لِأَنَّ الْعِشَاءَ فِي وَقْتِهَا لَمْ تَحْتَجْ لِلْإِعْلَامِ كَمَا لَا احْتِيَاجَ لِلْإِمَامِ (وَلَوْ صَلَّى الْمَغْرِبَ) وَالْعِشَاءَ (فِي الطَّرِيقِ أَوْ) فِي (عَرَفَاتٍ أَعَادَهُ) لِلْحَدِيثِ «الصَّلَاةُ أَمَامَك» فَتَوَقَّتَتَا بِالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَالْوَقْتِ فَالزَّمَانُ لَيْلَةُ النَّحْرِ وَالْمَكَانُ مُزْدَلِفَةُ وَالْوَقْتُ وَقْتُ الْعِشَاءِ، حَتَّى لَوْ وَصَلَ إلَى مُزْدَلِفَةٍ قَبْلَ الْعِشَاءِ لَمْ يُصَلِّ الْمَغْرِبَ حَتَّى يَدْخُلَ وَقْتُ الْعِشَاءِ فَتَصْلُحَ لُغْزًا مِنْ وُجُوهٍ (مَا لَمْ يَطْلُعْ الْفَجْرُ)
ــ
[رد المحتار]
الْجَامِيُّ قَدَّسَ اللَّهُ سِرَّهُ السَّامِي فِي مَنْسَكِهِ اهـ. وَأَمَّا قَوْلُ الشَّارِحِ قُبَيْلَ بَابِ الْأَذَانِ: يُكْرَهُ التَّنَفُّلُ بَعْدَ صَلَاتَيْ الْجَمْعَيْنِ فَفِيهِ كَلَامٌ قَدَّمْنَاهُ هُنَاكَ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْعِشَاءَ فِي وَقْتِهَا إلَخْ) عِلَّةٌ لِلِاقْتِصَارِ هُنَا عَلَى إقَامَةِ وَاحِدَةٍ بِخِلَافِ الْجَمْعِ فِي عَرَفَةَ فَإِنَّهُ بِإِقَامَتَيْنِ لِأَنَّ الصَّلَاةَ الثَّانِيَةَ هُنَاكَ تُؤَدَّى فِي غَيْرِ وَقْتِهَا فَتَقَعُ الْحَاجَةُ إلَى إقَامَةٍ أُخْرَى لِلْإِعْلَامِ بِالشُّرُوعِ فِيهَا أَمَّا الثَّانِيَةُ هُنَا فَفِي وَقْتِهَا فَتَسْتَغْنِي عَنْ تَجْدِيدِ الْإِعْلَامِ كَالْوِتْرِ مَعَ الْعِشَاءِ بَدَائِعُ (قَوْلُهُ كَمَا لَا احْتِيَاجَ هُنَا لِلْإِمَامِ) فَلَوْ صَلَّاهُمَا مُنْفَرِدًا جَازَ خِلَافًا لِمَا فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِلْبُرْجُنْدِيِّ فَإِنَّهُ خِلَافُ الْمَشْهُورِ فِي الْمَذْهَبِ شَرْحُ اللُّبَابِ.
وَذَكَرَ فِي اللُّبَابِ أَنَّ الْجَمَاعَةَ سُنَّةٌ فِي هَذَا الْجَمْعِ ثُمَّ قَالَ وَشَرَائِطُ هَذَا الْجَمْعِ: الْإِحْرَامُ بِالْحَجِّ، وَتَقْدِيمُ الْوُقُوفِ عَلَيْهِ، وَالزَّمَانُ وَالْمَكَانُ، وَالْوَقْتُ إلَخْ. قَالَ شَارِحُهُ: فَلَا يَجُوزُ لِغَيْرِ الْمُحْرِمِ بِالْحَجِّ وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ الْمَحْبُوبِيُّ مِنْ أَنَّ الْإِحْرَامَ غَيْرُ شَرْطٍ فِيهِ فَغَيْرُ صَحِيحٍ لِتَصْرِيحِهِمْ بِأَنَّ هَذَا الْجَمْعَ جَمْعُ نُسُكٍ وَلَا يَكُونُ نُسُكًا إلَّا بِالْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ اهـ وَبِهِ ظَهَرَ صِحَّةُ مَا بَحَثَهُ فِي النَّهْرِ بِقَوْلِهِ: وَيَنْبَغِي اشْتِرَاطُهُ لِكَوْنِهِ فِي الْمَغْرِبِ مُؤَدِّيًا اهـ وَظَهَرَ أَنَّ مَا فِي النِّهَايَةِ وَالْهِنْدِيَّةِ مِنْ عَدَمِ اشْتِرَاطِهِ مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِ الْمَحْبُوبِيِّ (قَوْلُهُ وَلَوْ صَلَّى الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ أَوْ الْعِشَاءَ بِأَوْ وَفِي بَعْضِهَا الِاقْتِصَارُ عَلَى الْمَغْرِبِ مُوَافِقًا لِمَا فِي الْكَنْزِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ أَوْلَى لِأَنَّ الْمُرَادَ التَّنْبِيهُ عَلَى وُجُوبِ تَأْخِيرِ الْمَغْرِبِ عَنْ وَقْتِهَا الْمُعْتَادِ، وَيُفْهَمُ مِنْهُ بِالْأَوْلَى وُجُوبُ تَأْخِيرِ الْعِشَاءِ إلَى الْمُزْدَلِفَةِ، نَعَمْ عِبَارَةُ اللُّبَابِ وَلَوْ صَلَّى الصَّلَاتَيْنِ أَوْ إحْدَاهُمَا (قَوْلُهُ أَعَادَهُ) أَيْ أَعَادَ مَا صَلَّى قَالَ الْعَلَّامَةُ الشَّهَاوِيُّ فِي مَنْسَكِهِ هَذَا فِيمَا إذَا ذَهَبَ إلَى الْمُزْدَلِفَةِ مِنْ طَرِيقِهَا، أَمَّا إذَا ذَهَبَ إلَى مَكَّةَ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِ الْمُزْدَلِفَةِ جَازَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ الْمَغْرِبَ فِي الطَّرِيقِ بِلَا تَوَقُّفٍ فِي ذَلِكَ وَلَمْ أَجِدْ أَحَدًا صَرَّحَ بِذَلِكَ سِوَى صَاحِبِ النِّهَايَةِ وَالْعِنَايَةِ ذَكَرَاهُ فِي بَابِ قَضَاءِ الْفَوَائِتِ، وَكَلَامُ شَارِحِ الْكَنْزِ أَيْضًا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ وَهِيَ فَائِدَةٌ جَلِيلَةٌ. اهـ. ح وَكَذَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْبِنَايَةِ فِي الْبَابِ الْمَذْكُورِ أَيْضًا اهـ ذَكَرَهُ بَعْضُ الْمُحَشِّينَ عَنْ خَطِّ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ.
قُلْت: وَيُؤْخَذُ هَذَا مِنْ اشْتِرَاطِ الْمَكَانِ لِصِحَّةِ هَذَا الْجَمْعِ كَمَا مَرَّ وَيَأْتِي فَإِنَّهُ يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَمُرَّ عَلَى الْمُزْدَلِفَةِ لَزِمَ صَلَاةُ الْمَغْرِبِ فِي الطَّرِيقِ فِي وَقْتِهَا لِعَدَمِ الشَّرْطِ وَكَذَا لَوْ بَاتَ فِي عَرَفَاتٍ فَتَنَبَّهْ (قَوْلُهُ الصَّلَاةُ أَمَامَك) الْجُمْلَةُ فِي مَحَلِّ جَرٍّ بَدَلٍ مِنْ الْحَدِيثِ، وَخَاطَبَ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُسَامَةَ «لَمَّا نَزَلَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بِالشِّعْبِ فَبَالَ وَتَوَضَّأَ فَقَالَ أُسَامَةُ الصَّلَاةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ» ، وَمَعْنَى الْحَدِيثِ وَقْتُهَا الْجَائِزُ أَوْ مَكَانُهَا ط (قَوْلُهُ لَيْلَةَ النَّحْرِ) سَمَّاهَا بِذَلِكَ جَرْيًا عَلَى الْحَقِيقَةِ اللُّغَوِيَّةِ وَالشَّرْعِيَّةِ، وَأَمَّا مَا مَرَّ فِي آخِرِ الِاعْتِكَافِ مِنْ تَبَعِيَّتِهَا لِلْيَوْمِ الَّذِي قَبْلَهَا فَذَاكَ بِالنَّظَرِ إلَى الْحُكْمِ كَمَا حَقَّقْنَاهُ هُنَاكَ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَالْمَكَانُ مُزْدَلِفَةُ) يَرِدُ عَلَيْهِ مَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُحِيطِ لَوْ صَلَّاهُمَا بَعْدَ مَا جَاوَزَ الْمُزْدَلِفَةَ جَازَ. اهـ. وَعَزَاهُ فِي شَرْحِ اللُّبَابِ إلَى الْمُنْتَقَى لَكِنْ قَالَ بَعْدَهُ وَهُوَ خِلَافُ مَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ (قَوْلُهُ وَالْوَقْتُ) الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الزَّمَانِ هُنَا أَنَّ الثَّانِيَ أَعَمُّ.
(قَوْلُهُ فَتَصْلُحُ لُغْزًا مِنْ وُجُوهٍ) أَيْ تَصْلُحُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فَيُقَالُ أَيُّ فَرْضٍ لَا تُطْلَبُ لَهُ الْإِقَامَةُ؟ فَالْجَوَابُ عِشَاءُ الْمُزْدَلِفَةِ إذَا لَمْ يُفْصَلْ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَغْرِبِ بِفَاصِلٍ، وَيُقَالُ أَيُّ الصَّلَاةِ تُصَلَّى فِي غَيْرِ وَقْتِهَا وَهِيَ أَدَاءٌ؟ وَأَيُّ صَلَاةٍ إذَا صُلِّيَتْ فِي وَقْتِهَا وَجَبَتْ إعَادَتُهَا؟ فَالْجَوَابُ مَغْرِبُ الْمُزْدَلِفَةِ وَأَيُّ صَلَاةٍ يَجِبُ أَنْ تُفْعَلَ فِي مَكَان مَخْصُوصٍ؟ فَالْجَوَابُ الْمَغْرِبُ وَالْعِشَاءُ فِي الْمُزْدَلِفَةِ فَتَأَمَّلْ وَاسْتَخْرَجَ غَيْرَهَا ح زَادَ ط وَأَيُّ عِشَاءٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute