(وَبِتَرْكِ أَكْثَرِهِ بَقِيَ مُحْرِمًا) أَبَدًا فِي حَقِّ النِّسَاءِ (حَتَّى يَطُوفَ) فَكُلَّمَا جَامَعَ لَزِمَهُ دَمٌ إذَا تَعَدَّدَ الْمَجْلِسُ إلَّا أَنْ يَقْصِدَ الرَّفْضَ فَتْحٌ
(أَوْ) تَرَكَ (طَوَافَ الصَّدْرِ أَوْ أَرْبَعَةً مِنْهُ) وَلَا يَتَحَقَّقُ التَّرْكُ إلَّا بِالْخُرُوجِ مِنْ مَكَّةَ (أَوْ) تَرْكِ (السَّعْيِ) أَوْ أَكْثَرِهِ أَوْ رَكْبٍ مِنْهُ بِلَا عُذْرٍ (أَوْ الْوُقُوفَ بِجَمْعٍ فِيهِ) يَعْنِي مُزْدَلِفَةَ
ــ
[رد المحتار]
أَشْوَاطٍ وَطَافَ لِلصَّدْرِ سَبْعَةً فَإِنَّهُ يَنْتَقِلُ مِنْهَا ثَلَاثَةٌ لِطَوَافِ الْفَرْضِ وَتَبْقَى هَذِهِ الثَّلَاثَةُ عَلَيْهِ مِنْ طَوَافِ الصَّدْرِ فَيَلْزَمُهُ لَهَا صَدَقَةٌ، أَمَّا لَوْ كَانَ طَافَ لِلصَّدْرِ سِتَّةً وَانْتَقَلَ مِنْهَا ثَلَاثَةٌ يَبْقَى عَلَيْهِ أَكْثَرُ الصَّدْرِ وَهُوَ أَرْبَعَةٌ فَيَلْزَمُهُ لَهَا دَمٌ، ثُمَّ هَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ أَخَّرَ طَوَافَ الصَّدْرِ إلَى آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَإِلَّا لَزِمَهُ مَعَ الصَّدَقَةِ أَوْ الدَّمِ صَدَقَةٌ أُخْرَى لِتَأْخِيرِ أَقَلِّ الْفَرْضِ عِنْدَ الْإِمَامِ لِكُلِّ شَوْطٍ نِصْفُ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ، خِلَافًا لَهُمَا كَمَا فِي الْبَحْرِ. وَمِثْلُهُ فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَالْقُهُسْتَانِيِّ وَاللُّبَابِ، لَكِنْ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ عَنْ الْفَتْحِ وَإِنْ كَانَ تَرَكَ أَقَلَّهُ: أَيْ أَقَلَّ طَوَافِ الْفَرْضِ لَزِمَهُ لِلتَّأْخِيرِ دَمٌ وَصَدَقَةٌ لِلْمَتْرُوكِ مِنْ الصَّدْرِ اهـ فَأَوْجَبَ دَمًا لِتَأْخِيرِ الْأَقَلِّ كَمَا تَرَى فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ بَقِيَ مُحْرِمًا) فَإِنْ رَجَعَ إلَى أَهْلِهِ فَعَلَيْهِ حَتْمًا أَنْ يَعُودَ بِذَلِكَ الْإِحْرَامِ، وَلَا يُجْزِئُ عَنْهُ الْبَدَلُ لُبَابٌ.
(قَوْلُهُ فِي حَقِّ النِّسَاءِ) لِأَنَّهُ بِالْحَلْقِ حَلَّ لَهُ مَا سِوَاهُنَّ حَتَّى يَطُوفَ (قَوْلُهُ لَزِمَهُ دَمٌ) أَيْ شَاةٌ أَوْ بَدَنَةٌ عَلَى مَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَقْصِدَ الرَّفْضَ) أَيْ فَلَا يَلْزَمُهُ بِالثَّانِي شَيْءٌ وَإِنْ تَعَدَّدَ الْمَجْلِسُ مَعَ أَنَّ نِيَّةَ الرَّفْضِ بَاطِلَةٌ لِأَنَّهُ لَا يَخْرُجُ عَنْهُ إلَّا بِالْأَعْمَالِ، لَكِنْ لَمَّا كَانَتْ الْمَحْظُورَاتُ مُسْتَنِدَةً إلَى قَصْدٍ وَاحِدٍ وَهُوَ تَعْجِيلُ الْإِحْلَالِ كَانَتْ مُتَّحِدَةً فَكَفَاهُ دَمٌ وَاحِدٌ بَحْرٌ
قَالَ فِي اللُّبَابِ: وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُحْرِمَ إذَا نَوَى رَفْضَ الْإِحْرَامِ فَجَعَلَ يَصْنَعُ مَا يَصْنَعُهُ الْحَلَالُ مِنْ لُبْسِ الثِّيَابِ وَالتَّطَيُّبِ وَالْحَلْقِ وَالْجِمَاعِ وَقَتْلِ الصَّيْدِ فَإِنَّهُ لَا يَخْرُجُ بِذَلِكَ مِنْ الْإِحْرَامِ، وَعَلَيْهِ أَنْ يَعُودَ كَمَا كَانَ مُحْرِمًا، وَيَجِبُ دَمٌ وَاحِدٌ لِجَمِيعِ مَا ارْتَكَبَ وَلَوْ كُلَّ الْمَحْظُورَاتِ، وَإِنَّمَا يَتَعَدَّدُ الْجَزَاءُ بِتَعَدُّدِ الْجِنَايَاتِ إذَا لَمْ يَنْوِ الرَّفْضَ، ثُمَّ نِيَّةُ الرَّفْضِ إنَّمَا تُعْتَبَرُ مِمَّنْ زَعَمَ أَنَّهُ خَرَجَ مِنْهُ بِهَذَا الْقَصْدِ لِجَهْلِهِ مَسْأَلَةَ عَدَمِ الْخُرُوجِ، وَأَمَّا مَنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَخْرُجُ مِنْهُ بِهَذَا الْقَصْدِ فَإِنَّهَا لَا تُعْتَبَرُ مِنْهُ. اهـ.
قُلْت: وَمَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّ نِيَّةَ الرَّفْضِ بَاطِلَةٌ وَأَنَّهُ لَا يَخْرُجُ مِنْ الْإِحْرَامِ إلَّا بِالْأَفْعَالِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ مَأْمُورًا بِالرَّفْضِ كَمَا سَنَذْكُرُهُ آخِرَ الْجِنَايَاتِ، وَمِنْ الْمَأْمُورِ بِالرَّفْضِ الْمُحْصَرُ بِمَرَضٍ أَوْ عَدُوٍّ لِأَنَّهُ بِذَبْحِ الْهَدْيِ يَحِلُّ وَيُرْتَفَضُ إحْرَامُهُ عَلَى مَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ وَسَنَذْكُرُ هُنَاكَ أَيْضًا أَنَّ كُلَّ مَنْ مُنِعَ عَنْ الْمُضِيِّ فِي مُوجَبِ الْإِحْرَامِ لِحَقِّ الْعَبْدِ فَإِنَّهُ يَتَحَلَّلُ بِغَيْرِ الْهَدْيِ كَالْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ لَوْ أَحْرَمَا بِلَا إذْنِ الزَّوْجِ وَالْمَوْلَى، فَإِنَّ لَهُمَا أَنْ يُحَلِّلَاهُمَا فِي الْحَالِ بِلَا ذَبْحٍ.
وَبِمَا قَرَّرْنَاهُ انْدَفَعَ مَا فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ حَيْثُ زَعَمَ الْمُنَافَاةَ بَيْنَ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَا يَخْرُجُ عَنْ الْإِحْرَامِ إلَّا بِالْأَفْعَالِ وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ تَحْلِيلِ الْمَوْلَى أَمَتَهُ بِنَحْوِ قَصِّ ظُفْرٍ أَوْ جِمَاعٍ.
(قَوْلُهُ أَوْ أَرْبَعَةً مِنْهُ) أَمَّا لَوْ تَرَكَ أَقَلَّهُ فَفِيهِ صَدَقَةٌ كَمَا سَيَأْتِي. [تَنْبِيهٌ]
لَمْ يُصَرِّحُوا بِحُكْمِ طَوَافِ الْقُدُومِ لَوْ شَرَعَ فِيهِ وَتَرَكَ أَكْثَرَهُ أَوْ أَقَلَّهُ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَالصَّدْرِ لِوُجُوبِهِ بِالشُّرُوعِ، وَقَدَّمْنَا تَمَامَهُ فِي بَابِ الْإِحْرَامِ (قَوْلُهُ وَلَا يَتَحَقَّقُ التَّرْكُ إلَّا بِالْخُرُوجِ مِنْ مَكَّةَ) لِأَنَّهُ مَا دَامَ فِيهَا لَمْ يُطَالَبْ بِهِ مَا لَمْ يُرِدْ السَّفَرَ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَأَشَارَ بِالتَّرْكِ إلَى أَنَّهُ لَوْ أَتَى بِمَا تَرَكَهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُؤَقَّتٍ اهـ أَيْ لَيْسَ لَهُ وَقْتٌ يَفُوتُ بِفَوْتِهِ، وَقَدَّمْنَا عَنْ النَّهْرِ وَاللُّبَابِ أَنَّهُ لَوْ نَفَرَ وَلَمْ يَطُفْ وَجَبَ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ لِيَطُوفَ مَا لَمْ يُجَاوِزْ الْمِيقَاتَ فَخُيِّرَ بَيْنَ إرَاقَةِ الدَّمِ وَالرُّجُوعِ بِإِحْرَامٍ جَدِيدٍ بِعُمْرَةٍ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِتَأْخِيرِهِ (قَوْلُهُ بِلَا عُذْرٍ) قَيْدٌ لِلتَّرْكِ وَالرُّكُوبِ. قَالَ فِي الْفَتْحِ عَنْ الْبَدَائِعِ، وَهَذَا حُكْمُ تَرْكِ الْوَاجِبِ فِي هَذَا الْبَابِ اهـ أَيْ أَنَّهُ إنْ تَرَكَهُ بِلَا عُذْرٍ لَزِمَهُ دَمٌ، وَإِنْ بِعُذْرٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مُطْلَقًا. وَقِيلَ فِيمَا وَرَدَ بِهِ النَّصُّ فَقَطْ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ ارْتَكَبَ مَحْظُورًا