حَالَ كَوْنِهِ (غَيْرَ مَمْلُوكٍ) يَعْنِي النَّابِتَ بِنَفْسِهِ سَوَاءٌ كَانَ مَمْلُوكًا أَوْ لَا؛ حَتَّى قَالُوا لَوْ نَبَتَ فِي مِلْكِهِ أُمُّ غَيْلَانٍ فَقَطَعَهَا إنْسَانٌ فَعَلَيْهِ قِيمَةٌ لِمَالِكِهَا وَأُخْرَى لِحَقِّ الشَّرْعِ بِنَاءً عَلَى قَوْلِهِمَا الْمُفْتَى بِهِ مَنْ تَمَلَّكَ أَرْضَ الْحَرَمِ (وَلَا مُنْبَتٍ) أَيْ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ مَا يُنْبِتُهُ النَّاسُ فَلَوْ مِنْ جِنْسِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَمَقْلُوعٍ وَوَرَقٍ لَمْ يَضُرَّ بِالشَّجَرِ، وَلِذَا حَلَّ قَطْعُ الشَّجَرِ الْمُثْمِرِ لِأَنَّ إثْمَارَهُ أُقِيمَ مَقَامَ الْإِنْبَاتِ (قِيمَتُهُ) فِي كُلِّ مَا ذُكِرَ (إلَّا مَا جَفَّ) أَوْ انْكَسَرَ لِعَدَمِ النَّمَاءِ، أَوْ ذَهَبَ بِحَفْرِ كَانُونٍ أَوْ ضَرْبِ فُسْطَاطٍ لِعَدَمِ إمْكَانِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ لِأَنَّهُ تَبَعٌ (وَالْعِبْرَةُ لِلْأَصْلِ لَا لِغُصْنِهِ وَبَعْضِهِ) أَيْ الْأَصْلِ (كَهُوَ) تَرْجِيحًا لِلْحُرْمَةِ
ــ
[رد المحتار]
وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ غَيْرَ مَمْلُوكٍ وَلَا مُنْبَتٍ) اعْلَمْ أَنَّ النَّابِتَ فِي الْحَرَمِ إمَّا جَافٌّ أَوْ مُنْكَسِرٌ أَوْ إذْخِرٌ أَوْ غَيْرُهَا، وَالثَّلَاثَةُ الْأُوَلُ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ الضَّمَانِ كَمَا يَأْتِي. وَغَيْرُهَا إمَّا أَنْ يَكُونَ أَنْبَتَهُ النَّاسُ أَوْ لَا، وَالْأَوَّلُ لَا شَيْءَ فِيهِ، سَوَاءٌ كَانَ مِنْ جِنْسِ مَا يُنْبِتُهُ النَّاسُ كَالزَّرْعِ أَوْ لَا كَأُمِّ غَيْلَانٍ.
وَالثَّانِي إنْ كَانَ مِنْ جِنْسِ مَا يُنْبِتُونَهُ فَكَذَلِكَ وَإِلَّا فَفِيهِ الْجَزَاءُ، فَمَا فِيهِ الْجَزَاءُ هُوَ النَّابِتُ بِنَفْسِهِ وَلَيْسَ مِمَّا يُسْتَنْبَتُ، وَمُنْكَسِرًا وَلَا جَافًّا وَلَا إذْخِرًا كَمَا قَرَّرَهُ فِي الْبَحْرِ. وَذُكِرَ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِ الْكَنْزِ غَيْرَ مَمْلُوكٍ هُوَ النَّبَاتُ بِنَفْسِهِ مَمْلُوكًا أَوْ لَا، لِئَلَّا يَرِدَ عَلَيْهِ مَا لَوْ نَبَتَ فِي مِلْكِ رَجُلٍ مَا لَا يُسْتَنْبَتُ كَأُمِّ غَيْلَانٍ فَإِنَّهُ مَضْمُونُ أَيْضًا كَمَا نُصَّ عَلَيْهِ فِي الْمُحِيطِ. وَمَا أَجَابَ بِهِ فِي النَّهْرِ لَمْ يَظْهَرْ لِي وَجْهُ صِحَّتِهِ، فَلِذَا خَالَفَ الشَّارِحُ عَادَتَهُ وَلَمْ يُتَابِعْهُ بَلْ تَابَعَ الْبَحْرَ وَيَأْتِي قَرِيبًا فِي الشَّرْحِ (قَوْلُهُ فَقَطَعَهَا إنْسَانٌ) لَمْ يَذْكُرْ مَا إذَا قَطَعَهَا الْمَالِكُ.
وَنُقِلَ فِي غَايَةِ الْإِتْقَانِ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ قَالَ فِي أُمِّ غَيْلَانٍ تَنْبُتُ فِي الْحَرَمِ فِي أَرْضِ رَجُلٍ لَيْسَ لِصَاحِبِهِ قَطْعُهُ، وَلَوْ قَطَعَهُ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ، وَمُقْتَضَاهُ أَنْ لَا يَجِبَ عَلَيْهِ جَزَاءٌ، لَكِنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ كُلَّ مَا يَنْبُتُ بِنَفْسِهِ وَلَمْ يَكُنْ مِنْ جِنْسِ مَا يُنْبِتُهُ النَّاسُ فَفِيهِ الْقِيمَةُ، سَوَاءٌ كَانَ مَمْلُوكًا أَوْ لَا فَيَنْبَغِي أَنْ تَلْزَمَهُ قِيمَةٌ وَاحِدَةٌ لِحَقِّ الشَّرْعِ، أَفَادَهُ نُوحٌ أَفَنْدِي، وَصَرَّحَ فِي شَرْحِ اللُّبَابِ بِضَمَانِهِ جَازِمًا بِهِ (قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى قَوْلِهِمَا إلَخْ) أَمَّا عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ إنَّ أَرْضَ الْحَرَمِ سَوَائِبُ: أَيْ أَوْقَافٌ فِي حُكْمِ السَّوَائِبِ، فَلَا يُتَصَوَّرُ قَوْلُهُمْ لَوْ نَبَتَ فِي مِلْكِهِ بَحْرٌ، وَعَلَيْهِ فَالْوَاجِبُ قِيمَةٌ وَاحِدَةٌ لِحَقِّ الشَّرْعِ فَقَطْ (قَوْلُهُ فَلَوْ مِنْ جِنْسِهِ إلَخْ) لِأَنَّ الَّذِي يُنْبِتُهُ النَّاسُ غَيْرُ مُسْتَحَقٍّ لِلْأَمْنِ بِالْإِجْمَاعِ، وَمَا لَا يُنْبِتُونَهُ عَادَةً إذَا أَنْبَتُوهُ الْتَحَقَ بِمَا يُنْبِتُونَهُ عَادَةً، فَكَانَ مِثْلُهُ بِجَامِعِ انْقِطَاعِ كَمَالِ النِّسْبَةِ إلَى الْحَرَمِ عِنْدَ النِّسْبَةِ إلَى غَيْرِهِ بِالْإِنْبَاتِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْعِنَايَةِ شُرُنْبُلَالِيَّةٌ (قَوْلُهُ كَمَقْلُوعٍ) أَيْ إذَا انْقَلَعَتْ شَجَرَةٌ إنْ كَانَ عُرُوقُهَا لَا تَسْقِيهَا فَلَا شَيْءَ بِقَطْعِهَا لُبَابٌ (قَوْلُهُ وَلِذَا) أَيْ لِكَوْنِ الشَّجَرِ أَوْ الْحَشِيشِ الَّذِي هُوَ مِنْ جِنْسِ مَا يُنْبِتُهُ النَّاسُ لَا شَيْءَ فِيهِ مِنْ جَزَاءٍ لِحَقِّ الشَّرْعِ وَلَا مِنْ حُرْمَةٍ ط (قَوْلُهُ حَلَّ قَطْعُ الشَّجَرِ الْمُثْمِرِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ جِنْسِ مَا يُنْبِتُهُ النَّاسُ، لَكِنْ إنْ كَانَ لَهُ مَالِكٌ تُوقَفُ عَلَى إجَازَتِهِ وَإِلَّا وَجَبَتْ قِيمَتُهُ لَهُ كَمَا لَا يَخْفَى ط (قَوْلُهُ لِأَنَّ إثْمَارَهُ إلَخْ) بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ وَلِذَا إلَخْ لِأَنَّ مَا كَانَ مِنْ جِنْسِ مَا يُنْبِتُهُ النَّاسُ إذَا نَبَتَ بِنَفْسِهِ إنَّمَا لَا يَجِبُ فِيهِ شَيْءٌ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ مَا أَنْبَتُوهُ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ قِيمَتُهُ) فَاعِلُ وَجَبَ، وَقَوْلُهُ فِي كُلِّ مَا ذُكِرَ: أَيْ قِيمَةِ مَا أَتْلَفَهُ فِي كُلِّ مَا ذُكِرَ مِنْ الْمَسَائِلِ الثَّمَانِيَةِ، فَفِي الْأُولَيَيْنِ وَالْخَامِسَةِ قِيمَةُ الصَّيْدِ، وَفِي الثَّالِثَةِ الْبَيْضُ، وَفِي الرَّابِعَةِ الْفَرْخُ، وَفِي السَّادِسَةِ اللَّبَنُ، وَفِي السَّابِعَةِ الْحَشِيشُ، وَفِي الثَّامِنَةِ الشَّجَرُ (قَوْلُهُ إلَّا مَا جَفَّ أَوْ انْكَسَرَ) أَيْ فَلَا يَضْمَنُهُ الْقَاطِعُ إلَّا إذَا كَانَ مَمْلُوكًا فَيَضْمَنُ قِيمَتَهُ لِمَالِكِهِ كَمَا فِي شَرْحِ اللُّبَابِ، وَالْجَافُّ بِالْجِيمِ: الْيَابِسُ، وَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ يُسَمَّى حَطَبًا (قَوْلُهُ أَوْ ضَرْبِ فُسْطَاطٍ) أَيْ خَيْمَةٍ، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ ذَهَبَ بِمَشْيِهِ أَوْ مَشْيِ دَوَابِّهِ كَمَا فِي اللُّبَابِ (قَوْلُهُ لِعَدَمِ إمْكَانِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ لِأَنَّهُ تَبَعٌ) كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَالصَّوَابُ ذِكْرُ قَوْلِهِ لِأَنَّهُ تَبَعٌ بَعْدَ قَوْلِهِ لَا لِغُصْنِهِ كَمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ (قَوْلُهُ وَالْعِبْرَةُ لِلْأَصْلِ إلَخْ) فِي الْبَحْرِ عَنْ الْأَجْنَاسِ الْأَغْصَانُ تَابِعَةٌ لِأَصْلِهَا وَذَلِكَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute