أَيْ حَيَوَانٍ (صَائِلٌ) لَا يُمْكِنُ دَفْعُهُ إلَّا بِالْقَتْلِ، فَلَوْ أَمْكَنَ بِغَيْرِهِ فَقَتَلَهُ لَزِمَهُ الْجَزَاءُ كَمَا تَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ لَوْ مَمْلُوكًا
(وَلَهُ ذَبْحُ شَاةٍ وَلَوْ أَبُوهَا ظَبْيًا) لِأَنَّ الْأُمَّ هِيَ الْأَصْلُ (وَبَقَرٍ وَبَعِيرٍ وَدَجَاجٍ وَبَطٍّ أَهْلِيٍّ وَأَكْلُ مَا صَادَهُ حَلَالٌ) وَلَوْ لِمُحْرِمٍ (وَذَبْحُهُ) فِي الْحِلِّ (بِلَا دَلَالَةِ مُحْرِمٍ وَ) لَا (أَمْرِهِ بِهِ) وَلَا إعَانَتِهِ عَلَيْهِ، فَلَوْ وُجِدَ أَحَدُهُمَا حَلَّ لِلْحَلَالِ لَا لِلْمُحْرِمِ عَلَى الْمُخْتَارِ
ــ
[رد المحتار]
كُلُّ حَيَوَانٍ مُخْتَطِفٍ عَادٍ عَادَةً (قَوْلُهُ أَيْ حَيَوَانٍ) أَشَارَ إلَى مَا فِي النَّهْرِ مِنْ أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ لَا يَخُصُّ السَّبُعَ لِأَنَّ غَيْرَهُ إذَا صَالَ لَا شَيْءَ بِقَتْلِهِ ذَكَرَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ، فَكَانَ عَدَمُ التَّخْصِيصِ أَوْلَى، إذْ الْمَفْهُومُ مُعْتَبَرٌ فِي الرِّوَايَاتِ اتِّفَاقًا اهـ لَكِنْ يَنْبَغِي تَقْيِيدُ الْحَيَوَانِ بِغَيْرِ الْمَأْكُولِ؛ لِمَا فِي الْبَحْرِ مِنْ أَنَّ الْجَمَلَ لَوْ صَالَ عَلَى إنْسَانٍ فَقَتَلَهُ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ بَالِغَةً. مَا بَلَغَتْ لِأَنَّ الْإِذْنَ فِي قَتْلِ السَّبُعِ حَاصِلٌ مِنْ صَاحِبِ الْحَقِّ وَهُوَ الشَّارِعُ، وَأَمَّا الْجَمَلُ فَلَمْ يَحْصُلْ الْإِذْنُ مِنْ صَاحِبِهِ (قَوْلُهُ صَائِلٍ) أَيْ قَاهِرٍ حَامِلٍ عَلَى الْمُحْرِمِ مِنْ الصَّوْلَةِ أَوْ الصَّأْلَةِ بِالْهَمْزَةِ قُهُسْتَانِيٌّ، وَقُيِّدَ بِهِ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ غَيْرَ الصَّائِلِ يَجِبُ بِقَتْلِهِ الْجَزَاءُ وَلَا يُجَاوِزُ عَنْ شَاةٍ. وَمَا فِي الْبَدَائِعِ مِنْ أَنَّ هَذَا أَيْ عَدَمَ وُجُوبِ شَيْءٍ إنَّمَا هُوَ فِيمَا لَا يَبْتَدِئُ بِالْأَذَى كَالضَّبُعِ وَالثَّعْلَبِ وَغَيْرِهِمَا، أَمَّا مَا يَبْتَدِئُ بِهِ غَالِبًا كَالْأَسَدِ وَالذِّئْبِ وَالنَّمِرِ وَالْفَهْدِ فَلِلْمُحْرِمِ قَتْلُهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: إنَّهُ بِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ أَنْسَبُ نَهْرٌ.
قُلْت: وَالْقَائِلُ ابْنُ كَمَالٍ، لَكِنْ ذَكَر فِي الْفَتْحِ أَوَّلَ الْبَابِ كَلَامَ الْبَدَائِعِ، وَجَعَلَهُ مُقَابِلَ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. ثُمَّ قَالَ: ثُمَّ رَأَيْنَاهُ رِوَايَةً عَنْ أَبِي يُوسُفَ. قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ: وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ الْأَسَدُ بِمَنْزِلَةِ الذِّئْبِ، وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ السِّبَاعُ كُلُّهَا صَيْدٌ إلَّا الْكَلْبَ وَالذِّئْبَ اهـ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ كَمَا تَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ) أَيْ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ لِمَالِكِهِ يَعْنِي وَقِيمَةٌ لِلَّهِ تَعَالَى لَا تُجَاوِزُ قِيمَةَ شَاةٍ بَحْرٌ.
قُلْت: هَذَا لَوْ غَيْرَ صَائِلٍ، أَمَّا الصَّائِلُ فَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ لَا يَجِبُ فِيهِ لِلَّهِ تَعَالَى شَيْءٌ؛ فَلِذَا اقْتَصَرَ الشَّارِحُ عَلَى قِيمَةٍ وَاحِدَةٍ فَافْهَمْ.
(قَوْلُهُ وَلَهُ) أَيْ لِلْمُحْرِمِ (قَوْلُهُ وَلَوْ أَبُوهَا ظَبْيًا) أَخْرَجَ الْأُمَّ إذَا كَانَتْ ظَبْيَةً فَإِنَّ عَلَيْهِ الْجَزَاءَ لِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ ط (قَوْلُهُ وَبَطٍّ أَهْلِيٍّ) هُوَ الَّذِي يَكُونُ فِي الْمَسَاكِنِ وَالْحِيَاضِ لِأَنَّهُ أَلُوفٌ بِأَصْلِ الْخِلْقَةِ، احْتِرَازًا عَنْ الَّذِي يَطِيرُ فَإِنَّهُ صَيْدٌ فَيَجِبُ الْجَزَاءُ بِقَتْلِهِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ وَلَوْ لِمُحْرِمٍ) اللَّامُ لِلتَّعْلِيلِ: أَيْ وَلَوْ صَادَهُ الْحَلَالُ لِأَجْلِ الْمُحْرِمِ بِلَا أَمْرِهِ خِلَافًا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ (قَوْلُهُ وَذَبْحُهُ فِي الْحِلِّ) أَمَّا لَوْ ذَبَحَهُ فِي الْحَرَمِ فَهُوَ مَيْتَةٌ كَمَا قَدَّمَهُ.
وَفِي اللُّبَابِ: إذَا ذَبَحَ مُحْرِمٌ أَوْ حَلَالٌ فِي الْحَرَمِ صَيْدًا فَذَبِيحَتُهُ مَيْتَةٌ عِنْدَنَا لَا يَحِلُّ أَكْلُهَا لَهُ وَلَا لِغَيْرِهِ مِنْ مُحْرَمٍ أَوْ حَلَالٍ سَوَاءٌ اصْطَادَهُ هُوَ أَيْ ذَابِحُهُ أَوْ غَيْرُهُ مُحْرِمٌ أَوْ حَلَالٌ وَلَوْ فِي الْحِلِّ، فَلَوْ أَكَلَ الْمُحْرِمُ الذَّابِحُ مِنْهُ شَيْئًا قَبْلَ أَدَاءِ الضَّمَانِ أَوْ بَعْدَهُ فَعَلَيْهِ قِيمَةُ مَا أَكَلَ، وَلَوْ أَكَلَ مِنْهُ غَيْرُ الذَّابِحِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَلَوْ أَكَلَ الْحَلَالُ مِمَّا ذَبَحَهُ فِي الْحَرَمِ بَعْدَ الضَّمَانِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِلْأَكْلِ، وَلَوْ اصْطَادَ حَلَالٌ فَذَبَحَ لَهُ مُحْرِمٌ أَوْ اصْطَادَ مُحْرِمٌ فَذَبَحَ لَهُ حَلَالٌ فَهُوَ مَيْتَةٌ. اهـ.
وَقَالَ شَارِحُهُ الْقَارِي: اعْلَمْ أَنَّهُ صَرَّحَ غَيْرُ وَاحِدٍ كَصَاحِبِ الْإِيضَاحِ وَالْبَحْرِ الزَّاخِرِ وَالْبَدَائِعِ وَغَيْرِهِمْ بِأَنَّ ذَبْحَ الْحَلَالِ صَيْدَ الْحَرَمِ يَجْعَلُهُ مَيْتَةً لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ وَإِنْ أَدَّى جَزَاءَهُ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِخِلَافٍ. وَذَكَرَ قَاضِي خَانْ أَنَّهُ يُكْرَهُ أَكْلُهُ تَنْزِيهًا.
وَفِي اخْتِلَافِ الْمَسَائِلِ: اخْتَلَفُوا فِيمَا إذَا ذَبَحَ الْحَلَالُ صَيْدًا فِي الْحَرَمِ؛ فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ: لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ. وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ؛ فَقَالَ الْكَرْخِيُّ: هُوَ مَيْتَةٌ، وَقَالَ غَيْرُهُ هُوَ مُبَاحٌ. اهـ. (قَوْلُهُ عَلَى الْمُخْتَارِ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ لَا لِلْمُحْرِمِ، وَهَذَا مَا رَوَاهُ الطَّحَاوِيُّ. وَقَالَ الْجُرْجَانِيُّ: لَا يَحْرُمُ، وَغَلَّطَهُ الْقُدُورِيُّ وَاعْتَمَدَ رِوَايَةَ الطَّحَاوِيِّ