للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَلَوْ أَخَذَهُ مُحْرِمٌ لَا) يَضْمَنُ مُرْسِلُهُ اتِّفَاقًا لِأَنَّ الْمُحْرِمَ لَمْ يَمْلِكْهُ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يَأْخُذُهُ مِمَّنْ أَخَذَهُ (وَالصَّيْدُ لَا يَمْلِكُهُ الْمُحْرِمُ بِسَبَبٍ اخْتِيَارِيٍّ) كَشِرَاءٍ وَهِبَةٍ (بَلْ) بِسَبَبٍ (جَبْرِيٍّ) وَالسَّبَبُ الْجَبْرِيُّ فِي إحْدَى عَشْرَ مَسْأَلَةً مَبْسُوطَةً فِي الْأَشْبَاهِ فَلِذَا قَالَ تَبَعًا لِلْبَحْرِ عَنْ الْمُحِيطِ (كَالْإِرْثِ) وَجَعَلَهُ فِي الْأَشْبَاهِ بِالِاتِّفَاقِ، لَكِنْ فِي النَّهْرِ عَنْ السِّرَاجِ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ بِالْمِيرَاثِ وَهُوَ الظَّاهِرُ

(فَإِنْ قَتَلَهُ مُحْرِمٌ آخَرُ) بَالِغٌ مُسْلِمٌ (ضَمِنَا) جَزَاءَيْنِ الْآخِذُ بِالْأَخْذِ وَالْقَاتِلُ بِالْقَتْلِ (وَرَجَعَ آخِذُهُ عَلَى قَاتِلِهِ) لِأَنَّهُ قَرَّرَ عَلَيْهِ مَا كَانَ بِمَعْرِضِ السُّقُوطِ وَهَذَا (إنْ كَفَّرَ بِمَالٍ وَإِنْ) كَفَّرَ (بِصَوْمٍ فَلَا) عَلَى مَا اخْتَارَهُ الْكَمَالُ لِأَنَّهُ لَمْ يَغْرَمْ شَيْئًا

(وَلَوْ كَانَ الْقَاتِلُ) بَهِيمَةً لَمْ يَرْجِعْ عَلَى رَبِّهَا وَلَوْ (صَبِيًّا أَوْ نَصْرَانِيًّا

ــ

[رد المحتار]

لِأَنَّ الْفَتْوَى عَلَى الِاسْتِحْسَانِ إلَّا فِيمَا اُسْتُثْنِيَ مِنْ مَسَائِلَ قَلِيلَةٍ (قَوْلُهُ لَمْ يَمْلِكْهُ) لِأَنَّ الصَّيْدَ لَمْ يَبْقَ مَحَلًّا لِلتَّمَلُّكِ فِي حَقِّ الْمُحْرِمِ، فَصَارَ كَمَا إذَا اشْتَرَى الْخَمْرَ هِدَايَةٌ (قَوْلُهُ بَلْ بِسَبَبٍ جَبْرِيٍّ) هُوَ مَا يَحْصُلُ بِهِ الْمِلْكُ بِلَا اخْتِيَارٍ وَقَبُولٍ (قَوْلُهُ وَالسَّبَبُ الْجَبْرِيُّ) أَتَى بِهِ ظَاهِرًا. وَلَمْ يَقُلْ وَهُوَ لِيُفِيدَ أَنَّ الْمُرَادَ مُطْلَقُ السَّبَبِ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ فِي الصَّيْدِ أَفَادَهُ ط (قَوْلُهُ فِي إحْدَى عَشَرَ) حَقُّ الْعِبَارَةِ إحْدَى عَشْرَةَ لِأَنَّهُ تَجِبُ الْمُطَابَقَةُ فِيهِ بِتَأْنِيثِ الْجُزْأَيْنِ لِتَأْنِيثِ الْمَعْدُودِ (قَوْلُهُ مَبْسُوطَةً فِي الْأَشْبَاهِ) لَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِهَا هُنَا، وَقَدْ ذَكَرَهَا الْمُحَشِّيُّ (قَوْلُهُ فَلِذَا قَالَ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَمُثِّلَ لِلْجَبْرِيِّ تَبَعًا لِلْبَحْرِ بِقَوْلِهِ إلَخْ ط.

