للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَإِنْ أَسَاءَ، أَوْ بَعْدَهُ وَإِنْ لَزِمَهُ دَمٌ (مِنْ الْمِيقَاتِ) إذْ الْقَارِنُ لَا يَكُونُ إلَّا آفَاقِيًّا (أَوْ قَبْلَهُ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ أَوْ قَبْلَهَا وَيَقُولَ) إمَّا بِالنَّصْبِ وَالْمُرَادُ بِهِ النِّيَّةُ، أَوْ مُسْتَأْنَفٍ وَالْمُرَادُ بِهِ بَيَانُ السُّنَّةِ، إذْ النِّيَّةُ بِقَلْبِهِ تَكْفِي كَالصَّلَاةِ مُجْتَبًى (بَعْدَ الصَّلَاةِ: اللَّهُمَّ إنِّي أُرِيدُ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ فَيَسِّرْهُمَا لِي وَتَقَبَّلْهُمَا مِنِّي) وَيُسْتَحَبُّ تَقَدُّمُ الْعُمْرَةِ فِي الذِّكْرِ لِتَقَدُّمِهَا فِي الْفِعْلِ

(وَطَافَ لِلْعُمْرَةِ) أَوَّلًا وُجُوبًا، حَتَّى لَوْ نَوَاهُ لِلْحَجِّ لَا يَقَعُ إلَّا لَهَا

ــ

[رد المحتار]

الْأَرْبَعَةَ ثُمَّ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ لَمْ يَكُنْ قَارِنًا كَمَا ذَكَرْنَاهُ، بَلْ يَكُونُ مُتَمَتِّعًا إنْ كَانَ طَوَافُهُ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، فَلَوْ قَبْلَهَا لَا يَكُونُ قَارِنًا وَلَا مُتَمَتِّعًا كَمَا فِي شَرْحِ اللُّبَابِ (قَوْلُهُ وَإِنْ أَسَاءَ) أَيْ وَعَلَيْهِ دَمُ شُكْرٍ لِقِلَّةِ إسَاءَتِهِ، وَلِعَدَمِ وُجُوبِ رَفْضِ عُمْرَتِهِ، شَرْحُ اللُّبَابِ (قَوْلُهُ أَوْ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَمَا شَرَعَ فِيهِ وَلَوْ قَلِيلًا أَوْ بَعْدَ إتْمَامِهِ، سَوَاءٌ كَانَ الْإِدْخَالُ قَبْلَ الْحَلْقِ أَوْ بَعْدَهُ وَلَوْ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَلَوْ بَعْدَ الطَّوَافِ لِأَنَّهُ بَقِيَ عَلَيْهِ بَعْضُ وَاجِبَاتِ الْحَجِّ فَيَكُونُ جَامِعًا بَيْنَهُمَا فِعْلًا. وَالْأَصَحُّ وُجُوبُ رَفْضِهَا وَعَلَيْهِ الدَّمُ وَالْقَضَاءُ، وَإِنْ لَمْ يَرْفُضْ فَدَمُ جَبْرٍ لِجَمْعِهِ بَيْنَهُمَا كَمَا فِي شَرْحِ اللُّبَابِ وَسَيَأْتِي تَفْصِيلُ الْمَسْأَلَةِ فِي آخِرِ الْجِنَايَاتِ (قَوْلُهُ إذْ الْقَارِنُ لَا يَكُونُ إلَّا آفَاقِيًّا) أَيْ وَالْآفَاقِيُّ إنَّمَا يُحْرِمُ مِنْ الْمِيقَاتِ أَوْ قَبْلَهُ، وَلَا تَحِلُّ مُجَاوَزَتُهُ بِغَيْرِ إحْرَامٍ؛ حَتَّى لَوْ جَاوَزَهُ ثُمَّ أَحْرَمَ لَزِمَهُ دَمٌ مَا لَمْ يَعُدْ إلَيْهِ مُحْرِمًا كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ مُجَاوَزَةِ الْمِيقَاتِ بِغَيْرِ إحْرَامٍ ح.

وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَصِحُّ مِنْ الْمِيقَاتِ وَقَبْلَهُ وَبَعْدَهُ، لَكِنْ قُيِّدَ بِهِ لِبَيَانِ أَنَّ الْقَارِنَ لَا يَكُونُ إلَّا آفَاقِيًّا. قَالَ فِي الْبَحْرِ وَهَذَا أَحْسَنُ مِمَّا فِي الزَّيْلَعِيِّ مِنْ أَنَّ التَّقْيِيدَ بِالْمِيقَاتِ اتِّفَاقِيٌّ (قَوْلُهُ أَوْ قَبْلَهُ) أَيْ وَلَوْ مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِهِ، وَهُوَ الْأَفْضَلُ لِمَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَيُكْرَهُ كَمَا مَرَّ، وَقَوْلُهُ أَوْ قَبْلَهَا: أَيْ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ، لَكِنَّ تَقْدِيمَهُ عَلَى الْمِيقَاتِ الزَّمَانِيِّ مَكْرُوهٌ مُطْلَقًا كَمَا مَرَّ أَيْضًا، وَهَذَا فِي الْإِحْرَامِ؛ وَأَمَّا الْأَفْعَالُ فَلَا بُدَّ مِنْ أَدَائِهَا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ كَمَا قَدَّمْنَاهُ آنِفًا، بِأَنْ يُؤَدِّيَ أَكْثَرَ طَوَافِ الْعُمْرَةِ وَجَمِيعَ سَعْيِهَا وَسَعْيِ الْحَجِّ فِيهَا، لَكِنْ ذُكِرَ فِي الْمُحِيطِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْقِرَانِ فِعْلُ أَكْثَرِ أَشْوَاطِ الْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، وَكَأَنَّ مُسْنَدَهُ مَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ: أَنَّهُ لَوْ طَافَ لِعُمْرَتِهِ فِي رَمَضَانَ فَهُوَ قَارِنٌ، وَلَا دَمَ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَطُفْ لِعُمْرَتِهِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، وَأَجَابَ فِي الْفَتْحِ بِأَنَّ الْقِرَانَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ بِمَعْنَى الْجَمْعِ لَا الْقِرَانِ الشَّرْعِيِّ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ نَفَى لَازِمَ الْقِرَانِ بِالْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ وَهُوَ لُزُومُ الدَّمِ شُكْرًا، وَنَفْيُ اللَّازِمِ الشَّرْعِيِّ نَفْيٌ لِمَلْزُومِهِ، وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ، لَكِنْ قَالَ فِي شَرْحِ اللُّبَابِ: وَيَظْهَرُ لِي أَنَّهُ قَارِنٌ بِالْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادِرُ مِنْ إطْلَاقِ مُحَمَّدٍ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ قَارِنٌ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ إذَا ارْتَكَبَ مَحْظُورًا يَتَعَدَّدُ عَلَيْهِ الْجَزَاءُ، وَغَايَتُهُ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ هَدْيُ شُكْرٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ عَلَى الْوَجْهِ الْمَسْنُونِ اهـ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ إمَّا بِالنَّصْبِ إلَخْ) حَاصِلُهُ كَمَا فِي الْبَحْرِ أَنَّ قَوْلَهُ وَيَقُولُ إنْ كَانَ مَنْصُوبًا عَطْفًا عَلَى يُهِلَّ يَكُونُ مِنْ تَمَامِ الْحَدِّ فَيُرَادُ بِالْقَوْلِ النِّيَّةُ لَا التَّلَفُّظُ لِأَنَّهُ غَيْرُ شَرْطٍ، وَإِنْ كَانَ مَرْفُوعًا مُسْتَأْنَفًا يَكُونُ بَيَانًا لِلسُّنَّةِ، فَإِنَّ السُّنَّةَ لِلْقَارِنِ التَّلَفُّظُ بِذَلِكَ، وَتَكْفِيهِ النِّيَّةُ بِقَلْبِهِ. وَأُورِدَ فِي النَّهْرِ عَلَى الْأَوَّلِ أَنَّ الْإِرَادَةَ غَيْرُ النِّيَّةِ، فَالْحَقُّ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْحَدِّ فِي شَيْءٍ اهـ يَعْنِي أَنَّ قَوْلَهُ إنِّي أُرِيدُ إلَخْ لَيْسَ نِيَّةً وَإِنَّمَا هُوَ مُجَرَّدُ دُعَاءٍ، وَإِنَّمَا النِّيَّةُ هِيَ الْعَزْمُ عَلَى الشَّيْءِ وَالْعَزْمُ غَيْرُ الْإِرَادَةِ، وَهُوَ مَا يَكُونُ بَعْدَ ذَلِكَ عِنْدَ التَّلْبِيَةِ كَمَا مَرَّ تَقْرِيرُهُ فِي بَابِ الْإِحْرَامِ تَأَمَّلْ. عَلَى أَنَّهُ لَوْ أُرِيدَ بِهِ النِّيَّةُ فَلَا يَنْبَغِي إدْخَالُهَا فِي الْحَدِّ لِأَنَّهَا شَرْطٌ خَارِجٌ عَنْ الْمَاهِيَّةِ. وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمَاهِيَّةَ الشَّرْعِيَّةَ هُنَا لَا وُجُودَ لَهَا بِدُونِ النِّيَّةِ تَأَمَّلْ، وَقَدَّمْنَا هُنَاكَ الْكَلَامَ عَلَى حُكْمِ التَّلَفُّظِ بِالنِّيَّةِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ إلَخْ) وَإِنَّمَا أَخَّرَهَا الْمُصَنِّفُ إشْعَارًا بِأَنَّهَا تَابِعَةٌ لِلْحَجِّ فِي حَقِّ الْقَارِنِ، وَلِذَلِكَ لَا يَتَحَلَّلُ عَنْ إحْرَامِهَا بِمُجَرَّدِ الْحَلْقِ بَعْدَ سَعْيِهَا قُهُسْتَانِيُّ.

(قَوْلُهُ وُجُوبًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى) {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ} [البقرة: ١٩٦]- جَعَلَ الْحَجَّ غَايَةً وَهُوَ فِي مَعْنَى الْمُتْعَةِ بِالْإِطْلَاقِ الْقُرْآنِيِّ وَعُرْفِ الصَّحَابَةِ مِنْ شُمُولِ الْمُتْعَةِ لِلْمُتْعَةِ وَالْقِرَانِ بِالْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ كَمَا حَقَّقَهُ فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ لَا يَقَعُ إلَّا لَهَا) لِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّ مَنْ طَافَ طَوَافًا

<<  <  ج: ص:  >  >>