للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَفُوتُهُ (وَالْجُلُوسُ فِي مَكَان مُرْتَفِعٍ) تَحَرُّزًا عَنْ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ. وَعِبَارَةُ الْكَمَالِ: وَحِفْظُ ثِيَابِهِ مِنْ التَّقَاطُرِ، وَهِيَ أَشْمَلُ (وَالْجَمْعُ بَيْنَ نِيَّةِ الْقَلْبِ وَفِعْلِ اللِّسَانِ) هَذِهِ رُتْبَةٌ وُسْطَى بَيْنَ مَنْ سَنَّ التَّلَفُّظَ بِالنِّيَّةِ وَمَنْ كَرِهَهُ لِعَدَمِ نَقْلِهِ عَنْ السَّلَفِ (وَالتَّسْمِيَةُ) كَمَا مَرَّ (عِنْدَ غَسْلِ كُلِّ عُضْوٍ) ، وَكَذَا الْمَمْسُوحُ (وَالدُّعَاءُ بِالْوَارِدِ عِنْدَهُ) أَيْ عِنْدَ كُلِّ عُضْوٍ، وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مِنْ طُرُقٍ.

ــ

[رد المحتار]

أَعْضَائِهِ وَمَسْحَهَا بِنَفْسِهِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ مِنْ السُّنَنِ الْمُؤَكَّدَةِ، فَيُكْرَهُ لِلشَّخْصِ أَنْ يَفْعَلَ لَهُ ذَلِكَ غَيْرُهُ بِلَا عُذْرٍ، وَلَعَلَّ ذَلِكَ هُوَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِ الِاخْتِيَارِ يُكْرَهُ أَنْ يَسْتَعِينَ فِي وُضُوئِهِ بِغَيْرِهِ إلَّا عِنْدَ الْعَجْزِ؛ لِيَكُونَ أَعْظَمَ لِثَوَابِهِ وَأَخْلَصَ لِعِبَادَتِهِ، اهـ مُلَخَّصًا.

وَحَاصِلُهُ أَنَّ الِاسْتِعَانَةَ فِي الْوُضُوءِ إنْ كَانَتْ بِصَبِّ الْمَاءِ أَوْ اسْتِقَائِهِ أَوْ إحْضَارِهِ فَلَا كَرَاهَةَ بِهَا أَصْلًا وَلَوْ بِطَلَبِهِ وَإِنْ كَانَتْ بِالْغَسْلِ وَالْمَسْحِ فَتُكْرَهُ بِلَا عُذْرٍ؛ وَلِذَا قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة: وَمِنْ الْآدَابِ أَنْ يَقُومَ بِأَمْرِ الْوُضُوءِ بِنَفْسِهِ وَلَوْ اسْتَعَانَ بِغَيْرِهِ جَازَ بَعْدَ أَنْ لَا يَكُونَ الْغَاسِلُ غَيْرُهُ بَلْ يَغْسِلُ بِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ: تَحَرُّزًا إلَخْ) لِوُقُوعِ الْخِلَافِ فِي نَجَاسَتِهِ وَلِأَنَّهُ مُسْتَقْذَرٌ؛ وَلِذَا كُرِهَ شُرْبُهُ وَالْعَجْنُ بِهِ عَلَى الْقَوْلِ الصَّحِيحِ بِطَهَارَتِهِ (قَوْلُهُ: أَشْمَلُ) أَيْ أَعَمُّ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ مُسْتَعْلِيًا وَلَا يُتَحَفَّظُ ط (قَوْلُهُ: هَذِهِ) أَيْ الطَّرِيقَةُ الَّتِي مَشَى عَلَيْهَا الْمُصَنِّفُ حَيْثُ جَعَلَ التَّلَفُّظَ بِالنِّيَّةِ مَنْدُوبًا لَا سُنَّةً وَلَا مَكْرُوهًا (قَوْلُهُ: وَالتَّسْمِيَةُ كَمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ الصِّيغَةِ الْوَارِدَةِ، وَهِيَ «بِسْمِ اللَّهِ الْعَظِيمِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى دِينِ الْإِسْلَامِ» وَزَادَ فِي الْمُنْيَةِ هُنَا أَيْضًا تَبَعًا لِلْمُحِيطِ وَشَرْحِ الْجَامِعِ لِقَاضِي خَانْ. قَالَ فِي الْحِلْيَةِ: وَعَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَا مِنْ عَبْدٍ يَقُولُ حِينَ يَتَوَضَّأُ: بِسْمِ اللَّهِ ثُمَّ يَقُولُ بِكُلِّ عُضْوٍ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، ثُمَّ يَقُولُ حِينَ يَفْرُغُ: اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ التَّوَّابِينَ وَاجْعَلْنِي مِنْ الْمُتَطَهِّرِينَ إلَّا فُتِحَتْ لَهُ ثَمَانِيَةُ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ يَدْخُلُ مِنْ أَيُّهَا يَشَاءُ، فَإِنْ قَامَ مِنْ وَقْتِهِ ذَلِكَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ يَقْرَأُ فِيهِمَا وَيَعْلَمُ مَا يَقُولُ انْفَتَلَ مِنْ صَلَاتِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ ثُمَّ يُقَالُ لَهُ: اسْتَأْنِفْ الْعَمَلَ» رَوَاهُ الْحَافِظُ الْمُسْتَغْفِرِيُّ، وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ. اهـ.

(قَوْلُهُ: وَالدُّعَاءُ بِالْوَارِدِ) فَيَقُولُ بَعْدَ التَّسْمِيَةِ عِنْدَ الْمَضْمَضَةِ: اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى تِلَاوَةِ الْقُرْآنِ وَذِكْرِك وَشُكْرِك وَحُسْنِ عِبَادَتِك، وَعِنْدَ الِاسْتِنْشَاقِ: اللَّهُمَّ أَرِحْنِي رَائِحَةَ الْجَنَّةِ وَلَا تُرِحْنِي رَائِحَةَ النَّارِ، وَعِنْدَ غَسْلِ الْوَجْهِ: اللَّهُمَّ بَيِّضْ وَجْهِي يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ، وَعِنْدَ غَسْلِ يَدِهِ الْيُمْنَى: اللَّهُمَّ أَعْطِنِي كِتَابِي بِيَمِينِي وَحَاسِبْنِي حِسَابًا يَسِيرًا، وَعِنْدَ غَسْلِ الْيُسْرَى: اللَّهُمَّ لَا تُعْطِنِي كِتَابِي بِشِمَالِي وَلَا مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِي، وَعِنْدَ مَسْحِ رَأْسِهِ: اللَّهُمَّ أَظَلَّنِي تَحْتَ عَرْشِك يَوْمَ لَا ظِلَّ إلَّا ظِلُّ عَرْشِك، وَعِنْدَ مَسْحِ أُذُنَيْهِ: اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ، وَعِنْدَ مَسْحِ عُنُقِهِ: اللَّهُمَّ أَعْتِقْ رَقَبَتِي مِنْ النَّارِ، وَعِنْدَ غَسْلِ رِجْلِهِ الْيُمْنَى: اللَّهُمَّ ثَبِّتْ قَدَمِي عَلَى الصِّرَاطِ يَوْمَ تَزِلُّ الْأَقْدَامُ، وَعِنْدَ غَسْلِ رِجْلِهِ الْيُسْرَى: اللَّهُمَّ اجْعَلْ ذَنْبِي مَغْفُورًا وَسَعْيِ مَشْكُورًا، وَتِجَارَتِي لَنْ تَبُورَ، كَمَا فِي الْإِمْدَادِ وَالدُّرَرِ وَغَيْرِهِمَا، وَثَمَّ رِوَايَاتٌ أُخَرُ ذَكَرَهَا فِي الْحِلْيَةِ وَغَيْرِهَا وَسَيَأْتِي أَنَّهُ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ غَسْلِ كُلِّ عُضْوٍ، فَصَارَ مَجْمُوعُ مَا يَذْكُرُ عِنْدَ كُلِّ عُضْوٍ التَّسْمِيَةُ وَالشَّهَادَةُ وَالدُّعَاءُ وَالصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَكِنْ قَالَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ فِي مُخْتَارَاتِ النَّوَازِلِ: وَيُسَمِّي عِنْدَ غَسْلِ كُلِّ عُضْوٍ أَوْ يَدْعُو بِالدُّعَاءِ الْمَأْثُورِ فِيهِ أَوْ يَذْكُرُ كَلِمَةَ الشَّهَادَةِ أَوْ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَتَى فِي الْجَمِيعِ بِأَوْ، وَلَكِنْ رَأَيْت فِي الْحِلْيَةِ عَنْ الْمُخْتَارَاتِ وَيَدْعُو بِالْوَاوِ وَبِأَوْ فِي الْبَوَاقِي فَلْيُرَاجَعْ.

(قَوْلُهُ: مِنْ طُرُقٍ) أَيْ يُقَوِّي بَعْضُهَا بَعْضًا فَارْتَقَى إلَى مَرْتَبَةِ الْحَسَنِ ط.

أَقُولُ: لَكِنَّ هَذَا إذَا كَانَ ضَعْفُهُ لِسُوءِ حِفْظِ الرَّاوِي الصَّدُوقِ الْأَمِينِ أَوْ لِإِرْسَالٍ أَوْ تَدْلِيسٍ أَوْ جَهَالَةِ حَالٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>