبَلِ الرَّحْمَةِ) أَيْ الَّذِي فِي وَسَطِ عَرَفَاتٍ وَيُقَالُ لَهُ إلَالٌ كَهِلَالٍ، وَأَمَّا صُعُودُهُ كَمَا يَفْعَلُهُ الْعَوَامُّ فَلَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ مِمَّنْ يُعْتَدُّ بِهِ فِيهِ فَضِيلَةً بَلْ حُكْمُهُ حُكْمُ سَائِرِ أَرَاضِي عَرَفَاتٍ وَادَّعَى الطَّبَرِيُّ وَالْمَاوَرْدِيُّ أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ وَرَدَّهُ النَّوَوِيُّ بِأَنَّهُ لَا أَصْلَ لَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِيهِ خَبَرٌ صَحِيحٌ وَلَا ضَعِيفٌ نَهْرٌ (قَوْلُهُ عِنْدَ الصَّخَرَاتِ الْكِبَارِ) أَيْ الْحَجَرَاتِ السُّودِ الْمَفْرُوشَةِ فَإِنَّهَا مَظِنَّةُ مَوْقِفِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَرْحُ اللُّبَابِ. وَفِي شَرْحِ الشَّيْخِ إسْمَاعِيلَ عَنْ مَنْسَكِ الْفَارِسِيِّ قَالَ قَاضِي الْقُضَاةِ بَدْرُ الدِّينِ: وَقَدْ اجْتَهَدْت عَلَى تَعْيِينِ مَوْقِفِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَوَافَقَنِي عَلَيْهِ بَعْضُ مَنْ يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ مِنْ مُحَدِّثِي مَكَّةَ وَعُلَمَائِهَا حَتَّى حَصَلَ الظَّنُّ بِتَعْيِينِهِ، وَأَنَّهُ الْفَجْوَةُ الْمُسْتَعْلِيَةُ الْمُشْرِفَةُ عَلَى الْمَوْقِفِ الَّتِي عَنْ يَمِينِهَا وَوَرَائِهَا صَخْرَةٌ مُتَّصِلَةٌ بِصَخَرَاتِ الْجَبَلِ، وَهَذِهِ الْفَجْوَةُ بَيْنَ الْجَبَلِ وَالْبِنَاءِ الْمُرَبَّعِ عَنْ يَسَارِهِ وَهِيَ إلَى الْجَبَلِ أَقْرَبُ بِقَلِيلٍ بِحَيْثُ يَكُونُ قُبَالَتَك بِيَمِينٍ إذَا اسْتَقْبَلْت الْقِبْلَةَ وَالْبِنَاءُ الْمُرَبَّعُ عَنْ يَسَارِك بِقَلِيلٍ وَرَاءَهُ. اهـ.

وَنَقَلَهُ فِي اللُّبَابِ أَيْضًا بِاخْتِصَارٍ قَالَ الْقَاضِي مُحَمَّدُ عِيدٍ وَالْبِنَاءُ الْمُرَبَّعُ هُوَ الْمَعْرُوفُ بِمَطْبَخِ آدَمَ وَيُعْرَفُ بِحِذَائِهِ صَخْرَةٌ مَخْرُوقَةٌ تَتْبَعُ هِيَ وَمَا حَوْلَهَا مِنْ تِلْكَ الصَّخَرَاتِ الْمَفْرُوشَةِ وَمَا وَرَاءَهَا مِنْ الصِّخَارِ السُّودِ الْمُتَّصِلَةِ بِالْجَبَلِ (قَوْلُهُ وَالْقِيَامُ وَالنِّيَّةُ) مُبْتَدَأٌ وَمَعْطُوفٌ عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ مُتَعَلِّقٌ بِكُلٍّ مِنْ الْقِيَامِ وَالنِّيَّةِ وَقَوْلُهُ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ خَبَرُ الْمُبْتَدَأِ وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ لَيْسَا بِالتَّثْنِيَةِ وَتَغْلِيبُ الْمُذَكَّرِ عَلَى الْمُؤَنَّثِ فَكُلٌّ مِنْ الْقِيَامِ، وَالنِّيَّةِ مُسْتَحَبٌّ كَمَا فِي اللُّبَابِ، وَإِنَّمَا كَانَتْ النِّيَّةُ شَرْطًا فِي الطَّوَافِ دُونَ الْوُقُوفِ لِأَنَّ النِّيَّةَ عِنْدَ الْإِحْرَامِ تَضَمَّنَتْ جَمِيعَ مَا يُفْعَلُ فِيهِ، وَالْوُقُوفُ يُفْعَلُ فِيهِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَاكْتُفِيَ فِيهِ بِتِلْكَ النِّيَّةِ وَالطَّوَافُ يُفْعَلُ فِيهِ مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ لِأَنَّهُ يُفْعَلُ بَعْدَ التَّحْلِيلِ فَاشْتُرِطَ فِيهِ أَصْلُ النِّيَّةِ دُونَ تَعْيِينِهَا عَمَلًا بِالشَّرْطَيْنِ شَرْحُ النُّقَايَةِ لِلْقَارِي، لَكِنَّ هَذَا الْفَرْقَ لَا يَشْمَلُ طَوَافَ الْعُمْرَةِ لِأَنَّهُ يُفْعَلُ قَبْلَ التَّحَلُّلِ وَسَيُذْكَرُ آخِرَ الْبَابِ فَرْقٌ آخَرُ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الشَّرْطَ الْكَيْنُونَةُ فِيهِ) أَيْ فِي مَحَلِّ الْوُقُوفِ الْمَعْلُومِ مِنْ الْمَقَامِ. قَالَ فِي شَرْحِ اللُّبَابِ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا رُكْنٌ لِعَدَمِ تَصَوُّرِ الْوُقُوفِ بِدُونِهِ نَعَمْ الْوَقْتُ شَرْطٌ اهـ أَيْ مَعَ الْإِحْرَامِ.

قُلْت: وَلَعَلَّهُ أَرَادَ بِالشَّرْطِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ، فَيَشْمَلُ الرُّكْنَ تَأَمَّلْ وَالْمُرَادُ بِالْكَيْنُونَةِ الْحُصُولُ فِيهِ عَلَى أَيْ وَجْهٍ كَانَ وَلَوْ نَائِمًا أَوْ جَاهِلًا بِكَوْنِهِ عَرَفَةَ أَوْ غَيْرَ صَاحٍ أَوْ مُكْرَهًا أَوْ جُنُبًا أَوْ مَارًّا مُسْرِعًا (قَوْلُهُ مُجْتَازٍ) أَيْ مَارٍّ غَيْرِ وَاقِفٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>