وَهُوَ شَقُّ سَنَامِهَا مِنْ الْأَيْسَرِ) أَوْ الْأَيْمَنِ لِأَنَّ كُلَّ أَحَدٍ لَا يُحْسِنُهُ، فَأَمَّا مَنْ أَحْسَنَهُ بِأَنْ قَطَعَ الْجِلْدَ فَقَطْ فَلَا بَأْسَ بِهِ (وَاعْتَمَرَ، وَلَا يَتَحَلَّلُ مِنْهَا) حَتَّى يَنْحَرَ (ثُمَّ أَحْرَمَ لِلْحَجِّ كَمَا مَرَّ) فِيمَنْ لَمْ يَسُقْ
(وَحَلَقَ يَوْمَ النَّحْرِ وَ) إذَا حَلَقَ (حَلَّ مِنْ إحْرَامَيْهِ) عَلَى الظَّاهِرِ (وَالْمَكِّيُّ وَمَنْ فِي حُكْمِهِ يُفْرِدُ فَقَطْ) وَلَوْ قَرَنَ أَوْ تَمَتَّعَ جَازَ وَأَسَاءَ، وَعَلَيْهِ دَمُ جَبْرٍ،
ــ
[رد المحتار]
وَتَفْصِيلٍ قَدَّمْنَاهُ فِي بَابِ الْإِحْرَامِ (قَوْلُهُ وَهُوَ شَقُّ سَنَامِهَا) بِأَنْ يَطْعَنَ بِالرُّمْحِ أَسْفَلَهُ حَتَّى يَخْرُجَ الدَّمُ ثُمَّ يُلَطِّخَ بِذَلِكَ الدَّمِ سَنَامَهَا لِيَكُونَ ذَلِكَ عَلَامَةَ كَوْنِهَا هَدْيًا كَالتَّقْلِيدِ لُبَابٌ وَشَرْحُهُ (قَوْلُهُ أَوْ الْأَيْمَنِ) اخْتَارَهُ الْقُدُورِيُّ، لَكِنَّ الْأَشْبَهَ الْأَوَّلُ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ كُلَّ أَحَدٍ لَا يُحْسِنُهُ) جَرَى عَلَى مَا قَالَهُ الطَّحَاوِيُّ وَالشَّيْخُ أَبُو مَنْصُورٍ الْمَاتُرِيدِيُّ مِنْ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ لَمْ يَكْرَهْ أَصْلَ الْإِشْعَارِ، وَكَيْفَ يَكْرَهُهُ مَعَ مَا اُشْتُهِرَ فِيهِ مِنْ الْأَخْبَارِ، وَإِنَّمَا كَرِهَ إشْعَارَ أَهْلِ زَمَانِهِ الَّذِي يُخَافُ مِنْهُ الْهَلَاكُ خُصُوصًا فِي حَرِّ الْحِجَازِ فَرَأَى الصَّوَابَ حِينَئِذٍ سَدَّ هَذَا الْبَابِ عَلَى الْعَامَّةِ، فَأَمَّا مَنْ وَقَفَ عَلَى الْحَدِّ بِأَنْ قَطَعَ الْجِلْدَ دُونَ اللَّحْمِ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ. قَالَ الْكَرْمَانِيُّ: وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ، وَهُوَ اخْتِيَارُ قِوَامِ الدِّينِ وَابْنِ الْهُمَامِ، فَهُوَ مُسْتَحَبٌّ لِمَنْ أَحْسَنَهُ شَرْحُ اللُّبَابِ. قَالَ فِي النَّهْرِ: وَبِهِ يُسْتَغْنَى عَنْ كَوْنِ الْعَمَلِ عَلَى قَوْلِهِمَا بِأَنَّهُ حَسَنٌ (قَوْلُهُ وَاعْتَمَرَ) أَيْ طَافَ وَسَعَى، وَالشَّرْطُ أَكْثَرُ طَوَافِهَا كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ وَلَا يَتَحَلَّلُ مِنْهَا حَتَّى يَنْحَرَ) لِأَنَّ سَوْقَ الْهَدْيِ مَانِعٌ مِنْ إحْلَالِهِ قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ، فَلَوْ حَلَقَ لَمْ يَتَحَلَّلْ مِنْ إحْرَامِهِ وَلَزِمَهُ دَمٌ: أَيْ إلَّا أَنْ يَرْجِعَ إلَى أَهْلِهِ بَعْدَ ذَبْحِ هَدْيِهِ وَحَلْقِهِ لُبَابٌ وَشَرْحُهُ، وَتَمَامُهُ فِيهِ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَمُقْتَضَاهُ: أَيْ مُقْتَضَى لُزُومِ الدَّمِ بِالْحَلْقِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ كُلُّ جِنَايَةٍ عَلَى الْإِحْرَامِ كَأَنَّهُ مُحْرِمٌ. اهـ.
قُلْت: بَلْ مُقْتَضَى قَوْلِ اللُّبَابِ لَمْ يَتَحَلَّلْ أَنَّهُ مُحْرِمٌ حَقِيقَةً، وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُمْ: إذَا كَانَ لِسَوْقِ الْهَدْيِ تَأْثِيرٌ فِي إثْبَاتِ الْإِحْرَامِ ابْتِدَاءً يَكُونُ لَهُ تَأْثِيرٌ فِي اسْتِدَامَتِهِ بَقَاءً بِالْأَوْلَى لِأَنَّهُ أَسْهَلُ مِنْ الِابْتِدَاءِ (قَوْلُهُ ثُمَّ أَحْرَمَ لِلْحَجِّ) اعْلَمْ أَنَّ الْمُتَمَتِّعَ إذَا أَحْرَمَ بِالْحَجِّ، فَإِنْ كَانَ سَاقَ الْهَدْيَ أَوْ لَمْ يَسُقْ وَلَكِنْ أَحْرَمَ بِهِ قَبْلَ التَّحَلُّلِ مِنْ الْعُمْرَةِ صَارَ كَالْقَارِنِ، فَيَلْزَمُهُ بِالْجِنَايَةِ مَا يَلْزَمُ الْقَارِنَ، وَإِنْ لَمْ يَسُقْهُ وَأَحْرَمَ بَعْدَ الْحَلْقِ صَارَ كَالْمُفْرِدِ بِالْحَجِّ إلَّا فِي وُجُوبِ دَمِ الْمُتْعَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ شَرْحُ اللُّبَابِ.
(قَوْلُهُ عَلَى الظَّاهِرِ) أَيْ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ مِنْ بَقَاءِ إحْرَامِ الْعُمْرَةِ إلَى الْحَلْقِ، وَيَحِلُّ مِنْهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى فِي النِّسَاءِ لِأَنَّ الْمَانِعَ لَهُ مِنْ التَّحَلُّلِ سَوْقُهُ الْهَدْيَ، وَقَدْ زَالَ بِذَبْحِهِ. وَفِي الْقَارِنِ يَحِلُّ مِنْهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ إلَّا فِي النِّسَاءِ كَإِحْرَامِ الْحَجِّ، وَهَذَا هُوَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْمُتَمَتِّعِ الَّذِي سَاقَ الْهَدْيَ وَبَيْنَ الْقَارِنِ وَإِلَّا فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا بَعْدَ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ عَلَى الصَّحِيحِ كَمَا ذَكَرْنَا بَحْرٌ. وَعَلَيْهِ فَإِذَا حَلَقَ ثُمَّ جَامَعَ قَبْلَ الطَّوَافِ لَزِمَهُ دَمٌ وَاحِدٌ لَوْ مُتَمَتِّعًا وَدَمَانِ لَوْ قَارِنًا، وفِي هَذَا رَدٌّ لِمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ إحْرَامَ الْعُمْرَةِ يَنْتَهِي بِالْوُقُوفِ كَمَا أَوْضَحَهُ الْبَحْرُ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ وَمَنْ فِي حُكْمِهِ) أَيْ مَنْ أَهَلَّ دَاخِلَ الْمَوَاقِيتِ (قَوْلُهُ يُفْرِدُ فَقَطْ) هَذَا مَا دَامَ مُقِيمًا، فَإِذَا خَرَجَ إلَى الْكُوفَةِ وَقَرَنَ صَحَّ بِلَا كَرَاهَةٍ لِأَنَّ عُمْرَتَهُ وَحَجَّتَهُ مِيقَاتَانِ فَصَارَ بِمَنْزِلَةِ الْآفَاقِيِّ. قَالَ الْمَحْبُوبِيُّ: هَذَا إذَا خَرَجَ إلَى الْكُوفَةِ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ. وَأَمَّا إذَا خَرَجَ بَعْدَهَا فَقَدْ مُنِعَ مِنْ الْقِرَانِ فَلَا يَتَغَيَّرُ بِخُرُوجِهِ مِنْ الْمِيقَاتِ كَذَا فِي الْعِنَايَةِ. وَقَوْلُ الْمَحْبُوبِيِّ هُوَ الصَّحِيحُ، نَقَلَهُ الشَّيْخُ الشِّبْلِيُّ عَنْ الْكَرْمَانِيِّ شُرُنْبُلَالِيَّةٌ، وَإِنَّمَا قُيِّدَ بِالْقِرَانِ لِأَنَّهُ لَوْ اعْتَمَرَ هَذَا الْمَكِّيُّ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ مِنْ عَامِهِ لَا يَكُونُ مُتَمَتِّعًا لِأَنَّهُ مُلِمٌّ بِأَهْلِهِ بَيْنَ النُّسُكَيْنِ حَلَالًا إنْ لَمْ يَسُقْ الْهَدْيَ، وَكَذَا إنْ سَاقَ الْهَدْيَ لَا يَكُونُ مُتَمَتِّعًا، بِخِلَافِ الْآفَاقِيِّ إذَا سَاقَ الْهَدْيَ ثُمَّ أَلَمَّ بِأَهْلِهِ مُحْرِمًا كَانَ مُتَمَتِّعًا لِأَنَّ الْعَوْدَ مُسْتَحَقٌّ عَلَيْهِ فَيَمْنَعُ صِحَّةَ إلْمَامِهِ. وَأَمَّا الْمَكِّيُّ فَالْعَوْدُ غَيْرُ مُسْتَحَقٍّ عَلَيْهِ وَإِنْ سَاقَ الْهَدْيَ فَكَانَ إلْمَامُهُ صَحِيحًا، فَلِذَا لَمْ يَكُنْ مُتَمَتِّعًا كَذَا فِي النِّهَايَةِ عَنْ الْمَبْسُوطِ (قَوْلُهُ وَلَوْ قَرَنَ أَوْ تَمَتَّعَ جَازَ وَأَسَاءَ إلَخْ) أَيْ صَحَّ مَعَ الْكَرَاهَةِ لِلنَّهْيِ عَنْهُ، وَهَذَا مَا مُشِيَ عَلَيْهِ فِي التُّحْفَةِ وَغَايَةِ الْبَيَانِ وَالْعِنَايَةِ وَالسِّرَاجِ وَشَرْحِ الْإِسْبِيجَابِيِّ عَلَى مُخْتَصَرِ الطَّحَاوِيِّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute