(فَإِنْ فَاتَتْ الثَّلَاثَةُ تَعَيَّنَ الدَّمُ) فَلَوْ لَمْ يَقْدِرْ تَحَلَّلَ وَعَلَيْهِ دَمَانِ، وَلَوْ قَدَرَ عَلَيْهِ فِي أَيَّامِ النَّحْرِ قَبْلَ الْحَلْقِ بَطَلَ صَوْمُهُ
ــ
[رد المحتار]
الْمَجَازِ لِفَرْعٍ مُجْمَعٍ عَلَيْهِ، وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَطَنٌ أَصْلًا وَجَبَ عَلَيْهِ صَوْمُهَا بِهَذَا النَّصِّ، وَتَمَامُهُ فِي الْفَتْحِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ تَفْسِيرَ الشَّافِعِيِّ لَا يَطَّرِدُ فَتَعَيَّنَ الْمَجَازُ.
وَادَّعَى ابْنُ كَمَالٍ فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ أَنَّ الْأَقْرَبَ الْحَمْلُ عَلَى مَعْنًى حَقِيقِيٍّ، وَهُوَ الرُّجُوعُ مِنْ مِنًى بِالْفَرَاغِ عَنْ أَفْعَالِ الْحَجِّ لِتَقَدُّمِ ذِكْرِ الْحَجِّ. وَاعْتَرَضَهُ فِي النَّهْرِ بِأَنَّهُ لَا يَطَّرِدُ أَيْضًا إذْ الْحُكْمُ يَعُمُّ الْمُقِيمَ بِمِنًى أَيْضًا، وَلَا رُجُوعَ مِنْهُ إلَّا بِالْفَرَاغِ، فَمَا قَالَهُ الْمَشَايِخُ أَوْلَى اهـ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ فَعَمَّ مَنْ وَطَنُهُ مِنًى إلَخْ.
قُلْت: لَكِنْ قَالَ فِي الْفَتْحِ إنَّ صَوْمَ السَّبْعَةِ لَا يَجُوزُ تَقْدِيمُهُ عَلَى الرُّجُوعِ مِنْ مِنًى بَعْدَ إتْمَامِ الْأَعْمَالِ الْوَاجِبَاتِ لِأَنَّهُ مُعَلَّقٌ فِي الْآيَةِ بِالرُّجُوعِ، وَالْمُعَلَّقُ بِالشَّرْطِ عُدِمَ قَبْلَ وُجُودِهِ اهـ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فَإِنْ فَاتَتْ الثَّلَاثَةُ) بِأَنْ لَمْ يَصُمْهَا حَتَّى دَخَلَ يَوْمُ النَّحْرِ تَعَيَّنَ الدَّمُ لِأَنَّ الصَّوْمَ بَدَلٌ عَنْهُ، وَالنَّصُّ خَصَّهُ بِوَقْتِ الْحَجِّ بَحْرٌ (قَوْلُهُ فَلَوْ لَمْ يَقْدِرْ) أَيْ عَلَى الدَّمِ تَحَلَّلَ: أَيْ بِالْحَلْقِ أَوْ التَّقْصِيرِ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ دَمَانِ) أَيْ دَمُ التَّمَتُّعِ وَدَمُ التَّحَلُّلِ قَبْلَ أَوَانِهِ بَحْرٌ عَنْ الْهِدَايَةِ، وَتَمَامُهُ فِيهِ وَفِيمَا عَلَّقْنَاهُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ قَدَرَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الدَّمِ، وَقَوْلُهُ بَطَلَ صَوْمُهُ: أَيْ حُكْمُ صَوْمِهِ وَهُوَ خَلْفِيَّتُهُ عَنْ الْهَدْيِ فِي إبَاحَةِ التَّحَلُّلِ بِالْحَلْقِ وَالتَّقْصِيرِ فِي وَقْتِهِ فَإِنَّ الْهَدْيَ أَصْلٌ فِي ذَلِكَ لِعَدَمِ جَوَازِ التَّحَلُّلِ قَبْلَهُ لِوُجُوبِ التَّرْتِيبِ بَيْنَهُمَا كَمَا مَرَّ، وَالصَّوْمُ: أَيْ الثَّلَاثَةُ فَقَطْ خَلَفٌ عَنْ الْهَدْيِ فِي ذَلِكَ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْهُ، فَصَارَ الْمَقْصُودُ بِالصَّوْمِ إبَاحَةَ التَّحَلُّلِ بِالْحَلْقِ أَوْ التَّقْصِيرِ، فَإِذَا قَدَرَ عَلَى الْأَصْلِ قَبْلَ التَّحَلُّلِ وَجَبَ الْأَصْلُ لِقُدْرَتِهِ عَلَيْهِ قَبْلَ حُصُولِ الْمَقْصُودِ بِخَلَفِهِ كَمَا لَوْ قَدَرَ الْمُتَيَمِّمُ عَلَى الْمَاءِ فِي الْوَقْتِ قَبْلَ صَلَاتِهِ بِالتَّيَمُّمِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَدَرَ عَلَى الْهَدْيِ بَعْدَ الْحَلْقِ أَوْ قَبْلَهُ لَكِنْ بَعْدَ أَيَّامِ النَّحْرِ.
وَعَنْ هَذَا قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ: فَإِنْ قَدَرَ عَلَى الْهَدْيِ فِي خِلَالِ الثَّلَاثَةِ أَوْ بَعْدَهَا قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ لَزِمَهُ الْهَدْيُ وَسَقَطَ الصَّوْمُ لِأَنَّهُ خَلَفٌ، وَإِذَا قَدَرَ عَلَى الْأَصْلِ قَبْلَ تَأَدِّي الْحُكْمِ بِالْخَلَفِ بَطَلَ الْخَلَفُ، وَإِنْ قَدَرَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْحَلْقِ قَبْلَ أَنْ يَصُومَ السَّبْعَةَ فِي أَيَّامِ الذَّبْحِ أَوْ بَعْدَهَا لَمْ يَلْزَمْهُ الْهَدْيُ لِأَنَّ التَّحَلُّلَ قَدْ حَصَلَ بِالْحَلْقِ، فَوُجُودُ الْأَصْلِ بَعْدَهُ لَا يَنْقُضُ الْخَلَفَ كَرُؤْيَةِ الْمُتَيَمِّمِ الْمَاءَ بَعْدَ الصَّلَاةِ بِالتَّيَمُّمِ، وَكَذَا لَوْ لَمْ يَجِدْ حَتَّى مَضَتْ أَيَّامُ الذَّبْحِ ثُمَّ وَجَدَ الْهَدْيَ لِأَنَّ الذَّبْحَ مُؤَقَّتٌ بِأَيَّامِ النَّحْرِ، فَإِذَا مَضَتْ فَقَدْ حَصَلَ الْمَقْصُودُ، وَهُوَ إبَاحَةُ التَّحَلُّلِ بِلَا هَدْيٍ وَكَأَنَّهُ تَحَلَّلَ ثُمَّ وَجَدَهُ، وَلَوْ صَامَ فِي وَقْتِهِ مَعَ وُجُودِ الْهَدْيِ يَنْظُرُ، فَإِنْ بَقِيَ الْهَدْيُ إلَى يَوْمِ النَّحْرِ لَمْ يُجْزِهِ لِلْقُدْرَةِ عَلَى الْأَصْلِ، وَإِنْ هَلَكَ قَبْلَ الذَّبْحِ جَازَ لِلْعَجْزِ عَنْ الْأَصْلِ فَكَانَ الْمُعْتَبَرُ وَقْتَ التَّحَلُّلِ اهـ وَنَحْوُهُ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ لِقَاضِي خَانْ وَالْمُحِيطِ وَالزَّيْلَعِيِّ وَالْبَحْرِ وَغَيْرِهَا مِنْ كُتُبِ الْمَذْهَبِ الْمُعْتَبَرَةِ وُلِلشُّرُنْبُلَالِيِّ رِسَالَةٌ سَمَّاهَا بَدِيعَةُ الْهَدْيِ لِمَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْيِ خَالَفَ فِيهَا مَا فِي هَذِهِ الْكُتُبِ، وَادَّعَى وُجُوبَ الْهَدْيِ بِوُجُودِهِ فِي أَيَّامِ النَّحْرِ سَوَاءٌ حَلَقَ أَوْ لَا مُتَمَسِّكًا بِقَوْلِهِمْ الْعِبْرَةُ لِأَيَّامِ النَّحْرِ فِي الْعَجْزِ وَالْقُدْرَةِ، وَتَرْكُ اشْتِرَاطِهِمْ بَعْدَ ذَلِكَ عَدَمُ الْحَلْقِ لِإِقَامَةِ الصَّوْمِ مَقَامَ الْهَدْيِ، وَادَّعَى أَيْضًا أَنَّ كَلَامَ الْفَتْحِ وَغَيْرَهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَتَحَلَّلُ بِالْهَدْيِ أَصْلًا وَبِالْحَلْقِ خَلَفًا، وَأَنَّ الْحَلْقَ خَلَفٌ عَنْ الْهَدْيِ. وَلَا يَخْفَى عَلَيْك أَنَّهُ لَيْسَ فِي كَلَامِ الْفَتْحِ ذَلِكَ، وَأَنَّ اتِّبَاعَ الْمَنْقُولِ وَاجِبٌ فَلَا يُعَوَّلُ عَلَى هَذِهِ الرِّسَالَةِ، وَقَدْ كُتِبَتْ عَلَى هَامِشِهَا فِي عِدَّةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute