(وَتَجِبُ قِيمَتُهُ بِذَبْحِ حَلَالٍ صَيْدَ الْحَرَمِ وَتَصَدَّقَ بِهَا، وَلَا يُجْزِئُهُ الصَّوْمُ) لِأَنَّهَا غَرَامَةٌ لَا كَفَّارَةٌ حَتَّى لَوْ كَانَ الذَّابِحُ مُحْرِمًا أَجْزَأَهُ الصَّوْمُ؛ وَقُيِّدَ بِالذَّبْحِ لِأَنَّهُ لَا شَيْءَ فِي دَلَالَتِهِ إلَّا الْإِثْمُ
(وَمَنْ دَخَلَ الْحَرَمَ) وَلَوْ حَلَالًا (أَوْ أَحْرَمَ) وَلَوْ فِي الْحِلِّ (وَفِي يَدِهِ حَقِيقَةً) يَعْنِي الْجَارِحَةَ (صَيْدٌ وَجَبَ إرْسَالُهُ) أَيْ إطَارَتُهُ أَوْ إرْسَالُهُ لِلْحِلِّ وَدِيعَةً قُهُسْتَانِيُّ
ــ
[رد المحتار]
فَتْحٌ وَبَحْرٌ (قَوْلُهُ وَتَجِبُ قِيمَتُهُ بِذَبْحِ حَلَالٍ) هَذَا مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِهِ سَابِقًا وَذَبْحُ حَلَالٍ صَيْدَ الْحَرَمِ إلَّا أَنَّهُ أَعَادَهُ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ وَلَا يُجْزِئُهُ الصَّوْمُ ط وَأَرَادَ بِالذَّبْحِ الْإِتْلَافَ وَلَوْ تَسَبُّبًا عَلَى وَجْهِ الْعُدْوَانِ؛ فَلَوْ أَدْخَلَ فِي الْحَرَمِ بَازِيًا فَأَرْسَلَهُ فَقَتَلَ حَمَامَ الْحَرَمِ لَمْ يَضْمَنْ لِأَنَّهُ أَقَامَ وَاجِبًا وَمَا قَصَدَ الِاصْطِيَادَ فَلَمْ يَكُنْ تَعَدِّيًا فِي السَّبَبِ بَلْ كَانَ مَأْمُورًا بَحْرٌ (قَوْلُهُ وَلَا يُجْزِئُهُ الصَّوْمُ) إنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى نَفْيِ الصَّوْمِ لِيُفِيدَ أَنَّ الْهَدْيَ جَائِزٌ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ كَمَا فِي الْبَحْرِ.
وَفِي اللُّبَابِ: فَإِنْ بَلَغَتْ قِيمَتُهُ هَدْيًا اشْتَرَاهُ بِهَا إنْ شَاءَ وَإِنْ شَاءَ اشْتَرَى بِهَا طَعَامًا فَيَتَصَدَّقُ بِهِ كَمَا مَرَّ، وَيَجُوزُ فِيهِ الْهَدْيُ إنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ قَبْلَ الذَّبْحِ مِثْلَ قِيمَةِ الصَّيْدِ، وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهَا مِثْلَهَا بَعْدَ الذَّبْحِ. وَأَمَّا الصَّوْمُ فِي صَيْدِ الْحَرَمِ فَلَا يَجُوزُ لِلْحَلَالِ وَيَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا غَرَامَةٌ) لِأَنَّ الضَّمَانَ فِيهِ بِاعْتِبَارِ الْمَحَلِّ وَهُوَ الصَّيْدُ فَصَارَ كَغَرَامَةِ الْأَمْوَالِ، بِخِلَافِ الْمُحْرِمِ فَإِنَّ ضَمَانَهُ جَزَاءُ الْفِعْلِ لَا الْمَحَلِّ وَالصَّوْمُ يَصْلُحُ لَهُ لِأَنَّهُ كَفَّارَةٌ بَحْرٌ (قَوْلُهُ فِي دَلَالَتِهِ) أَيْ دَلَالَةِ الْحَلَالِ وَلَوْ لِمُحْرِمٍ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ دَلَالَةِ الْمُحْرِمِ وَدَلَالَةِ الْحَلَالِ أَنَّ الْمُحْرِمَ الْتَزَمَ تَرْكَ التَّعَرُّضِ بِالْإِحْرَامِ، فَلَمَّا دَلَّ تَرَكَ مَا الْتَزَمَهُ فَضَمِنَ كَالْمُودَعِ إذَا دَلَّ السَّارِقَ عَلَى الْوَدِيعَةِ وَلَا الْتِزَامَ مِنْ الْحَلَالِ فَلَا ضَمَانَ بِهَا كَالْأَجْنَبِيِّ إذَا دَلَّ السَّارِقَ عَلَى مَالِ إنْسَانٍ بَحْرٌ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ حَلَالًا) الْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ وَهُوَ حَلَالٌ كَمَا قَيَّدَهُ بِهِ فِي مَجْمَعِ الْأَنْهُرِ. قَالَ: وَإِنَّمَا قَيَّدْنَا بِهِ لِتَظْهَرَ فَائِدَةُ قَيْدِ الدُّخُولِ فِي الْحَرَمِ، فَإِنَّ وُجُوبَ الْإِرْسَالِ فِي الْمُحْرِمِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى دُخُولِ الْحَرَمِ لِأَنَّهُ بِمُجَرَّدِ الْإِحْرَامِ يَجِبُ عَلَيْهِ كَمَا فِي الْإِصْلَاحِ وَغَيْرِهِ وَبِهَذَا يَظْهَرُ ضَعْفُ مَا قِيلَ حَلَالًا أَوْ مُحْرِمًا. اهـ. وَعَلَيْهِ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ وَهُوَ فِي الْحِلِّ بَدَلَ قَوْلِهِ وَلَوْ فِي الْحِلِّ. اهـ. ح.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْكَلَامَ فِيمَنْ كَانَ حَلَالًا فِي الْحِلِّ وَأَرَادَ الْإِحْرَامَ أَوْ دُخُولَ الْحَرَمِ وَكَانَ فِي يَدِهِ صَيْدٌ وَجَبَ عَلَيْهِ إرْسَالُهُ. وَفِي اللُّبَابِ وَشَرْحِهِ: اعْلَمْ أَنَّ الصَّيْدَ يَصِيرُ آمِنًا بِثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ: بِإِحْرَامِ الصَّائِدِ، أَوْ بِدُخُولِهِ فِي الْحَرَمِ، أَوْ بِدُخُولِ الصَّيْدِ فِيهِ، وَلَوْ أَخَذَ صَيْدًا فِي الْحِلِّ أَوْ الْحَرَمِ وَهُوَ مُحْرِمٌ أَوْ فِي الْحَرَمِ وَهُوَ حَلَالٌ لَمْ يَمْلِكْهُ وَوَجَبَ عَلَيْهِ إرْسَالُهُ، سَوَاءٌ كَانَ فِي يَدِهِ أَوْ قَفَصِهِ أَوْ فِي بَيْتِهِ؛ وَلَوْ لَمْ يُرْسِلْهُ حَتَّى هَلَكَ وَهُوَ مُحْرِمٌ أَوْ حَلَالٌ فَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ (قَوْلُهُ يَعْنِي الْجَارِحَةَ) مُحْتَرَزُهُ قَوْلُهُ لَا إنْ كَانَ فِي بَيْتِهِ أَوْ قَفَصِهِ (قَوْلُهُ وَجَبَ إرْسَالُهُ) قَالَ فِي الْبَحْرِ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ أَيْ إطَارَتُهُ) لَوْ قَالَ أَيْ إطْلَاقُهُ لَكَانَ أَشْمَلَ لِتَنَاوُلِ الْوَحْشِ فَإِنَّ هَذَا الْحُكْمَ لَا يَخُصُّ الطَّيْرَ. اهـ. ح وَشَمِلَ إطْلَاقُهُ مَا لَوْ غَصَبَهُ وَهُوَ حَلَالٌ مِنْ حَلَالٍ فَأَحْرَمَ الْغَاصِبُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ إرْسَالُهُ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ لِمَالِكِهِ؛ فَلَوْ رَدَّهُ لَهُ بَرِئَ وَلَزِمَهُ الْجَزَاءُ كَذَا فِي الدِّرَايَةِ مَعْزِيًّا إلَى الْمُنْتَقَى نَهْرٌ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَهَذَا لُغْزٌ غَاصِبٌ يَجِبُ عَلَيْهِ عَدَمُ الرَّدِّ، بَلْ إذَا فَعَلَ يَجِبُ بِهِ الضَّمَانُ (قَوْلُهُ أَوْ إرْسَالُهُ لِلْحِلِّ وَدِيعَةً) هَذَا قَوْلٌ ثَانٍ فِي تَفْسِيرِ الْإِرْسَالِ حَكَاهُ الْقُهُسْتَانِيُّ بَعْدَ حِكَايَةِ الْأَوَّلِ، وَعَزَاهُ لِلتُّحْفَةِ.
وَيُشْكِلُ عَلَيْهِ مَسْأَلَةُ الْغَاصِبِ حَيْثُ لَزِمَهُ الْجَزَاءُ وَإِنْ رَدَّهُ لِمَالِكِهِ. وَأَيْضًا فَالرَّسُولُ فِي حَالِ أَخْذِ الصَّيْدِ هُوَ فِي الْحَرَمِ فَيَلْزَمُهُ إرْسَالُهُ وَضَمَانُ قِيمَتِهِ لِلْمَالِكِ كَالْغَاصِبِ كَمَا أَفَادَهُ ط. وَأَيْضًا اعْتَرَضَهُ ابْنُ كَمَالٍ بِأَنَّ يَدَ الْمُودَعِ يَدُ الْمُودِعِ لَكِنْ رَدَّهُ فِي النَّهْرِ بِمَا فِي فَوَائِدِ الظَّهِيرِيَّةِ أَنَّ يَدَ خَادِمِهِ كَرِجْلِهِ.
وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمَحْظُورَ كَوْنُ الصَّيْدِ فِي يَدِهِ الْحَقِيقِيَّةِ وَيَدُهُ فِيمَا عِنْدَ الْمُودَعِ غَيْرُ حَقِيقَةٍ؛ بَلْ هِيَ مِثْلُ يَدِهِ عَلَى مَا فِي رِجْلِهِ أَوْ قَفَصِهِ أَوْ خَادِمِهِ؛ لَكِنْ يَرِدُ عَلَيْهِ مَا مَرَّ عَنْ ط. وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ أَنْ يُنَاوِلَهُ فِي طَرَفِ الْحَرَمِ لِمَنْ هُوَ فِي الْحِلِّ أَوْ يُرْسِلَهُ فِي قَفَصٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute