وَعِنْدَ السِّدْرَةِ وَالرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ، وَفِي الْحِجْرِ وَفِي مِنًى فِي نِصْفِ لَيْلَةِ الْبَدْرِ (وَإِذَا غَرَبَتْ الشَّمْسُ أَتَى) عَلَى طَرِيقِ الْمَأْزِمَيْنِ (مُزْدَلِفَةَ) وَحْدَهَا مِنْ مَأْزِمَيْ عَرَفَةَ إلَى مَأْزِمَيْ مُحَسِّرٍ
(وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَأْتِيَهَا مَاشِيًا وَأَنْ يُكَبِّرَ وَيُهَلِّلَ وَيَحْمَدَ وَيُلَبِّيَ سَاعَةً فَسَاعَةً وَ) الْمُزْدَلِفَةُ (كُلُّهَا مَوْقِفٌ إلَّا وَادِيَ مُحَسِّرٍ) هُوَ وَادٍ بَيْنَ مِنًى وَمُزْدَلِفَةَ، فَلَوْ وَقَفَ بِهِ أَوْ بِبَطْنِ عُرَنَةَ لَمْ يَجُزْ عَلَى الْمَشْهُورِ (وَنَزَلَ عِنْدَ جَبَلِ قُزَحٍ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ لَا يَنْصَرِفُ لِلْعَلَمِيَّةِ وَالْعَدْلِ مِنْ قَازِحٍ بِمَعْنَى مُرْتَفِعٍ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ الْمَشْعَرُ الْحَرَامُ وَعَلَيْهِ مِيقَدَةٌ قِيلَ كَانُونُ آدَمَ (وَصَلَّى الْعِشَاءَيْنِ بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ)
ــ
[رد المحتار]
مِنْ مَنْسَكِهِ التَّكْبِيرَ، وَاخْتَصَرَهُ أَيْضًا بِمَنْسَكٍ أَصْغَرَ مِنْهُ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَعِنْدَ السِّدْرَةِ) فِيهِ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْهَا فِي اللُّبَابِ، بَلْ ذَكَرَهَا فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ وَهِيَ سِدْرَةٌ كَانَتْ بِعَرَفَةَ وَهِيَ الْآنَ غَيْرُ مَعْرُوفَةٍ ذَكَرَهُ بَعْضُ الْمُحَشِّينَ عَنْ تَارِيخِ مَكَّةَ لِلْعَلَامَةِ الطِّيبِيِّ، وَكَذَا عَزَاهُ بَعْضُ مَشَايِخِ مَشَايِخِنَا لِابْنِ ظَهِيرَةَ الْحَنَفِيِّ الْمَكِّيِّ فِي فَضَائِلِ مَكَّةَ (قَوْلُهُ وَفِي الْحِجْر) فِيهِ أَنَّ هَذَا هُوَ تَحْتَ الْمِيزَابِ كَمَا فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ عَنْ الْفَتْحِ (قَوْلُهُ لَيْلَةَ الْبَدْرِ) وَهِيَ لَيْلَةُ الرَّابِعَ عَشَرَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ الَّتِي يَنْزِلُونَ فِيهَا الْآنَ ط.
قُلْت: وَقَدْ أَلْحَقْت هَذِهِ الْخَمْسَةَ نَظْمًا بِنَظْمِ صَاحِبِ النَّهْرِ فَقُلْت:
وَرُؤْيَةُ بَيْتٍ ثُمَّ حَجَرٍ وَسِدْرَةٍ ... وَرُكْنِ يَمَانٍ مَعْ مِنًى لَيْلَةَ الْقَمَرْ
(قَوْلُهُ وَإِذَا غَرَبَتْ الشَّمْسُ إلَخْ) بَيَانٌ لِلْوَاجِبِ، حَتَّى لَوْ دَفَعَ قَبْلَ الْغُرُوبِ فَإِنْ جَاوَزَ حُدُودَ عَرَفَةَ لَزِمَهُ دَمٌ إلَّا أَنْ يَعُودَ قَبْلَهُ وَيَدْفَعَ بَعْدَهُ فَيَسْقُطُ خِلَافًا لِزُفَرَ بِخِلَافِ مَا لَوْ عَادَ بَعْدَهُ، وَلَوْ مَكَثَ بَعْدَمَا أَفَاضَ الْإِمَامُ كَثِيرًا بِلَا عُذْرٍ أَسَاءَ، وَلَوْ أَبْطَأَ الْإِمَامُ وَلَمْ يُفِضْ حَتَّى ظَهَرَ اللَّيْلُ أَفَاضُوا لِأَنَّهُ أَخْطَأَ السُّنَّةَ مِنْ الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ (قَوْلُهُ أَتَى) أَيْ أَفَاضَ الْإِمَامُ وَالنَّاسُ وَعَلَيْهِمْ السَّكِينَةُ وَالْوَقَارُ فَإِذَا وَجَدَ فُرْجَةً أَسْرَعَ الْمَشْيَ بِلَا إيذَاءٍ، وَقِيلَ لَا يُسَنُّ الْإِبْضَاعُ أَيْ لَا يُسَنُّ فِي زَمَانِنَا لِكَثْرَةِ الْإِيذَاءِ لُبَابٌ وَشَرْحُهُ (قَوْلُهُ عَلَى طَرِيقِ الْمَأْزِمَيْنِ) أَيْ لَا عَلَى طَرِيقِ ضَبٍّ وَالْمَأْزِمُ بِهَمْزَةٍ بَعْدَ الْمِيمِ الْأُولَى وَيَجُوزُ تَرْكُهَا كَمَا فِي رَأْسٍ وَزَايٍ مَكْسُورَةٍ، وَأَصْلُهُ الْمَضِيقُ بَيْنَ جَبَلَيْنِ وَمُرَادُ الْفُقَهَاءِ الطَّرِيقُ الَّذِي بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ، وَهُمَا جَبَلَانِ بَيْنَ عَرَفَاتٍ وَمُزْدَلِفَةَ إسْمَاعِيلُ. وَعَزَاهُ بَعْضُهُمْ إلَى الْعِزِّ بْنِ جَمَاعَةَ وَأَنَّهُ نَقَلَهُ عَنْ الْمُحِبِّ الطَّبَرِيِّ، وَرُدَّ بِهِ قَوْلُ النَّوَوِيِّ إنَّ الْمُرَادَ بِهِ مَا بَيْنَ الْعَلَمَيْنِ اللَّذَيْنِ هُمَا حَدُّ الْحَرَمِ وَقَالَ إنَّهُ غَرِيبٌ، وَيَحْمِلُ الْعَوَامَّ عَلَى الزَّحْمَةِ بَيْنَ الْعَلَمَيْنِ وَلَيْسَ لِذَلِكَ أَصْلٌ.
(قَوْلُهُ مَاشِيًا) أَيْ إذَا قَرُبَ مِنْهَا يَدْخُلُهَا مَاشِيًا تَأَدُّبًا وَتَوَاضُعًا لِأَنَّهَا مِنْ الْحَرَمِ الْمُحْتَرَمِ شَرْحُ اللُّبَابِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا وَادِيَ مُحَسِّرٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ الْمُشَدَّدَةِ وَبِالرَّاءِ وَالِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مِنًى كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ لَيْسَ مِنْ مِنًى) صَوَابُهُ لَيْسَ مِنْ مُزْدَلِفَةَ لِأَنَّهَا مَحَلُّ الْوُقُوفِ. اهـ. (قَوْلُهُ أَوْ بِبَطْنِ عُرَنَةَ) أَيْ الَّذِي قُرْبَ عَرَفَاتٍ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ لَمْ يَجُزْ) أَيْ لَمْ يَصِحَّ الْأَوَّلُ عَنْ وُقُوفِ مُزْدَلِفَةَ الْوَاجِبِ، وَلَا الثَّانِي عَنْ وُقُوفِ عَرَفَاتٍ الرُّكْنِ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) أَيْ خِلَافًا لِمَا فِي الْبَدَائِعِ مِنْ جَوَازِهِ فِيهِمَا فَتْحٌ (قَوْلُهُ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ الْمَشْعَرُ الْحَرَامُ) وَقِيلَ هُوَ مُزْدَلِفَةُ كُلُّهَا (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ مِيقَدَةٌ) قِيلَ: هِيَ أُسْطُوَانَةٌ مِنْ حِجَارَةٍ مُدَوَّرَةٍ تَدْوِيرُهَا أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ ذِرَاعًا وَطُولُهَا اثْنَا عَشَرَ، وَفِيهَا خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ دَرَجَةً وَهِيَ عَلَى خَشَبَةٍ مُرْتَفِعَةٍ كَانَ يُوقَدُ عَلَيْهَا فِي خِلَافَةِ هَارُونِ الرَّشِيدِ الشَّمْعُ لَيْلَةَ مُزْدَلِفَةَ وَكَانَ قَبْلَهُ يُوقَدُ بِالْحَطَبِ وَبَعْدَهُ بِمَصَابِيحَ كِبَارٍ (قَوْلُهُ وَصَلَّى الْعِشَاءَيْنِ إلَخْ) أَيْ فِي أَوَّلِ وَقْتِ الْعِشَاءِ الْأَخِيرِ قُهُسْتَانِيٌّ. وَيَنْبَغِي أَنْ يُصَلِّيَ قَبْلَ حَطِّ رِحَالِهِ بَلْ يُنِيخُ جِمَالَهُ وَيَعْقِلُهَا، وَأَشَارَ إلَى أَنَّهُ لَا تَطَوُّعَ بَيْنَهُمَا وَلَوْ سُنَّةً مُؤَكَّدَةً عَلَى الصَّحِيحِ وَلَوْ تَطَوَّعَ أَعَادَ الْإِقَامَةَ كَمَا لَوْ اشْتَغَلَ بَيْنَهُمَا بِعَمَلٍ آخَرَ بَحْرٌ قَالَ فِي شَرْحِ اللُّبَابِ: وَيُصَلِّي سُنَّةَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَالْوِتْرِ بَعْدَهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ مَوْلَانَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute