(هُوَ الْحُكْمُ فِي كُلِّ صَدَقَةٍ وَاجِبَةٍ) كَمَا مَرَّ فِي الْمَصْرِفِ
(وَوَجَبَ بِجُرْحِهِ وَنَتْفِ شَعْرِهِ وَقَطْعِ عُضْوِهِ مَا نَقَصَ) إنْ لَمْ يَقْصِدْ الْإِصْلَاحَ، فَإِنْ قَصَدَهُ كَتَخْلِيصِ حَمَامَةٍ مِنْ سِنَّوْرٍ أَوْ شَبَكَةٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ مَاتَتْ (وَ) وَجَبَ (بِنَتْفِ رِيشِهِ وَقَطْعِ قَوَائِمِهِ) حَتَّى خَرَجَ عَنْ حَيِّزِ الِامْتِنَاعِ (وَكَسْرِ بَيْضِهِ) غَيْرِ الْمَذِرِ (وَخُرُوجِ فَرْخٍ مَيِّتٍ بِهِ) أَيْ بِالْكَسْرِ
(وَذَبْحِ حَلَالٍ صَيْدَ الْحَرَمِ وَحَلْبِهِ) لَبَنَهُ (وَقَطْعِ حَشِيشِهِ وَشَجَرِهِ)
ــ
[رد المحتار]
قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ فِي الْمَصْرِفِ) أَيْ فِي بَابِ مَصْرِفِ الزَّكَاةِ وَغَيْرِهَا حَيْثُ قَالَ وَلَا إلَى مَنْ بَيْنَهُمَا أَوْلَادٌ أَوْ زَوْجِيَّةٌ إلَخْ فَذِكْرُ ذَلِكَ فِي ذَلِكَ الْبَابِ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ الْحُكْمُ فِي كُلِّ صَدَقَةٍ وَاجِبَةٍ فَافْهَمْ.
(قَوْلُهُ وَوَجَبَ بِجُرْحِهِ) أَفَادَ بِذِكْرِهِ بَعْدَ ذِكْرِ الْقَتْلِ أَنَّهُ لَمْ يَمُتْ مِنْهُ، فَلَوْ غَابَ وَلَمْ يَعْلَمْ مَوْتَهُ وَلَا حَيَاتَهُ فَالِاسْتِحْسَانُ أَنْ يَلْزَمَهُ جَمِيعُ الْقِيمَةِ احْتِيَاطًا، كَمَنْ أَخَذَ صَيْدًا مِنْ الْحَرَمِ ثُمَّ أَرْسَلَهُ وَلَا يَدْرِي أَدَخَلَ الْحَرَمَ أَمْ لَا مُحِيطٌ؛ وَلَوْ بَرِئَ مِنْ الْجُرْحِ وَلَمْ يَبْقَ لَهُ أَثَرٌ لَا يَسْقُطُ الْجَزَاءُ بَدَائِعُ. وَفِي الْمُحِيطِ خِلَافُهُ وَاسْتُظْهِرَ فِي الْبَحْرِ الْأَوَّلُ، وَمَشَى فِي اللُّبَابِ عَلَى الثَّانِي، وَقَوَّاهُ فِي النَّهْرِ (قَوْلُهُ مَا نَقَصَ) فَيُقَوَّمُ صَحِيحًا ثُمَّ نَاقِصًا، فَيَشْتَرِي بِمَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ هَدَايَا أَوْ يَصُومُ ط عَنْ الْقُهُسْتَانِيِّ. قَالَ: وَهَذَا لَوْ لَمْ يُخْرِجْهُ الْجُرْحُ وَنَحْوُهُ عَنْ حَيِّزِ الِامْتِنَاعِ وَإِلَّا ضَمِنَ كُلَّ الْقِيمَةِ اهـ وَلَوْ لَمْ يُكَفِّرْ حَتَّى قَتَلَهُ ضَمِنَ قِيمَتَهُ فَقَطْ وَسَقَطَ نُقْصَانُ الْجِرَاحَةِ كَمَا حَقَّقَهُ فِي الْفَتْحِ تَبَعًا لِلْبَدَائِعِ عَلَى خِلَافِ مَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُحِيطِ، وَتَمَامُهُ فِيمَا عَلَّقْته عَلَيْهِ (قَوْلُهُ حَتَّى خَرَجَ عَنْ حَيِّزِ الِامْتِنَاعِ) عَبَّرَ تَبَعًا لِلدُّرَرِ بِحَرْفِ الْغَايَةِ دُونَ التَّعْلِيلِ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالرِّيشِ وَالْقَوَائِمِ جِنْسُهُمَا الصَّادِقُ بِالْقَلِيلِ مِنْهُمَا، إذْ لَا شَكَّ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي لُزُومِ كُلِّ الْقِيمَةِ نَتْفُ كُلِّ الرِّيشِ وَقَطْعُ كُلِّ الْقَوَائِمِ، بَلْ الْمُرَادُ مَا يُخْرِجُهُ عَنْ حَيِّزِ الِامْتِنَاعِ: أَيْ عَنْ أَنْ يَبْقَى مُمْتَنِعًا بِنَفْسِهِ فَافْهَمْ.
وَالْحَيِّزُ كَمَا فِي الصِّحَاحِ: بِمَعْنَى النَّاحِيَةِ، فَهُوَ هُنَا مُقْحَمٌ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ، فَهُوَ كَظَهْرٍ فِي قَوْلِهِمْ ظَهْرِ الْغَيْبِ، وَلَا وَجْهَ لِلْقَوْلِ بِأَنَّهُ مِنْ إضَافَةِ الْمُشَبَّهِ بِهِ لِلْمُشَبَّهِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ غَيْرِ الْمَذِرِ) بِكَسْرِ الذَّالِ بِمَعْنَى الْفَاسِدِ، قُيِّدَ بِهِ لِأَنَّهُ لَوْ كَسَرَ بَيْضَةً مَذِرَةً لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّ ضَمَانَهَا لَيْسَ لِذَاتِهَا بَلْ لِعَرْضِيَّةِ أَنْ تَصِيرَ صَيْدًا وَهُوَ مَفْقُودٌ فِي الْفَاسِدَةِ وَلَوْ كَانَ لِقِشْرِهَا قِيمَةٌ كَبِيضِ النَّعَامِ خِلَافًا لِمَا قَالَهُ الْكَرْمَانِيُّ لِأَنَّ الْمُحْرِمَ غَيْرُ مَنْهِيٍّ عَنْ التَّعَرُّضِ لِلْقِشْرِ كَمَا فِي الْفَتْحِ بَحْرٌ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ وَخُرُوجِ فَرْخٍ مَيِّتٍ بِهِ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِنَتْفِ. قَالَ فِي اللُّبَابِ: وَإِنْ خَرَجَ مِنْهَا: أَيْ مِنْ الْبَيْضَةِ فَرْخٌ مَيِّتٌ فَعَلَيْهِ قِيمَةُ الْفَرْخِ حَيًّا وَلَا شَيْءَ فِي الْبَيْضَةِ اهـ وَقَوْلُهُ بِهِ مُتَعَلِّقٌ بِمَيِّتٍ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَقُيِّدَ بِقَوْلِهِ بِهِ لِأَنَّهُ لَوْ عَلِمَ مَوْتَهُ بِغَيْرِ الْكَسْرِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِلْفَرْخِ لِانْعِدَامِ الْإِمَاتَةِ وَلَا لِلْبِيضِ لِعَدَمِ الْعَرْضِيَّةِ اهـ وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ مَوْتَهُ بِسَبَبِ الْكَسْرِ أَوْ لَا فَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَغْرَمَ غَيْرَ الْبَيْضَةِ لِأَنَّ حَيَاةَ الْفَرْخِ غَيْرُ مَعْلُومَةٍ. وَفِي الِاسْتِحْسَانِ: عَلَيْهِ قِيمَةُ الْفَرْخِ حَيًّا عِنَايَةٌ.
(قَوْلُهُ وَذَبْحِ حَلَالِ صَيْدِ الْحَرَمِ) سَيُعِيدُ الْمُصَنِّفُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ، وَنَتَكَلَّمُ عَلَيْهَا هُنَاكَ (قَوْلُهُ وَحَلْبِهِ لَبَنَهُ) لِأَنَّ اللَّبَنَ مِنْ أَجْزَاءِ الصَّيْدِ فَتَجِبُ قِيمَتُهُ كَمَا صُرِّحَ بِهِ فِي النُّقَايَةِ وَالْمُلْتَقَى، وَكَذَا لَوْ كَسَرَ بَيْضَهُ أَوْ جَرَحَهُ يَضْمَنُ كَمَا فِي الْبَحْرِ. ثُمَّ إنَّ ذِكْرَ الشَّارِحِ الْمَفْعُولَ وَهُوَ لَبَنَهُ يُفِيدُ أَنَّ الْحَلْبَ مَصْدَرٌ مُضَافٌ إلَى ضَمِيرِ الْفَاعِلِ وَهُوَ الْحَلَالُ مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ قَيْدٍ فَلَوْ تَرَكَ ذِكْرَ لَبَنِهِ وَجَعَلَ الْمَصْدَرَ مُضَافًا إلَى ضَمِيرِ الْمَفْعُولِ وَهُوَ الصَّيْدُ لَكَانَ أَوْلَى لِأَنَّهُ يَشْمَلُ حِينَئِذٍ مَا إذَا كَانَ الْحَالِبُ مُحْرِمًا لَكِنَّهُ لَا يَخْتَصُّ بِصَيْدِ الْحَرَمِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَقَطْعِ حَشِيشِهِ وَشَجَرِهِ) ذَكَرَ النَّوَوِيُّ عَنْ أَهْلِ اللُّغَةِ أَنَّ الْعُشْبَ وَالْخَلَا بِالْقَصْرِ اسْمٌ لِلرَّطْبِ وَالْحَشِيشَ لِلْيَابِسِ، وَأَنَّ الْفُقَهَاءَ يُطْلِقُونَ الْحَشِيشَ عَلَى الرَّطْبِ أَيْضًا مَجَازًا بِاعْتِبَارِ مَا يَئُولُ إلَيْهِ. اهـ. وَفِي الْفَتْحِ: وَالشَّجَرُ اسْمٌ لِلْقَائِمِ الَّذِي بِحَيْثُ يَنْمُو فَإِذَا جَفَّ فَهُوَ حَطَبٌ. اهـ. وَأُطْلِقَ فِي الْقَاطِعِ فَشَمِلَ الْحَلَالَ وَالْمُحْرِمَ، وَقُيِّدَ بِالْقَطْعِ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْمَقْلُوعِ ضَمَانٌ، وَأَشَارَ بِضَمَانِ قِيمَتِهِ إلَى أَنَّهُ لَا مَدْخَلَ لِلصَّوْمِ هُنَا، وَإِلَى أَنَّهُ يَمْلِكُهُ بِأَدَاءِ الضَّمَانِ كَمَا فِي حُقُوقِ الْعِبَادِ. وَيُكْرَهُ الِانْتِفَاعُ بِهِ بَيْعًا وَغَيْرَهُ، وَلَا يُكْرَهُ لِلْمُشْتَرِي،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute