فِي الْعُمْرَةِ
(أَوْ أَفَاضَ مِنْ عَرَفَةَ) وَلَوْ بِنَدِّ بَعِيرِهِ (قَبْلَ الْإِمَامِ) وَالْغُرُوبِ، وَيَسْقُطُ الدَّمُ بِالْعَوْدِ وَلَوْ بَعْدَهُ فِي الْأَصَحِّ غَايَةٌ (أَوْ تَرَكَ أَقَلَّ سَبْعِ الْفَرْضِ) يَعْنِي وَلَمْ يَطُفْ غَيْرَهُ، حَتَّى لَوْ طَافَ لِلصَّدْرِ انْتَقَلَ إلَى الْفَرْضِ مَا يُكْمِلُهُ، ثُمَّ إنْ بَقِيَ أَقَلُّ الصَّدْرِ فَصَدَقَةٌ وَإِلَّا فَدَمٌ
ــ
[رد المحتار]
وَأَمَّا مَا سَيَأْتِي مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَكُلُّ مَا عَلَى الْمُفْرِدِ بِهِ دَمٌ بِسَبَبِ جِنَايَتِهِ عَلَى إحْرَامِهِ فَعَلَى الْقَارِنِ دَمَانِ وَكَذَا الصَّدَقَةُ. وَذَكَرَ الشَّارِحُ هُنَاكَ أَنَّ الْمُتَمَتِّعَ كَالْقَارِنِ، فَلَا يَرِدُ عَلَى مَا هُنَا وَإِنْ كَانَتْ جِنَايَةُ الْمُتَمَتِّعِ عَلَى إحْرَامِ الْحَجِّ وَإِحْرَامِ الْعُمْرَةِ لِأَنَّ الْمُرَادَ هُنَاكَ الْجِنَايَةُ بِفِعْلِ شَيْءٍ مِنْ مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ، بِخِلَافِ تَرْكِ شَيْءٍ مِنْ الْوَاجِبَاتِ كَمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ، وَهُنَا الْجِنَايَةُ بِتَرْكِ وَاجِبِ الطَّهَارَةِ فَلَا يُنَافِي وُجُوبَ الصَّدَقَةِ فِي الْعُمْرَةِ بِفِعْلِ الْمَحْظُورِ، وَلِهَذَا لَمْ يُعَمِّمْ فِي اللُّبَابِ، بَلْ قَالَ لَا مَدْخَلَ فِي طَوَافِ الْعُمْرَةِ لِلصَّدَقَةِ وَإِنْ أَطْلَقَ الشَّارِحُ الْعِبَارَةَ تَبَعًا لِلْفَتْحِ فَتَنَبَّهْ.
(قَوْلُهُ أَوْ أَفَاضَ مِنْ عَرَفَةَ إلَخْ) بِأَنْ جَاوَزَ حُدُودَهَا قَبْلَ الْغُرُوبِ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَمَا فِي اللُّبَابِ (قَوْلُهُ وَلَوْ بِنَدِّ بَعِيرِهِ) النَّدُّ بِفَتْحِ النُّونِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ: الْهُرُوبُ ح.
قَالَ فِي اللُّبَابِ: وَلَوْ نَدَّ بِهِ بَعِيرُهُ فَأَخْرَجَهُ مِنْ عَرَفَةَ قَبْلَ الْغُرُوبِ لَزِمَهُ دَمٌ، وَكَذَا لَوْ نَدَّ بَعِيرُهُ فَتَبِعَهُ لِأَخْذِهِ اهـ. قَالَ شَارِحُهُ الْقَارِي: وَفِيهِ أَنَّ تَرْكَ الْوَاجِبِ لِعُذْرٍ مُسْقِطٌ لِلدَّمِ. اهـ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ التَّدَارُكُ بِالْعَوْدِ، وَهُوَ مُسْقِطٌ لِلدَّمِ.
قُلْت: الْأَحْسَنُ الْجَوَابُ بِمَا قَدَّمْنَاهُ أَوَّلَ الْبَابِ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعُذْرِ الْمُسْقِطِ لِلدَّمِ مَا لَا يَكُونُ مِنْ قِبَلِ الْعِبَادِ وَسَيَأْتِي تَوْضِيحُهُ فِي الْإِحْصَارِ (قَوْلُهُ وَالْغُرُوبِ) قَصَدَ بِهَذَا الْعَطْفِ بَيَانَ أَنَّ مُرَادَهُمْ بِالْإِمَامِ الْغُرُوبُ لِمَا بَيْنَهُمَا مِنْ الْمُلَابَسَةِ، فَإِنَّ الْإِمَامَ لَمَّا كَانَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ النَّفْرَ بَعْدَ الْغُرُوبِ كَانَ النَّفْرُ مَعَهُ نَفْرًا بَعْدَ الْغُرُوبِ، وَإِلَّا فَلَوْ غَرَبَتْ فَنَفَرُوا وَلَمْ يَنْفِرْ الْإِمَامُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ، وَلَوْ نَفَرَ الْإِمَامُ قَبْلَ الْغُرُوبِ فَتَابَعُوهُ كَانَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ الدَّمُ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْوُقُوفَ فِي جُزْءٍ مِنْ اللَّيْلِ وَاجِبٌ فَبِتَرْكِهِ يَلْزَمُ الدَّمُ كَمَا فِي الْبَحْرِ ح (قَوْلُهُ وَلَوْ بَعْدَهُ فِي الْأَصَحِّ) إذَا عَادَ بَعْدَهُ فَظَاهِرُ الرِّوَايَةِ عَدَمُ السُّقُوطِ. وَصَحَّحَ الْقُدُورِيُّ رِوَايَةَ ابْنِ شُجَاعٍ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ يَسْقُطُ. وَأَفَادَ أَنَّهُ لَوْ عَادَ قَبْلَ الْغُرُوبِ يَسْقُطُ الدَّمُ عَلَى الْأَصَحِّ بِالْأَوْلَى كَمَا فِي الْبَحْرِ فَافْهَمْ. وَفِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِلْقَارِيِّ أَنَّ الْجُمْهُورَ عَلَى أَنَّ ظَاهِرَ الرِّوَايَةِ هُوَ الْأَصَحُّ، وَلَوْ عَادَ قَبْلَ الْغُرُوبِ فَالْأَظْهَرُ عَدَمُ السُّقُوطِ لِأَنَّ اسْتِدَامَةَ الْوُقُوفِ إلَى الْغُرُوبِ وَاجِبٌ فَيَفُوتُ بِفَوْتِ الْبَعْضِ. اهـ.
قُلْت: وَذَكَرَ ابْنُ الْكَمَالِ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْهِدَايَةِ مَا حَاصِلُهُ أَنَّ الشُّرَّاحَ هُنَا أَخْطَئُوا فِي نَقْلِ الرِّوَايَةِ، لِمَا فِي الْبَدَائِعِ أَنَّهُ لَوْ عَادَ قَبْلَ الْغُرُوبِ وَقَبْلَ نَفْرِ الْإِمَامِ سَقَطَ عِنْدَنَا خِلَافًا لَزُفَرَ، وَإِنْ عَادَ قَبْلَ الْغُرُوبِ بَعْدَمَا خَرَجَ الْإِمَامُ مِنْ عَرَفَةَ رَوَى ابْنُ شُجَاعٍ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ يَسْقُطُ وَاعْتَمَدَهُ الْقُدُورِيُّ. وَذُكِرَ فِي الْأَصْلِ عَدَمُهُ، وَلَوْ عَادَ بَعْدَ الْغُرُوبِ لَا يَسْقُطُ بِلَا خِلَافٍ لِتَقَرُّرِ الْوَاجِبِ فَلَا يُحْتَمَلُ السُّقُوطُ بِالْعَوْدِ. اهـ. (قَوْلُهُ سَبْعِ الْفَرْضِ) بِفَتْحِ السِّينِ، وَالْفَرْضُ بِمَعْنَى الْمَفْرُوضِ صِفَةٌ لِمَحْذُوفٍ: أَيْ الطَّوَافِ الْفَرْضِ، أَوْ عَلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ: أَيْ طَوَافِ الْفَرْضِ، لِقَوْلِ الْوِقَايَةِ أَوْ أَخَّرَ طَوَافَ الْفَرْضِ أَوْ تَرَكَ أَقَلَّهُ، وَعَلَى كُلٍّ فَإِضَافَةُ سَبْعٍ عَلَى مَعْنَى اللَّامِ، وَلَا يَصِحُّ جَعْلُهَا بَيَانِيَّةً عَلَى مَعْنَى سَبْعٍ هِيَ الْفَرْضُ لِأَنَّ الْفَرْضَ فِي أَشْوَاطِ الطَّوَافِ أَكْثَرُ السَّبْعِ لَا كُلُّهَا وَإِنْ قَالَ الْمُحَقِّقُ ابْنُ الْهُمَامِ إنَّ الَّذِي يَدِينُ اللَّهَ تَعَالَى بِهِ أَنْ لَا يُجْزِئَ أَقَلُّ مِنْ السَّبْعِ وَلَا يُجْبَرُ بَعْضُهُ بِشَيْءٍ فَإِنَّهُ مِنْ أَبْحَاثِهِ الْمُخَالِفَةِ لِأَهْلِ الْمَذْهَبِ قَاطِبَةً كَمَا فِي الْبَحْرِ. وَقَدْ قَالَ تِلْمِيذُهُ الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ إنَّ أَبْحَاثَهُ الْمُخَالِفَةَ لِلْمَذْهَبِ لَا تُعْتَبَرُ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ حَتَّى لَوْ طَافَ لِلصَّدْرِ) أَيْ مَثَلًا لِأَنَّ أَيَّ طَوَافٍ حَصَلَ بَعْدَ الْوُقُوفِ كَانَ لِلْفَرْضِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ شُرُنْبُلَالِيَّةٌ، وَأَفَادَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ يَعْنِي وَلَمْ يَطُفْ غَيْرَهُ.
(قَوْلُهُ ثُمَّ إنْ بَقِيَ أَقَلُّ الصَّدْرِ) أَيْ إنْ بَقِيَ عَلَيْهِ أَقَلُّ أَشْوَاطِ الصَّدْرِ وَهُوَ قَدْرُ مَا انْتَقَلَ مِنْهُ إلَى الرُّكْنِ، بِأَنْ تَرَكَ مِنْ الْفَرْضِ ثَلَاثَةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute