غَيْرَ عَالِمٍ وَاتَّصَلَ الْقَتْلُ بِالدَّلَالَةِ أَوْ الْإِشَارَةِ وَالدَّالُّ وَالْمُشِيرُ بَاقٍ عَلَى إحْرَامِهِ وَأَخَذَهُ قَبْلَ أَنْ يَنْفَلِتَ عَنْ مَكَانِهِ (بَدْءًا أَوْ عَوْدًا سَهْوًا أَوْ عَمْدًا) مُبَاحًا أَوْ مَمْلُوكًا (فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ وَلَوْ سَبُعًا غَيْرَ صَائِلٍ) أَوْ مُسْتَأْنَسًا (أَوْ حَمَامًا) وَلَوْ (مُسَرْوَلًا) بِفَتْحِ الْوَاوِ: مَا فِي رِجْلَيْهِ رِيشٌ كَالسَّرَاوِيلِ (أَوْ هُوَ مُضْطَرٌّ إلَى أَكْلِهِ) كَمَا يَلْزَمُهُ الْقِصَاصُ لَوْ قَتَلَ إنْسَانًا وَأَكَلَ لَحْمَهُ، وَيُقَدِّمُ الْمَيْتَةَ عَلَى الصَّيْدِ
ــ
[رد المحتار]
الدَّالِّ الْمُحْرِمِ؛ أَمَّا الْإِثْمُ فَمُتَحَقِّقٌ مُطْلَقًا كَمَا فِي الْبَحْرِ. زَادَ فِي النَّهْرِ: وَلَيْسَ مَعْنَى التَّصْدِيقِ أَنْ يَقُولَ لَهُ صَدَقْت؛ بَلْ أَنْ لَا يُكَذِّبَهُ؛ حَتَّى لَوْ أَخْبَرَ مُحْرِمٌ بِصَيْدٍ فَلَمْ يَرَهُ حَتَّى أَخْبَرَهُ مُحْرِمٌ آخَرُ فَلَمْ يُصَدِّقْ الْأَوَّلَ وَلَمْ يُكَذِّبْهُ ثُمَّ طَلَبَ الصَّيْدَ فَقَتَلَهُ كَانَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْجَزَاءُ؛ وَلَوْ كَذَّبَ الْأَوَّلَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ غَيْرَ عَالِمٍ) حَتَّى لَوْ دَلَّهُ وَالْمَدْلُولُ يَعْلَمُ بِهِ: أَيْ بِرُؤْيَةٍ أَوْ غَيْرِهَا لَا شَيْءَ عَلَى الدَّالِّ لِكَوْنِ دَلَالَتِهِ تَحْصِيلَ الْحَاصِلِ فَكَانَتْ كَلَا دَلَالَةٍ لُبَابٌ وَشَرْحُهُ.
وَعَلَيْهِ فَيُشْكِلُ مَا فِي الْمُحِيطِ عَنْ الْمُنْتَقَى: لَوْ قَالَ خُذْ أَحَدَ هَذَيْنِ وَهُوَ يَرَاهُمَا فَقَتَلَهُمَا فَعَلَى الدَّالِّ جَزَاءٌ وَاحِدٌ وَإِلَّا فَجَزَاءَانِ: وَأَجَابَ فِي الْبَحْرِ بِأَنَّ الْأَمْرَ بِالْأَخْذِ لَيْسَ مِنْ قَبِيلِ الدَّلَالَةِ فَيُوجِبُ الْجَزَاءَ مُطْلَقًا. قَالَ: وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا فِي الْفَتْحِ وَغَيْرِهِ: لَوْ أَمَرَ الْمُحْرِمُ غَيْرَهُ بِأَخْذِ صَيْدٍ فَأَمَرَ الْمَأْمُورُ آخَرَ فَالْجَزَاءُ عَلَى الْآمِرِ الثَّانِي لِأَنَّهُ لَمْ يَمْتَثِلْ أَمْرَ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتَمِرْ بِالْأَمْرِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ دَلَّ الْأَوَّلُ عَلَى الصَّيْدِ وَأَمَرَهُ فَأَمَرَ الثَّانِي ثَالِثًا بِالْقَتْلِ حَيْثُ يَجِبُ الْجَزَاءُ عَلَى الثَّلَاثَةِ فَقَدْ فَرَّقُوا بَيْنَ الْأَمْرِ الْمُجَرَّدِ وَالْأَمْرِ مَعَ الدَّلَالَةِ. اهـ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ عَدَمَ الْعِلْمِ شَرْطٌ لِلدَّلَالَةِ لَا لِلْأَمْرِ، بَلْ هُوَ مُوجِبٌ لِلْجَزَاءِ مُطْلَقًا بِشَرْطِ الِائْتِمَارِ (قَوْلُهُ وَاتَّصَلَ الْقَتْلُ بِالدَّلَالَةِ) أَيْ تَحْصُلُ بِسَبَبِهَا شَرْحُ اللُّبَابِ (قَوْلُهُ وَالدَّالُّ وَالْمُشِيرُ) الْأَوْلَى أَوْ الْمُشِيرُ بِأَوْ لِأَنَّ الْحُكْمَ ثَابِتٌ لِأَحَدِهِمَا وَلِيَصِحَّ قَوْلُهُ بَعْدَ بَاقٍ، وَاحْتُرِزَ بِذَلِكَ عَمَّا إذَا تَحَلَّلَ الدَّالُّ أَوْ الْمُشِيرُ فَقَتَلَهُ الْمَدْلُولُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَيَأْثَمُ هِنْدِيَّةٌ ط (قَوْلُهُ قَبْلَ أَنْ يَنْفَلِتَ عَنْ مَكَانِهِ) فَلَوْ انْفَلَتَ عَنْ مَكَانِهِ ثُمَّ أَخَذَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَتَلَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَى الدَّالِّ هِنْدِيَّةٌ ط (قَوْلُهُ بَدْءًا أَوْ عَوْدًا) أَيْ لَا فَرْقَ فِي لُزُومِ الْجَزَاءِ بَيْنَ قَتْلِ أَوَّلِ صَيْدٍ وَبَيْنَ مَا بَعْدَهُ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لَا جَزَاءَ عَلَى الْعَائِدِ وَبِهِ قَالَ دَاوُد وَشُرَيْحٌ، وَلَكِنْ يُقَالُ لَهُ اذْهَبْ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْك مِعْرَاجٌ (قَوْلُهُ سَهْوًا أَوْ عَمْدًا) وَكَذَا مُبَاشِرًا وَلَوْ غَيْرَ مُتَعَدٍّ كَنَائِمٍ انْقَلَبَ عَلَى صَيْدٍ أَوْ مُتَسَبِّبًا إذَا كَانَ مُتَعَدِّيًا، كَمَا إذَا نَصَبَ شَبَكَةً أَوْ حَفَرَ لَهُ حَفِيرَةً بِخِلَافِ مَا لَوْ نَصَبَ فُسْطَاطًا لِنَفْسِهِ فَتَعَلَّقَ بِهِ صَيْدٌ أَوْ حَفَرَ حَفِيرَةً لِلْمَاءِ أَوْ لِحَيَوَانٍ مُبَاحِ الْقَتْلِ كَذِئْبٍ فَعَطِبَ فِيهَا صَيْدٌ أَوْ أَرْسَلَ كَلْبَهُ إلَى حَيَوَانٍ مُبَاحٍ فَأَخَذَ مَا يَحْرُمُ أَوْ إلَى صَيْدٍ فِي الْحِلِّ وَهُوَ حَلَالٌ فَجَاوَزَ إلَى الْحَرَمِ حَيْثُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لِعَدَمِ التَّعَدِّي، وَتَمَامُهُ فِي النَّهْرِ وَالْبَحْرِ (قَوْلُهُ أَوْ مَمْلُوكًا) وَيَلْزَمُهُ قِيمَتَانِ قِيمَةٌ لِمَالِكِهِ وَجَزَاؤُهُ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى بَحْرٌ عَنْ الْمُحِيطِ، وَلَوْ كَانَ مُعَلَّمًا فَيَأْتِي حُكْمُهُ.
(قَوْلُهُ فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ) وَيَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الْمَقْتُولِ إلَّا إذَا قَصَدَ بِهِ التَّحَلُّلَ وَرَفَضَ إحْرَامَهُ كَمَا صُرِّحَ بِهِ فِي الْأَصْلِ بَحْرٌ، وَقَدَّمْنَاهُ عَنْ اللُّبَابِ (قَوْلُهُ وَلَوْ سَبُعًا) اسْمٌ لِكُلِّ مُخْتَطِفٍ مُنْتَهِبٍ جَارِحٍ قَاتِلٍ عَادٍ عَادَةً، وَأَرَادَ بِهِ كُلَّ حَيَوَانٍ لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ مِمَّا لَيْسَ مِنْ الْفَوَاسِقِ السَّبْعَةِ وَالْحَشَرَاتِ سَوَاءٌ كَانَ سَبُعًا أَمْ لَا وَلَوْ خِنْزِيرًا أَوْ قِرْدًا أَوْ فِيلًا كَمَا فِي الْمَجْمَعِ بَحْرٌ. وَدَخَلَ فِيهِ سِبَاعُ الطَّيْرِ كَالْبَازِي وَالصَّقْرِ، وَقُيِّدَ بِغَيْرِ الصَّائِلِ لِمَا سَيَأْتِي أَنَّهُ لَوْ صَالَ لَا شَيْءَ بِقَتْلِهِ (قَوْلُهُ أَوْ مُسْتَأْنَسًا) عَطْفٌ عَلَى سَبُعًا: أَيْ وَلَوْ ظَبْيًا مُسْتَأْنَسًا لِأَنَّ اسْتِئْنَاسَهُ عَارِضٌ، وَالْعِبْرَةُ لِلْأَصْلِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ وَلَوْ مُسَرْوَلًا) صُرِّحَ بِهِ لِخِلَافِ مَالِكٍ فِيهِ، فَإِنَّهُ يَقُولُ لَا جَزَاءَ فِيهِ لِأَنَّهُ أَلُوفٌ لَا يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ كَالْبَطِّ (قَوْلُهُ كَمَا يَلْزَمُهُ) أَيْ الْمُضْطَرَّ إلَى الْأَكْلِ (قَوْلُهُ وَيُقَدِّمُ الْمَيْتَةَ عَلَى الصَّيْدِ) أَيْ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَالْحَسَنُ: يَذْبَحُ الصَّيْدَ وَالْفَتْوَى عَلَى الْأَوَّلِ كَمَا فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ ح.
قُلْت: وَرَجَّحَهُ فِي الْبَحْرِ أَيْضًا بِأَنَّ فِي أَكْلِ الصَّيْدِ ارْتِكَابَ حُرْمَتَيْنِ الْأَكْلِ وَالْقَتْلِ، وَفِي أَكْلِ الْمَيْتَةِ ارْتِكَابُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute