لِحَدِيثِ «أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتٍ مِنْ رَبِّي وَأَنَا بِالْعَقِيقِ فَقَالَ: يَا آلَ مُحَمَّدٍ أَهِّلُوا بِحَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ مَعًا» وَلِأَنَّهُ أَشَقُّ وَالصَّوَابُ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَحْرَمَ بِالْحَجِّ ثُمَّ أَدْخَلَ عَلَيْهِ الْعُمْرَةَ لِبَيَانِ الْجَوَازِ فَصَارَ قَارِنًا (ثُمَّ التَّمَتُّعَ ثُمَّ الْإِفْرَادَ وَالْقِرَانُ) لُغَةً الْجَمْعُ بَيْنَ شَيْئَيْنِ وَشَرْعًا (أَنْ يُهِلَّ) أَيْ يَرْفَعَ صَوْتَهُ بِالتَّلْبِيَةِ (بِحَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ مَعًا) حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا بِأَنْ يُحْرِمَ بِالْعُمْرَةِ أَوَّلًا ثُمَّ بِالْحَجِّ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ لَهَا أَرْبَعَةَ أَشْوَاطٍ، أَوْ عَكْسُهُ بِأَنْ يُدْخِلَ إحْرَامَ الْعُمْرَةِ عَلَى الْحَجِّ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ لِلْقُدُومِ
ــ
[رد المحتار]
كَمَا قَدَّمْنَا التَّصْرِيحَ بِهِ عَنْ النَّهْرِ عِنْدَ قَوْلِهِ فَاتَّقِ الرَّفَثَ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
(قَوْلُهُ لِحَدِيثِ إلَخْ) لَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَ الْحَدِيثَ بِهَذَا اللَّفْظِ، نَعَمْ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ: وَلَنَا قَوْلُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «يَا آلَ مُحَمَّدٍ أَهِلُّوا بِحَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ مَعًا» وَأَسْنَدَهُ فِي الْفَتْحِ إلَى الطَّحَاوِيِّ فِي شَرْحِ الْآثَارِ. وَقَالَ: وَرَوَى أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ «أَهِلُّوا يَا آلَ مُحَمَّدٍ بِعُمْرَةٍ فِي حَجٍّ» وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ عُمَرَ قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِوَادِي الْعَقِيقِ يَقُولُ «أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتٍ مِنْ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ فَقَالَ: صَلِّ فِي هَذَا الْوَادِي الْمُبَارَكِ رَكْعَتَيْنِ، وَقُلْ حَجَّةً فِي عُمْرَةٍ» .
قُلْت: وَهُوَ فِي شَرْحِ الْآثَارِ كَذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مُخَرَّجًا فِيهَا، وَإِلَّا فَهُوَ مُلَفَّقٌ مِنْ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ وَضَمِيرُ فَقَالَ يَعُودُ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا إلَى الْآتِي (قَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ أَشَقُّ) لِكَوْنِهِ أَدْوَمَ إحْرَامًا وَأَسْرَعَ إلَى الْعِبَادَةِ، وَفِيهِ جَمْعٌ بَيْنَ النُّسُكَيْنِ ط عَنْ الْمِنَحِ (قَوْلُهُ وَالصَّوَابُ إلَخْ) نَقَلَهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ النَّوَوِيِّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ ط (قَوْلُهُ لِبَيَانِ الْجَوَازِ) إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ مَكْرُوهٌ كَمَا يَأْتِي ط وَكَذَا هُوَ مَكْرُوهٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ النَّوَوِيِّ (قَوْلُهُ ثُمَّ التَّمَتُّعَ) أَيْ بِقِسْمَيْهِ: أَيْ سَوَاءٌ سَاقَ الْهَدْيَ أَمْ لَا ط (قَوْلُهُ ثُمَّ الْإِفْرَادَ) أَيْ بِالْحَجِّ أَفْضَلُ مِنْ الْعُمْرَةِ وَحْدَهَا، كَذَا فِي النَّهْرِ ط (قَوْلُهُ لُغَةً الْجَمْعُ بَيْنَ شَيْئَيْنِ) أَيْ بَيْنَ حَجٍّ وَعُمْرَةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا. قَالَ فِي الصِّحَاحِ: قَرَنَ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ قِرَانًا بِالْكَسْرِ، وَقَرَنْت الْبَعِيرَيْنِ أَقْرِنُهُمَا قِرَانًا: إذَا جَمَعْتهمَا فِي حَبْلٍ وَاحِدٍ وَذَلِكَ الْحَبْلُ يُسَمَّى الْقِرَانَ، وَقَرَنْت الشَّيْءَ بِالشَّيْءِ: وَصَلْته، وَقَرَنْتُهُ صَاحَبْتُهُ وَمِنْهُ قِرَانُ الْكَوَاكِبِ (قَوْلُهُ أَيْ يَرْفَعَ صَوْتَهُ بِالتَّلْبِيَةِ) تَفْسِيرٌ لِحَقِيقَةِ الْإِهْلَالِ، وَإِلَّا فَالْمُرَادُ هُنَا التَّلْبِيَةُ مَعَ النِّيَّةِ، وَإِنَّمَا عَبَّرَ عَنْ ذَلِكَ بِالْإِهْلَالِ لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّ رَفْعَ الصَّوْتِ بِهَا مُسْتَحَبٌّ بَحْرٌ (قَوْلُهُ مَعًا حَقِيقَةً) بِأَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا إحْرَامًا فِي زَمَانٍ وَاحِدٍ، أَوْ حُكْمًا بِأَنْ يُؤَخِّرَ إحْرَامَ إحْدَاهُمَا عَنْ إحْرَامِ الْأُخْرَى وَيَجْمَعَ بَيْنَهُمَا أَفْعَالًا، فَهُوَ قِرَانٌ بَيْنَ الْإِحْرَامَيْنِ حُكْمًا.
وَقَدْ عُدَّ فِي اللُّبَابِ لِلْقِرَانِ سَبْعَةُ شُرُوطٍ.
الْأَوَّلُ: أَنْ يُحْرِمَ بِالْحَجِّ قَبْلَ طَوَافِ الْعُمْرَةِ كُلِّهِ أَوْ أَكْثَرِهِ، فَلَوْ أَحْرَمَ بِهِ بَعْدَ أَكْثَرِ طَوَافِهَا لَمْ يَكُنْ قَارِنًا.
الثَّانِي: أَنْ يُحْرِمَ بِالْحَجِّ قَبْلَ إفْسَادِ الْعُمْرَةِ.
الثَّالِثُ: أَنْ يَطُوفَ لِلْعُمْرَةِ كُلَّهُ أَوْ أَكْثَرَهُ قَبْلَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ، فَلَوْ لَمْ يَطُفْ لَهَا حَتَّى وَقَفَ بِعَرَفَةَ بَعْدَ الزَّوَالِ ارْتَفَعَتْ عُمْرَتُهُ وَبَطَلَ قِرَانُهُ وَسَقَطَ عَنْهُ دَمُهُ، وَلَوْ طَافَ أَكْثَرَهُ ثُمَّ وَقَفَ أَتَمَّ الْبَاقِيَ مِنْهُ قَبْلَ طَوَافِ الزِّيَارَةِ.
الرَّابِعُ: أَنْ يَصُونَهُمَا عَنْ الْفَسَادِ، فَلَوْ جَامَعَ قَبْلَ الْوُقُوفِ وَقَبْلَ أَكْثَرِ طَوَافِ الْعُمْرَةِ بَطَلَ قِرَانُهُ وَسَقَطَ عَنْهُ الدَّمُ، وَإِنْ سَاقَهُ مَعَهُ يَصْنَعُ بِهِ مَا شَاءَ.
الْخَامِسُ: أَنْ يَطُوفَ لِلْعُمْرَةِ كُلَّهُ أَوْ أَكْثَرَهُ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، فَإِنْ طَافَ الْأَكْثَرَ قَبْلَ الْأَشْهُرِ لَمْ يَصِرْ قَارِنًا.
السَّادِسُ: أَنْ يَكُونَ آفَاقِيًّا وَلَوْ حُكْمًا، فَلَا قِرَانَ لِمَكِّيٍّ إلَّا إذَا خَرَجَ إلَى الْآفَاقِ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ.
السَّابِعُ عَدَمُ فَوَاتِ الْحَجِّ، فَلَوْ فَاتَهُ لَمْ يَكُنْ قَارِنًا وَسَقَطَ الدَّمُ، وَلَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْقِرَانِ عَدَمُ الْإِلْمَامِ بِأَهْلِهِ، فَيَصِحُّ مِنْ كُوفِيٍّ رَجَعَ إلَى أَهْلِهِ بَعْدَ طَوَافِ الْعُمْرَةِ، وَتَمَامُهُ فِيهِ (قَوْلُهُ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ لَهَا أَرْبَعَةَ أَشْوَاطٍ) فَلَوْ طَافَ