(قَوْلُهُ وَجَعَلَهُ فِي الْأَشْبَاهِ بِالِاتِّفَاقِ) حَيْثُ قَالَ: لَا يَدْخُلُ فِي مِلْكِ أَحَدٍ شَيْءٌ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ إلَّا الْإِرْثُ اتِّفَاقًا إلَخْ (قَوْلُهُ لَكِنْ فِي النَّهْرِ إلَخْ) هَذَا الِاسْتِدْرَاكُ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ لِأَنَّ كَلَامَ الْأَشْبَاهِ كَمَا رَأَيْت مُطْلَقٌ لَا يَتَقَيَّدُ بِهَذِهِ الصُّورَةِ، وَلَا شَكَّ فِي الِاتِّفَاقِ عَلَى كَوْنِ الْإِرْثِ مُطْلَقًا سَبَبًا جَبْرِيًّا، وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ سَبَبًا فِي صُورَةِ الْمُحْرِمِ إذَا مَاتَ مُوَرِّثُهُ عَنْ صَيْدٍ عَلَى كَلَامِ السِّرَاجِ لِقِيَامِ الْمَانِعِ، وَهُوَ الْإِحْرَامُ كَقِيَامِ الْمَوَانِعِ الْأَرْبَعَةِ: أَيْ الرِّقِّ، وَالْكُفْرِ، وَالْقَتْلِ، وَاخْتِلَافِ الْمِلْكِ؛ فَكَمَا لَا يَقْدَحُ قِيَامُ تِلْكَ الْمَوَانِعِ فِي سَبَبِيَّةِ الْإِرْثِ لَا يَقْدَحُ هَذَا فِيهَا. اهـ. ح وَإِنْ جُعِلَ اسْتِدْرَاكًا عَلَى الْمَتْنِ كَانَ فِي مَحَلِّهِ ط (قَوْلُهُ: وَهُوَ الظَّاهِرُ) هَذَا مِنْ كَلَامِ النَّهْرِ حَيْثُ قَالَ وَهُوَ الظَّاهِرُ لِمَا سَيَأْتِي: أَيْ مِنْ كَوْنِ الصَّيْدِ مُحَرَّمَ الْعَيْنِ عَلَى الْمُحْرِمِ، وَلَمْ يَظْهَرْ لِي وَجْهُ ظُهُورِهِ، إذْ بَعْدَ تَحَقُّقِ سَبَبِ الْإِرْثِ وَهُوَ مَوْتُ الْمُوَرِّثِ لَا بُدَّ مِنْ قِيَامِ نَصٍّ يَدُلُّ عَلَى كَوْنِ الْإِحْرَامِ مَانِعًا مِنْ إرْثِ الصَّيْدِ كَقِيَامِهِ عَلَى الْمَوَانِعِ الْأَرْبَعَةِ وَكَوْنُ الصَّيْدِ مُحَرَّمَ الْعَيْنِ عَلَى الْمُحْرِمِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى - {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} [المائدة: ٩٦]- وَلِذَا لَوْ مُنِعَ مِنْ سَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ لَا يَدُلُّ عَلَى مَنْعِ إرْثِهِ. فَإِنَّ الْجَمْرَةَ مُحَرَّمَةُ الْعَيْنِ أَيْضًا وَتُورَثُ.

(قَوْلُهُ فَإِنْ قَتَلَهُ) أَيْ الصَّيْدَ الَّذِي أَخَذَهُ الْمُحْرِمُ (قَوْلُهُ مُحْرِمٌ آخَرُ إلَخْ) اُحْتُرِزَ بِهِ عَنْ الْبَهِيمَةِ. وَبِالْبَالِغِ الْمُسْلِمِ عَنْ الصَّبِيِّ وَالْكَافِرِ كَمَا يَأْتِي، وَكَانَ يَنْبَغِي زِيَادَةُ عَاقِلٍ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الْمَجْنُونِ فَإِنَّهُ فِي حُكْمِ الصَّبِيِّ كَمَا فِي ط عَنْ الْحَمَوِيِّ. وَخَرَجَ أَيْضًا مَا لَوْ قَتَلَهُ حَلَالٌ فَإِنَّهُ إنْ كَانَ فِي الْحَرَمِ لَزِمَهُ الْجَزَاءُ وَإِلَّا فَلَا، لَكِنْ يَرْجِعُ عَلَيْهِ الْآخِذُ بِمَا ضَمِنَ، فَالرُّجُوعُ فِيهِ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الْمُحْرِمِ وَالْحَلَالِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ قَرَّرَ عَلَيْهِ مَا كَانَ بِمَعْرِضِ السُّقُوطِ) فَإِنَّهُ كَانَ مُحْتَمَلَ الْإِرْسَالِ قَبْلَ قَتْلِهِ؛ وَلِلتَّقْرِيرِ حُكْمُ الِابْتِدَاءِ فِي حَقِّ التَّضْمِينِ كَشُهُودِ الطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ إذَا رَجَعُوا كَمَا فِي الْهِدَايَةِ (قَوْلُهُ عَلَى مَا اخْتَارَهُ الْكَمَالُ) وَجَزَمَ بِهِ الزَّيْلَعِيُّ، وَصُرِّحَ بِهِ فِي الْمُحِيطِ عَنْ الْمُبْتَغَى. وَظَاهِرُ مَا فِي النِّهَايَةِ أَنْ يَرْجِعَ الْآخِذُ بِالْقِيمَةِ مُطْلَقًا ح عَنْ الْبَحْرِ.

(قَوْلُهُ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى رَبِّهَا) عِبَارَةُ اللُّبَابِ: وَلَوْ قَتَلَهُ بَهِيمَةٌ فِي يَدِهِ فَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى أَحَدٍ. قَالَ شَارِحُهُ: أَيْ مِنْ صَاحِبِ الْبَهِيمَةِ أَوْ رَاكِبِهَا وَسَائِقِهَا وَقَائِدِهَا، وَالْمَسْأَلَةُ مُصَرَّحَةٌ فِي الْبَحْرِ الزَّاخِرِ. اهـ.

أَقُولُ: وَهَذَا فِي الرُّجُوعِ عَلَى الرَّاكِبِ وَنَحْوِهِ، أَمَّا ضَمَانُ الرَّاكِبِ وَنَحْوِهِ الْجَزَاءَ فَلَا شَكَّ فِيهِ. قَالَ فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ: وَكَذَا لَوْ كَانَ رَاكِبًا أَوْ سَائِقًا أَوْ قَائِدًا فَأَتْلَفَتْ الدَّابَّةُ بِيَدِهَا أَوْ رِجْلِهَا أَوْ فَمِهَا صَيْدًا فَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَلَوْ صَبِيًّا أَوْ نَصْرَانِيًّا) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ بَالِغٌ مُسْلِمٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>